لجنة الحوار ليست سلطة أو موقعا أو حزبا أو تيارا سياسيا، لكنها مجموعة أشخاص اختارتهم الحكومة لأداء دور محدد، وهو قيادة حوار وطني حول قضيتين مهمتين على صعيد تجسيد الإصلاح، وهما قانونا الانتخاب والأحزاب. ومعيار نجاح اللجنة هو قيادة هذا الحوار، والخروج بمشروع قانون للانتخاب وآخر للأحزاب. وحتى يشعر الناس بالجدية وعدم المماطلة، حملت الرسالة الملكية للجنة سقفا زمنيا لإنجاز عملها، وهو ثلاثة شهور تنتهي في حدها الأقصى منتصف حزيران (يونيو) المقبل.
ليس مطلوبا من اللجنة إلا إنجاز ما حمله تكليفها. وكما أشرت في مقال سابق، فإن التركيبة والتمثيل لا يجعلانها قادرة على إنجاز أكثر مما حمله التكليف، بل إن إنجاز مشروع قانون انتخاب توافقي أمر كبير، وإنجاز ستكون اللجنة مشكورة لو حققته لأنه عقدة الإصلاح. وهي لجنة فنية تعمل بعقلية سياسية، ولديها هدف عليها تحقيقه خلال الفترة المحددة.
ورغم كل ما يجري، فإن تركيز أعضاء اللجنة على عملهم خدمة كبيرة للإصلاح. ونأمل أن تبقى حوارات اللجنة داخلها، لا أن يحاول البعض تحويل ما يقول من آراء إلى مواد إعلامية وأخبار، لأن هذا يتناقض مع آلية العمل المنتجة؛ فلجنة تعمل عدة أسابيع من المؤكد أن كل عضو فيها سيقدم آراء، ولهذا فإن الإنجاز هو إتمام عمل اللجنة وليس الانشغال بتسجيل ما يقول ليعطيه للإعلام.
واليوم، وبعد كل ما جرى، فإن على اللجنة واجبا مضاعفا هو تغيير المزاج السياسي نحو إنجاز حقيقي على صعيد الإصلاح. والخدمة الكبيرة التي يمكن أن تقدمها اللجنة للإصلاح هي أن تخرج الأجواء من النقاش حول ما نعيش إلى نقاش موضوعي حول قانون الانتخاب، ولو استطاعت اللجنة أن تصل إلى صيغة أولية لقانون الانتخاب ثم تقدمه للأردنيين والقوى السياسية والاجتماعية والإعلام، وأن تفتح أبواب التواصل والنقاش، وتتلقى الآراء عبر موقع الكتروني للجنة وحوارات مباشرة تمهيدا للوصول إلى الصيغة التي يمكن أن نتوافق عليها جميعا، والتي ستكون الآلية لإنتاج مجلس النواب المقبل.
الجادون في إنجاز الإصلاح يجب أن يجسدوا جديتهم بتفعيل عجلة اللجنة، وأن يكون المنتج المتوقع، وهو قانون الانتخاب أولا ثم قانون الأحزاب، هو محل النقاش الهادئ تمهيدا لتحويله إلى تشريع نافذ. والجدية يجب أن تساهم فيها اللجنة من خلال عمل يشعر الناس أنه منتج، وأن ما نحتاجه لإنتاج الإصلاح مثل قانون الانتخاب أمر حاضر وموجود، لأن من لا يريد للجنة أن تعمل ويريدها أن تصل إلى الفشل يفكر بطريقة مختلفة وله مسار آخر، أما اللجنة فإن واجبها أن تعمل بشكل أسرع، وأن تركز على إنجاز ما تم تكليفها به. وإذا نجحت خلال فترة قريبة في أن تقدم مشروع قانون أوليا للانتخاب، فإنها ستنجح في تغيير مستوى الجدل وتصنع نقاشا منتجا، لأننا لا نريد أن نبقى أسرى للحديث حول أمور لا تصل إلى الإصلاح، ولا تصنع خطوات عملية.
الكرة اليوم في ملعب اللجنة، وإنجاز ما تم تكليفها به هو النجاح. وعلى رئاسة اللجنة أن تكون أكثر تماسكا، وأن تدرك أن الوقت يمر، وأن تقود العمل بما يجعل الناس يلمسون نتائج خلال وقت قريب. فاللجنة جاءت جزءا من الحل للمرحلة، ولا نريد لها جميعا أن تصبح جزءا من مشكلة تحتاج إلى حلول.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد صحافة سميح المعايطة