إلفثيريوس كيرياكوس فينيزيلوس (23 أغسطس من عام  1864 - 18 مارس من عام 1936) سياسي يوناني شغل منصب رئاسة الوزراء في المملكة اليونانية يعد من أبزر القادة اليونانيين في أوائل القرن العشرين. انتخب عدة مرات رئيسًا لوزراء اليونان في فترات 1910-1920 و 1928-1932. كان لفينيزيلوس أثر عميق على الشؤون الداخلية والخارجية لليونان، كما يُعزى إليه الفضل في "بناء اليونان الحديثة"، ولا يزال يعرف باسم "قائد الأمة".[5]

بدا أول ظهور له على الساحة الدولية هو دوره المشهور في الحصول على حق الحكم الذاتي للدولة الكريتية، ثم الاتحاد بعد ذلك مع اليونان. وبعد فترة قصيرة، تلقى دعوة إلى اليونان لتسوية الأزمة السياسية في البلاد، وأصبح رئيسًا للوزراء. لم يسهم فينيزيلوس في الإصلاحات الدستورية والاقتصادية التي وضعت حجر الأساس لتحديث المجتمع اليوناني فقط، ولكنه أعاد تنظيم الجيش والبحرية أيضًا في إطار استعداده للصراعات المستقبلية. قبل حروب البلقان (1912-1913)، شجع فينيزيلوس اليونانيين على الدخول في اتحاد البلقان، وهو تحالف من دول البلقان ضد تركيا العثمانية. وبحنكته الدبلوماسية، ضاعفت اليونان مساحتها وعدد سكانها بضم مقدونيا وإبيروس وبقية جزر بحر إيجة.

خلال الحرب العالمية الأولى، اختار أن تنضم اليونان إلى جانب الحلفاء، أملاً في توسيع الحدود اليونانية. غير أن سياسته الخارجية المؤيدة للتحالف مع الحلفاء وضعته في صراع مباشر مع الملكية، مما تسبب في الانقسام الوطني. أدى الخلاف لانقسام الشعب إلى "ملكيين" و"فينيزيلوسيين"، وأثّر هذا الصراع على السلطة بين المجموعتين على الحياة السياسية والاجتماعية في اليونان لعقود. وبعد انتصار الحلفاء، ضمن فينيزيلوس بعض المكاسب الإقليمية الجديدة، لا سيما في الأناضول، وهكذا اقترب من تحقيق حلم فكرة ميغالي. وعلى الرغم من انجازاته، إلا أنه هُزم في الانتخابات العامة لعام 1920، والتي ساهمت في هزيمة اليونانيين في الحرب التركية اليونانية (1919-1922). وفي منفاه الاختياري، مثّل فينيزيلوس اليونان في المفاوضات التي أدت إلى توقيع معاهدة لوزان، والاتفاق على تبادل السكان بين اليونان وتركيا.

وفي فترات لاحقة، نجح إلفثيريوس فينيزيلوس في استعادة العلاقات الطبيعية مع الدول المجاورة لليونان، والاستمرار في الإصلاحات الدستورية والاقتصادية. وفي عام 1935، عاد للظهور على الساحة، لتأييد الانقلاب العسكري، إلا أن فشل الانقلابات أضعف الجمهورية اليونانية الثانية بشدة، تلك الجمهورية التي كان قد أسسها.

نشأته

ولد إلفثيريوس فينيزيلوس في كريت، وهو ابن كيرياكوس فينيزيلوس الزعيم الثوري الكريتي.[6] وعندما اندلعت ثورة 1866 الكريتية، فرّت عائلة فينيزيلوس إلى جزيرة سيروس، وذلك بسبب مشاركة والده في الثورة،[7] ولم يسمح لهم بالعودة إلى كريت حتى عام 1872، إلا بعدما عفا السلطان عبد العزيز الأول عنهم.

