العوالق plankton مجموعة من النباتات، والحيوانات المائية التي لاترتبط مباشرة مع القاع ولاترتكز عليه، بل تسبح ضمن عمود الماء من دون أن تقاوم حركة التيارات المائية، على الرغم من امتلاكها بعض أعضاء الحركة التي تساعدها على حركة محدودة، وتمكِّنها من الطفو أفضل، وتحول دون سقوطها إلى القاع تحت تأثير الجاذبية الأرضية، ويسمى العلم الذي يهتم بدراستها planktonology. وبهذا تتميز من مجموعة أخرى تشاركها في العمود المائي هي السابحات nekton التي تملك أعضاء حركية تمكِّنها من السباحة ومقاومة التيارات المائية، مثل بعض القشريات الكبيرة والأسماك والدلافين والحيتان وغيرها. وهي تتغذى بالعوالق، لذا هي من آكلات العوالق planktonophagous.
 
وتختلف العوالق أيضاً عن مجموعة القاعيات benthos؛ التي تعيش قرب القاع زاحفة أو متثبتة على الصخور أو النباتات المغمورة بالماء، أو تعيش ضمن رمال القاع وطينه.
 
وكان أول من استخدم هذا التعبير هو هنسن Hensen عام 1887. ويعود أصل هذه التسمية إلى الكلمة اليونانية plana، وتعني الحيوانات الهائمة أو الطافية، وكانت تشمل كل الأنواع الموجودة في الماء سابحة أو عالقة. 
 
دراسة العوالق:
 
 
 
بعض الشِّباك المستخدمة في جمع عينات العوالق
 
تُدْرَس العوالق بعد جمعها باستعمال أنواع مختلفة من الشِّباك، توضع العينات في محلول من الكحول بتركيز 7%، ثم تنقل إلى المختبر لدراستها تحت المجهر أو المكبِّرة وذلك بحسب حجمها.
 
أنواع العوالق:
 
تُميَّز من العوالق مجموعتان:
 
العوالق النباتية phytoplankton: وهي نباتات وحيدة الخلية أو تتألف من تجمُّعات خلايا عدة تكوّن مستعمرات صغيرة، تعتمد في غذائها على عملية التركيب الضوئي، وهي لذلك تعيش قرب سطح الماء في أعماق لاتزيد عن10ـ 15متراً في المحيطات، بينما توجد في الأماكن الأكثر عمقاً أنواع تعتمد على عملية التركيب الكيميائي للغذاء بعيداً عن الضوء، وفي هذه الحال تحوي خلاياها صانعات ملونة، لذا يميز من العوالق النباتية، وخاصة في البحار: الطحالب الخضر، والطحالب الصفر التي تصنف ضمن السوطيات النباتية[ر]، والمشطورات Diatomae (وهي وحيدات خلية نباتية صغيرة ذات قشيرة سميكة ولا تملك أي عضيَّات حركة)، بينما تنتشر في المياه العذبة الطحالب الخضر وعدد قليل من أنواع الطحالب الصُّفر، وهناك أيضاً الطحالب الزرق مع أنها تعدّ من الخلايا عديمات النوى، إذ لايحيط مكونات نواتها غشاء نووي. نماذج من هذا النوع من العوالق.
 
 
 
مجموعة من أكثر العوالق النباتية انتشاراً
 
توجد العوالق النباتية بغزارة عالية جداً في المياه العذبة في فصل الربيع، بينما تكون متوافرة بالغزارة نفسها على مدار العام في البحار والمحيطات.  وتؤثر الملوثات في تلك الغزارة، فهي إما أن تزيد نموها زيادة مفرطة مما يؤدي إلى تشكل طبقة سميكة من الطحالب، تمنع وصول الضوء والأكسجين إلى الأعماق ، أو على العكس تؤدي الملوِّثات إلى خفض عددها أو موتها ومن ثمّ موت الأحياء، التي تعتمد عليها في الغذاء، ومن تلك الملوثات الفضلات العضوية الناتجة من النشاط البشري والنفط والملوثات الكيميائية الأخرى كالمواد المشعة والمعادن الثقيلة.
 
