محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب هو رسول الله للبشرية كافة ليعيد الناس لتوحيد الله وعبادته على ملة إبراهيم، ويؤمنون بأنه خاتم النبيين والرسل.. عند ذكر اسمه، يُلحِق المسلمون عبارة صلى الله عليه وسلم لما جاء في القرآن والسنة النبوية مما يحثهم على الصلاة عليه، ويزيدها بعضهم صلى الله عليه وآلهإتباعاً لما ورد في عدد من الأحاديث، وكذلك يضيف المسلمون السنة الصلاة على أصحابه أحياناً.
ولد في مكة في شهر ربيع الأول من عام الفيل قبل ثلاث وخمسين سنة من الهجرة (هجرته من مكة إلى المدينة)، ما يوافق سنة 570ميلادياً و52 ق هـ. وبعض المصادر تقول أنه ولد حسب التقويم الميلادي عام 571 م . ولد يتيم الأب وفقد أمه في سن مبكرة فتربى في كنف جده عبد المطلب ثم من بعده عمه أبي طالب حيث ترعرع، وفي تلك الفترة كان يعمل بالرعي ثم عمل بالتجارة. تزوج في سن الخامسة والعشرين من خديجة بنت خويلد وأنجب منها كل ذريته باستثناء إبراهيم. كان حنيفياً قبل الإسلام يعبد الله على ملة إبراهيم ويرفض عبادة الأوثان والممارسات الوثنية. يؤمن المسلمون أن الوحي نزل عليه وكُلّف بالرسالة وهو ذو أربعين سنة، أمر بالدعوة سراً لثلاث سنوات، قضى بعدهن عشر سنوات أخر في مكة مجاهراً بدعوة أهلها وكل من يرد إليها من التجار والحجيج وغيرهم. هاجر إلى المدينة المنورة والمسماة يثرب آنذاك عام 622م وهو في الثالثة والخمسين من عمره بعد أن تآمر عليه سادات قريش ممن عارضوا دعوته وسعوا إلى قتله؛ فعاش فيها عشر سنين أخر داعياً إلى الإسلام، وأسس بها نواة الحضارة الإسلامية، التي توسعت لاحقاً وشملت مكة وكل المدن والقبائل العربية، حيث وحَّد العرب لأول مرة على ديانة توحيدية ودولة موحدة، ودعا لنبذ العنصرية والعصبية القبلية.

مصادر سيرته


كونه شخصية لها تأثير كبير في التاريخ؛ فإن حياة محمد وأعماله وأفكاره قد تم مناقشتها على نطاق واسع من جانب أنصاره وخصومه على مر القرون، وأهم مصادر كتابة سيرته.

القرآن

القرآن والذي يُعتبر أهمّ المصادر لمعرفة سيرة النبي محمد وأوثقها. القرآن مصدر أساسي للمعرفة حول سيرة النبي. وإن كان القرآن لم يتناول كل سيرة محمد باستفاضة، حيث ذكر فيه فقط بعض المواقف والأحداث وبعض صفاته وشمائله في عدة مواضع منه؛ فمثلا اشتملت سورة الأحزاب تفاصيل من سيرة محمد مع أزواجه وأصحابه كما تضمنت تفاصيل كثيرة عن غزوة الأحزاب. بحسب رأي بعض الباحثين، القرآن يستمد منه ملامح حياة محمد، فقد تعرض لنشأته وأخلاقه وكفاحه في دعوته وأهم المعارك التي شارك فيها ومعجزاته، وغيرها من الأحداث والوقائع، وإن كان لم يتعرض لتفاصيل هذه الوقائع بل تعرض لها إجمالاً وذلك للتركيز على العبر والعظات المستخلصة من الأحداث. يقول ألفورد ولش إن « القرآن يستجيب باستمرار وبصراحة في كثير من الأحيان إلى الظروف التاريخية المتغيرة لمحمد ويحتوي على ثروة من البيانات المخفية». ويعد القرآن أقدم وأوثق مصادر السيرة النبوية، فهو يرجع إلى عصر محمد نفسه، كما يتفق المسلمين كافة على مدى العصور على نسخة واحدة منه رغم اختلاف المذاهب والفرق الإسلامية.

كتب السيرة والحديث

يلي القرآن في الأهمية كتب المغازي والسير والطبقات التي كتبت في القرنين الثالث والرابع الهجريين. وتحتوي كتب السير والمغازي بأنواعها على الروايات التاريخية حول حياته وأقوال ومعجزات منسوبة إليه، وتوفر المزيد من المعلومات عن حياته الشخصية. وفقاً لبعض الباحثين، كانت هناك محاولات قديمة لتدوين السيرة النبوية كان من روادها عروة بن الزبير(توفي 92هـ) وأبان بن عثمان(توفي 105هـ)ووهب بن منبه (توفي 110هـ) وغيرهم، لكن أعمالهم بادت واندثرت بسبب سياسة منع تدوين التاريخ التي كانت سائدة في عصور الخلافة الراشدة وأغلب العصر الأموي، وإن روى الطبري بعضها.من ثم يعد أقدم كتب السيرة هو السيرة النبوية لابن إسحاق (توفي 152هـ)، حيث ألف كتاب السيرة النبوية. النسخة الأصلية منه مفقودة، ولكن أعاد كتابتها ابن هشام (توفي 213هـ أو 218هـ) في كتابه تهذيب السيرة الذي جمعه بناء على روايات من شيخه البكائي عن ابن إسحاق، كما اعتمد الطبري (224هـ : 310هـ) على أخبار رويت عن ابن إسحاق بشكل أساسي في الجزء الخاص بالسيرة النبوية من كتابه تاريخ الطبري. مصدر آخر ظهر في وقت مبكر هو المغازي لمحمد بن عمر الواقدي (130 : 207 هـ)، وعمل تلميذه ابن سعد البغدادي (توفي 230 هـ) والمسمى بالطبقات الكبرى. الكثير من الباحثين تعاملوا مع هذه السير كمصدر صحيح، على الرغم من كون دقتها غير مؤكدة. لاحقاً عمل الباحثين على التمييز بين الأساطير والروايات الدسيسة والمكذوبة من جهة والروايات التاريخية البحتة من جهة أخرى.
بالإضافة إلى السير، هناك كتب الحديث وبها روايات عن أقوال وأفعال محمد منقولة عبر سلسلة من الرواة عبر عدة أجيال بعد وفاته. وهي ذات قيمة مقدسة لدى المسلمين فيعتبرونها المصدر الثاني منمصادر التشريع الإسلامي. وظهرت علوم مختلفة للتأكد من وثوقية الحديث لكي يأخذ به المسلمون كمصدر للشريعة. بعض الأكاديميين الغربيين يعتبرون الأحاديث مصدراً دقيقاً للمرويات التاريخية.على سبيل المثال ويلفرد مادلونغ الذي لا يرفض الروايات التي ظهرت في فترات بعيدة زمنياً عن حياة محمد، ولكن يقيمها من خلال تناسقها في السياق التاريخي، وعلى أساس مدى توافقها مع الأحداث والشخصيات. بينما استخدم معظم المؤرخين المسلمين القدامى طريقة السند لتوثيق الروايات سواء في كتب التاريخ والسيرة أو كتب الحديث. وتعتمد تلك الطريقة على نسب كل رواية لراويها ومن رواها عنه وهكذا إلى أن تصل سلسلة السند لشخص كان يعيش في زمن محمد، فتكون الرواية صحيحة إذا كان سندها صحيحا وهو ما يعتمد على ثقة المؤرخ في كل راوٍ من سلسلة الرواة. بداية من القرن الخامس الهجري -تقريباً- توقفت الرواية في السنة والسيرة النبوية بالإسناد حيث صارت المؤلفات تغفل الإسناد، ويرجع المصنفون إلى الكتب والمؤلفات بدلاً من التلقي المباشر من الرواة والشيوخ، وصار الإسناد إلى الكتب والإجازة. على أن التدوين المتفرق للأحاديث قد حصل في فترة الصحابة والتابعين الذين ارتأوا الرخصة في ذلك. من تلك المحاولات -لأهل السنة- صحيفة همام بن منبه تلميذ أبو هريرةوالتي كتبت في منتصف القرن الأول للهجرة، السابع الميلادي؛ واحتوت 114 حديث. الصحيفة الأصلية غير موجودة، لكن نقلها بعض المؤرخين مثل الذهبي عبر سلسلة من الرواة، ويوجد الآن نسخ مخطوطة عنها. ويُعتقد أن بعض الأحاديث الواردة في هذه الصحيفة نقلت كما هي إلى صحيحي البخاري ومسلم. ومن الكتب الشيعية كتاب سليم بن قيس (توفي 76 هـ) وهو تلميذ علي بن أبي طالب، يوجد عدة نسخ منه وهناك اختلاف حول صحة تلك النسخ.
نسخة من كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض في الشمائل، والذي قال عنه علماء المسلمين «لولا الشّفا لما عُرف المصطفى» هناك كذلك أنواع أخرى من المصادر؛ مثل كتب تفسير القرآن وأسباب النزول، ذلك أن رجال الدين الإسلامي يعتمدون على شرح القرآن بشكل أساسي على تفسيرات القرون الإسلامية الأولى، بما في ذلك الآيات التي تتناول حياة محمد. ومن أمثلتها تفسير ابن كثير وتفسير الطبري وتفسير ابن الجوزي..
كذلك كتب الدلائل والشمائل. فكتب دلائل النبوة تحتوي على معجزات محمد التي تدل على نبوته حسب التراث الإسلامي، أما كتب الشمائل فتركز على صفاته وأخلاقياته، وذلك كله بالاستناد إلى أحاديث ومرويات تاريخية مختلفة، مما يكسب هذه الكتب أهمية كبيرة في دراسة حياة محمد. إضافة إلى كتب التاريخ التي تتناول التاريخ بشكل عام وتتطرق إلى السيرة النبوية كتاريخ الطبري وتاريخ ابن خلدونوغيرها.

الشعر العربي المعاصر له

المقصود به هو رد الشعراء المسلمين على أعدائه عندما هوجم وهوجمت رسالته عن طريق شعرائهم فرد المسلمين على ألسنة شعرائهم

مصادر غير عربية

أقدم المصادر اليونانية حول سيرة محمد هو الكاتب ثيوفانس في القرن التاسع الميلادي. وأقدم المصادر السريانية هو كاتب القرن السابع جون بار بينكاي مع وجود خمسة كتبة آخرين لاتزيد فترة ذكرهم للنبي عن ثلاثين عام من وفاته.

