لسنوات طويلة ومجلس النواب يتعرض لضربات متتالية، أضعفت صورته في الوجدان الشعبي الأردني، وأصبح الجميع يتندرون عليه حتى فقد كل هيبة يتمتع بها، ذلك السلوك المتكرر ضد المجلس أسست له الحكومات المتعاقبة، وأصبح نهجاً لكل المؤسسات السيادية في الدولة الأردنية تمس هيبته بشكل متكرر!
 إضعاف هذه المؤسسة الوطنية المنتخبة، لصالح السلطة التنفيذية، يشكل استهتارا بالشعب كله، الذي انتخب هؤلاء النواب، بغض النظر هل نحن راضون عن أدائهم أم لا، وهل وصل النواب إلى المجلس بطريقة ديمقراطية أم من خلال المال السياسي، أو الدعم الذي تقدمه لبعضهم بعض المؤسسات السياسية والأمنية في البلد!
قد تبدو في بعض الأحيان مطالب النواب في بعض الجوانب السياسية وخصوصا الخارجية منها غير واقعية، ولكنها في حقيقة الأمر تعبر عن المزاج الشعبي العام، فهم رغم كل شيء جزء من هذا المزاج، فبعد استشهاد  القاضي الأردني رائد زعيتر على يد جنود الاحتلال الصهيوني، كان لا بد لأعضاء المجلس التصرف بالطريقة التي تصرفوا بها، فهذه الجريمة البشعة بحق القاضي الشهيد، كانت ردة فعل مجلس النواب طبيعية حيالها.
فالشارع الغاضب من هذا التصرف وغيره من التصرفات التي تقوم بها دولة الاحتلال الصهيوني، تعبر عن موقف الشعب الأردني  من "إسرائيل". الاستخفاف بمطالب الأردنيين بطرد السفير الصهيوني من عمان، وهو المطلب الذي تبناه النواب، يضعف مجلس النواب ويزيد من ضعفه ضعفاً في ذهنية المواطن الذي تعوّد على أن يكون المجلس الذي يفترض أنه يمثله عبارة عن ظاهرة صوتية، حتى أصبح ينطبق المثل العربي عليه "أسمع جعجعة ولا أرى طحنا".
أذا كان حجم المصالح المرتبطة بالولايات المتحدة الأميركية، يستدعي عدم اتخاذ أي خطوات تجاه ربيبتها دولة العدو، وجب على الأقل التحرك الفوري لإطلاق سراح الجندي المعتقل "أحمد الدقامسة"، وهذا مطلب ليس بالجديد بل هو مطلب وطني عام؛ فالدقامسة بدأ إضراباً مفتوحاً عن الطعام حتى الإفراج عنه، وهذا  الإعلان عن الإضراب عن الطعام جاء في وقته وتزامن مع المطالبات البرلمانية والشعبية بالإفراج عنه بعد مقتل القاضي الشهيد.
لذلك على الذين يسعون للاستمرار في اضعاف سلطة مجلس النواب، الذي هو سلطة الشعب ومُلك الناس والمنبر الطبيعي لهم، أن ينتبهوا لخطورة الاستمرار في النهج الذي يؤدي إلى المساس بهيبة الناخبين من جمهور الناس، وليست القضية متعلقة بهذا المجلس أو ذاك، أو هذا النائب أو ذاك، فالقصة أكبر من مجموع الأفراد النواب، لتصل لمجموع الجماهير الأردنية بغض النظر عن رضاها من عدمه عن أداء هذا المجلس الذي هو، شئنا أم أبينا ممثل للشعب !
أحمد الدقامسة المعتقل منذ سبعة عشر عاماً عنوان لمرحلة جديدة، فإذا استطاع مجلس النواب، والقوى الحية الأخرى في المجتمع العمل على إطلاق سراحه، فإننا قد بدأنا نستعيد عافية المجلس الذي أُفقد كل أدوات هيبته!

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جهاد المحيسن