فَزِعٌ مما لا يحدث لي .. من شجرةٍ تخبئ لي في بطنها تابوتاً أنيقاً ومن رجلٍ ستصادفينه في المصعد بعد أسبوعين (وقد يُعجبكْ)!... فَزِعٌ من الليل ينتظرني في فِراشي كعتمةٍ مسنونةٍ .. فزعٌ من نواياي أنا ومما يمكرُ لي فمك! .. فزِعٌ مما يُبيّتُ لي غيابك من قُبلةٍ لم تُكمليها فَزِعٌ من ضحكاتنا ومن شرّ هذا "الضحك"!
فزِعً من عطلتك الأسبوعية تقضينها في قراءة شعراء أجمل مني!! من قميصك الأزرق الفضوليّ: يظلّ يراقبُ ما يدور بخاطِرك! .. فزِعٌ من اليقظةِ، من النومِ، من الماءِ من الملائكة يدخلون الى بيتي خفافا ويخرجون يجرجرون أجنحتهم من ثقل الأوزار! .. فَزِعٌ حتى أن أذهب إلى "المطبخ"! .. فزِعٌ أن تزعجك الإشارة الضوئية في الطريق أن تنامي من دون حكايتي من دون قهوتي ونعاسي وأغان نعيد توزيعها .. فَزِعٌ أن تستطيعي!!..
فزِعٌ أن ألتقي بأبي على باب القيامة فلا أعرفُ اللهجة الدارجة أن يداهمني الشتاء بعيداً عن بيتنا وان أموت بين طائرتين ... فزعُ أن يجفّ الماء في فمي حين أصير غريباً تنادينني:
"أيها السيد سقطت حقيبتك الصغيرة"! فزِعٌ أنك لا تعرفين: تلك فيها صورك وفرشاة أسنانك ويسيل منها على الأرض خيطٌ رفيعٌ: كلامنا! ..
فزِعٌ أن أصير عادياً مثل كل من قبّلوك يوماً وثنوا أغصانهم في ثيابهم وراحوا .. أن تمرّي بي كما تمرّين بالبقّال ونشرة الأخبار .. وأن أصير "صديقا خفيف الدم" !! فزعٌ ان لا تندلق قهوتك على ركبتك إن سال صوتي من الهاتف! أن تأتيك مواسم الخصب فلا تُقلّبين اسمي كحبّات القهوة على نار البدو! فزِعُ ان أصيرَ كاتبك المفضل! ان أصير "رجلا حنونا أعطاني الكثير"! ..
فزعٌ أن تُصابي بغيري! .. أن أمرّ من تحت بيتك فلا ينبح الكلب الودود! سيجعلني أفكر: صرتُ معتاداً!! لم أعد مدهشاً حتى لكلب الحراسة! فزعٌ أن أطرق الباب فتعرفني الخادمة!!.. فزعٌ أن تعرفيني إن غبتُ يومين متتاليين وألا تندفعي تتفقدي ما نقص من أعضائي في غيابك! ... سيسعدني أن تمتعضي من كثرة الشيب ومن هزالي وشيخوختي سيسعدني ان تقولي: بدأت تكبر! سيسعدني انني أكبرُ كل يوم فلا أصيبُكِ بالسأم! و.. أن تطردي الخادمة فورا إن تَعرّفتْ عليّ!

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  إبراهيم جابر إبراهيم   جريدة الغد