خلفية تاريخية


كانت شبه الجزيرة العربية في تلك الفترة في حال غياب سلطة مركزية ؛ فقبيل الإسلام انهارت ثلاث ممالك عربية قديمة هي مملكة حمير (525م) ومملكة الغساسنة (583م) ومملكة المناذرة (609م). وكانت كل واحدة منهم فيما سبق تؤلف دولة تحكم أراضيها وتمد سيطرتها على مناطق أخرى بواسطة قبائل تحكمها بشكل مباشر. ويهدف استتباع هذه القبائل تأمين طرق شبكة التجارة العربية -والتي كانت الشريان الأساسي لاقتصاد الجزيرة العربية - من قطاع الطرق أو إغارة القبائل الأخرى، والتي لم تكن تنظر لهذا للإغارة على غيرها من القبائل والقوافل بأنه جريمة، بل فخر لهم حيث يحصل قاطع الطريق على المال لأهله وعشيرته من قوم لا تربطه بهم صلة دم أو دين. وتشترك هذه الدول مع القبائل التابعة لهافي حروبها وبالمقابل توفر هذه الدولة الحماية للقبائل. فكان سقوط هذه الدول القوية قبيل البعثة إيذانا بحالة من عدم الاستقرار والحروب. وكانت طبيعة الحكم، زمن البعثة، داخل مجتمعات كمكة هو النظام العشائري، حيث يتشارك أعيان العشائر القوية في تلك المدينة بالحكم عبر النقاش، وفي حالة مكة فإن هناك مجلس هو دار الندوة يلتقي فيه الأعيان ويناقشون الأمور الداخلية، مثل فض المنازعات بين الأفراد، والأمور الخارجية مثل الحروب، وعقد الأحلاف، وتنظيم التجارة.
مثل النسب عاملا فاصلا في مكانة الفرد. فمن ولد في عشيرة كثيرة الأنفس، ومنها أعيان المدينة فهو "عزيز" و"منيع" بتعبير ذلك الزمن. أما من كان من عشيرة صغيرة ليس لها أعيانا متبعين وفيهم المشورة فهو "حر" ولكنه ليس عزيزا. وهناك الأحلاف وهم بتعبير اليوم "الوافدون"، فكانت مكانتهم أقل من الأحرار؛ فهم إما خلعاء من عشائرهم الأصلية، أو قدموا للإقامة لأسباب أخرى، ويعرفون كذلك بالموالي. أما العبيد فمكانتهم منحطة لا حقوق لهم ويتم استغلالهم للعمل في الأمور التي يأنف منها اصحاب النسب.
اعتمد اقتصاد شبه الجزيرة العربية في ذلك الوقت على شبكة التجارة العربية القديمة، وبالإضافة إلى نشاطات اقتصادية متعددة، كالزراعة التي ازدهرت في بعض المناطق بالرغم من عدم وجود مجاري مائية دائمة في الجزيرة العربية، فاستعمل العرب قديما السدود وقنوات الري خصوصا في اليمن وشرق الجزيرة العربية ووادي القرى شمال الحجاز والطائف. انتجت تلك المناطق اصنافا من الحبوب والفاكهة. أما الزراعة في الأقسام الأخرى من الجزيرة العربية فاعتمدت على زراعة نخيل التمر بشكل أساسي. اقتصاد مكة كان متينا؛ حيث كانت مركزاً تجارياً ودينياً هاماً نظراً لمرور القوافل التجارية القادمة من الشمال والجنوب بها، وترجع أهميتها الدينية لوجود الكعبة المقدسة فيها، والتي يفد إليها الحجاج طوال العام مما كان يساعد على الازدهار الاقتصادي كذلك..
من الناحية الدينية كانت الوثنية منتشرة في جزيرة العرب، حيث كانوا يعبدون آلهة يمثلونها في أصنام وأحيانا بالأشجار والحجارة والينابيع والآبار. وفضلاً عن كونها مقصد رحلة الحج السنوية، كانت الكعبةفي مكة مصفوف حولها 360 من تماثيل الآلهة المعبودة من قبل القبائل العربية المختلفة. وإلى جانب هذه الآلهة، كان العرب يشتركون في الاعتقاد بالألوهية العليا لله،{بحاجة لمصدر} لكنهم لا يتوجهون إليه بالعبادة أو الطقوس الدينية اليومية{بحاجة لمصدر}. ثلاثة آلهة اعتبرها العرب بنات الله وهن: اللات والعزى ومناة، اعتبرها العرب الوثنيون أعظم الآلهة، وتوجهوا إليهم بالصلوات والعبادات والقرابين. تواجدت أيضاالديانات التوحيدية في المجتمعات العربية بما في ذلك المسيحية واليهودية، وتركز تواجدها عند عرب العراق والشام، وتواجدت كذلك أسقفيات في شرق الجزيرة العربية، مع وجود للمسيحية في وسط الجزيرة العربية؛ إلا أنه لم يكن يضاهي الوثنية المتأصلة هناك. أما في غرب الجزيرة العربية فنجران كانت مركزا مشهورا للمسيحية. الحنفية -وهم جماعة من العرب الموحدين قبل الإسلام على ملة إبراهيم- يصنفوا كذلك إلى جانب اليهود والمسيحيين كموحدين في الجزيرة العربية قبل الإسلام، على الرغم من الخلاف حول وجودهم التاريخي بين بعض الباحثين. ووفقاً للتراث الإسلامي، محمد نفسه كان حنيفياً ويرجع نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم.

نسبه


هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بنمدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وعدنان من ذرية إسماعيل بن إبراهيم، غير أنه لم يحدد عدد ولا أسماء من كانوا بين عدنان وإسماعيل وإن ثبتت الصلة بينهما.
أبوه عبد الله بن عبد المطلب كان أحسن أبناء أبيه وأعفهم وأقربهم إليه، وهو الذبيح، الذي فداه أبوه بمئة من الإبل في الواقعة المعروفة حسب التراث الإسلامي، واختار له أبوه عبد المطلب آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، وتعد يومئذ أفضل امرأة في قريش نسباً وموضعاً، فكان أبوها سيد بني زهرة نسباً وشرفاً، فزوجها له وهو في الخامسة والعشرين.

حياته قبل البعثة


ولادته

منظر كاشف لمكة من على متن جبل النور. لما بلغ عبد الله بن عبد المطلب ثمانية عشرة أو خمسة وعشرين سنة، زوّجه أبوه آمنة بنت وهب من عمّها "وهيب بن عبد مناف" وقد كانت تعيش عنده. فبنى بها عبد الله في مكة فحملت بمحمد، وكانت آمنة تحدّث أنّها حين حملت به أُتِيَت فقيل لها «إنّك قد حملت بسيّد هذه الأمّة، فإذا وقعَ على الأرض فقولي "أعيذه بالواحد من شرِّ كل حاسد"، ثم سمّيه "محمدًا"». ثم لم يلبث أبوه عبد الله حتى خرج إلى الشام للتجارة، فمرّ بالمدينة فأقام عندهم مريضًا شهرًا ثم تُوفي عن عمر خمسة وعشرين عامًا، ودُفن في "دار النابغة" (وهو رجل من بني عدي بن النجار)، وكانت آمنة يومئذٍ حامل بمحمد لشهرين (رأي الجمهور)، تاركًا وراءه خمسة أجمال، وقطعة غنم، وجارية حبشية اسمها "بركة" وكنيتها أم أيمن. وبعد أن بقي محمد في بطن أمه تسعة أشهر كملّاً، وُلد في مكة في شعب أبي طالب،{معلومة 1} في الدار التي صارت تُعرف بدار "ابن يوسف". وتولّت ولادته "الشِّفاء" أم عبد الرحمن بن عوف.
وقد كان مولده يوم الإثنين، 8 ربيع الأول، أو 12 ربيع الأول (المشهور عند أهل السنة)، أو 17 ربيع الأول (المشهور عند الشيعة)، من عام الفيل، بعدما حاول أبرهة الأشرم غزو مكة وهدم الكعبة، قيل بعده بشهر، وقيل بأربعين يومًا، وقيل بخمسين يومًا (وهو المشهور)، ويوافق ذلك 20 أبريل أو 22 أبريلسنة 571 م على الأصحّ (أو 570 وحتى 568 أو 569 حسب بعض الدراسات).
ويُروى بأن محمدًا قد وُلد مختونًا مسرورًا (مقطوع السرّة)، بينما هناك روايات أخرى تؤيد أن عبد المطلب ختنه يوم سابعه وجعل له مأدبة. وكانت أمّه تحدّث أنّها لم تجد حين حملت به ما تجده الحوامل من ثقل ولا وحم، ولمّا وضعته وقع إلى الأرض مستقبل القبلة رافعًا رأسه إلى السماء، مقبوضة أصابع يديه مشيرًا بالسبابة كالمسبّح بها.
مكان ولادة النبي محمد في شعب أبي طالب، وهي الدار التي اشتراها محمد بن يوسف، أخو الحجاج من ورثة عقيل بن أبي طالب الذي كان أخذها حين هاجر محمد إلى المدينة المنورة. ثم جُعلت الدار مسجدًا هُدِم لاحقًا، ثم بُني على أنقاضه "مكتبة مكة المكرمة" عام 1951م. وأنّها رأت حين ولدته كأنّه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام. قالت أمّ عثمان بن أبي العاص «حضرتُ ولادة رسول الله ، فرأيت البيتَ حين وضع قد امتلأ نورًا، ورأيت النجوم تدنو حتى ظننتُ أنها ستقعَ عليّ». وبعدما ولدته أرسلت إلى عبد المطلب تبشّره بحفيده، ففرح به فرحًا شديدًا، ودخل بهالكعبة شاكرًا الله، وقال «ليكوننّ لابني هذا شأن»، واختار له اسم "محمّد" ولم تكن العرب تسمي به آنذاك، إلا ثلاثة طمع آباؤهم حين سمعوا بذكر محمد وبقرب زمانه وأنه يُبعث في تهامة فيكون ولدًا لهم. وقد علمت اليهود آنذاك بولادة محمد، يقول حسان بن ثابت«والله إني لغلام يفعة، ابن سبع سنين أو ثمان، أعقل كل ما سمعت، إذ سمعت يهوديًا يصرخ بأعلى صوته على أطمة بيثرب: يا معشر يهود، حتى إذا اجتمعوا إليه، قالوا له: ويلك ما لك؟ قال: طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به».

نشأته

ولد محمد بمكة، وقد واختلف حول مكان ولادته بمكة بدقة، فهناك من يقول أنه ولد في شعب بني هاشم (بطن من بطون قريش) وهناك من يقول أنه ولد بالرَّدم، وهناك من يقول أنه ولد بعسفان . أما عن يوم المولد فبحسب أهل السنة فإنه ولد يوم الإثنين الثامن أو الثاني عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل، ويوافق ذلك العشرين أو اثنين وعشرين من شهر أبريل سنة 571م (أو 570 وحتى 568 أو 569 حسب بعض الدراسات )، أما المصادر الشيعية فتقول بولادته فجر الجمعة السابع عشر من ربيع الأول من عام الفيل.
مرض أبوه عبد الله بيثرب حيث توفي، قيل ما يقرب من ستة أشهر قبل أن يولد (وهو المشهور عند المؤرخين)، أو بعد ذلك بقليل . والثابت أن آمنة ولدت محمدًا في غياب عبد الله، فأرسلت إلى عبد المطلب تبشره بحفيده ففرح به فرحًا شديدًا، وجاء مستبشرًا ودخل به الكعبة شاكرًا الله، واختار له اسم محمد ولم تكن العرب تسمي به آن ذاك، وختنه يوم سابعه كما كانت عادة العرب.
أول من أرضعته من المراضع - وذلك بعد أمه بأسبوع - ثويبة مولاة أبي لهب بلبن ابن لها يقال له مسروح، ثم عرض على حليمة بنت أبي ذؤيب من بني سعد بن بكر وقبلته، وكان حمزة رضيع بني سعد أيضًا. وكانت حليمة تذهب به لأمه كل بضعة أشهر، وقد عاش في بني سعد سنتين حتى الفطام وعادت به حليمة إلى أمه لتقنعها بتمديد حضانته خوفًا من وباء بمكة وقتها ولبركة رأتها هي وزوجها من هذا الرضيع فوافقت آمنة . لكن بعد واقعة شق الصدر، خشيت حليمة على محمد فردته إلى أمه.
توفيت أمه، وهو ابن 6 سنوات، أثناء العودة من زيارة لأخواله من بني عدي بن النجار، بمكان يسمى الأبواء. فرجع به جده عبد المطلب بعد ذلك ليعيش معه بين أولاده. ولما توفي عبد المطلب بمكةومحمد ابن ثماني سنوات، ورأى قبل وفاته أن يعهد بكفالة حفيده إلى عمه أبو طالب شقيق أبيه ، فكفله أبو طالب وضمه لأولاده وقدّمه عليهم، وظل يعزه ويحميه ويؤازره ما يربو على الأربعين سنة، يصادق ويخاصم من أجله حتى توفي في عام الحزن.
لُقب بمكة بـ "الصادق الأمين" ، فكان الناس يودعونه أماناتهم لما اشتهر به من أمانة. ولما أعادت قريش بناء الكعبة واختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود في موضعه، اتفقوا على أن يضعه أول شخص يدخل عليهم فلما دخل عليهم محمد قالوا "جاء الأمين" فرضوا به، فأمر بثوب فوضع الحجر في وسطه وأمر كل قبيلة أن ترفع بجانب من جوانب الثوب ثم أخذ الحجر فوضعه موضعه .

