عمرو بن عامر من الأزد، من كهلان: يلقب "مزيقياء و الملطوم" ، ملك جاهلي من اليمن ، من التبابعة. أبرز ملك بمأرب. واللذي من نسله الان الدواسر كان له تحت " السدّ " من الحدائق ما لا يحاط به، وكانت الجارية تسير من بيتها وعلى رأسها مكتل فيمتلئ فاكهة من غير أن تلمس شيئا منها.
كانت له ولآبائه من قبله بادية كهلان (باليمن) تتشارك معهم حِمْير، ثم استقلوا بالملك من بعد حمير. ضعفت الدولة في أيامه، فتغلب بدو " كهلان " على أرض سبأ، وعاثوا وأفسدوا، فذهب الحفظة القائمون بصيانة " السدّ " بمأرب، وأهمل أمره فخرب، وبدأت هجرة الأزد من تلك الديار، ورحل مزيقياء بجموع منهم فنزلوا بماء " غسان " ثم انتقلوا إلى " وادي عك " وفيه مرض مزيقياء وتوفي.
بعد وفاته تفرق بني مزيقياء، فكان منهم أزد مازن الدواسر وملوك " غسان " بالشام، و" شنوءة " نزلوا بجبال السراة، والأنصار نزلوا يثرب، وبارق وألمع نزلوا تهامة، وآخرون نزلوا بمكة وهي تهامة وغيرها.
قال عمرو بن حرام جدّ حسّان بن ثابت:(( ورثنا من البهلول عمرو بن عامر وحارثة الغطريف، مجدا مؤثلا ))
نسبه
عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
وصيته لأولاده
وحدّثني علي بن محمد، عن جده الدعبل بن علي أن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس لما حضره الموت جمع بنيه وقومه فخطبهم وأوصاهم - وكان قد قضى من العمر ثمانمئة سنة، منها أربعمائة سنة سيداً شريفاً، وأربعمئة ملكاً مملكاً - فقال لهم: قد أسمعكم الداعي ونفذ فيكم البصر ولزمتكم الحجة، وانتهى بكم الأمر إلى حد الرجاء، ومرجو حسن القضاء، فليس أحد أعظم في خلقه رزية ولا في أمره بلية ممن ضيّع اليقين وغره الأمل، وإنما البقاء بعد الفناء. وقد ورثنا من كان قبلنا وسيرثنا من يكون بعدنا، وقد حان الرحيل من محل زائل وظل مائل، ألا وقد تقارب سبب فاحش وخطب جليل فاستصلحوا ما تقدمون عليه، وارضوا بالباقي خلفاً من الفاني سلفاً، وأجملوا في طلب الرزق، واحتملوا المصائب بأحسن الاحتساب تستجلبوا النعماء. واستديموا الكرامة بالشكر قبل العجلة إلى النقلة وانتقال النعم ودول الأيام وتصرف الحالات، فإنما أنتم فيها أهل للمصائب وطريق للمعاطب، فاتنهوا، ودعوا المذاهب في هذه الغرّارة الضرّارة أهلها، في كل يوم لهم جرعة شرق، ومع كل أكلة غصص. ولن تنالوا فيها نعمة إلا بفراق أخرى، فأنتم الخلف بعد السلف، تفنيكم الدهور والأيام، وأنم أعوان الحتوف، وعلى أنفسكم وفي معاشكم أسباب مناياكم، لا يمنعكم شيء منها، ولا يغنيكم شيء عنها. في كل سبب منكم صريع ومعترف. وهذان الليل والنهار لم يرفعا شيئاً إلا وضعاه، وهما جديران بتفريق ما جمعاه. أيها الناس اطلبوا الخير ووليه واتركوا الشر ووليه، واعلموا أن خيراً من الخير عامله، وأن شراً من الشر فاعله. ثم التفت إلى بنيه وارتجل يقول:
تجدَّدَ لحمي يا بنيَّ وأقشع تْسحائِبُ جهليْ واسترحتُ عن العذلِ
وودَّعتُ إخوانِي الشَّبَاب وغرَّنِي غوايَ وعرَّيتُ المطيَّة من رحْلِ
وأصبَحتُ أخطُو أسبُرُ الأرضَ بالخُط ادبيباً كما يَخطُو المُقيَّد بالغلِّ
وقدْ كُنتُ غَضَّاً في الشَّبابِ وعيشهِ كَلَدنٍ من الخَطِّي أو مُرهَفٍ نصل
أجدُّ وأُمضِيْ في الأمورِ إذا دحت قوَادحُها بالعَزمِ والجِدِّ لا الهزلِ
فلمَّا رأيتُ الدَّهرَ ينقُضُ مِرَّتي كما انتقضتْ بعدَ القُوَى مِرَّةُ الحبلِ
فَزِعتُ إليكُمْ بالوصَّيةِ فاحفظُوا وصاتِي وبادرتُ التَّغيُّر مِنْ عَقلِيْ
بنيَّ حلبتُ الدَّهرَ بالدَّهرِ بُرهةً وذُقتُ بِهِ طَعمَ الممرِّ مِنَ المُحلِيْ
وقايستُ أخلاقَ الرِّجالِ فلم أجِدْ لذي شرفٍ فيها عُلُوّاً مع البُخلِ
لمْ أرَ مثلَ الجُودِ داعٍ إلى العُلا ولا كالنَّدى داعٍ إلى شرفٍ معلي
وقُدتُ جيادَ الخيلِ من سدِّ مأربٍ إلى يثربِ الآطامِ والحرث والنّسل
وأدركتُ رُوحَ اللهِ عيسى بنَ مريمٍ ولستُ لعمرُ اللهِ إذ ذاكَ بالطِّفلِ
وإِنْ قامَ مِنكُمْ قائِمٌ فاسمعُوا لهُولا تخذُلُوهُ إنَّما الذُّلُ في الخذلِ
وكُونُوا لهُ حِصناً حصيناً ومعقِلاً منيعاً وأبلُوا يا بنيَّ مع المُبلِي
فكُونُوا أمامَ العالمينَ بضربكُمْ وقومكمُ حدَّ الأسِنَّةِ والنَّبلِ
وإنْ كانَ من يَسعَى إلى الحربِ فاركبُوا صُدُورَ القَنَا بالخيلِ مِنهَا وبالرَّحْلِ
ومُوتُوا كِرَاماً بالقواضِبَ والقَنَا وما خيرُ موتٍ لا يكونُ من القَتلِ
وعافُوا المَنَايا بالضَّنا إنَّ في الضَّنا لخبلاً لِمنْ يَضنى يَزِيدُ على الخَبلِ.
المراجع
areq.net
التصانيف
جاهليون المزيقياء التاريخ ملوك اليمن