أبدأ بالتعبير عن غبطتي وسعادتي بالردود السياسية الراقية التي جاءت في مقالات الاصدقاء الاعزاء: العين امجد المجالي امين عام الجبهة الاردنية الموحدة، ونائبه الدكتور جهاد البرغوثي ونشر مقالاهما يوم أول من أمس في "الغد"، والمنسق العام للجبهة محمد الشعلان الذي عرض رده على موقع "عمون الالكتروني"، تعقيبا على مقال لي نشر في الغد بعنوان: "عندما يستعير اليمين خطاب اليسار المتشدد".
فقد جاءت التعليقات ملتزمة بآداب الحوار وحملت ردودا سياسية بامتياز وابتعدت برفق عما هو مألوف في حياتنا السياسية من عصبية وردود غاضبة, عندما يتجرأ احد من الاقتراب من حصن الحزب العتيد ينتقد مواقفه وسياساته, لانها أحزاب لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها- او يسارها او يمينها.
وقد كسب الحزب وقادته كثيرا من الاحترام, لاختيارهم هذا النموذج الديمقراطي في العلاقة مع الآخر والحوار معه, وهو فال خير يقربنا من هذا الحزب الفتي الذي استشعر حماس القائمين عليه واصرارهم وعنادهم على حث الخطى لاستكمال بناء الحزب وتعزيز جماهيريته وتحديد هويته السياسية والفكرية.
أما بعد!
معاذ الله ان اكون قد استهدفت، في مقالي المشار اليه، احدا من رموز الحزب او الحزب نفسه. على العكس تماما ورغم ملاحظاتي الخاصة والمشروعة, فانني سعدت بجنوح التيارات السياسية الى التنظيم وخوض غمار العمل السياسي العام وربما تجربة العين امجد المجالي ورفاقه من ابرز التجارب التي يعتد بها في هذا السياق.
ومن مصلحة كل التيارات السياسية والفكرية التي تؤمن بالتعددية أن ترحب بكل المشاريع والتجارب والجهود الخيرة التي تبذل لتنظيم الحياة السياسية الاردنية, التي هي اليوم اكثر من اي وقت مضى تحتاج الى حسن ادارة وتنظيم وبيئة صحية ديمقراطية لعمل يرتقي بها الى مصاف المجتمع وتعبيراته السياسية والفكرية والاجتماعية على اختلافها.
وتؤسس العلاقة ديمقراطية بين مكونات المجتمع, لتحقيق التوازنات الداخلية العادلة التي تفضي الى السلم والاستقرار والامن الاجتماعي.
وقد حرصت ان احصر النقاش في بعد سياسي واحد, هو الحاجة الموضوعية لاشتقاق خطاب سياسي متميز يقترب من تفاصيل الواقع ولا يكتفي بالعموميات والمبادئ النظرية المجردة, تماما كما هو حال "الخطاب اليساري المتشدد" الذي يجتر الشعارات والمثاليات النظرية دون استنباط الافكار والمواقف والاقتراحات التي تستجيب الى عملية السيرورة السياسية والاجتماعية التي توصل الى الهدف النبيل الذي نذر اليسار نفسه من أجله: هدف تحقيق المساواة والعدالة. والشيء نفسه ينطبق على الاحزاب العقائدية الدينية والقومية.
وكم أحزنني قول امين عام احد الاحزاب القومية التابعة، عندما قرأت مقابلة له امس يقول فيها: "ان حزبنا يقبل كل ما هو جيد ويرفض كل ما هو سيئ". يا للحكمة وبعد النظر. دعوتي لكل التيارات السياسية والفكرية في المعارضة والموالاة, بأن تشمر عن سواعدها الفكرية والسياسية وتستقطب المثقفين والاكاديميين واصحاب الرأي, لاشراكهم في صناعة سياسة ومواقف الحزب.
فلا حزب ولا فكر ولا سياسة من غير المثقفين والفنانين والمبدعين حملة الحلم والمعرفة. طالما قلت بأن رساما تشكيليا ناجحا اهم في تشكيل ثقافة المجتمع من امين عام حزب سياسي.
أعود الى تجربة حزب الجبهة الاردنية الموحدة.. واعبر عن تقديري السياسي لطموحهم واهدافهم النبيلة التي يعلنونها.
لكن هذه الاهداف النبيلة, تحتاج الى اشتقاقات سياسية وليس الى اشعارات جاهزة فقد سئم الرأي العام الافكار النظرية الجامدة يساراً ويميناً في الفكر السياسي والديني والايدلوجي على حد سواء.
وأختم بتكرار تقديري الى الاصدقاء امجد المجالي وعبد الرزاق طبيشات واعتزازي بكثير من المواقف المشتركة التي اتخذناها معا عندما تزاملنا في مجلس النواب وفيها انحياز صارخ لقضايا الشعب والوطن.
واعبر عن أملي الكبير بأن يأخذ تيار البيروقراطية السياسية النظيف الذي غادر الحكم ويجلس الآن في المعارضة بأن يشتد عوده ويأخذ دوره ومكانته في حياة الدولة والمجتمع. فهذا التيار يكتسب دورة اهمية استثنائية للجم وعقلنة تيار الليبرالية الاقتصادية الصاعد وللمساهمة في الحد من النتائج الاجتماعية القاسية التي تولدها بعض السياسات الاقتصادية. فنحن معا يا اصدقائي في الجبهة الوطنية الانسانية.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة بسام حدادين جريدة الغد