زواجه بخديجة

بلغ خديجة بنت خويلد، وهي امرأة تاجرة ذات شرف ومال عن محمد ما بلغها من أمانته، فبعثت إليه عارضة عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام، وأعطته أفضل مما أعطت غيره من التجار، كما وهبته غلاما يدعى ميسرة، خرج محمد مع ميسرة حتى قدم الشام، فاشترى البضائع ولما عاد إلى مكة باع بضاعته فربح الضعف تقريبا. بعد عودته من رحلة تجارية إلى الشام وما جاء به من ربح عرضت خديجة عليه الزواج فرضى بذلك، وعرض ذلك على أعمامه، ثم تزوجها بعد أن أصدقها عشرين بكرة وكان سنها آنذاك أربعين سنة، وفي كتب الشيعة خمسة وعشرين سنة كما ذكر البيهقي أن خديجة عليها السلام توفيت وعمرها خمسين سنة، وهو أصح ، أو ثمانية وعشرين سنة كما روى الخوارزمي والحاكم وهو في الخامسة والعشرين، ولم يتزوج غيرها حتى ماتت.
أنجب من خديجة كل أولاده إلا إبراهيم فهو من مارية القبطية، وهم القاسم وعبد الله وزينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة. فأما القاسم وعبد الله فماتا في الجاهلية وأما بناته فكلهن أدركن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه. إلا أنهن أدركتهن الوفاة في حياته سوى فاطمة الزهراء فقد ماتت بعده.

دعوته


كان حنيفيا قبل تكليفه يعبد الله على ملة إبراهيم ويرفض عبادة الأوثان والممارسات الوثنية. وببدء نزول الوحي تم تكليفه بالدعوة للإسلام ولعبادة رب واحد، كان عندها عمره يناهز الأربعين سنة. شرع في الدعوة في أول الأمر سراً ولثلاث سنوات، قضى بعدهن عشر سنوات أخر في مكة مجاهراً بدعوة أهلها وكل من يرد إليها من التجار والحجيج وغيرهم.

نزول الوحي

غار حراء، حيث يؤمن المسلمون أن وحيًا من الله نزل على محمد هناك. اعتاد محمد على الاختلاء بنفسه خلال شهر رمضان في بغار حراء (بجبل النور على بعد نحو ميلين من مكة)، فيأخذ معه الطعام والماء ليقيم فيه الشهر بأكمله ليتعبد ويتأمل..
تقول الرواية الشائعة أن الوحي نزل لأول مرّة على محمد وهو في غار حراء، فيروي البخاري في صحيحه:

أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه -وهو التعبد- الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ. قال: فأخذني فغطني -أي ضمني واعتصرني- حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني -أي تركني- فقال: اقرأ، قلت ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة، ثم أرسلني فقال: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾«‌96‏:1»﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾«‌96‏:2»﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ﴾«‌96‏:3»﴿الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾«‌96‏:4»﴿عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾«‌96‏:5». فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال: زملوني زملوني -أي لفوني في الثياب- فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي. فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، ابن عم خديجة، وكان امرءا تنصر -أي اعتنق المسيحية- في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت له خديجة: يا بن عم، اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يا بن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقاله له ورقة: هذا الناموس الذي نزل الله به على موسى، يا ليتني فيها جذع، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أومخرجي هم؟ قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا.

وفي رواية أخرى أن جبريل جاءه جالسا على كرسي بين السماء والأرض، ففر منه رعباً حتى هوى إلى الأرض، فذهب إلى زوجه خديجة فقال: «دثروني دثروني، وصبوا علي ماءً بارداً»، فنزلت: ﴿يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾«74‏:1»﴿قُمْ فَأَنْذِرْ﴾«74‏:2»﴿وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ﴾«74‏:3»﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾«74‏:4»﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾«74‏:5»، ويقال أن هذه الآيات هي أول ما نزل عليه من القرآن، وبحسب الرواية الأولى فإن أول ما نزل عليه آيات من أول سورة العلق. ثم بدأ الوحي ينزل ويتتابع لمدة ثلاثة وعشرين عاماً حتى وفاته.

بداية الدعوة

ممن سبق إلى الإسلام خديجة بنت خويلد، وابن عمه علي بن أبي طالب وكان صبيا ابن عشر سنين يعيش في كفالة محمد وأسلم بعد النبوة بسنة، وقد أسلم قبل أبي بكر ولكنه كان يكتم إسلامه أما الصحابي أبو بكر فكان أول من أظهر الإسلام. جمع الرسول محمد أهله وأقاربه وعرض عليهم الإسلام فلم يجبه إلا علي - ومولاه الصحابي زيد بن حارثة، والصحابي أبو بكر الصديق. أسلم هؤلاء في أول أيام الدعوة. واستمرت الدعوة سراً لمدة ثلاث سنوات ثم نزل الوحي يكلف الرسول بإعلان الدعوة والجهر بها.
وفقا لابن سعد، لم تعارض قريش محمدا ودعوته إلا بعد أن نزلت آيات في ذم الأصنام وعبادتها. في حين يتمسك مفسرو القرآن وبعض كتاب السيرة بأن المعارضة تزامنت مع بدء الدعوة الجهرية للإسلام. كما كانت زيادة عدد الداخلين في الإسلام تمثل خطرا على نظام الحياة الدينية في مكة، مما يؤثر سلبا على القوة الاقتصادية لقريش التي تستمدها من حماية الكعبة وخدمة الحجيج وتوافدهم إلى المدينة، فكانت دعوة محمد تعرض كل هذا للفناء. عرض كبار تجار قريش على محمد التخلي عن دعوته -وفي رواية ابن سعد التوقف عن شتم آلهتهم- في مقابل مشاركته التجارة ودخوله ضمن صفوفهم، والزواج من بناتهم لبناء مركزه بينهم، بيد أنه رفض. فعرضوا عليه أن يعبد آلهتهم سنة ويعبدون الله سنة بحسب تاريخ الطبري، فأخبرهم أنه سينتظر أمر الله، فنزلت الآيات ﴿قل يأيها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون﴾، كما نزلت الآيات: ﴿قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون﴾ إلى الآية: ﴿بل الله فاعبد وكن من الشاكرين﴾.
قالوا عن محمد: إنه مصاب بنوع من الجنون، وقالوا: إن له جناً أو شيطاناً يتنزل عليه كما ينزل الجن والشياطين على الكهان، وقالوا شاعر، وقالوا ساحر، وكانوا يعملون للحيلولة بين الناس وبين سماعهم القرآن، ومعظم شبهاتهم دارت حول توحيد الله، ثم رسالته، ثم بعث الأموات ونشرهم وحشرهم يوم القيامة وقد رد القرآن على كل شبهة من شبهاتهم حول التوحيد. لكنهم لما رأوا أن هذه الأساليب لم تجد نفعاً في إحباط الدعوة الإسلامية تشاوروا فيما بينهم، وقرروا القيام بتعذيب المسلمين، فأخذ كل رئيس يعذب من دان من قبيلته بالإسلام، وتصدوا لمن يدخل الإسلام بالتعذيب والضرب والجلد والكي، حتى وصل الأمر بهم لإيذاء إلى محمد نفسه فضربوه ورجموه بالحجارة في مرات عديدة ووضعوا الشوك في طريقه. ومنها محاولة عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ من خنقه لولا أن حضر أبو بكر ودفع عقبة عن الرسول وقال : {أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ}
موقع مملكة أكسوم الحبشية، وجهة أصحاب محمد للهجرة هربًا من الاضطهاد. لما اشتد البلاء على المسلمين أخبرهم الرسول محمد أن الله أذن لهم بالهجرة إلى الحبشة في عام 615م، فخرج الصحابي عثمان بن عفان ومعه زوجته رقية بنت محمد، وخرج الصحابي أبو حاطب بن عمرو ثم خرج الصحابي جعفر بن أبي طالب فكانوا قرابة 80 رجلاً.
كما ذكر الطبري أن محمدا كان حريصا على صلاح قومه محبا لمقاربتهم، وشق عليه مقاطعة قومه له وإعراضهم عنه وقد نقل الطبري رواية عن ابن حميد عن سلمة عن محمد بن كعب القرظي قيل فيها: "إن النبي محمدا تمنى أن ينزل الله عليه ما يقرب بينه وبين قومه، فكان يوما يصلي بالمسلمين بسورة النجم، فلما انتهى إلى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى﴾«53‏:19»﴿وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى﴾«53‏:20» ألقى الشيطان على لسانه -أو ألقاها الشيطان بنفسه على مسامع الكفار حسب تفسير ابن كثير والقرطبي- كلمات وهي: «تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى»، حتى أتم السورة ثم سجد فسجد معه المسلمون وكل من كان في المسجد من قريش وكل من سمع بذلك". تقول الرواية إن محمدا قام بالتراجع لاحقا عن ذلك الجزء وحزن وخاف خوفا شديدا من الله لكنه عفا عنه وأنزل عليه الآيات: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾«22‏:52». وتعرف تلك الحادثة بقصة الغرانيق، التي ذكرها بعض المؤرخين مثل ابن سعد والطبري وابن الأثير وابن المطهر. في حين رفض الرواية كثير من علماء أهل السنة مثل ابن حزم وابن حجر والألباني واعتبروها قصة مكذوبة من وضع الزنادقة وابن كثيرالذي اعتبر قصة الغرانيق مرسلة وسندها غير صحيح. وأيد أصل الرواية المذكورة في صحيح البخاري:ج2/ص32، والتي لم يذكر فيها الغرانيق: «عن عبد الله قال قرأ النبي النجم بمكة فسجد فيها وسجد من معه، غير شيخ أخذ كفاً من حصى أو تراب ورفعه إلى جبهته وقال يكفيني هذا، فرأيته بعد ذلك قتل كافراً». وقد ذكر آخرون سببا آخر لسجود المشركين غير قصة الغرانيق مثل الآلوسي الذي قال إن سجودهم لم يكن لمدح آلهتهم ولكن لدهشة أصابتهم وخوف اعتراهم عند سماع السورة وهي فيها ذكر كيف أهلك اللهالأقوام السابقة لتكذيبهم أنبياءهم مثل قوم عاد وثمود ونوح ومن شدة الآيات وخوفهم استشعروا أن يحدث ذلك معهم فلما رأوا المسلمين يسجدون ظنوا أن الهلاك سيحل بهم فسجدوا خوفا من ذلك، وصلت الأخبار إلى المسلمين بالحبشة أن قريشاً قد أسلمت -نظرا لسجودهم-، فقدم مكة منهم جماعة فوجدوا الاضطهاد مستمرا فمكثوا بمكة إلى أن هاجروا إلى المدينة.
لما انتشر الإسلام وفشا اتفقت قريش على مقاطعة بني هاشم وبني المطلب ابني عبد مناف فلا يبايعوهم ولا يناكحوهم ولا يكلموهم ولا يجالسوهم حتى يسلموا إليهم محمدا، وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها في سقف الكعبة. فانحاز إلى الشعب بنو هاشم وبنو المطلب مسلمين كانوا أو غير مسلمين إلا أبا لهب فإنه ظاهر قريشا. استمرت المقاطعة قرابة ثلاث سنوات فلم يقربهم أحد في الشعب. ثم سعى في نقض تلك الصحيفة أقوام من قريش فكان القائم في أمر ذلك هشام بن عمرو فأجابته قريش، وأخبرهم محمد أن الله قد أرسل على تلك الصحيفة الأكلة فأكلت جميع ما فيها إلا المواضع التي ذكر فيها الله.
توفي كل من خديجة وأبو طالب -أكبر مؤيدي ومساندي محمد- في عام 619م فسُمٍّي بعام الحزن. فتولى أبو لهب قيادة بني هاشم من بعد أبي طالب، وبعدها انحسرت حماية بني هاشم لمحمد، وازداد أذى قريش له. مما دفعه للخروج إلى الطائف ليدعوهم آملاً أن يؤوه وينصروه على قومه، لكنهم آذوه ورموه بالحجارة ورفضوا دعوته ولم يسلم إلا الطفيل بن عمرو الدوسي الذي دعا قومه فأسلم بعضهم وأقام في بلاده حتى فتح خيبر ثم قدم بهم في نحو من ثمانين بيتاً. عاد محمد إلى مكة تحت حماية المطعم بن عدي. وأورد الطبراني عن عبد الله بن جعفر من حديث عائشة «فأرسل إليه ربه ملك الجبال يستأمره أن يطبق عليه الأخشبين على أهل مكة، وهما الجبلان اللذان هي بينهما، فقال بل أستأني بهم، لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئا».

