خذوا «سمسارا»
يسمون الأرض بالنقطة الزرقاء، التي تمخر عباب فضاء يقبع في طرف (درب التبانة). كوكب يتشابه مع مليارات الكواكب بمجرات بعيدة، لم يصلنا ضوؤها منذ خُلق الكون. ومع هذا ينتابنا شعور لا يتوقف، بأننا سادة الوجود؟
.
الإنسان أكبر من كوكب، وأوسع من مجرة، وأسرع من ضوء. ولهذا لم تكن الأرض يوماً على مقاسه، أو بحجم أحلامه، بل كان شغوفاً بالبحث عن حيوات أخرى، وتاق لجواب سؤاله الخالد: هل هناك حضارة ذكية؟ | ، وأين هي؟ | ، وفي أية مجرة؟ | ، وكم سنة ضوئية تبعد؟ | ، وما لغتها؟ | ، وثقافتها؟ | ، وهل هي عدائية، أم مسالمة؟ | .
قبل أسابيع خرجت المركبة الفضائية غير المأهولة (فويجر-1) التي انطلقت من الأرض قبل 36 عاماً من نطاق المجموعة الشمسية إلى الفضاء الخارجي، وعلى متنها سجل ذهبي لمعلومات عن الأرض وسكانها، ورسائل بكل اللغات إلى كائنات ذكية محتملة في الكون.
تم حفر صورة الإنسان على صفيحة المركبة، وهما يلوحان بيديهما، تعبيراً عن رسالة السلام، وبجانبهما مخطط لموقع الأرض بالنسبة للشمس، وذرة الهيدروجين، كونها أصغر وحدة ذرية في الكون.
داخل المركبة صور عن الأرض ونشاطاتها، وتسجيل للأصوات التي فيها، بضمنها الموسيقى الشرقية، وصوت أم كلثوم، وكان في المركبة عمل أدبي وحيد، تم اختياره ليمثل حضارة الإنسان، هو كتاب (الأمير الصغير) للفرنسي (أنطوان دو سانت اكزوبري)، والذي أخذت منه قصة الرحال الصغير، الذي جاءنا على طرف مذنب.
لو كان الأمر ممكناً، لأقترحت أن تعود (فويجر-1)، لأخذ (سمسارا) فقط، فهو فيلم سيغنيهم عن كل ما حملوا من قبل. فيلم لا يحكي قصة بني الإنسان على الأرض فقط، بل يروي قصة هذا الكوكب التي تختلط فيه ألوان الحياة وأمشاجها، فيلم يحكي الحياة بلغة كونية، حروفها الصورة والموسيقى.
(سمسارا)، والكلمة سنسكريتية تعني عجلة الحياة، ليس فيلماً وثائقياً، بل هو حياة مدهشة مكتنزة بالمعني وبالأسئلة والرسائل الخفية، عن روح الإنسان، هذا الفيلم الذي لا يتجاوز الساعتين استغرق تصويره 5 سنوات، في أكثر من 25 بلد حول العالم للمخرج (رون فريكي).
باستثناء رفع الآذان من المسجد الحرام، لا يوجد بالفيلم أية كلمة، بل صور طبيعية عن براكين وبحار وكائنات، وعن الناس والعبادات والمصانع، وستقف مشدوها بالصورة المبدعة لطواف الناس حول الكعبة متواشجين بصوت الأذان، وغيرها من المشاهد المفعمة بالحياة.
لا أروج للفيلم، بل ألفت إلى أننا لا نعرف كوكبنا، حق المعرفة، ولربما لو وقع هذا الفيلم بيد كائنات فضائية، فسيكونون أكثر معرفة منا بأنفسنا.
بقلم رمزي الغزوي
المراجع
addustour.com
التصانيف
صحافة رمزي الغزوي جريدة الدستور العلوم الاجتماعية
|