محمد عقيلة العمامي
في مثل هذا اليوم منذ ثلاث سنوات رحل عنا الدكتور الهادي مصطفى بولقمة، عميد الجغرافيين الليبيين، ولد بالزاوية سنة 1934، ودرس بها حتى نال الشهادة الثانوية. نال درجة الليسانس من القاهرة وعين معيدا بالجامعة الليبية في 1/10/1957 ورجع إلى القاهرة ليعود منها برسالة الماجستير في تخصصه. أوفدته الجامعة الليبية إلى جامعة (ديرهام) البريطانية، سنة 1964 لدراسة الدكتوراه عن رسالته: «مدينة بنغازي: دراسة في جغرافية المدن». ومنها تواصل عطاؤه إلى جامعات ليبيا كلها. وانتشرت دراساته وأبحاثه الأكاديمية ومؤلفاته بمكتبات الجامعات الليبية كافة، ناهيك بأنه تبوأ بها مختلف الوظائف حتى توجت بترأسه الجامعة الليبية.
لم يكن الدكتور هادي بولقمة مجرد أستاذ علم، وإنما كان الأخ الأكبر العطوف لطلبة الجامعة كافة؛ يقف على مسافة واحدة منهم جميعا، لدرجة أن كلا منهم يشعر وكأنه الأقرب إليه من دون بقية زملائه. واستمر مع بقية زملاء العمل الصديق الوفي لكل منهم.
رحل تاركا إرثا زاخرا لوطنه، وسيرة عطرة، في زمن كان لا يعلو فيه سوى من يبايع بالصوت والكلمة ويفاخر بذلك. لقد فرض المرحوم الدكتور هادي بولقمة احترامه بجده وعمله وعلمه وحسن علاقته ليس بالزاوية مدينته ولا ببنغازي التي عاش بها طويلا بل بليبيا كلها. لم نسمع منه تطبيلا لأحد ولم نر منه تزلفا أو تقربا لأي كان. كانت ليبيا هي غايته. وكان التعليم الجامعي هو رسالته، فنفذها بروح فارس عطوف.. ورجل صادق وأستاذ مؤهل لكل ما تولاه من مناصبها. صعدت روحه إلى بارئها من إحدى مصحات صفاقس يوم 4/10/ 2017، ووسد ثرى الزاوية مسقط رأسه في اليوم التالي.