أنهى دراسته الثانوية في هرموبوليس عام 1880. وفي عام 1881، التحق بكلية الحقوق بجامعة أثينا الوطنية، وحصلت على درجة البكالوريوس في القانون بامتياز. عاد إلى جزيرة كريت في عام 1886، وعمل كمحام في خانيا. كان شغفًا بالقراءة، وأجاد الإنجليزية والإيطالية والألمانية والفرنسية.[7]

دخوله لعالم السياسة

في ظل الظروف غير المستقرة في كريت التي تطالب بالاستقلال عن الدولة العثمانية، دخل فينيزيلوس معترك السياسة في انتخابات لعام 1889 كمرشح عن الحزب الليبرالي في الجزيرة.[6] واختير نائبًا لبلاغته ولآرائه المتشددة.[8]

أزمة كريت

وفي يناير 1897، حدثت اضطرابات نتج عنها اعتداءات على الكريتيين المسيحيين ذوي الأصول اليونانية،[9][10][11][12][13][14][15] فكانت تلك ذريعة لتدخُّل القوات اليونانية في الجزيرة،[16] بل وأعلنت الاتحاد بين اليونان وكريت.[17] وقررت الدول الكبرى حصار جزيرة كريت بأساطيلها وقواتها البرية، لإيقاف القوات اليونانية.[18]

قاد فينيزيلوس 2,000 من الثوار لمهاجمة الأتراك في الجزيرة، وأرسل رسالة موقعة من المتمردين إلى قادة الأساطيل الأوروبية، يهددهم بأنهم سيواصلون القتال حتى يُقتل كل من على تلك السفن الحربية، لكى لا يبقى الأتراك في الجزيرة،[19] مما جعل منه بطلاً قوميًا.[10]

حاولت القوى الكبرى التقريب بين العثمانيين واليونانيين، بأن اقترحت إعطاء حكم ذاتي للكريتيين يخضع للسلطان العثماني، وهو ما قبله العثمانيون ورفضه اليونانيون. بل وأصروا على الاتحاد بين اليونان وكريت.[20] التقى فينيزيلوس ممثلاً عن المتمردين، مع قادة الأساطيل الذين عرضوا عليه الفكرتين، وطلبوا منه استطلاع الآراء حول الفكرتين.[21] في ذلك الوقت، كانت غالبية السكان تميل إلى الاتحاد، ولكن الأحداث اللاحقة في ثيساليا حولت الرأي العام نحو الحكم الذاتي كخطوة وسطية.

كان رد فعل العثمانيين هو إرسال جزء من الجيش المرابط في البلقان إلى شمال ثيساليا، بالقرب من الحدود مع اليونان.[22] عززت اليونان القوات على حدودها في ثيساليا. ومع ذلك، هاجمت القوات غير النظامية اليونانية (المؤيدة لفكرة ميغالي) المواقع التركية دون أوامر،[23] مما أدى لإعلان الدولة العثمانية الحرب على اليونان في 17 أبريل 1897. كانت الحرب بمثابة الكارثة بالنسبة لليونان، حيث كان الجيش العثماني أفضل استعدادًا، وتراجع الجيش اليوناني في غضون أسابيع. تدخلت القوى العظمى مرة أخرى، وتم التوقيع على الهدنة في مايو 1897.[24]


فينيزيلوس يشارك في مجلس الحكم الذاتي في كريت. (الثاني من اليسار)

تم التوصل إلى حل نهائي بشأن كريت، حيث أعلنت كريت كمنطقة حكم ذاتي تحت سلطان الدولة العثمانية. على أن تتولى القوى العظمى الأربع إدارة كريت، وأن يصبح الأمير جورج الابن الثاني لجورج الأول ملك اليونان مفوضًا ساميًا للجزيرة لمدة ثلاث سنوات.[25] وأصبح فينيزيلوس وزيرًا للعدل في الجزيرة في الفترة من عام 1899 إلى عام 1901.[25] إلا أن العلاقات توترت بين الرجلين، وقدّم فينيزيلوس استقالته عدة مرات.[26]

