تلقى أحمد حلمي عبد الباقي علومه الأولية في نابلس، ثم تابع دراسته في إستانبول، وعاد إلى نابلس للعمل في المصرف الزراعي هناك، ثم أصبح محاسباً ومديراً لأملاك الدولة في لوائي الديوانية والعمارة في العراق.
شارك في العمارة في حركة متطوعي أبناء العشائر العراقية لمحاربة القوات البريطانية الغازية إلى جانب الجيش العثماني في أثناء الحرب العالمية الأولى.
كان أحمد حلمي عبد الباقي، بصفته عضواً في جمعية "العربية الفتاة" القوميَة السرَية، من أركان حزب الاستقلال العربي الذي نشأ في دمشق عام 1919 كواجهة سياسية علنية لهذه الجمعية. وعُيّن في عام 1919- 1920 مديراً عاماً لوزارة المالية في حكومة الأمير فيصل بن الحسين في دمشق.
نزح أحمد حلمي عام 1922 إلى شرق الاردن، حيث عُيّن مشاوراً للمالية، واختاره الملك حسين بن علي، عاهل الحجاز، ناظراً للخط الحديدي الحجازي ومنحه لقب باشا.
وبعد اندلاع الثورة السورية في عام 1925 ضد الاحتلال الفرنسي، شارك أحمد حلمي في عضوية "اللجنة المركزية لإعانة منكوبي سورية".
نفته السلطات الإنكليزية إلى الحجاز بتهمة التحريض على مقاومة الانتداب الفرنسي على سورية. غادر بعدها إلى القاهرة، ثم توجه في عام 1926 إلى فلسطين بدعوة من رئيس المجلس الاسلامي الأعلى الحاج أمين الحسيني، حيث عُيّن مراقباً عاماً للأوقاف الاسلامية.
شارك أحمد حلمي عبد الباقي، من ضمن مندوبي القدس، في المؤتمر الإسلامي للدفاع عن حائط البراق والأماكن الإسلامية المقدسة، والذي عقد في خريف عام 1928. كما كان عضواً في "اللجنة المركزية لإعانة المنكوبين" التي شكّلها المجلس الإسلامي الأعلى عقب "ثورة البراق" في آب/ أغسطس 1929.
استقال أحمد حلمي عبد الباقي من عمله في عام 1930 حين أصبح مديراً عاماً لـ "البنك العربي" الذي أسسه مع عبد الحميد شومان. ثم أسس "البنك الزراعي" لإمداد الفلاحين بالقروض الزراعية، و"بنك الأمة العربي" و"صندوق الأمة" لإنقاذ الأراضي العربية المهددة باستيلاء الصهيونيين عليها. كما أسس مشروع الدونم الذي كان يهدف إلى تملك كل فلسطيني دونماً من الأرض في المواقع التي تتعرض أراضيها لخطر الاستيلاء الصهيوني عليها.
شارك أحمد حلمي في المؤتمر الإسلامي العام الذي عقد في القدس، في كانون الأول/ ديسمبر 1931، بصفته أمين مال المؤتمر ومقرر لجنة السكة الحجازية في المؤتمر.
اختير أحمد حلمي رئيساً فخرياً للغرفة التجارية في القدس وللجمعية الخيرية الصلاحية التي أنشأت معهد أبناء الأمة لإيواء أبناء الشهداء.
ترأس شركة مساهمة وطنية باسم "شركة المعرض" أقامت في تموز/ يوليو 1933 معرضاً صناعياً عربياً في القدس، اشترك فيه صناعيون من معظم الأقطار العربية، وذلك رداً على المعرض الذي أقامته الحركة الصهيونية في آذار/ مارس 1932.
وفي عام 1936، اختير أحمد حلمي عبد الباقي عضواً في اللجنة العربية العليا. وما إن قُتل المستر لويس اندروز، حاكم لواء الجليل، في عام 1937 حتى سارعت سلطات الانتداب إلى نفي أحمد حلمي مع زملاء له من أعضاء اللجنة إلى جزيرة سيشيل، في المحيط الهندي، ثم عادت وأطلقت سراحهم في العام التالي.
شارك أحمد حلمي عبد الباقي في عضوية الوفد الفلسطيني إلى مؤتمر المائدة المستديرة في لندن في شباط/ فبراير 1939.
أقام في لبنان في السنوات الأولى للحرب العالمية الثانية، بعد أن منعته السلطات البريطانية، مع عدد من السياسيين الفلسطينيين، من دخول فلسطين.
بعد عودته إلى فلسطين في نهاية عام 1942، شارك أحمد حلمي عبد الباقي في المساعي الهادفة إلى إعادة تأليف لجنة سياسية مسؤولة لقيادة الحركة الوطنية، إلا أن تلك المساعي باءت بالفشل.
اختير أحمد حلمي في "الهيئة العربية العليا" التي ألّفها مجلس جامعة الدول العربية في بلودان في حزيران/ يونيو 1946، وصمد وحيداً من بين سائر زملائه في قيادة الدفاع عن مدينة القدس في وجه الهجمات الصهيونية في إثر صدور قرار تقسيم فلسطين عن هيئة الأمم عام 1947. وفي 16 حزيران 1948، عيّنه الملك عبد الله حاكماً عسكرياً على القدس.
عيَنه مجلس جامعة الدول العربية رئيساً لـ "حكومة عموم فلسطين" التي أُعلن تشكيلها في غزة في أواخر أيلول/سبتمبر 1948، وصار يشارك بصفته هذه في اجتماعات جامعة الدول العربية في القاهرة حتى وفاته.
أحمد حلمي عبد الباقي أرناؤطي الأصل، تركي النشأة، عروبي الهوى وفلسطيني الولاء والإيمان، ومن أبرز رجالات فلسطين في المجال الاقتصادي والتجاري والمصرفي والاجتماعي والزراعي معاً، تميّز فيها جميعاً بالسبق والريادة والمبادرة في إنشاء الشركات والمصارف والصناديق الخاصّة، فضلاً عن نشاطه السياسي الوطني القويم المترفّع عن الحزبيات، وزهده واعتصامه بحبل الدين وشجاعته ونخوته وصفاء سريرته.
توفي في سوق الغرب في لبنان، ونقل جثمانه إلى القدس حيث دُفن في ساحة الحرم الشريف.
آثاره:
قرض أحمد حلمي عبد الباقي الشعر، وصدر له:
"ديواني"، إعداد وتقديم إبراهيم نصر الله. بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2002.