لن انسى ما حييت شقاء تلك الليلة في عمان والتي شاركني فيها الصديق الشاعر علي العامري حيث نسينا انفسنا بلا طعام متلذذين بتلك النقاشات التي كانت تسرق الروح والمشكلة كانت تلح علينا ونحن نعلم تماماً اننا لا نمتلك النقود التي من الممكن ان تغطي جوعنا في تلك الساعة من الليل والمشكلة الاهم اننا لم نكن نمتلك تلك الملامح المتسولة فملامح علي العامري كانت تنبىء عن نباهة خاصة به وملامح انقضاضية يصعب التستر عليها بالمسكنة اما ملامحي فقد كانت تؤهلني كي ابدو ابن عز يصعب تصديق جوعي بتلك السمنة وتلك القامة
|
المهم انا وضعنا مرة واحدة امام فكرة الجوع بمعناه الافريقي وكان علينا ان نتصرف في بيت لا يوجد به الا بعض لقيمات الخبز الناشف لكن صديقي علي الذي كان يبدو وكانه وجد الحل لجوعنا مدّ يده السمراء التي كت قد اطلقت عليها مصطلح «كماشة» ازاحتني جانباً وهو يطلب مني ان املأ الطنجرة الفارغة بالماء وان اضعها فوق نار الغاز المشتعلة | |
ولانه امتلك الفكرة فقد كان يجيب على اسئلتي بنوع من التقزز وبالطبع لم اغضب لان فضولي في تلك اللحظة كان طفولياً بالفعل. كنا نحدق بالماء الذي بدأ بالغليان داخل الطنجرة وبينما كنت ارى الخطوة التالية لعلي فقد رأيته يقفز بخفة وهو يتناول كيساً قماشياً ويدخل يده فيه ويخرج يده المعبأة بقبضة من الملوخية الناشفة ويلقي بها بنوع من الاستذة بالماء وربما هذا ماجعله يأمرني بتقشير راس الثوم وهو يقول « بعد قدحة الثوم هذه يمكنك ان تحضر ليمون الغور ونبدأ بالاكل.. اما بالنسبة للخبز ما علينا سوى ان نبله بالماء ونبدأ بتحميصه من جديد وبعدها لن ينسى فمك طعم هذه الوجبة | | »
وبناء عليه مازلت حتى هذه الايام وكلما التقيت صديقي علي اقول بشكل مباغت «ملوخية ناشفة»
حتى يبدأ هو بصهيل الضحكة التي تميزه من بين كل الاصدقاء والتي تجبر على كل واحد قريب منه ان يبادله الضحكة ذاتها | |
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خليل قنديل جريدة الدستور
|