إنّ النضيرة َ ربة َ الخدرِ |
أسرتْ إليكَ، ولم تكنْ تسري |
فوقفتُ بالبيداءِ أسألها: |
أنى اهتديتِ لمنزلِ السفرِ |
والعيسُ قدْ رفضتْ أزمتها، |
مما يرونَ بها منَ الفترِ |
وَعَلَتْ مَسَاوِئُهَا مَحاسِنَها، |
مِمّا أضَرّ بِها مِنَ الضُّمْرِ |
كنا إذا ركدَ النهارَ لنا، |
نَغْتَالُهُ بِنَجَائِبٍ صُعْرِ |
عوجٍ، نواجٍ، يعتلينَ بنا، |
يُعْفِينَ دونَ النَّصّ، والزَّجْرِ |
مستقبلاتٍ كلَّ هاجرة ٍ، |
يَنْفَحْنَ في حَلَقٍ مِنَ الصُّفْرِ |
ومناخها في كلّ منزلة ٍ، |
كمبيتِ جونيّ القطا الكدرِ |
وسما على عودٍ، فعارضنا |
حِرْبَاؤها، أوْ هَمَّ بِالخَطْرِ |
وَتَكَلُّفي اليَوْمَ الطّويلَ وقَدْ |
صرتْ جنادبهُ منَ الظهرِ |
والليلة َ الظلماءَ أدلجها |
بالقَوْمِ في الدّيْمومَة ِ القَفْرِ |
يَنْعى الصَّدَى فيها أخاهُ كما |
يَنْعَى المُفجَّعُ صَاحِبَ القَبْرِ |
وتحولُ دونَ لكفّ ظلمتها، |
حتى تشقّ على الذي يسري |
وَلَقَدْ أرَيْتُ الرَّكبَ أهْلَهُمُ، |
وَهَدَيْتُهُمْ بمَهَامِهٍ غُبْرِ |
وَبَذلْتُ ذا رَحْلي، وكنتُ بِهِ |
سَمْحاً لَهُمْ في العُسْرِ واليُسْرِ |
فإذا الحوادثُ ما تضعضعني، |
وَلا يَضِيقُ بِحاجَتي صَدْري |
يُعْيي سِقَاطي مَنْ يُوَازِنُني، |
إنّي لَعَمْرُكَ لَسْتُ بالهَذْرِ |
إنّي أُكارِمُ مَنْ يُكَارِمُني، |
وَعلى المُكاشِحِ ينْتحي ظُفرِي |
لا أسْرِقُ الشُّعَرَاءَ ما نَطَقُوا، |
بَلْ لا يُوَافِقُ شِعْرَهُمْ شِعْري |
إنّي أبَى لي ذَلِكُمْ حَسَبي، |
ومقالة ٌ كمقاطعِ الصخرِ |
وأخي منَ الجنّ البصيرُ، إذا |
حاكَ الكَلامَ بأحْسَنِ الحِبْرِ |
أنَضِيرَ مَا بَيْني وبَيْنَكُمُ |
صرمٌ، وما أحدثتُ منْ هجرِ |
جودي فإنّ الجودَ مكرمة ٌ، |
واجزي الحسامَ ببعضِ ما يفري |
وحَلَفْتُ لا أنْسَاكُمُ أبَداً، |
ما ردّ طرفّ العينِ ذو شفرِ |
وحَلَفْتُ لا أنْسَى حديثَكِ ما |
ذَكَرَ الغَوِيُّ لَذَاذَة الخَمْرِ |
ولأنتِ أحسنُ، إذْ برزتِ لنا، |
يَوْمَ الخُرُوجِ بساحَة ِ القَصْرِ |
منْ درة ٍ أغلى الملوكُ بها، |
مِمّا تَرَبّبَ حَائِرُ البَحْرِ |
ممكورة ُ الساقينِ، شبههما |
بَرْدِيّتَا مُتَحَيِّرٍ غَمْرِ |
تَنْمي كما تَنْمي أرُومَتُها، |
بمحلّ أهلِ المجدِ والفخرِ |
يعتادني شوقٌ، فأذكرها، |
مِنْ غَيْرِ ما نَسَبٍ وَلا صِهْرِ |
كتذكرِ الصادي، وليسَ لهُ |
مَاءٌ بِقُنّة ِ شاهقٍ وَعْرِ |
وَلَقَدْ تُجالِسُني، فَيَمْنَعُني |
ضيقُ الذراعِ، وعلة ُ الخفرِ |
لوْ كنتِ لا تهوينَ لم تردي، |
أو كُنْتِ، مَا تَلْوِينَ في وَكْرِ |
لأتَيْتُهُ، لا بُدّ، طالِبَهُ، |
فاقنيْ حياءكِ، واقبلي عذري |
قلْ للنضيرة ِ إنْ عرضتَ لها: |
لَيْسَ الجَوادُ بِصَاحِبِ النَّزْرِ |
قَوْمي بَنُو النّجّارِ رِفْدُهُمُ |
حسنٌ، وهمْ لي حاضرو النصرِ |
الموتُ دوني لستُ مهتضماً، |
وذوو المكارمِ منْ بني عمرو |
جُرْثُومَة ٌ، عِزٌّ مَعَاقِلُها، |
كانتْ لنا في سالفِ الدهرِ |