الإسراء والمعراج

صورة من الأعلى للصخرة الموجودة في قبة الصخرة في المسجد الأقصى، والتي يؤمن المسلمون أن محمدًا قد عُرِج به منها إلى السماوات العُلى. في عام 620م وبينما محمد يمر بهذه المرحلة، وأخذت الدعوة تشق طريقها وقع حادث الإسراء والمعـراج‏، حيث يؤمن المسلمون أن الله أسرى بمحمد من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى راكباً على البُرَاق، بصحبة جبريل، فنزل هناك، وصلى بجميع الأنبياء إماماً، وربط البراق بحلقة باب المسجد. ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء فاستفتح له جبريل ففتح له، فرأى هنالك آدم أبا البشر، فسلم عليه، فرحب به ورد، وأقر بنبوته، ثم قابل في كل سماء نبيا مثل يحيى بن زكرياوعيسى بن مريم، يوسف، إدريس، هارون وموسى وإبراهيم ثم عرج به إلى الله، وفرضت الصلوات في هذه الليلة التي خففت إلى خمس صلوات بعد أن كانت خمسين صلاة. حسب رأي ابن إسحاق -أول رواة السيرة النبوية- فإن الله أسرى بروح الرسول فقط، أي أنها كانت رحلة روحية؛ بينما يرى بعض المؤرخين أن محمدا سافر بجسده وروحه.
بعدما أصبح محمد من يومه أخبر قومه بما حدث لكنهم كذبوه، لم يصدقه سوى من آمن بدعوته مثل أبي بكر، ويروى أن الوثنيين طلبوا من محمد وصف المسجد الأقصى ومحمد لم يره بوضوح في الليل، ولم يره من قبل، فأتى جبريل بالمسجد الأقصى بين يديه وقال له صف يا محمد، فكان كلما وصف قال أبو بكر صدقت.

الهجرة

غار ثور الذي اختبأ به محمد وأبو بكر في رحلة الهجرة، ماكثين فيه ثلاث ليال. بدأ محمد يعرض نفسه في مواسم الحج على قبائل العرب يدعوهم إلى الله ويخبرهم أنه نبي مرسل ويسألهم أن ينصروه ويمنعوه حتى يبلغ ما أرسله الله به للناس. ولما كانت السنة 11 من النبوة، جاء ستة من شباب يثرب إلى مكة في موسم الحج. وقد كان يتحدث اليهود في يثرب عن نبي منهم مبعوث في ذلك الزمان يخرج فيتبعونه ويقتلون أهل يثرب. وعد الشباب الرسول بإبلاغ رسالته إلى قومهم.وعاد في موسم الحج التالي اثنا عشر رجلاً، التقى بهم النبي عند العقبة فبايعوه ما اصطلح على تسميته بيعة العقبة الأولى.
وفي موسم الحج للسنة الثالثة عشرة من النبوة (يونيو سنة 622م) حضر لأداء مناسك الحج بضعة وسبعون شخصاً من المسلمين من أهل يثرب. لما قدموا مكة جرت بينهم وبين النبي اتصالات سرية أدت إلى الاتفاق على هجرة محمد وأصحابه إلى يثرب (والتي ستحمل اسم المدينة المنورة) وعرف ذلك الاتفاق ببيعة العقبة الثانية. أذن الرسول محمد للمسلمين بالهجرة إلى المدينة. وأخذ المشركون يحولون بينهم وبين خروجهم، فخرج من استطاع. حتى لمْ يبق مع محمد بمكة إلا أَبو بكرٍ وعلي بن أبي طالب. حسب مصادر التراث، أن المشرِكين اجتمعوا بدار الندوة واتفقوا على أن يأتوا من كل قبيلة بشاب قوي، يضربوه ضربة رجل واحد فيتفرق دم محمد بين القبائل. تم تنفيذ ذلك واجتمع الشباب عِند بابه، لكنه خرج من بينِ أَيديهِم لم يره منهم أَحد. وترك علي بن أبي طالب في مكانه ليؤدي الأَمانات التي عنده، ثمَّ يلْحق به.
منطقة منى، والتي التقى عندها محمد بستة من الخزرج فكانت بداية لسلسلة لقاءات انتهت بالهجرة إلى المدينة المنورة. ذهب محمد إِلى دارِ أَبِي بكرٍ، وكان أَبو بكرٍ قد جهز راحلتين للسفر، فأَعطاها محمد لعبد الله بن أُرَيْقِط، على أَنْ يوافيهِما في غار ثور بعد ثلاث ليالٍ، وانطلق الرسول وأَبو بكرٍ إِلَى الغار، ولم يستطع المشركون إيجادهما ويؤمن المسلمون أن لذلك تدّخل من عند الله، وفي يومِ الاثنين العاشر من شهر ربيع الأول سنة 622م دخل محمد المدينة مع صاحبه الصديق، فخرج الأَنصار إِليه وحيوه بتحية النبوة.

حياته في المدينة


تأسيس الدولة الإسلامية

عانت يثرب قبل وصول محمد إليها من صراعات دامت قرابة مائة عام بين القبائل المختلفة التي تعيش بها، كانت آخرها حرب بُعاث التي شاركت فيها كافة القبائل. فأدرك قادة قبائل المدينة حاجتهم لقائد موحد ينظم العلاقات بين القبائل ويعمل على فض النزاعات، مما دفعهم للقبول بمحمد كقائد للمدينة وتوفير الدعم والحماية له ولأتباعه المهاجرين.
مجسم لما كان عليه بيوت النبي محمد والمسجد النبوي. مكث محمد في قباء أربعة عشر يوماً حسب الروايات، وانتظر محمد على مشارف يثرب، التي صارت تعرف بالمدينة المنورة، إلى حين وصول علي بن أبي طالب، وحين وصل استقبله النبي ومكث معه ليلة أو ليلتين في بيت كلثوم بن هدم -وفي رواية علي بن أبي طالب مكثوا في بيت امرأة مسلمة لا زوج لها - ثم نزل إلى المدينة.
وكانت أول خطوة خطاها محمد في المدينة هي أمره ببناء مسجد عرف بالمسجد النبوي في المكان الذي بركت ناقته فيه. قام محمد بما عرف بالمؤاخاة بين المهاجرينوالأنصار، فاختار كل أنصاري أحد المهاجرين ليكون أخا له يأويه في بيته في خطوة أريد منها خلق روابط اجتماعية قوية بين أهل المدينة والوافدين ولإذابة العصبيات القبلية وترسيخ مبدأ التكافل الاجتماعي. فكان الأنصار يقتسمون أموالهم وبيوتهم بل وقيل حتى الزوجات مع إخوانهم من المهاجرين، ووصل بهم الأمر إلى التوارث بناءا على صلة الإخاء. وكان في البداية الأمر، إرث الإخاء مقدما على إرث القرابة.
قام محمد بصياغة وثيقة عرفت بدستور المدينة، كانت أشبه بوثيقة تحالف بين العشائر والطوائف المختلفة بداخل المدينة وتحدد حقوق وواجبات المواطنين بالمدينة. وقد احتوت الوثيقة اثنين وخمسين بندا، خمسة وعشرون منها خاصة بأمور المسلمين وسبعة وعشرون مرتبطة بالعلاقة بين المسلمين وأصحاب الأديان الأخرى، ولاسيما اليهود وعبدة الأوثان. وقد دون هذا الدستور بشكل يسمح لأصحاب الأديان الأخرى بالعيش مع المسلمين بحرية، ولهم أن يقيموا شعاثرهم حسب رغبتهم، كما نص على تحالف القبائل المختلفة في حال حدوث هجوم على المدينة، على الرغم من التأكيد على الاستقلال المالي للقبائل المختلفة.
اعتنق أغلب وثنيين المدينة الإسلام، حتى كبار القادة منهم مثل سعد بن معاذ، إلا أقلية صغيرة من الوثنيين بقت على ما كانت عليه ولم يكن لها تأثير واضح. عارضت تلك الأقلية انتشار الإسلام، فبحسب الواقدي قام بعض الشعراء الذين بقوا على وثنيتهم مثل عصماء بنت مروان وأبو عفك بنظم شعر في هجاء الرسول فأمر بقتلهما.

بداية النزاع العسكري

الشِّق في جبل أحد الذي احتمى فيه محمد وبعض أصحابه بعد أن أصيبوا في غزوة أحد. روى مسلم عن بريدة بن الحصيب الأسلمي أن محمدا قام بتسع عشرة غزوة قاتل في ثمان منهن. عن زيد بن أرقم: «غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة كنت معه في سبع عشرة». وأما محمد بن إسحاق فقال: «كانت غزواته التي خرج فيها بنفسه سبعا وكانت بعوثه وسراياه ثمانيا وثلاثين» وزاد ابن هشام في البعوث على ابن اسحاق.

