استغرب ان تكون هناك اصوات من الوسط الطبي تبدي احتجاجا على التوجه لإقرار قانون للمساءلة الطبية في وقت نعرف فيه ان معظم الدول المتقدمة لديها مثل هذه القوانين منذ سنوات طويلة، لأن من شأن وجود قانون للمساءلة الطبية لدينا ان يجذب اعدادا كبيرة من المرضى بخاصة من الدول الاجنبية، والذي تعده اساسا لإبرام اي اتفاق للمعالجة في المستشفيات الاردنية.
لقد كنت أتمنى أن تقوم نقابة الأطباء الأردنيين بدور فعال في مجال المساءلة الطبية ومحاسبة الأطباء الذين يرتكبون أخطاء طبية قاتلة أو خطيرة أو غير مألوفة، وأن يتم ذلك داخل البيت الطبي.
حتى الآن لم يكسب أي مواطن أية قضية رفعها في المحاكم ضد أي طبيب أو مستشفى، لأن الأمر يتطلب آراء ثلاثة من أطباء الاختصاص في المجال الذي يعتقد أن الطبيب قد أخطأ فيه.
يتحدث بعض الأطباء فيما بينهم، وأمام مرضاهم، عن الأخطاء الطبية لكنهم يرفضون الحديث بها أمام القضاء ويعتبرون ذلك من صميم أسرار المهنة، وأنه لا يجوز نشر «الغسيل»، تحت أي مسمى من المسميات، حتى ولو كان الأمر يتعلق بحياة انسان، أو إصابته باعاقة دائمة.
لم نسمع أن نقابة الأطباء قامت بالتعويض عن أية أضرار لحقت بأي مريض، أو أنها قامت بتسديد أي فاتورة عنه، أو حتى مجرد المحاولة في اصلاح ما يمكن اصلاحه.
لا حاجة لسرد القصص عن أخطاء طبية، مثل تشوهات الأطفال عند الولادة، بسبب خطأ طبيب، أو نقص في الأكسجين، أو زيادة في كميات التخدير للكبار أو الصغار، أو أي خلل عند اجراء عملية جراحية، أو اعطاء دواء يفضي الى الموت أو العاهة الدائمة، لكن النقابة في الغالب لا تحرك ساكنا، حتى ولو أنها تلقت شكوى مباشرة من المريض أو أحد أفراد عائلته، ونتساءل عن حجم القضايا التي تلقتها النقابة والإجراء الذي اتخذ بحق كل طبيب تمت الشكوى عليه، وكم شخص أوقف عن العمل كاجراء تأديبي؟.
في العديد من الدول توجد لجان فنية في نقابات الأطباء، مهمتها رفع سوية المهنة، والتأكد من كفاءة المستشفيات، ومتابعة أية ملاحظة أو شكوى بحق أي طبيب أو ممرضة، وتصدر قراراتها بكل حيادية وشفافية، وتضم بالعادة كبار الأطباء، أو نقباء الأطباء، أو وزراء الصحة السابقين.
الحل الأمثل ما زال يكمن في اخراج قانون عصري، للمساءلة الطبية، وأن تشارك في وضعه جهات عديدة من بينها نقابات الأطباء، والصيادلة والممرضات، وجمعية حماية المستهلك، وعمداء كليات الطب في الجامعات الأردنية، وجمعية المستشفيات الخاصة، ومديرو المستشفيات الحكومية الكبرى، وهيئة تنظيم قطاع التأمين، والتي نأمل أن تلزم الأطباء بضرورة الحصول على تأهيل مستمر، وتجديد رخصة العمل مرة كل أربع سنوات.
نحن نتمتع والحمد لله بسمعة طبية عالية، وأننا من هذا المنطلق نؤكد أهمية صدور هذا القانون بالسرعة الممكنة.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة أحمد جميل شاكر جريدة الدستور