منذ ذاك الحين، تولّى فينيزيلوس قيادة المعارضة للأمير على مدى السنوات الثلاثة التالية، وسيطر التوتر على الجزيرة. أدت هذه الأحداث إلى "ثورة ثريزو" في مارس 1905، التي طالبت باتحاد كريت مع اليونان،[27] وكان فينيزيلوس زعيماً لها. وفي 18 يوليو، أعلنت القوى العظمى الأحكام العرفية، ولكن ذلك لم يردع المتمردين. ففي 15 أغسطس، قبل قناصل القوى العظمى الإصلاحات التي اقترحها فينيزيلوس، مما أدى لنهاية الثورة واستقالة الأمير جورج من منصبه كمفوض سامي. اختار جورج الأول رئيس وزراء اليونان السابق ألكسندروس زيميس مفوضًا ساميًا، وسرعان ما بدأت القوات الأجنبية الانسحاب من الجزيرة. وكان هذا أيضًا انتصار شخصي لفينيزيلوس الذي حقق نتيجة لذلك شهرة ليس فقط في اليونان، ولكن أيضًا في أوروبا.[25]

أعلنت بلغاريا استقلالها عن الدولة العثمانية في 5 أكتوبر 1908، وبعد ذلك بيوم واحد، أعلن فرانز جوزيف الأول إمبراطور النمسا عن ضم البوسنة والهرسك. استغل فينيزيلوس الفرصة وأعلن اتحاد كريت باليونان. وفي أبريل 1910، غادرت جميع القوات الأجنبية من جزيرة كريت، وانتقلت السلطة بالكامل إلى حكومة فينيزيلوس.[28]

فينيزيلوس السياسي اليوناني

في مايو 1909، تمرد عدد الضباط في الجيش اليوناني، مطالبين بإصلاح الحكم وإعادة تنظيم الجيش، وشكّلوا دوريات عسكرية، اضطرت الحكومة للاستقالة، وساد البلاد جو من الاضطرابات.[29] ظلّ الوضع السياسي متوترًا، إلى أن تلقى فينيزيلوس دعوة للحضور من جزيرة كريت للاضطلاع بالقيادة.[30] اقترح فينيزيلوس تشكيل حكومة جديدة وإعادة انتخاب البرلمان. اعتبر الملك والسياسيون اليونانيون هذه المقترحات خطرًا على المؤسسة السياسية. ومع ذلك، قَبِلَ الملك جورج الأول المقترحات خوفًا من تصعيد الأزمة.[31]

وفي انتخابات 8 أغسطس 1910، فاز المستقلون بما يقرب من نصف المقاعد في البرلمان، واختاروا فينيزيلوس زعيمًا للمستقلين، وبالتالي أسس "الحزب الليبرالي". وبعد وقت قصير من انتخابه، قرر الدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة على أمل الفوز بالأغلبية المطلقة. قاطعت الأحزاب القديمة الانتخابات الجديدة، وفي 28 نوفمبر 1910، فاز حزب فينيزيلوس بـ 300 مقعد من أصل 362.[29] شكل فينيزيلوس الحكومة، وبدأ إعادة تنظيم الشؤون الاقتصادية والسياسية والداخلية لليونان في الفترة من 1910 إلى 1914.

حدود دول البلقان قبل حروب البلقان

وفي عام 1911، قررت صربيا وبلغاريا واليونان والجبل الأسود أن الطريقة الوحيدة لمواجهة تركيا هي التحالف سويًا، فيما عرف باسم اتحاد البلقان. فوقعت اليونان اتفاقية دفاع مشترك مع بلغاريا وصربيا في عامي 1912 و 1913 على التوالي، في حالة وقوع هجوم على أي دولة منهم من قِبل تركيا.[32] وبذلك دخلت اليونان في مواجهة جديدة مع تركيا، هذه المرة من خلال حرب البلقان الأولى.[32]

تسببت حرب البلقان الأولى في وجود قدر من المشاكل في العلاقات بين فينيزيلوس وولي العهد الأمير قسطنطين حول أهداف عمليات الجيش، حيث أصر ولي العهد على أن الهدف من الحرب التوسع شمالاً، بينما أصر فينيزيلوس على الاستيلاء على سالونيك، وبالتالي التوسع شرقًا في مقدونيا. أشتد الخلاف بعد انتصار الجيش اليوناني في معركة سارانتابورو. لذا، أرسل فينيزيلوس التلغراف التالي إلى هيئة الأركان العامة للجيش :


المراجع

areq.net

التصانيف

مواليد 1864  وفيات 1936  رؤساء وزراء اليونان  ثوريون  وفيات بسبب النزف الدماغي   العلوم الاجتماعية