الصراع مع مكة

في رمضان من السنة الثانية للهجرة الموافق مارس عام 624م؛ خرج 300 من المسلمين بقيادة محمد ليعترضوا قافلة تجارية لقريش يقودها أبو سفيان، فلمًّا علم بهم أبو سفيان غَيّرَ طريقه إلى الساحل وأرسل إلى أهل مكة يستنفرهم، فخرجوا فيما يقارب ألف مقاتل لمحاربة المسلمين والتقى الجمعان في غزوة بدر في 17 رمضان سنةاثنتين للهجرة. وانتصر جيش المسلمين وقُتِل من المكيين حوالي 70 قتيلا منهم أبو جهل عمرو بن هشام المخزومي سيد قريش، في حين قتل من المسلمين ما لا يتجاوز أربعة عشر قتيلا. ذلك بالرغم من التفوق العددي لجيش مكة. كما تم أسر 70 فردا من قوات جيش مكة، تم إطلاق سراح الكثير منهم مقابل فدية.
لاحقا قام محمد بطرد يهود بني قينقاع -إحدى القبائل اليهودية الرئيسية الثلاث في المدينة- إثر قيام أحدهم بكشف عورة إحدى المسلمات في أحد الأسواق، فقام أحد المسلمين بقطع رأسه، فتكالب عليه يهود من بني قينقاع حتى قتلوه بحسب رواية ابن إسحاق، فحاصرهم المسلمون خمس عشرة ليلة.
سعت قريش للانتقام إثر هزيمتها في غزوة بدر، بسبب قتلاها في معركة بدر فجمعت من كنانة وغيرها من القبائل فخرجوا في 3000 مقاتل في 15 شوال من سنة 3 للهجرة. لما بلغ خبرهم لمحمد اجتمع باتباعه لوضع خطة الحرب فاقترح البعض أن يبقوا بالمدينة والتحصن بمعاقلها، واقترح بعض الشباب الخروج لمواجهتهم خارج المدينة، فمال محمد إلى الرأي الأخير وخرج بالمسلمين إلى أُحد. وبحسب التراث؛ انسحب عبد الله بن أبي بن سلول وثلاثمائة من أتباعه في الطريق وعادوا إلى المدينة، في حين تابع المسلمون سيرهم إلى أحد ونزلوا في موقع بين جبل أحد وجبل صغير، ووضع محمد الرماة على جبل عينين وأمرهم أن لا يغادروا مواقعهم حتى يأمرهم بذلك مهما كانت نتيجة المعركة، وبدأت المعركة في 23 مارس. حاول فرسان جيش مكة بقيادة خالد بن الوليد اختراق صفوف المسلمين من ميسرتهم فصدهم الرماة، وقتل عشرة من حملة لواء المشركين، وسقط لواؤهم ودب الذعر في صفوفهم وبدأوا في الهرب، وتبعهم بعض المسلمين فاضطربت صفوفهم، ورأى الرماة هرب المشركين فظنوا أن المعركة حسمت لصالح المسلمين فترك معظمهم مواقعهم، ونزلوا يتعقبون المشركين ويجمعون الغنائم ولم يلتفتوا لتحذيرات قائدهم، واستغل خالد بن الوليد هذه الحال، فالتف على الجيش وتغيرت موازين المعركة، وأثناء ذلك، أشيع أن محمدا قتل، وانسحب محمد بمجموعة من الصحابة الذين التفوا حوله إلى قسم من جبل أحد وحاول المكيون الوصول إليه ففشلوا ويئسوا من تحقيق نتيجة أفضل فأوقفوا القتال مكتفين بانتصارهم هذا. قتل محموعة كبيرة من المسلمين من ضمنهم حمزة بن عبد المطلب عم محمد الذي يلقبه المسلمون السنة "سيد الشهداء".
بعد معركة أحد كثف أبو سفيان جهوده لتشكيل تحالف من القبائل العربية لقتال محمد، في المقابل كانت سياسة محمد منع تشكيل ذلك التحالف قدر المستطاع، فقام بقتل كعب بن الأشرف زعيم يهود بني النضير الذي قام بنظم شعر يستنفر قريشا ويدعوهم لقتال محمد انتقاما لقتلاهم في بدر وأحد. وبعد ذلك بعام قام محمد بطرد بني النضير من المدينة.

حصار المدينة

خريطة توضّح غزوة الخندق ومكان تمركز الفريقين في المدينة المنورة. بمساعدة من يهود بني النضير المنفيين، استطاع أبو سفيان حشد 10000 من الرجال من مختلف قبائل العرب، وتوجه بهم نحو المدينة. أعد محمد قوة قوامها 3000 مقاتل لمواجهة الغزو، واستخدم أسلوبا جديدا لم يكن معروفا في شبه جزيرة العرب في ذلك الحين، حيث أخذ بمشورة سلمان الفارسي وقام بحفر خندق حول المدينة وأضرم فيه النيران. حينما وصل تحالف العرب إلى المدينة يوم 31 مارس 627مفوجئوا بالخندق فقرروا محاصرة المدينة. استمر الحصار لمدة أسبوعين، بعدها قرروا العودة إلى ديارهم. يُذكر بالقرآن أن الله أرسل على الأحزاب ريحا شديدة اقتلعت خيامهم ومعداتهم مما دفعهم للرحيل.
في أثناء الحصار كان يهود بني قريظة قد دخلوا في مفاوضات مع قوات التحالف حول السماح لهم بالدخول إلى المدينة من الجزء الخاص بهم والقتال في صفوفهم، لكن المفاوضات فشلت بسبب حيلة استخدمها أحد أصحاب محمد لزرع عدم الثقة بين الجانبين. بعد أنتهاء المعركة اتهم المسلمون بني قريظة بالخيانة وقاموا بحصارهم 25 يوما, بعدها أعلن بنو قريظة استسلامهم واعترفوا بما حدث. فقام محمد بتحكيم سعد بن معاذ فيهم فحكم بقتلهم وتفريق نسائهم وأبنائهم عبيدا بين المسلمين. أمر محمد بتنفيذ الحكم وتم إعدام ما بين 700 إلى 900 شخص، واستثني من ذلك من اختار الدخول في الإسلام. من نتائج غزوة الأحزاب كذلك أن خسرت قريش تجارتها مع الشام نتيجة ضياع هيبتها بهزيمتها أمام محمد.
بعد غزوة الأحزاب قام محمد بحملتين عسكريتين إلى الشمال انتهتا بدون قتال. ولكن في طريق العودة من واحدة منهما تم توجيه تهمة الزنا لعائشة بنت أبي بكر زوجة محمد. بعدها بشهر تمت تبرئة عائشة بآيات قرآنية نزلت على محمد، وتمت معاقبة من خاضوا في عرضه بالجلد، كما نصت الآيات على ضرورة وجود 4 شهود إثبات على جريمة الزنا لكي تثبت.

صلح الحديبية

قطعة أثرية لرسالة النبي محمد إلى المقوقس حاكم مصر يدعوه إلى الإسلام، أحد نتائج صلح الحديبية، وهي محفوظة في متحف الباب العالي في إسطنبول. في شهر ذي القعدة سنة 6 هـ في عام 628م، أمر محمد أتباعه باتخاذ الاستعدادات لأداء مناسك العمرة في مكة. فتحرك معه قرابة 1400 ويقال 1500 من المسلمين. حين سمعت قريش بتحركهم، بعثوا قوة مؤلفة من 200 فارس بقيادة خالد بن الوليد لوقفهم. لكن محمدا اتخذ طريقا أكثر صعوبة وتفادى مواجهتهم، ووصل إلى الحديبية على مقربة من مكة. أرسل محمد عثمان بن عفان إلى قريش ليخبرهم أن المسلمين أتوا للعمرة وليسوا مقاتلين، وحينما تأخر في مكة سرت إشاعة بأنه قتل على يد قريش. فقرر محمد أخذ البيعة من الحجاج على قتال قريش فيما عرف ببيعة الرضوان. خلال هذا وصلت أنباء عن سلامة عثمان، فاستمرت المفاوضات مع قريش والتي أسفرت عن توقيع معاهدة عرفت بصلح الحديبية، ونصت بنودها على عدم أداء المسلمين للعمرة ذلك العام على أن يعودوا لأدائها العام التالي، كما نصت على أن يرد المسلمون أي شخص يذهب إليهم من مكة بدون إذن، في حين لا يرد المكيون من يذهب إليهم من المدينة. واتفقوا أن تسري هذه المعاهدة لمدة عشر سنوات، وبإمكان أي قبيلة أخرى الدخول في حلف أحد الطرفين لتسري عليهم المعاهدة.
كثير من المسلمين كانوا غير راضين عن بعض بنود المعاهدة حيث رأوها ظالمة للمسلمين. ومع ذلك، فإن سورة الفتح (القرآن 48: 1-29) احتوت ثناءً على المسلمين الذين بايعوا محمدا على القتال، كما وصفت الصلح بالفتح المبين. يقول ألفورد ولش إنه في وقت لاحق، سيدرك أتباع محمد الفائدة وراء هذه المعاهدة؛ وهذه المزايا تشمل إجبار المكيين على الاعتراف بمحمد كشريك وند على قدم المساواة معهم، ووقف الاقتتال لمدة طويلة من الزمن، واكتساب إعجاب بعض المكيين بإقرار شعيرة الحج في الإسلام.
توّجه محمد إلى خيبر ومعه ألف وست مئة مقاتل من المسلمين في مطلع ربيع الأول من العام السابع الهجري، وأحاط محمد تحركه بسرية كاملة لمفاجأة اليهود. فوصل منطقة تدعى الرجيع تفصل بين خيبر وغطفان وفي الظلام حاصر المسلمون حصون خيبر واتخذوا مواقعهم بين أشجار النخيل. وفي الصباح بدأت المعارك. حتى سقطت آخر حصونهم على يد سرية بقيادة علي ابن أبي طالب. فاتفق معهم محمد على أن يعطوه نصف محصولهم كل عام على أن يبقيهم في أراضيهم.
كما بعث محمد رسائل إلى العديد من الحكام في العالم، داعيا إياهم إلى اعتناق الإسلام. فأرسل رسله إلى هرقل الإمبراطورية البيزنطية (الإمبراطورية الرومانية الشرقية)، كسرى فارس، ومقوقس مصروبعض البلدان الأخرى. وفي السنوات التي أعقبت صلح الحديبية، أرسل محمد قواته إلى الشمال فالتقوا مع القوات الرومانية في غزوة مؤتة، لكنهم انهزموا بسبب الفارق العددي الكبير.
الختم الذي كان يختم به النبي محمد رسائله للملوك، لما قيل له «يا رسول الله، إن الملوك لا يقرأون كتابًا إلا مختومًا» فاتخذ من يومئذ خاتمًا من فضة، نقشه ثلاثة أسطر "محمد رسول الله".

فتح مكة

دخلت قبيلة خزاعة في حلف مع محمد فسرت عليها بنود الصلح، في حين تحالف أعداؤهم بنو بكر مع مكة. بعد الصلح بعامين؛ شن بنو بكر غارة ليلية على خزاعة فقتلوا عددا منهم. وكانت قريش قد أعانت بني بكر بالسلاح وقاتل معهم جماعة منهم. فذهب عمرو بن سالمالخزاعي للاستنصار بمحمد الذي بعث برسالة إلى مكة وعرض عليهم فيها خيارات ثلاثة: إما دفع دية القتلى بين قبيلة خزاعة، أو أن تتنصل أنفسهم من بني بكر وإنهاء تحالفهم معهم، أو اعتبار صلح الحديبية منتهيا. أجابت قريش أنها لن تقبل سوى الشرط الأخير. ولكن سرعان ما أدركوا خطأهم وأرسلوا أبا سفيان لتجديد المعاهدة، وهذا ما تم رفضه من قبل محمد. وأمر محمد بتجهيز الجيش والتحرك نحو مكة ولعشر خلون من شهر رمضان 8 هـ سنة 630م، غادر محمد المدينة متجهاً إلى مكة، في عشرة آلاف مقاتل، ونودي بمكة «من دخل منزله فهو آمن ومن دخل الحرم فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن». فدخل مكة بدون قتال، وأعلن عفوا عاما عن كل أهل مكة، باستثناء عشرة منهم ممن قاموا بنظم الشعر لهجائه. اعتنق معظم أهل مكة الإسلام، وقام محمد في وقت لاحق بتدمير جميع تماثيل الآلهة العربية بداخل الكعبة وحولها.

