البرامكة

 كان البرامكة من المقرّبين جداً من هارون الرشيد؛ حتى إنّ يحيى بن خالد بن برمك هو من قام برعاية هارون الرشيد في صغره ، وكان لا يناديه إلّا بقول: يا أبي، فعندما تولّى هارون الرشيد الخلافة، وامتلك زمام الأمور في الدولة، عيّن يحيى على وزارته، وقال له: (قلدتّك أمر الرعية، وأخرجته من حقي إليك، فاحكم في ذلك بما ترى من الصواب، واستعمل من رأيت، وأعزل من رأيت)، فهو تفويضٌ كاملٌ له للقيام بأمورالدولة أحسن قيامٍ، حتى كان لقبهم زهرة الدولة العباسية؛ لما كان من حُسن قيادتهم للجيش، وتدبيرهم لأمور الدولة،  وحدث أن تبدل الحال بين هارون الرشيد والبرامكة، ممّا أدى إلى حدوث ما يُسمّى بنكبة البرامكة، ممّا دفع المؤرّخين إلى تأليف الإشاعات، فمنهم من قال ببراءة للبرامكة، وأنّ سبب النزاع كان نزوة غضبٍ من هارون الرشيد، ومنهم من افترى قصصاً غير حقيقة ولا أصل لها.

أسباب نكبة البرامكة

أمّا النكبة التي أُطلق عليها اسم نكبة البرامكة، فالسبب فيها يرجع  إلى أنّ البرامكة في زمن هارون الرشيد غرّهم ما كان لهم من نُفوذٍ وسلطةٍ، حتى ذكر الجهشياري عدداً من القضايا التي ذكرها الرشيد ليحيى، وكلّ سببٍ منها كافٍ لإبعادهم، والتخلّص منهم، وقد ذكر ابن خلدون في مقدمته نكبة البرامكة قائلاً: (وإنّما نكب البرامكة ما كان من استبدادهم على الدولة، واحتجابهم أموال الجباية، حتى كان الرشيد يطلب اليسير من المال فلا يصل إليه، فغلبوه على أمره، وشاركوه في سلطانه، ولم يكن له معهم تصرفٍ في أمور ملكه)، لم يغفل الرشيد عن استبداد البرامكة، ولكنّه أراد أن يحفظ الودّ الذي كان بينه وبينهم، ولكنّهم تمادوا، وقام جعفر بن يحيى بمحاولة إيقاع العداوة بين وليي عهد الرشيد؛ الأمين والمأمون، حتى يزرع في قلوبهم حُب السيطرة ممّا يؤدي إلى أن يكون الحُكم سبباً لعداوتهم، وقام بمنع الرشيد من المال بحجّة حفظ مال المسلمين، حتى وصل به الحال إلى أن يحاسب الرشيد على ما يقوم به، وكان الرشيد بارعاً في كظم غيظه، ورغم عدم قبوله لما يحدث؛ لم يكن يحدّث إلّا خاصته، ولكن حديثه عن البرامكة وصل إليهم، فقاموا بعدّة تدابيرٍ لحماية أنفسهم، فقام والي الجانب الشرقي الفضل بن يحيى بجعل خُراسان مقرّاً له، وأعدّ جيشاً يتألف من خمسمئة ألف جنديٍّ، فلمّا وصل خبر الجيش إلى الرشيد، أمر الفضل بالقدوم إليه، فجاء الفضل ومعه فرقةً من الجيش أطلق عليها اسم: الكرمينية؛ لحمايته، والعودة إلى بغداد، ولكنّ البرامكة قاموا بإدخال هذه الفرقة إلى بغداد، ثمّ إلى القَصر؛ بحجّة حماية الرّشيد وأهله؛ حتى يجعلوا نهايته بين أيديهم، فأحسّ الرشيد أنّه يواجه انقلاباً عسكرياً، يُوشك أن ينهي مُلكه ومملكته، وقد نقل قول جعفر البرمكي لأحد أخصّاء الرشيد على إثر عتاب وجهه إليه: (ووالله لئن كلّفنا الرشيد بما لا نحب، ليكوننّ وبالاً عليه سريعاً)، وكان الرشيد صاحب إيمانٍ ورجولةٍ عندما قرّر القضاء على الانقلاب، وبرع في التخطيط لذلك.



المراجع

mawdoo3.com

التصانيف

أسر  أسر حاكمة مسلمة  أشخاص دخلوا في الإسلام  شخصيات من ألف ليلة وليلة  عباسيون  عراقيون من أصل إيراني  فرس   العلوم الاجتماعية   التاريخ