عماد الدين زنكي بن آقسنقر بن عبد الله. أبو المظفر الأتابك. الملك المنصور عماد الدين. قائد عسكري وحاكم مسلم,حكم أجزاء من بلاد الشام وحارب الصليبيين.
كان أبوه مملوك السلطان ملكشاه السلجوقي. ولاه الخليفة المسترشد سنة 516 هـ على الموصل بعد موافقة السلطان محمود ابن السلطان محمد بن ملكشاه وفي سنة 521 هـ ملك حلببتوقيع السلطان محمود واستولى على (الرحبة) و(الجزيرة الفراتية) وفتح الرها سنة 539 هـ, وكان يحتلها الصليبيون بزعامة (جوسلان). في عام 541هـ توجه إلى قلعة (جعبر) على نهر الفرات في بلاد الشام وحاصرها وأصبح في إحدى الليالي مقتولا، قتله خادمه وهو راقد على فراشه ليلا، ودفن بصفين، وخلفه ابنه سيف الدين غازي في الموصل وخلفه ابنه نور الدين محمود في حلب ثم في دمشق. كان شديد الهيبة على جنده ورعيته. عظيم السياسة، يحمي الضعفاء، ويخافه الأقوياء. عمر البلاد وكانت قبله خرابا، وأشاع الأمن وقطع دابر اللصوص. كان الناس في زمانه بأنعم عيش. توفي عن 64 عاما
مقدمة
عندما يحيى الإنسان لهدف ما يجعله نصب عينيه بحيث لا يرى غيره ولا يعمل إلا لتحقيقه ولا يفكر في سواه، يدندن حوله ليل نهار، يسعى للوصول إليه بكل السبل، فإن هذا الإنسان مهما كان حاله يستحق الإعجاب والثناء والتقدير، كيف إذا كان هذا الهدف هو الدفاع عن الأمة الإسلامية وإنقاذ المقدسات الأسيرة وتحرير الأراضى المحتلة، كيف وإذا كان الساعى لتحقيق هذا الهدف السامى هو أول من سعى لتحقيقه؟ وكيف إذا كان معظم من حوله أو حتى كلهم يعمل ضده ويعيقه في هذا السعى الحميد ؟ فهو كالمغرد والطائر وحده في سماء مليئة بالغيوم والكواسر، وبطلنا الذي سنسرد سيرته هو رائد الجهاد الإسلامي ضد الوجود الصليبى بالشام بعد أن ظن الجميع أنهم لن يخرجوا أبداً من بلاد الإسلام، هذا البطل الذي كسر أسطورة الصليبيين الذين لا يقهرون هو البطل العظيم عماد الدين زنكى.
البطل بن البطل
كان من النتائج الطيبة لاهتمام الوزير العظيم 'نظام الملك' بالعلم والمدارس وأهل الصلاح خلال وزارته لسلاطين السلاجقة العظام ألب أرسلان وولده ملكشاه، وحرصه على استعمال الأكفاء وأصحاب الديانة في المناصب الهامة والقيادية، أن سطع نجم العديد من الرجال والأبطال على مستوى عال من الكفاءة والمسئولية وكان لهم الأثر العظيم في حفظ بلاد الإسلام، من هؤلاء القائد 'آق سنقر بن عبد الله التركى' الملقب بقسيم الدولة وكان له مكانة عظيمة عند السلطان ملكشاه السلجوقى حتى أنه قد جعله والياً على حلب، وقد قتل هذا القائد في دفاعه عن الدولة السلجوقية ضد الخارجين عليها ولم يترك وراءه سوى ولد صغير في العشرة من العمر هو بطلنا الفذ ورائد الجهاد ضد الصليبيين عماد الدين زنكى.
• تولى الأمير كربوقا أمير الموصل تربية عماد الدين زنكى وتعهده بالعناية والرعاية وتعليمه فنون الفروسية والقيادة والقتال، وترقى في سلك الجندية حتى صار مقدم عساكر مدينة واسط ثم ظهرت كفاءته القتالية سنة 517هـ في قتاله مع الخليفة العباسى المسترشد بالله ضد دبيس بن صدقة مما جعل السلطان السلجوقى محمود يرقيه ليصبح قائد شحنة بغداد سنة 521هـ ويعطيه لقب الأتابك أى مربى الأمير، ذلك لأنه توسم فيه الخير والصلاح والنجابة، فعهد إليه بتربية ولديه ألب أرسلان وفروخ شاه.
من قيادة إلى ولاية
بعد أن أصبح عماد الدين زنكى قائداً، حدث تغير كبير في مجرى الأحداث في منطقة الشام الملتهبة حيث توفى أمير الموصل عز الدين مسعود، وحاول بعض المنتفعين توليه ولده الصغير مكانه، ولكن قاضى الموصل بهاء الدين الشهرزورى ذهب إلى السلطان محمود وطلب منه تعيين أمير قوى وكفء للموصل التي على حدود الشام حيث الوجود الصليبى الكثيف في سواحل الشام منذ ثلاثين سنة والذي أسفر عن قيام أربع ممالك صليبية أنطاكية ـ الرها ـ طرابلس ـ بيت المقدس في الشام هذا غير سيطرة الصليبين علي أغلب بلاد الشام.