الصراع مع القبائل العربية

بعد وقت قصير من فتح مكة؛ تحالفت قبائل هوازن وثقيف وبني هلال ضد المسلمين. والتقى الفريقان في غزوة حنين؛ حيث قرر قائد جيشي هوازن وثقيف مالك بن عوف أن يسوق مع الجيش الأموال والعيال والنساء ليزيد ذلك من حماس جنوده في القتال ويجعلهم يقاتلون حتى الموت، إن لم يكن للنصر فللدفاع عن الحرمات. وكان جيش المسلمين كبيراً بشكل أدخل الغرور في قلوب بعض المسلمين، حتى كان بعضهم يقول لن نهزم اليوم من قلة. ولكن في طريقهم إلى جيش هوازن وثقيف كان مالك قد نصب لهم كمينا في وادي حنين أصاب المسلمين بالصدمة والارتباك، وأشيع أن محمدا قتل، فبدأ المسلمون في الفرار والتراجع، لكن محمدا استطاع أن يعيد الثقة لجنوده وحول الهزيمة إلى نصر، وسرعان ما فر المتبقي من جيشي هوازن وثقيف إلى أماكن مختلفة.
وقعت غزوة تبوك في رجب سنة 9 هـ في أعقاب فتح مكة وانتصار المسلمين في الطائف، فوصلت محمدا أخبار من بلاد الروم تفيد أنَّ ملك الروم وحلفاءه من العرب من لخم وجذام وغسان وعاملة قد هيأ جيشاً لمهاجمة الدولة الإسلامية قبل أن تصبح خطراً على دولته. فما كان من محمد إلا أن أرسل إلى القبائل العربية في مختلف المناطق يستنفرهم على قتال الروم، فاجتمع له حوالي ثلاثين ألف مقاتل تصحبهم عشرة آلاف فرس. وبعد أن استخلف محمدٌ سباع بن عرفطة أو عبد الله بن أم مكتوم على المدينة، وعلي بن أبي طالب على أهله، بدأ الجيش تحركه، وقطعوا آلاف الأميال عانوا خلالها العطش والجوع والحر ومن قلّة وسائل الركوب، وقد سميت الغزوة "غزوة العسرة"، وقيل أنَّها جاءت عسرة من الماء وعسرة من الظهر، وعسرة من النفقة.
وبعد عام من معركة تبوك، بعث بنو ثقيف مبعوثين إلى المدينة المنورة للاستسلام لمحمد والدخول في الإسلام. وقدمت العديد من القبائل العربية على محمد لإعلان الدخول في الإسلام والتحالف مع محمد فيما عرف بعام الوفود. ومع ذلك، فإن البدو كانوا غرباء على نظام الإسلام ويريدون الحفاظ على استقلاليتهم، والعادات والتقاليد التي درجوا عليها. فكان محمد مطالبا بالتوصل إلى اتفاق عسكري وسياسي ينص على أن تعترف القبائل بسلطة المدينة، والامتناع عن الاعتداء على المسلمين وحلفائهم، ودفع الزكاة، والولاية الدينية للمسلمين.

حجة الوداع

في الخامس من شهر ذي القعدة من السنة العاشرة للهجرة أعلن الرسول محمد عن عزمه أداء مناسك الحج، فخرج معه حوالي مئة ألف من المسلمين من الرجال والنساء، وقد استعمل على المدينة أبا دُجانة الساعدي الأنصاري، وأحرم للحج ثم لبّى قائلاً: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمدَ والنعمةَ لك، والملك، لا شريك لك ". وبقي ملبياً حتى دخل مكة، وطاف بعدها بالبيت سبعة أشواط واستلم الحجر الأسود وصلّى ركعتين عند مقام إبراهيم وشرب من ماء زمزم، ثم سعى بين الصفا والمروة، وفي اليوم الثامن من ذي الحجة توجه إلى منى فبات فيها. وفي اليوم التاسع توجه إلى عرفة فصلى فيها الظهر والعصر جمع تقديم في وقت الظهر،{بحاجة لمصدر} ثم خطب خطبته التي سميت فيما بعد خُطبة الوداع. وفي هذه الخطبة، حث محمد على نبذ جميع النزاعات الدموية القديمة والعصبيات القبلية والعرقية، وطالب الجميع بالتوحد كأمة واحدة. وتعليقا على ضعف المرأة في مجتمعه، أوصى محمد أتباعه بالنساء وحثهم على حسن معاملتهن والرفق بهن. محمد أيضا تناول مسألة الميراث، كما أكد على قدسية الأشهر الحرم. ووفقا للمفسرين السنة، نزلت الآية القرآنية التالية في هذا الحادث: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا﴾ (القرآن 3:5) في حين يشير مؤرخو الشيعة إلى تعيين محمد لعلي بن أبي طالب كخليفة له عند غدير خم، وبايعه كافة من كان معهم من رجال ونساء.
بعض الذي جاء في خطبة الوداع ما يأتي:

روي عن مسلم بن الحجاج في صحيحه :
محمد (رسول) إن دماءكم وأموالكم حرامٌ عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمَيّ موضوعٌ، ودماء الجاهلية موضوعةٌ، وإن أول دم أضعُ من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هُذيل. وربا الجاهلية موضوعٌ، وأول ربا أضع ربانا، ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله. ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح. ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله وأنتم تُسألون عنّي، فما أنتم قائلون؟ قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فقال بإصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات

وفاته

في صفر سنة 11 هـ أصيب النبي محمد بأعراض بالحمى واتقدت حرارته، حتى إنهم كانوا يجدون سَوْرَتَها فوق العِصَابة التي تعصب بها رأسه.‏ وقد صلى الرسول محمد بالناس وهو مريض 11 يوماً وثقل به المرض، وطلب من زوجاته أن يمرَّض في بيت عائشة فانتقل إلى بيت عائشة يمشي بين الفضل بن العباس وعلي بن أبي طالب. تقول بعض الروايات إنه مات بسبب سم دسه له يهود بخيبر في طعامه، فبحسب رواية البخاري أنه قال:‏ "‏يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبْهَرِي من ذلك السم"‏‏‏. توفي محمد في ضحى من يوم الاثنين ربيع الأول سنة 11 هـ، وقد تم له ثلاث وستون سنة.‏ وهذا يوافق 8 يونيو / حزيران 632م، ودفن ببيت عائشة بجانب المسجد النبوي.

بعد رحيله

بعد وفاة محمد اختلف أتباعه على هوية الشخص الذي سيخلفه في الحكم، حيث اجتمع جماعة من المسلمين في سقيفة بني ساعدةفرشح سعد بن عبادة نفسه وأيده في ذلك الأنصار، في حين رشح عمر بن الخطاب أبا بكر مؤكدا على أحقية المهاجرين في الخلافة. ولقي هذا الترشيح تأييد المسلمين ممن كانوا في السقيفة، في حين اعترض عليه لاحقا مجموعة من المسلمين كانوا منشغلين بتجهيز جثمان محمد ودفنه؛ متمسكين بعلي بن أبي طالب كخليفة نظرا لقرابته ومكانته من محمد، ويضيف بعض المؤرخين لهذة الأسباب مبايعة المسلمين له في غدير خم وإن كان هناك خلاف حول صحة وقوع هذا الحدث. بعد استقرار الأمر لأبي بكر في المدينة، عمل على حماية المدينة ومحاربة بعض القبائل التي تمردت على الحكم، وبعض ممن اعتبرهم المسلمون مدعي النبوة، فيما عرف تاريخيا بحروب الردة. كما أرسل أبو بكر سرية كان قد أعدها محمد قبل مماته بقيادة أسامة بن زيد لمحاربة الروم رغم اعتراض البعض لصغر سن قائدها. لاحقا تم النصر لتلك السرية، وعمل أبو بكر على توسيع نفوذ الدولة بإرسال قوات عسكرية إلى مختلف المناطق.
ما قبل الحقبة الإسلامية في الشرق الأوسط، كانت تهيمن عليه الإمبراطوريتان البيزنطية والساسانية. أضعفت الحروب بين الروم والفرس قواهما، كما أنهم لم يكونوا يحظون بشعبية في أوساط الشعوب التي يحتلون بلادها. وعلاوة على ذلك، فإن معظم الكنائس المسيحية في الأراضي التي غزاها المسلمون مثل النسطورية،المونوفستية، السريانية والقبطية كانت تتعرض لضغوط من العقيدة المسيحية الأرثوذكسية الرسمية التي لطالما اعتبرتهم هراطقة. وفي غضون عقد واحد فقط، فتح المسلمون بلاد ما بين النهرين وبلاد فارس، والشام ومصر، وأنشأوا ما عرف بدولة أو إمبراطورية الخلفاء الراشدين.

معجزاته


يؤمن المسلمون جميعًا بأن المعجزة الكبرى للنبي محمد والتي تحدّى بها الناس هي القرآن. ثم أثبت أغلبهم معجزات حسيّة أخرى لمحمد منسوبة إليه في كتب الحديث، وقد عارضها قومٌ لِمَا نزل في القرآن بأنّ محمدًا لم يُؤتَ معجزات إلا القرآن، في آية وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآَيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا . بينما تمسّك الأخرون بإثباتها باعتبار أنه لم يُقصَد بها التحدّي وإقامة الحجّة على صدق محمد، بل كانت تكريمًا له وتأييدًا، وعناية به.

القرآن

بحسب اعتقاد المسلمين، فإنَّ القرآن هو معجزة النبي محمد الأساسية التي لم يستطع أحد على مر العصور أن يأتي بمثله بالرغم من تحدّيه بذلك، حيث ورد في القرآن قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا . ويتمثل إعجاز القرآن بشكل أساسي في بلاغته وفصاحته، فكان الإعجاز اللغوي هو أول وأهم أسباب إعجاز القرآن، والذي يشمل عدة أوجه، منها حسن تأليفه والتئام كلمه وفصاحته، ومنها صورة نظمه العجيب والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب ومنهاج نظمها ونثرها الذي جاء عليه ووقفت عليه مقاطع آياته وانتهت إليه فواصل كلماته ولم يوجد قبله ولا بعده نظير له. ومن وجوه الإعجاز الأخرى ما انطوى عليه من الأخبار بالمغيبات وما لم يكن فوجد كما ورد، وما أنبأ به من أخبار القرون الماضية والشرائع السالفة.وحديثًا ظهر تيار يعتقد بوجود إعجاز علمي في القرآن، حيث تفسر بعض الآيات على أنها تثبت نظريات علمية لم يكتشفها العالم إلا بعد فترة طويلة جدًا من ظهورالقرآن.

انشقاق القمر

أجمع المفسرون وأهل السنة من المسلمين على وقوع معجزة انشقاق القمر لأجل النبي محمد، كإحدى المعجزات الباهرات، وكان ذلك قبل الهجرة إلى المدينة المنورة. قال عبد الله بن مسعود «انشق القمر على عهد رسول الله فرقتين؛ فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه، فقال رسول الله : «اشهدوا». وقال المشركون: هذا سحرٌ سحركم ابن أبي كبشة، ولكن انظروا إلى من يقدم من السفّار فسلوهم، فقدِموا فسَألوهم فقالوا: رأيناه قد انشق». وفي ذلك نزلت آية من القرآن اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ . يرى معظم المؤرخين الغربيين عدم مصداقية هذه المعجزة محتجين إنكار القرآن نفسه بحدوث معجزات. كما ينكر علماء الفضاء وجود دليل علمي على حدوث انشقاق في القمر.

إخباره عن الغيب

نبوءة النبي محمد حول فتح القسطنطينية، منقوشة على إحدى بوابات آيا صوفيا: "لتفتحنّ القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش". من ذلك إخباره يوم غزوة بدر بمصارع قريش، فلم يحد أحد منهم مصرعه الذي عيّنه، وإخباره عن الحسن بن علي بن أبي طالب أن الله سيُصلح به بين فئتين من المسلمين. وإخباره أن ابنته فاطمة أول أهله لحوقًا به بعد موته، وإخباره بشأن كتاب حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة يخبرهم بنية المسلمين بفتح مكة، ومن ذلك إخباره عن فتح القسطنطينية، ومن ذلك ما قاله حذيفة بن اليمان «قام فينا رسول الله مقامًا فما ترك شيئًا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدثه حفظه من حفظه ونسيه من نسيه.. والله ما ترك رسول الله من قائد فتنة إلى أن تنقضي الدنيا يبلغ من معه ثلاثمائة فصاعدًا إلا قد سماه لنا باسمه واسم أبيه وقبيلته».

