عذرا.. الجدل لم ينته بعد
في الأجواء الرسمية والحكومية، ثمة تصورات تؤكد أن خطة الإصلاح تكاد تصل إلى نهايتها، ولم يبق منها سوى التسجيل للانتخابات وإجرائها؛ وأن انتخابات نزيهة بنسب تسجيل ومشاركة مرتفعة، كفيلة بإخراج البلد من المأزق السياسي الذي يمر به، وقادرة أيضا على تخفيف الأجواء الملبدة. وهنا يمكن إثارة كثير من التساؤلات حول مدى صحة هذا الطرح.
الكلام الرسمي في الغرف المغلقة، يقوم على أن المسارين السياسي والاقتصادي يسيران كما هو مخطط لهما، بل وأفضل، خصوصا بعد أن انتهت الحكومة من إعلان برنامجها الوطني للإصلاح الاقتصادي، وظهرت بوادر إيجابية متعددة من دول صديقة مقرضة للأردن، ودول خليجية شقيقة مانحة، ستساعد على تجاوز الوضع المالي الخانق.
الحكومة تعدد منجزاتها وتركز على الانتهاء من وضع منظومة التشريعات الناظمة للعمل السياسي، بدءا من قانون الهيئة المستقلة للانتخابات، وقانون الأحزاب، وانتهاء بقانون الانتخاب.
الحكومة لا تقبل العودة خطوة إلى الخلف، وهي ماضية في إجراء الانتخابات وفق التشريع الحالي وفي موعدها المعلن؛ أي قبل نهاية العام. وحجتها في الإصرار على هذا الموقف أن أي إزاحة للخلف تعني ردود أفعال غير راضية من الجهات التي دعمت مواقف الحكومة حيال رؤية الدولة الإصلاحية، خصوصا من النواب والأعيان وبعض المسؤولين الرسميين.
ما يعقّد المسألة أكثر، اعتقاد البعض أن الإقدام على مراجعة بسيطة لما وصلنا إليه يعني التخلي عن أصدقاء الحكومة الذين دعموا توجهاتها، ولم يبخلوا عليها في وقت الشدة، فكيف تتخلى هي عنهم؟ وهل تقدر الدولة على خسارة مزيد من أبنائها، بعد أن بات عدد كبير منهم اليوم يقف موقف الممانع الرافض للنتائج التي تقنع الحكومة على الأقل؛ إذ يعتقد "الأبناء المنشقون" أن بالإمكان أحسن مما كان؟
وسط الأجواء الرسمية التي بُذلت كثير من الجهود لتغليفها بحالة من الطمأنينة والارتياح، يظهر تيار ثان يبدو أنه هو الآخر وصل خط النهاية، لكن من منظور مختلف تماما. هذا التيار يعبر عنه الإسلاميون وقراراتهم التي قطعت كل طريق يمكن فتحها لزيادة فرص المضي في عملية الإصلاح السياسي.
الإسلاميون، ومع اختلاف المعطيات، موقفهم لا يقل تصلبا عن الحكومة، لاسيما وأنهم ربما تسرعوا بقول كلمتهم الأخيرة بعد أن قرروا مقاطعة التسجيل للانتخاب، وكأنهم يطلقون صفارة النهاية لمرحلة، للبدء بمرحلة جديدة.
وأغلب الظن أن هذين الفريقين؛ الحكومة والإسلاميين، قد صعدا فوق الشجرة، ولم يعد من السهل عليهما النزول عنها؛ فلا الحكومة قادرة على إعادة فتح باب الحوار من جديد، ولا الإسلاميون راغبون في ذلك.
بين صراع الحكومة والإسلاميين نجد المستقبل السياسي القريب بلا أفق. ويمكن القول إن الأخطاء التي يرتكبها الجانبان تؤذي الإصلاح، وإن كان بمقادير مختلفة. فالدور الأكبر مطلوب من الحكومة، كونها حكومة لكل الأردنيين، ولجميع قواها السياسية. وكان الأولى بالحكومة فتح قنوات حقيقية للحوار مع الجميع بدون استثناء، بعيدا عن لعبة الاستقطاب والشد والرخي، إذ لا يجوز أن تضع المستقبل رهينة لتعارك الطرفين.
وبين الكر والفر الحكومي والإسلامي، والطرق المقفلة التي وصل إليها الطرفان، ثمة فريق غير مرتاح لنتائج المرحلة التي بلغها البلد، وثمة أناس حريصون على الأردن ما يزالون يظنون أن بالإمكان بلوغ نتيجة أفضل من تلك التي بلغناها.
الرأي أو الصوت الثالث لا يتفق مع الإسلاميين بالضرورة، لكنه يؤمن بمشاركتهم. وصعود هذا التيار ضرورة لتغيير المشهد السياسي المحلي، وإنهاء ثنائية الحكومة والإخوان، ليصبح لدينا طريق ثالث يقودنا إلى واقع أفضل، ويخرجنا من الأزمة الحالية، فنبدأ مرحلة جديدة من بناء الأردن.
أعضاء نادي الطريق الثالث الفعليين والمفترضين من أبناء "السيستم" ومن خارجه، لديهم وجهة نظر وطنية تستحق المحاولة لإنجاحها، لخلق تيار ثالث يؤمن بالإصلاح والتشارك، أما الاستقطاب الحالي فهو مؤذ للجميع.
المدينة نيوز.
المراجع
almadenahnews.com
التصانيف
جمانة غنيمات صحافة العلوم الاجتماعية الآداب المدينة نيوز