بعد تفكير سريع وإمعان نظر عميق قرر السلطان محمود أن يسند ولاية الموصل وأعمالها إلى بطلنا عماد الدين زنكى، الذي لم يجد السلطان محمود أفضل منه لهذه المهمة، وكانت هذه الولاية سنة 521 هجرية، وكان هذا التاريخ إيذاناً بعهد جديد في الصراع ضد الصليبيين وفاتحة خير على الأمة كلها.
الأوضاع على الجبهة الشامية
عندما تولى عماد الدين زنكى الموصل تسنى له أن يرى الأوضاع على الجهة الشامية عن قرب حيث كانت الصورة قاتمة فالصليبيون قد احتلوا معظم سواحل الشام وأقاموا أربع إمارات صليبية بالشام والجزيرة السورية، أما المدن والحصون التي تحت حكم المسلمين فهى تعانى من الفرقة والاختلاف والتنافر وربما التقاتل فيما بينها، فكل وال على مدينة يتعامل فيها كأنه ملك مستقل عن سائر البلاد، وأغلبهم بل كلهم يتقى شر الصليبيين ويتحاشى الصدام معهم خوفاً على ضياع ملكه وانهدام دنياه، مثل ما هو واقع اليوم بين حكام الدول الإسلامية وهذا الخذلان من ولاة الأمصار يسهل للصليبيين مهمتهم وجعل وجودهم في الشام والبلاد الإسلامية يترسخ شيئاً فشيئاً.
أضف إلى ذلك أن الأمصار الإسلامية كلها تقريباً كانت في حالة فوضى واضطراب، فالخلاف على أشده بين أمراء البيت السلجوقى بعضهم بعضاً، كذلك الخلاف بين السلطان مسعود السلجوقى والخليفة العباسي المسترشد بالله على أشده. ومن خلال النظر في هذه الأوضاع كلها قرر عماد الدين زنكى أخذ زمام المبادرة والقيام بعمل لم يسبقه فيه أحد ووضع نصب عينيه هدفاً عظيماً طالما حلم المسلمون بتحقيقه ولكن يتعد نطاقه الأحلام إلى الحقيقة، قرر البطل تحرير بلاد الشام من الوجود الصليبى.
بناء القاعدة الصلبة
•من البديهيات الأساسية في قتال أى عدو وطرد أى محتل وتحرير أى أرض أن تكون جبهة المقاومة والدفاع واحدة صلبة مجتمعة، إذ كيف يجاهد المسلمون بصف مهترئ ممزق لذا كان أول ما سعى عماد الدين لتحقيقه هو تكوين وبناء القاعدة الصلبة للمسلمين بتوحيد الجبهة الداخلية للأرض الشام، وربما كانت هذه المهمة هي أصعب مرحلة في مراحل الانتصار.
بدأ عماد الدين زنكى بمدينة حلب الهامة في المنطقة الشمالية من بلاد الشام في 1 محرم سنة 522 هجرية أى بعد شهور قليلة من ولايته على الموصل مما يوضح أن هذا الرجل الفذ كان يملك خطة شاملة ورؤية واضحة معدة سلفاً لحركته بأرض الشام، ولم يكن ضمة لمدينة 'حلب' بالشئ السهل فلقد ظل محاصراً لها عدة شهور قبل فتحها وكان عليها بعض الطامعين المتغلبين، ثم قام بعدها بضم مدينة 'حماة' في السنة التالية 523 هجرية، ثم ضم مدينة سرجى ودارا ثم حصن الأثارب وكان بيد الصليبيين، ثم انشغل عماد الدين زنكى بالخلافات العنيفة بين الخليفة المسترشد والسلطان مسعود بل تورط فيها وذلك لعدة سنوات، ثم عاد بعدها لهدفه الأسمى وضم عدة قلاع الأكراد الحميدية والهكارية وقلعة الصور وواصل سعيه حتى استقامت لهديار بكر وإقليم الجبال سنة 528 هجرية.
• استقامت معظم بلاد الشام لعماد الدين زنكى عدا ما كان بيد الصليبيين ودمشق قلب الشام وحاضرته وقد حاول زنكى ضم دمشق سنة 529 هجرية ولكنه فشل وبقيت خارج سلطته وبقي يخطط ويفكر كيفية الوصول إلى دمشق.
بعد أن تم لعماد الدين زنكى معظم ما أراد من تكوين القاعدة الصلبة، بدأ في العمل الحقيقى والجهاد الأصيل ضد أعداء الأمة المحتلين لمقدساتها، وكان الصليبيون قبل مجئ عماد الدين زنكى يخططون للاستلاء على أرض الشام وسوريا كلها ثم مصر بعدها، فلما جاء أسد الشام الجديد صار غاية سعيهم الحفاظ على ما تحت أيديهم.
• ولما ازدادت قوة عماد الدين زنكى في حلب وثقلت وطأته على الصليبيين في الشام فكروا في الاستعانة بإمبراطور القسطنطينية 'عمانوئيل' ورغم الاختلاف المذهبى بينهم فهم كاثوليكوهو أرثوذكسي إلا إنهم في النهاية صليبيون فوافق 'عمانوئيل' على نجدتهم.
المراجع
tipyan.com
التصانيف
وفيات 541 هـ وفيات 1146 سياسيين العلوم الاجتماعية شخصيات