نبوع الماء من بين أصابعه تروي كتب الحديث والسيرة وقوع معجزة نبوع الماء من بين أصابع النبي محمد ولم تكن لأحد قبله، والتي قد تكررت في عدة مواطن، حتى عدّ فقهاء المسلمين أن ذلك الماء أشرف أنواع المياه. يروي أنس بن مالكأحد تلك الحوادث قائلاً «رأيت رسول الله وحانت صلاة العصر، فالتمس الوضوء فلم يجدوه، فأتي رسول الله بوضوء، فوضع رسول الله يده في ذلك الإناء، فأمر الناس أن يتوضؤوا منه، فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه، فتوضأ الناس حتى توضؤوا من عند آخرهم».

حديثه مع الحيوانات والجمادات من ذلك سماع صوت تسبيح الحصى في كفه، وتكليم الذراع من الشاة التي سُمَّت بأنها مسمومة، وتسليم الشجر والحجر عليه قبل أن يُبعث، ومشي الشجر له، إذ يروي عمر بن الخطاب فيقول «أَمَر النبي فنادى شجرة من قِبل عَقبة أهل المدينة، فأقبلت تخدّ الأرض (تمشي مسرعة) حتى انتهت إليه فسلّمت عليه، ثم أمرها فرجعت إلى موضعها». ومنها حنين الجذع الذي كان يخطب عليه حين اتخذ المنبر، فاحتضنه وكلّمه، وقال «لو لم أحتضنه لحنّ إلى يوم القيامة». أما معجزاته مع الحيوانات، فمن ذلك قصة البعير الذي اشتكا لمحمد كثرة العمل وقلة العلف، والجمل الذي بكى حين رأى محمدًا وشكا إليه أن صاحبه يجيعه،وجمل آخر يُقبِل على محمد ويخرّ ساجدًا بين يديه بعد أن استصعب على صاحبه.

إبراءه المرضى وذوي العاهات

من ذلك ما رُوي يوم أحد من ردّه عين الصحابي قتادة بن النعمان إلى مكانها بعد أن سالت حدقته على وجنته حتى عادت إلى حالها فكانت أحسن عينيه، ونفثه في عين علي بن ابي طالب وقت غزوة خيبر عندما كان أرمد لا يكاد يبصر. وخبر عثمان بن حنيف أنّ رجلاً ضريرًا جاء محمدًا يريد كشف بصره، فعلّمه أن يقول «اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضيها لي، اللهم شفعه في وشفعني في نفسي»، فأصبح ذلك الرجل بصيرًا.

تراثه


الإصلاح

يرى ويليام مونتغمري واط أن محمدا لم يكن يتعامل مع المواقف المختلفة بالدين فقط وإنما يتعامل معها وفقا للجوانب الفكرية لتلك المواقف والعوامل الاقتصادية والاجتماعية، والضغوط السياسية المعاصرة له. ويقول برنارد لويس إن هناك اثنتين من الرؤى السياسية لمحمد، واحدة تنظر إلى محمد كرجل دولة في المدينة المنورة، والأخرى ترى محمدا باعتباره ثوريا متمردا في مكة. يرى لويس أن الإسلام نفسه كان نوعا من الثورة التي غيرت كثيرا المجتمعات العربية إلى تعاليم وثقافة الدين الجديد. المؤرخون بصفة عامة يتفقون على أن الإصلاحات الاجتماعية الإسلامية في مجالات مثل التضامن الاجتماعي، وبنية الأسرة، والرق، وحقوق النساء والأطفال عملت على تحسين أوضاع المجتمع العربي. فعلى سبيل المثال، وفقا للويس، فإن "الإسلام منذ البداية شجب امتياز الأرستقراطية، ورفض الطبقية، واعتمد صياغة للمهن وفقا للمواهب ". رسالة محمد غيرت المجتمع والنظام الأخلاقي للحياة في شبه الجزيرة العربية من خلال إعادة توجيه المجتمع فيما يتعلق بالهوية والنظرة إلى العالم والطبقية. الإصلاحات الاقتصادية وجهت لمساعدة الفقراء في معاناتهم الناتجة عن النظام السابق في مكة قبل الإسلام. والقرآن يقضي بدفع الزكاة للفقراء. وبالتزامن مع تزايد سلطة محمد في الجزيرة العربية، كان يطالب تلك القبائل التي كانت تريد التحالف معه بتطبيق نظام الزكاة على وجه الخصوص.

السنة

السنة هي كل ما ورد عن محمد من أقوال وأفعال وتقارير. وهي موجودة حاليا في صورة أحاديث يؤمن المسلمون أنها نقلت شفهيا عن الرسول ثم تم تدوينها في كتب الحديث. وعمل علماء الدين المسلمون على إنشاء ضوابط لهذه الأحاديث للتأكد من صحتها، فظهرت مجالات علوم الحديث مثل علم تدوين الحديث وعلم أصول الحديث وعلم مصطلح الحديث وعلم دراية الحديث وغيرها. وتتناول السنة مجموعة واسعة من المجالات مثل شرح القرآن وأسس العقيدة الإسلامية وكيفية أداء الشعائر الدينية؛ وعلى جانب آخر تتناول آدابا عامة مثل آداب الطعام والحديث وحق الطريق وحق الجار؛ كما تحتوي على نصائح للفرد المسلم مثل الحث على النظافة الشخصية. تفاصيل العديد من الشعائر الإسلامية الكبرى مثل الصلوات، والصيام والحج توجد فقط في السنة ولا توجد في القرآن مفصلة. السنة أيضا لعبت دورا رئيسيا في تطوير العلوم الدينية الإسلامية فقد ساهمت بشكل أساسي في تكوين الشريعة الإسلامية، ابتداء من نهاية القرن الإسلامي الأول.

زوجاته وأبناؤه


زوجاته

زوجات محمد يُعرفن في الإسلام بأمهات المؤمنين، وقد اختُلف في عدد زوجات النبي اللاتي دَخَل بهنّ على قولين؛ أنهنّ إثنتا عشر أو إحدى عشر، وسبب الاختلاف هو في مارية القبطية، هل هي زوجة له أم ملك يمين. فالمتَّفق عليه من زوجاته إحدى عشرة. القرشيات منهنّ ست، هن: خديجة بنت خويلد، وسودة بنت زمعة، وعائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وأم سلمة، وأم حبيبة.والعربيات من غير قريش أربع، هن: زينب بنت جحش، وجويرية بنت الحارث، وزينب بنت خزيمة، وميمونة بنت الحارث. وواحدة من غير العرب وهي صفية بنت حيي من بني إسرائيل. وتبقى مارية القبطية وهي من مصر. وتوفِّيت اثنتان من زوجات النبي محمد حال حياته، وهما خديجة بنت خويلد وزينب بنت خزيمة، وتُوفي هو عن تسع نسوة.

أولاده

كان لمحمد من الأولاد ثلاثة بنين وأربع بنات، جميعهم من زوجته خديجة إلا إبراهيم فهو من مارية، وكل أولاده ماتوا في حياته إلا فاطمة فإنها توفيت بعده. وأولادهالبنين هم: القاسم (وبه يُكنّى، توفي وعمره عامان) وعبد الله (الطّيّب الطاهر) وإبراهيم (عاش في المدينة سنة ونصف)، وأما البنات فهنّ: زينب ورقية وأم كلثوموفاطمة. أما زينب فقد تزوجها ابن خالتها أبو العاص بن الربيع قبل الهجرة، وأما رقية وأم كلثوم فقد تزوجهما عثمان بن عفان الواحدة بعد الأخرى، وأما فاطمة فتزوجهاعلي بن أبي طالب بين بدر وأحد، وليس في بناته من كانت لها ذرية إلا ما كان من ذرية فاطمة، فكان لها الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم.
وكل أولاده ماتوا في حياته إلا فاطمة فإنها توفيت بعده

الموالي والإماء

كما امتلك محمد عددا من الموالي، منهم:
  • زيد بن حارثة وكان قد تبناه قبل الإسلام، لكن الإسلام عاد وألغى التبني.
  • أسامة بن زيد.
  • ثوبان بن بجدد.
  • أبو هند.
  • أبو لبابة.

  • ومن الإماء:
  • مارية القبطية وهي جارية أرسلها مقوقس مصر كهدية مع رسول محمد الذي دعاه إلى الإسلام. ويقال إنه تزوجها فيما بعد وهناك مصادر تنفي زواجه بها. وقد أنجب منها ولده إبراهيم.
  • سيرين وهي أخت مارية، أهداها إلى حسان بن ثابت المعروف بشاعر الرسول. وتزوجها حسان لاحقا.
  • ريحانة بنت زيد وهي إحدى سبايا بني قريظة، وقد عرض عليها الدخول في الإسلام والزواج منه إلا أنها رفضت.

  • أسماؤه


    لغويا، يعني اسم "محمد": الشخص المحمود حمدا كثيرا، وتوجد في الآثار الإسلامية أحاديث حول أسمائه مثل:

    روي عن جبير بن مطعم في رواية للبخاري ومسلم، قال :
    محمد (رسول) سمّي لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه أسماء فقال: أنا محمد وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحشَرُ الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي

    روي عن أبي موسى الأشعري في رواية لمسلم، قال :
    محمد (رسول) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمي لنا نفسه أسماء، فقال: أنا محمد وأحمد والمقفى والحاشر ونبي التوبة ونبي الرحمة

    وقد اختلف رجال الدين الإسلامي في أسماء كثيرة، هل تصح نسبتها إلى نبي الإسلام أو لا، فأدى ذلك إلى اختلافهم في تعداد هذه الأسماء فجعلها بعضهم كعدد أسماء الله الحسنى تسعة وتسعين اسما، وعد منها الجزولي في "دلائل الخيرات" مائتي اسم، وأوصلها ابن دحية في كتابه "المستوفى في أسماء المصطفى" نحو ثلاثمائة اسم. وقد كان من أهم أسباب الخلاف أن بعضهم رأى كل وصف وُصف به النبي في القرآن من أسمائه. في حين قال آخرون: إن هذه أوصاف وليست أسماء أعلام. قال النووي: بعض هذه المذكورات صفات، فإطلاق الأسماء عليها إنما هو مجاز. ويقول السيوطي: وأكثرها صفات.
    وقد صنف العلماء في جمع أسماء نبي الإسلام مصنفات كثيرة، تزيد على الأربعة عشر مصنفا، وهي: لابن دحية، والقرطبي، والرصاع، والسخاوي، والسيوطي، وابن فارس، والجزولي، ويوسف النبهاني، وغيرهم. منها: " الرياض الأنيقة في شرح أسماء خيرالخليقة" للسيوطي.
    وقد جمع الحافظ عبد الرحيم العراقي بعض أسماء النبي في أبيات من الشعر، هي:
    محمّد مع المقفّي أحمدا الحاشر العاقب والماحِي الرَّدَى
    وهو المسمى بنَبيّ الرَّحمة في مسلم وبنبيّ التوبة
    وفيه أيضاً بنبيّ الملحمة وفي رِواية: نبيّ المرحمة
    طَهَ ويَاسِين مع الرَّسول كذاك عبداللَّه في التّنزيل
    والمتوكّل النّبيّ الأمِّي والرَّؤوف الرَّحيم أيّ رُحْم
    وشَاهدا مبَشرا نذيرا كذَا سراجاً، صِلْ به مُنِيرا
    كذا به المزَّمِّل المدَّثّر وداعياً للَّه والمُذَكِّر
    ورحمة ونعمةٌ وهادِي وغيرها تجِلُّ عَن تَعدَادِ
    وقد وعى ابن العربيِ سبعة من بعد ستِّين، وقيل: تسعة
    من بعد تسعين، ولابن دحيَةِ: الفحص يوفِيهَا ثَلاَثَ مِئةِ
    وكَونها ألفاً ففِي العارِضَةِ ذكَرَه عن بعض ذي الصُّوفيَّة

