الزلازل وتكتونية الأطباق(Earthquakes and Plate Tectonics)
الزلازل من أكثر الظواهر الطبيعية حدوثاً، إذ تحدث أكثر من مليون هزة أرضية خلال السنة الواحدة والتي يتم رصدها بواسطة شبكة واسعة من محطات الرصد الزلزالي. تحلل هذه الزلازل من قبل العلماء المختصين وبالاستعانة بأجهزة الكومبيوتر، وتحدد مواقعها وأعماقها وشدتها ومن ثم يتم إنزال مواقعها على خرائط خاصة ومحددة.
الزلزال هو ارتعاش أو ارتجاف الأرض، يحدث بسبب تحطم وتحرك مفاجئ في الصخور التي تتعرض إلى اجهادات خارجية نتيجة لحركة الأطباق الأرضية، وبالتالي حدوث تشويه يتجاوز حد مرونتها. نتيجة لهذا التكسر المفاجئ تتحرر طاقة بشكل موجات زلزالية، هذه الموجات تكون على ثلاث أنواع هي: الموجات الأولية (Primary waves)، والموجات الثانوية (Secondary Waves)، والموجات السطحية (Surface waves).
نظرية الارتداد المرن(Elastic Rebounding Theory):
نستطيع توضيح سبب حدوث الزلزال بإجراء تجربة بسيطة تتمثل بأخذ عصا ومحاولة ثنيها حتى تكسر. الطاقة التي خزنت في العصا في مرحلة الانثناء المرن سوف تتحرر بشكل طاقة صوتية أثناء حدوث الكسر فيها. وضع (Reid,--) نظرية الارتداد المرن التي تفسر حدوث الزلازل من خلال دراسته لفالق سان أندرياس. تنص النظرية على أن الصخور في منطقة الزلزال تستجيب للإجهاد المتراكم والمتزايد بالانثناء (Folding). وتختزن هذه الإجهادات في هيئة طاقة كامنة (Potential Energy). وتستمر عملية الانثناء (الاستجابة المرنة) حتى تتجاوز الإجهادات الحد الذي لا تستطيع فيه الصخور الاستجابة بالانثناء أكثر من ذلك فيحدث الكسر، وتحدث الإزاحة الفجائية على جانبي الكسر وتتحرر الطاقة المختزنة في هيئة تشوه دائم في الصخور (إزاحة على جانبي الفالق)، وكذلك في هيئة موجات زلزالية تنتشر في كل الاتجاهات من مكان التكسر (الشكل 1).النقطة الموجودة داخل الأرض والواقعة على سطح الفالق والتي تتحرر منها الطاقة الزلزالية تسمى بالبؤرة (Focus).
أما النقطة الواقعة على سطح الأرض فوق بؤرة الزلزال مباشرة فتدعى بالمركز السطحي (Epicenter) وهي تمثل المسقط الشاقولي لبؤرة الزلزال على الأرض .
عماق البؤر الزلزالية:
تقسم الزلازل اعتماداً على عمق بؤرها الزلزالية إلى ثلاث أنواع هي:
(1) زلازل البؤر الضحلة (Shallow-Focus Earthquakes): وهي الزلازل التي يتراوح عمق بؤرها الزلزالية من (0 – 70 كم) تقريبا.
(2) زلازل البؤر المتوسطة (Intermediate-Focus Earthquakes): وهي الزلازل التي يتراوح عمق بؤرها الزلزالية من (70 – 300 كم) تقريبا.
(3) زلازل البؤر العميقة (Deep-Focus Earthquakes): وهي الزلازل التي يتراوح عمق بؤرها الزلزالية من (300 – 700 كم) تقريبا.
الزلازل وحافات الأطباق:
هناك ثلاث أنواع من حافات الأطباق التكتونية، وفيما يلي شرح مبسط لطبيعة الزلازل الموجودة في كل نوع من هذه الأنواع الثلاث:
أولاً: الزلازل في حافات الأطباق التباعدية (Earthquakes In Divergent Boundaries):
حافات الأطباق التباعدية تنتج من حركة طبقين باتجاهين متعاكسين بعيداً عن بعضهما، وهي أما أن تحدث داخل طبق محيطي وتعرف بنطاق التشقق المحيطي (Oceanic Rift Zone)، أو تحدث داخل طبق قاري وتعرف بنطاق التشقق القاري (Continental Rift Zone). البؤر الزلزالية المتكونة في حافات الأطباق التباعدية من النوع الضحل.
