لا شك أن سقوط نظام مبارك، قد وضع الأردن، ومن دون سابق إنذار، في موقع إقليمي غاية في الحساسية والدقة، وألقى على كاهله مسؤوليات جديدة، كبيرة، ومهمات تحتاج إلى إعادة الدراسة والبحث، وقد تحتاج أيضا، إلى التحرك السريع من قبل جميع الفاعليات السياسية والاقتصادية، لبحث رؤى جديدة عميقة، تتفهم الإنقلاب الشديد الذي تغير في المشهد الشرق اوسطي.
الدعوة إلى التحرك، توجه إلى كل القطاعات المهتمة في إعادة إنتاج شكل العلاقة الحالية والمستقبلية مع أميركا وإسرائيل ومع المحيط العربي القريب، وكذلك مع كل من الخليج العربي وتركيا وإيران، تلك العلاقة التي تبدلت معطياتها، وتغيرت آفاقها، بسقوط النظام التونسي ثم المصري، وكذلك المخاوف التي تتحدث عن أولويات البيت المصري خلال الشهور الستة المقبلة، والتي تدفع بشكل مباشر تارة، وغير مباشر تارة أخرى، لأن يتولى الأردن، ويحتل بشكل فاعل، موقعا إقليميا جديداً، أو مختلفاً، للتعاطي مع قضايا الشرق الأوسط القديمة الجديدة، وعلى رأسها الصراع العربي مع دولة الاحتلال الإسرائيلية ومعاهدة وادي عربة.
الحكومة الأردنية، مطالبة اليوم، بقيادة دعوات جادة، لعقد مؤتمرات أو لقاءات أردنية محلية، تقدم فيها أوراق عمل، تبحث رؤية أردنية شاملة تقيّم تاريخ المنطقة وحاضرها، ملفات المرحلة وأولوياتها، وحاجات الأردن وتطلعاته، كذلك يُدعى إليها، الفاعليات الاقتصادية، التي عليها المساهمة بتقديم تصور أردني في مجالات الاستثمار والسياحة واستقطاب رؤوس الأموال، والتي ترزح حاليا تحت وطأة التوجس والحذر، لكنّها أيضاً تبحث عن مشاريع ناجحة في مناطق آمنة، فترسل المؤتمرات التي يجب أن تُنظم قريباً، إشارات للجميع، أن الأردن، وحسب موقعه الجديد، يتمتع بالأمن والاستقرار والبيئة الملائمة للاستثمار.
الأردنيون عامة، مطالبون بتفهم خطورة المرحلة، وطريقة إدارتها لتحقيق مكاسب أردنية، ليس على حساب الأشقاء العرب، بل لأن الفرص التي لا نبحث عنها، تبحث عن غيرنا، وقد تتجه إلى أي مكان في العالم، وهناك دول، تدفع ميزانيات ضخمة، تتجاوز البلايين، للحصول على الموقع الذي حصل عليه الأردن، مجاناً، والتفهم يكون عن طريق التدقيق في المرحلة، وعدم الانفعال والانجراف نحو الشهوات والمصالح الخاصة والشخصية، في الظهور لدى وكالات الأنباء أو على شريط أخبار قناة تلفزيونية، بل بالتوجه نحو ما هو أثمن من ذلك، بكثير، بما يحقق المكاسب التي تنعكس على كل مناحي الحياة في الأردن، سياسياً واقتصادياً.
المبادرات المتفهمة الخلاقة، من كافة المستويات، وفي وقت تتطلع فيه عيون الأرض لما يحدث في المنطقة، لابد أنها ستؤدي إلى ترسيخ الدور الأردني، وتثبيته وتمكينه ودعمه وتشجيعه، بما يعود بالفائدة على الوطن وعلى الأردنيين جميعاً.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جلال الخوالدة