حتى الآن ما زالت شريحة واسعة من المواطنين غير مشمولين بالتأمين الصحي ، ومثل هذا الأمر يؤرق مضاجعهم ، ويجعلهم في خوف دائم من مستقبل الأيام وما تحمله من مفاجآت عند حاجتهم للدخول الى المستشفى ، اوإجراء عملية جراحية لا يقدرون على سداد فواتيرها في القطاع الخاص بعد ان أصبحت مستشفيات القطاع العام غير قادرة على تلبية احتياجات المؤمنين لديها من موظفي الدولة العاملين والمتقاعدين وعائلاتهم.
العديد من شركات التأمين الصحي في القطاع الخاص تتعامل مع المستفيدين من خدماتها بالأسرار والألغاز وعند اضطرار احدهم لإجراء فحوصات مخبرية اواشعاعية يفاجأ بأن هذا النوع من الفحوصات غير مشمول بالتأمين الصحي ، أو أن تلك الصورة تحتاج الى موافقة شركة التأمين الصحي والتي في احيان كثيرة ترفض الموافقة عليها بخاصة اذا كانت صورة طبقية على سبيل المثال.
وحتى لو أصيب المريض المشمول بالتأمين الصحي في القطاع الخاص بنوبة قلبية اواضطر الى اجراء عملية جراحية فإنه سيواجه العديد من العقبات الأخرى ، بخاصة في ما لو كان الطبيب المعتمد غير موجود وانه سيتم طلب طبيب آخر فإن المريض سيتحمل مبلغا اضافيا قد يصل الى ألفي دينار ، كما ان شركة التأمين تفرض انواعا رخيصة من شبكات القلب محدودة الاستعمال.
وعند صرف الدواء تتدخل شركة التأمين الصحي فتوافق على هذا الدواء وترفض صرف دواء آخر بحجة ان لديه البديل الأردني اوالعربي رغم ان الطبيب الذي طلب الوصفة الطبية يؤكد ان الدواء الذي كتبه لا بديل مماثل له.
فأي تأمين صحي هذا الذي يجعل المريض يستجدي من الشركة الموافقة على صرف الدواء او الدخول الى المستشفى في الوقت الذي يجب ان يكون هذا الأمر من صلاحيات الطبيب المعالج فقط والذي تعتمده الشركة بعد أن يكون قد حفظ تعليماتها ووافق على كل الشروط التي وضعتها في حين لا يدخل المريض في دوامة النقاش مع الشركة المؤمنة اومع الصيدلي اوالمختبر.
في بعض الأحيان تذهب معظم المبالغ في شركة التأمين الصحي لتغطية تكاليف الخدمة الفندقية لمرضى الدرجة الأولى في المستشفى والفارق في أجرة غرفة (السويت) اوالدرجة الأولى أوالخاصة يعد كبيرا مقارنة مع غيرها والأمر يتطلب اعتماد مبلغ معين للغرفة وحسب درجة التأمين ، وأية خدمات فندقية أوتغيير في وجبات الطعام المعتادة يجب أن يتحملها المريض وليس التأمين الصحي ، كما يقوم المريض بدفع الفارق إذ أن أجرة الطبيب والعملية والخدمات الأخرى تزداد مع درجة كل غرفة وهذا من شأنه تحميل التأمين الصحي العبء الزائد ومن خلال ذلك فإن الشريحة الواسعة من المؤمنين صحيا في الدرجتين الثالثة والثانية هم الذين يغطون تكاليف مرضى الدرجة الأولى لأن فارق قسط التأمين الصحي بينهم يبقى محدودا.
ومؤخرا خرجت علينا العديد من الشركات التجارية التي بدأت ببيع بطاقات تأمين صحي بمبالغ تتراوح من 20 الى 50 دينارا مقابل حسومات تزيد على 50 % عند مراجعة الأطباء اوالمستشفيات اوالمختبرات و بعض هذه الشركات احترفت النصب والاحتيال إذ أن معظم الأطباء المعتمدين لديها يقرون بأنهم غير معنيين بهذا الأمر ولا يقومون بإجراء أية حسومات في حين أن الشركات الملتزمة أثارت حفيظة نقابة الأطباء بحجة أن الأطباء يجرون حسومات تقل عن الحد الأدنى للأجور التي حددتها النقابة.
إن ملف التأمين الصحي في القطاع الخاص يجب ان يكون محط اهتمام وزارتي الصحة والصناعة والتجارة وما زلنا على أمل أن تتم الموافقة على مشروع التأمين الصحي في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي لأنه سيوفر الخدمة لحوالي مليون إنسان.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة أحمد جميل شاكر جريدة الدستور