(1) الزلازل في نطاق التشقق المحيطي: يتشكل نطاق التشقق المحيطي بحواجز وسط المحيط (Mid-oceanic Ridges) التي تكون فيها الزلازل مرتبطة بفوالق اعتيادية عمودية. البؤر الزلزالية المتكونة على مستويات هذه الفوالق تكون من النوع الضحل.
(2) الزلازل في نطاق التشقق القاري: يتشكل نطاق التشقق القاري بنطاق الانخساف (Drift Zones) الناتج من وجود قوى شدية تؤدي إلى تباعد الطبقين عن بعضهما. في مناطق الانخساف هذه تتكون فوالق اعتيادية قوسية الشكل تدعى بالفوالق اليستيرية (Listeric Faults). على طول مستويات هذه الفوالق تنشأ البؤر الزلزالية التي تكون من النوع الضحل. المثال البارز على نطاق الانخساف هو البحر الأحمر.
ثانياً: الزلازل في حافات الأطباق التقاربية (Earthquakes In Convergent Boundaries):
حافات الأطباق التقاربية تنتج من حركة طبقين باتجاهين متعاكسين قريباً من بعضهما. وهي على نوعين حافات نطاق الغوران (Subduction Zone)، وحافات نطاق التصادم (Collision Zone). البؤر الزلزالية في حافات الأطباق التقاربية قد تكون ضحلة أو متوسطة أو عميقة.
(1) الزلازل في نطاق الغوران (Subduction Zone):
هي المنطقة التي يغور فيها الطبق المحيطي أسفل طبق قاري أو أسفل طبق محيطي آخر. والزلازل في هذا النطاق أكثر أنواع الزلازل انتشاراً في الأرض. ويتفاوت العمق البؤري لهذه الزلازل بين الضحلة والمتوسطة والعميقة اعتماداً على مواقع البؤر الزلزالية في جزء الطبق الغائر في غلاف الانسياب.
(2) الزلازل في نطاق التصادم (Collision Zone):
يتكون نطاق التصادم من تقارب طبقين قاريين من بعضهما البعض، وفي هذا النطاق لا يحدث غوران حقيقي لأحد الطبقين أسفل الآخر بسبب تشابه كثافة الطبقين المتصادمين. الزلازل في انطقة التصادم القاري تكون منتشرة على مساحة واسعة من القشرة القارية، بعكس الزلازل الحاصلة في انطقة الغوران والتي تمتد على طول حزام زلزالي ضيق. السبب في ذلك يعود إلى عدم وجود جزء غائر في نطاق التصادم، بل أن الزلازل تحدث نتيجة عملية التفلق في كلا الطبقين المتصادمين، لذلك تكون الزلازل في مثل هذه الانطقة زلازل ضحلة. هناك مثالين شهيرين على هذا النوع من التصادم هما: الأول يتمثل بتصادم الطبق الهندي مع الطبق اليوراسي في منطقة جبال الهملايا وتكوين نطاق زلزالي عريض يتراوح عرضه من (1200 كم) إلى (2000 كم)، أما طوله فيصل إلى (2500 كم). المثال الثاني يتمثل بتصادم الطبق العربي _ الإفريقي مع الطبق اليوراسي وتكوين نطاق عريض من الزلازل يمتد من السواحل الشمالية للبحر المتوسط مرورا بتركيا والعراق وإيران.
ثالثاً: الزلازل في حافات الأطباق الانتقالية (Earthquakes In Transform Boundaries):
(1) الزلازل في انطقة صدوع التحول المحيطية (Oceanic Transform Faults):
توجد صدوع التحول المحيطة في مناطق الحواجز المحيطية المجاورة، إذ أن هذه الصدوع عادة ما تكون عمودية على الحواجز المحيطية، وقد أظهرت الدراسات التفصيلية أن الزلازل في مناطق صدوع التحول المحصورة بين محور المرتفع المحيطي والتي تسمى بانطقة التكسر النشطة أو الفعالة (Active Fracture or Fault Zones) ولا توجد في المناطق الواقعة خارج محور المرتفع المحيطي والمسماة بانطقة التكسر غير النشطة أو غير الفعالة (Inactive Fracture zones).
(2) الزلازل في أنطقة صدوع التحول القارية (Continental Transform Faults):
تتشكل هذه الزلازل عن حركة أفقية بين صفيحتين متجاورتين، مثال ذلك منطقة صدع سان اندرياس (San Andreas Fault) في كالفورنيا والصدع الأناضولي (Anatolian Fault) في تركيا وصدع البحر الميت (Dead Sea Fault) في الأردن.
المراجع
geologyofmesopotamia.com
التصانيف
جيولوجيا جيولوجيا الأرض علوم الأرض العلوم البحتة