لأن السلعة كانت تصدر لنا من جهة صناعية واحدة لم نكن نجرؤ على منحها بعض الاسماء المقترحة او الجديدة، وانا أكاد أجزم ان العديد من موتانا غابوا عن الوجود وهم على قناعة من أن المادة الخاصة بمسحوق الغسيل مثلاً هو اسم المادة نفسها وليست اسم المُنتج الصناعي او اسم الماركة
|
فأمي عاشت طوال عمرها وهي معتقدة ان مسحوق "تايد" للغسيل هو اسم المادة ذاتها وليست اسم الماركة ولهذا كانت تسمح لنفسها وهي تدخل اي بقالة في الستينات لتطلب "باكيت" تايد وكان البقال يستجيب لانه لا توجد عنده مادة بديلة للغسيل.
والامر ذاته ينطبق على معظم المواد والسلع المعيشية والحياتية فانت حينما تدخل محل البقالة وتطلب عبوة شاي فانت تقصد شاي "الغزالين" او حين تطلب "فلقة" صابون فانك تعني صابون الجمل أو مفتاحين او حين تطلب مادة الطحين فانت تعني طحين الزيرو او حين تطلب اي سلعة فلانك تشتري ماركة السلعة ذاتها والسبب البسيط وراء ذلك هو انه لم تكن هناك شركات تتنافس على تنويع السلع في الاستيراد.
فالقهوة تعني ببساطة انك تريد قهوة "بن زحيمان" التي وعت الشركة في وقت مبكر وضع دعاية لها في الراديو وربما كانت هي السلعة الوحيدة التي لها اغنية دعائية | |
... وهكذا كانت السلع تمارس أُميتها في التنافس والاصطفاف على رفوف البقال بحيث لا تجد اي سلعة تنافس الاخرى فعلب السردين موحدة في الشكل وفي الحجم والنوع وعلب اللحمة كانت هي الاخرى تبدو صارمة وعصية على الشراء وهي على الارجح كانت تشترى لضيف المساء المباغت اما البيض البلدي بالطبع فكان يوضع في سلال معدنية معلقة فوق راس البقال وهو ايضاً من السلع العصية على الشراء ايضاً الا في المناسبات | |
وقد ظلت مادة الشامبو من المحرمات الشرائية ولا تتوفر الا عند الحلاقين اما البيوت فكانت تقسم الصابون الى نوعين صابونة خضراء وهي على الارجح خاصة بالغسيل وصابونة بيضاء خاصة بغسل الايدي والاستحمام.
لكن من يدخل اي سوبر ماركت او مني ماركت سوف يكتشف البضائع الطافحة من بوابته وبكل انواع السلع وانواع الخيارات من المادة ذاتها على الاغلب والا نكى من كل ذلك تلك الالة الحاسبة التي لاتسمح لك بمناقشة الاسعار وتلك الجلسة للبقال التي استطاعت ان تحول الزبون الى خادم وهو يحضر المواد التي يريدها ويقف كمتسول امام البقال |
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خليل قنديل جريدة الدستور
|