فجأة تخلى العالم عن عقلانيته وعن رشاقته الفكرية وصار كل شيء قابلاً للحدوث والتحقيق. وفجأة تخلى كهنة المطابخ السياسية الكافرة عن التدرج في اجبارنا على تجرع السم السياسي والقبول بالمستحيل السياسي

نعم لقد صارت الخيانات التي كانت تحدث بشكل تاريخي بطيء تحدث بسرعة انقلابية عجيبة، ولم تعد تمنحنا الوقت للتفكير بتداعيات الخيانة التي صارت تهب عينا من كل صوب.

نعم صارت القاعدة تمتلك خلاياها النائمة في كل مكان عربي وفي كل جغرافيا غبية وصار بالامكان ان تنقلب الجغرافيا الساكنة تاريخياً على اصحابها وهي ترهيم الويل.

وفجأة أصبحت الحروب الارهابية تتم بالوكالة فالحدود في الجغرافيا السياسية العربية التي عودتنا على استحالة خرقها صارت لينة ورجراجة وصارت تمتلك كل هذه الارقام في العتاد والاسلحة والمتفجرات

فمن يصدق ان سيناء مصر التي ظلت آمنة تارخياً ولمدة عقود طويلة تتحول في يوم وليلة الى منطقة ملغمة

بعناصر القاعدة القادرة على ضرب قوات مصرية، لكنها المطابخ التي ظلت تعمل في عتمة القرار السياسي على التنظيم والتوليف لتصبح سيناء مصدر الازعاج الأمني لدولة مثل مصر.

ومن يمكن له ان يصدق ان بعض الجغرافيات العربية النائية أن تتحول الى حاضنة لتنظيمات ارهابية قد تقلب ظهر المجن في لحظة سياسية عمياء

لكن هذا حدث في اليمن وفي مدنه وقراه النائية، كذلك حدث في لبنان وفي بعض قراه ومدنه الحدودية وصارت الحركة الارهابية الناهضة تولد حركات وما على الكائن العربي الا ان يستمع لبيانات وتشكيلات جديدة ومهجنة على الارض

والغريب ما حدث في الثورة السورية التي قدمت نفسها على اعتبار انها ثورة اهلية تبحث عن الديمقراطية واقامة دولة سوريا الحديثة ليفاجأ العالم بكل هذه التنظيمات المسلحة التي انتشرت كالفطر على سطح الاراضي السورية.

وقد تطور الوضع الاقتتالي في سوريا الى الدرجة التي بات يصعب فيها بالفعل فهم تحرك دفة الثورة واتجاهاتها. فانت احياناً ترى بعض قيادات الثورة وخصوصاً رجال الائتلاف وهم يرتدون الزي الليبرالي بياقاتهم المنشاة لكنك وعلى ارض المعركة مع النظام ترى رجالاً يحملون اسماء أقل ما يقال انها اسماء جاهلية لجماعات تحاول ان تؤسلم كل فعل ثوري على الارض

ان كيمياء الارهاب في حركات التحرر في ربيعنا العربي هذا صارت تولد عماء يصعب التمييز من خلاله حقيقة هذه الثورات والصورة الحقيقية لرجالاتها

وكان الله في العون


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خليل قنديل   جريدة الدستور