بعض المعارف يتحولون مع مرور الزمن الى حمولة ثقيلة يصعب التخلص منها الا بالموت.ذلك ان حضورهم المُلح يجعلهم يتحولون الى أوثان تقيم في الذاكرة، ومع انك لا تصر عليهم بتغذية العلاقة بروافد عاطفية جديدة الا انهم يظلون في تلك المساحة الأميبية في الذاكرة

والغريب ان بعضهم وحين تلتقيه في وقت مر فيه عليك ما يزيد عن العشرين عاماً ولم تره بعدها يتحول الى شيطان مناكف وهو يذكرك بحماقات مشتركة تكون انت قد نسيتها تماماً، وفي رصدي لقصص التذكر المضني هذا وجدت ان معظهم يتذكرون القصص التي على الأغلب تسيء للشخص المتذكر وعليه فانك ترى ان بعض هؤلاء الاصدقاء يتسترون على ذاكرة عدوانية

البعض الآخر من هذه النوعية من الاصدقاء يقدم نفسه في علاقة قد تمتد الى ثلاثين عاماً بنسخة واحدة وثابتة، وهذه النسخة تجعلك وبسبب هذه المواظبة تستطيع ان ترسم أي ردة فعل عند هذا الصديق تجاه اي موقف يمكن لك ان تقترحه. وهنا عليّ أن أؤكد ان صديق النسخة الواحدة هذا يجعلني وحينما أتذكره أشعر بالغثيان

وبعض هؤلاء الاصدقاء يشعرك انه لا يعتني بك على مستوى التذكر والذاكرة لكنك تفاجأ وانت تلتقي بعض أصدقائه الهامشيين ان هذا الصديق قد قام بتحويلك الى نمرة لتسلية اصدقائه وهو يحدثهم عنك في كل شاردة وواردة وبالطبع بالنسبة لي اعتبر ان هذا النوع من الاصدقاء من أشد الاصدقاء مكراً وخبثاً

وبعض المعارف الذين تلتقي بهم في زحمة الزمالة العملية يدهشونك بتدني مستواهم الحسي وغياب البداهة عن اسلوب معاملتهم لك. وبالأمس التقيت واحدا من هؤلاء وهو بالمناسبة كان يشكل تعبا كلما التقيته، وحينما صافحني لا حظت انه لا يمكن ان يبادر بالحديث الا عن طريق الأسئلة التي يوجهها لك، والمشكلة ليست هنا بل المشكلة تكمن في أنه يُعيد كل جملة تقولها له، وهذا ما جعلني أنفجر في وجهه دون خجل قائلاُ «والله عيب عليك أن تعيد الجملة التي أقولها لك» والغريب انه دارى ارتباكه وأخذ يحدثني عن قائمة الأمراض التي يعاني منها ابتداء بالسكري وانتهاء بالضغط

انهم الاصدقاء والمعارف الذين حجزوا مكانتهم في الذاكرة بمحض الصدفة، وتلكم هي الكارثة


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خليل قنديل   جريدة الدستور