العوالق الحيوانية zooplankton: تعد الحيوانات المائية من العوالق الحيوانية إذا كانت تتمتع بصفة العوالق (عجزها عن مقاومة التيارات المائية والتكيُّف مع حياة الطفو)، وهي تقسم إلى:
 
ـ العوالق الدائمة holoplankton: التي تكون طافية في جميع مراحل حياتها، ومنها بعض المجموعات من وحيدات الخلية الحيوانية، وتتمثل بأنواع من السوطيات[ر] والهدبيات، وبعض المُنَخْرَبات[ر] وجميع أنواع الشعاعيات[ر] ومن كثيرات الخلايا تكوّن الدوارات نسبة كبيرة من العوالق الحيوانية. وتكون مدوزات معائيات الجوف (اللاسعات)[ر]، والقشريات[ر] بأنواعها، النصيب الأكبر من هذه المجموعة.
 
ـ العوالق المؤقتة meroplankton: وهي الأنواع التي تعيش جزءاً من مراحل حياتها عوالق، مثل مدوزات الأنواع المتثبتة من اللاسعات كالمرجان، ويرقات كل من الديدان الحلقية، والرخويات، وشوكيات الجلد، وغيرها من اللافقاريات، إضافة إلى يرقات البرمائيات والأسماك من الفقاريات.
 
تنتشر العوالق الحيوانية على امتداد عمود الماء من السطح إلى الأعماق السحيقة، حيث وجدت الشعاعيات على عمق 5000 متر.
 
 
بعض أنواع العوالق النباتية والحيوانية في المياه العذبة
 
ثمة عوامل بيئية مختلفة تؤثر في غزارتها في المياه العذبة، مثل درجة الحرارة وكمية الغذاء والأكسجين ودرجة الحموضة pH ...، بينما تؤثر في غزارة العوالق في البحار كمية الغذاء فقط، وتربطها مع بقية الأنواع علاقات غذائية معقدة تَحْكمها قواعد السلسلة الغذائية وتكيُّفها مع الظروف البيئية المختلفة.
 
 
أهميتها في السلسلة الغذائية: بما أن العوالق النباتية تقع في المستوى الغذائي الأول من السلسلة في النظام البيئي، وتليها في المستوى الثاني مجموعة العوالق الحيوانية العاشبة التي تتغذى بها، ثم في المستوى الثالث والمستوى الرابع تقع العوالق الحيوانية اللاحمة التي هي صلة الوصل بين المرحلة الإنتاجية الأولى وبقية المراحل في السلسلة الغذائية، في حين تكون العوالق الحيوانية مصدراً مهمّاً من مصادر الغذاء في الأوساط المائية لعدد كبير من الحيوانات ومن المجموعات التصنيفية المختلفة، إذ تعدّ الحيتان من أضخم الأحياء التي تُصَفّي كمية هائلة من العوالق الحيوانية في المحيطات، إضافة إلى مجموعة كبيرة من الأنواع المتثبتة على القاع، التي تعتمد في غذائها على تصفية العوالق أيضاً (الشكل4). حتى عندما تموت العوالق بكميات كبيرة، تسقط أجسامها نحو القاع وتكوّن طبقات من المواد العضوية التي تتفكك وتتحلل، لتصبح موادَّ تتغذى بها الأنواع القاعية.
 
إن دراسة العوالق في الأوساط المائية، ذات أهمية كبيرة، لأنها تعطي معلومات دقيقة عن إنتاجية المادة الحية في الأنظمة البيئية المائية، وكمية الأكسجين المنحلة في الماء، وهي تساعد على تقييم مستوى التلوث بالمواد العضوية والكيميائية فيها.
 

المراجع

موسوعة الأبحاث العلمية

التصانيف

الأبحاث