    وفي ما يلي بعض ما ورد من أسمائه وصفاته وألقابه:
    محمد، ولم يُسمّ أحد بهذا الاسم قبله إلا قبيل مبعثه عندما سمعت العرب بقرب ظهور نبي باسم محمد، فسمى قوم قليل من العرب أبناءهم بذلك رجاء أن يكون هو النبي..
    أحمد، الاسم الذي أتى بالكتب وبشرت به الأنبياء من قبل.
    أبو القاسم.
    الماحي.
    المقفّي (أي: آخر الأنبياء).
    الحاشر.
    العاقب (أي: آخر الأنبياء).
    نبي التوبة.
    نبي الرحمة.
    نبي المرحمة.
    نبي التوبة.
    نبي الملحمة.
    الرحمة المهداة.
    سيد ولد آدم.
    حبيب الرحمن.
    المختار.
    المصطفى.
    المجتبى.
    الصادق.
    المصدوق.
    الأمين.
    صاحب الشفاعة والمقام المحمود.
    صاحب الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة.
    صاحب التاج والمعراج.
    إمام المتقين.
    سيد المرسلين.
    قائد الغر المحجلين.
    النبي الأمّي.
    رسول الله.
    خاتم النبيين.
    المزمل.
    المدثر.
    المذكر
    المنذر.
    الشاهد.
    المبشر والبشير.
    النذير.
    الداعي إلى الله.
    السراج المنير.
    النور.
    الحق.
    الهادي.
    الكريم.
    الرؤوف الرحيم.
    قدم صدق
    العروة الوثقى.
    الصراط المستقيم.
    النجم الثاقب.
    طه، على خلاف بين العلماء.
    يس، على خلاف بين العلماء.

    صفته الشكلية


    وردت العديد من الروايات عن الصحابة في وصف محمد بن عبد الله. قال الصحابي حسان بن ثابت شاعر الرسول في وصف جمال خلقته:
    وأجمل منك لم تر قط عين وأكمل منك لم تلد النساء
    خلقت مبرءا من كل عيب كأنك قد خلقت كما تشاء

    وقد جمع المسلمون ما توارثوه من وصف خلقة نبيّهم في كتب كثيرة عرفت باسم كتب الشمائل، وأشهر هذه الكتب هو (الشمائل المحمدية)، للترمذي. حيث ذكر فيه أحاديث كثيرة في وصفه، وكان مما جاء فيه مفرقا:
  • جسمه: كان فخما مفخمًا، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه. وكان رجلاً مربوعًا، ليس بالطويل ولا بالقصير، وكان إلى الطول أقرب، لم يكن يماشي أحدًا من الناس إلا طاله، ولا جلس في مجلس إلا يكون كتفه أعلى من الجالسين. وكان معتدل الخَلق، حسن الجسم، متماسك البدن، أنور المتجرد (ما تجرد من جسده).
  • لونه: كان أزهر اللون، ليس بالأبيض الأمهق (أي لم يكن شديد البياض والبرص)، ولا بالآدم (الأسمر)..
  • رأسه وشعره: كان ضخم الرأس، عظيم الهامة. كان شديد سواد الشعر ولم يكن شعره بالجعد القَطَط (شديد الجعودة) ولا بالسَّبِط (المرسل)، كان جعدًا رِجلا (فيه تثن قليل). وكان شعره يصل إلى أنصاف أذنيه حينًا ويرسله أحيانًا فيصل إلى شَحمَة أُذُنيه أو بين أذنيه وعاتقه، وغاية طوله أن يضرب مَنكِبيه إذا طال زمان إرساله بعد الحلق. ولم يحلق رأسه بالكلية في سنوات الهجرة إلا عام الحديبية، ثم عام عمرة القضاء، ثم عام حجة الوداع. كان يرسل شعره، ثم ترك ذلك وصار يفرقه من وسط الرأس. توفي وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء.
  • عنقه: كانت عنقه كأنها جيد دُمية في صفاء الفضة.
  • ذراعاه ويداه: كان طويل الزندين (الذراعين) أشعرهما (كثيرا الشعر)، رحب الراحة (الكف) شثن الكفين والقدمين (غليظ الأصابع)، سائل الأطراف (أصابعه طويلة ليست بمنعقدة).
  • إبطاه: كان أبيض الإبطين، وهي من علامات النبوة.
  • منكباه وصدره وبطنه: كان منكباه واسعين، كثيري الشعر، وكذا أعالي الصدر. وكان عاري الثديين والبطن. سواء البطن والصدر، عريض الصدر. طويل المسربة موصول ما بين اللبة (النقرة التي فوق الصدر) والسرة بشعر يجري كالخيط.
  • مفاصله: كان ضخم الكراديس (المفاصل).
  • خاتم النبوة: غُدّة حمراء مثل بيضة الحمامة، أو مثل الهلال، فيها شعرات مجتمعات كانت بين كتفيه. وهي من علامات النبوة.
  • وجهه: كان أسيل الوجه (المستوي) سهل الخدين ولم يكن مستديرًا غاية التدوير، بل كان بين الاستدارة والإسالة.
  • جبينه: كان واسع الجبين. (ممتد الجبين طولاً وعرضًا) مستويًا.
  • حاجباه: كان حاجباه قويين مقوَّسين، متّصلين اتصالاً خفيفًا، لا يُرى اتصالهما إلا أن يكون مسافرًا وذلك بسبب غبار السفر. بينهما عرق يدرّه الغضب.
  • عيناه: كان أشكل (طويل شِق العينين) أدعج (شديد سواد العينين) في بياضها حمرة (عروق حمر رقاق) وهي من دلائل نبوته. وكانت عيناه واسعتين جميلتين. ذات أهداب طويلة (الرموش) كثيرة حتى تكاد تلتبس من كثرتها. إذا نظر إليه الشخص قال أكحل العينين وهو ليس بأكحل
  • أنفه: يحسبه من لم يتأمله أشم ولم يكن أشم (الشمم ارتفاع في قصبة الأنف مع اسـتواء أعلاه وإشراف الأرنبة قليلا)، وكان مستقيمًا، أقنى (طويلاً في وسطه بعض ارتفاع)، مع دقة أرنبته (هي ما لان من الأنف).
  • فمه وأسنانه: كان ضليع الفم (واسع)، أحسن الناس شفتين وألطفهم ختم فم. أشنب (في أسنانه رقة وتحدد) مفلج الأسنان (متفرق الأسنان) إذا تكلم رؤي كالنور يخرج من بين ثناياه.
  • لحيته: كان حسن اللحية، كثّ اللحية (كثير منابت الشعر)، وكانت عنفقته (هي الشعر الذي يظهر تحت الشفة السفلى وفوق الذقن) بارزة وحولها كبياض اللؤلؤ، في أسفل عنفقته شعر منقاد حتى يصل اللحية.
  • قدماه: كان ضخم القدمين‏، يطأ الأرض بقدمه كلها ليس لها أخمص (الجزء المرتفع عن الأرض من القدم)، وكان منهوس العقبين (قليل لحم العَقِب).

  • وقد اشتهرت قصة عن الصحابية أم معبد حيث وصفته أجمل الوصف والقصة هي:
    عندما كان النبي مهاجرًا من مكة إلى المدينة ومعه أبو بكر، وعامر بن فهيرة مولى أبى بكر، ودليلهم عبد اللَّه بن أريقط اشتد بهم العطش، وبلغ الجوع بهم منتهاه، جاءوا إلى أم معبد ونزلوا بخيمتها، وطلبوا منها أن يشتروا لحمًا وتمرًا، فلم يجدوا عندها شيءًا، فنظر النبي في جانب الخيمة فوجد شاة، فسألها: يا أم معبد هل بها من لبن؟ قالت: لا. هي أجهد من ذلك (أى أنها أضعف من أن تُحلب)، فقال: أتأذنين لى أن أحلبها؟ قالت: نعم، إن رأيت بها حلبًا، فمسح ضرعها بيده الشريفة، وسمَّى اللَّه، ودعا لأم معبد في شاتها، فدرّت واجترّت، فدعاها وطلب منها إناءً، ثم حلب فيه حتى امتلأ عن آخره، وقدَّمه إليها فشربت، حتى رويت، ثم سقى أصحابه حتى رَوُوا، وشرب آخرهم. ثم حلب ثانيًا، وتركه عندها، وارتحلوا عنها. فما لبثت إلا قليلاً حتى جاء زوجها أبو معبد يسوق أَعْنُزًا عجافًا هزالاً، تسير سيرًا ضعيفًا لشدة ضعفها، فلمّا رأى اللبن عجب، وقال: من أين هذا يا أم معبد، والشاة عازب بعيدة عن المرعي، حيال غير حامل، ولا حَلُوبةَ في البيت؟ قالت: مرّ بنا رجل كريم مبارك، كان من حديثه كذا وكذا قال: صفيه لى يا أم معبد. فقالت: إنه رجلٌ ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه (أى أبيض واضح ما بين الحاجبين كأنه يضيء)، حسن الخِلقة، لم تُزْرِ به صِعلة (أى لم يعيبه صغر في رأس، ولا خفة ولا نحول في بدن)، ولم تَعِبْه ثجلة (الثجلة: ضخامة البطن)، وسيمًا قسيمًا، في عينيه دَعَج (شدة سواد العين)، وفى أشفاره عطف (طول أهداب العين)، وفى عنقه سَطَع (السطع: الطول)، وفى صوته صَحَل (بـحّة)، وفى لحيته كثافة، أحور أكحل، أزَجُّ أقرن (الزجج: هو تقوس في الحواجب مع طول وامتداد، والأقرن: المتصل الحواجب)، إن صمتَ فعليه الوقار، وإن تكلم سَمَا وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحسنه وأجمله من قريب، حلو المنطق، فصل، لا نزر ولا هَدر، وكأن منطقه خرزات نظم تَنحدر (أي: كلامه بيّن وسط ليس بالقليل ولا بالكثير)، رَبْعَة لا تشنؤه من طول، ولا تقتحمه العين من قِصر، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظرًا، (تقصد أبا بكر، وابن أريقط؛ لأن عامر بن فهيرة كان بعيدًا عنهم يعفى آثارهم) أحسنهم قدرًا، له رفقاء يحفّون به، إن قال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا إلى أمره، محفود محشود (أى يحفه الناس ويخدمونه). لا عابس ولا مُفنّد (المفند هو ضعيف الرأي). فقال أبو معبد: هو واللَّه صاحب قريش، الذي ذُكر لنا من أمره ما ذُكر بمكة، ولو كنت وافقتُه لالتمستُ صحبته، ولأفعلن إن وجدتُ إلى ذلك سبيلاً، فأعدت أم معبد وزوجها العدة؛ كى يلحقا برسول الله في المدينة، وهناك أسلما، ودخلا في الإسلام.

    مقتنياته


    الأفراس
    سَكْب، وهو أول فرس ملكه، سمي بذلك لسرعة جريه.
    لِزَاز.
    ظَرِب.
    سَبْحَة.
    مُرْتَجِز.
    وَرْد.
    لَحِيْف.
    مُلاَوِح.
    الطِّرْف.
    ضَرْس.
    شَحَا.
    مَنْدُوب.
    مِرْوَاح.
    بَحْر.
    أَدْهَم.
    نَجِيْب.
    أَبْلَق.
    مُرْتَجِل.
    يَعْسُوب.
    سِرْحَان.
    الْعُقَّال.
    سِجْل.
    يَعْبُوب.
    البغال
    بغلة أهداها له الأكيدر.
    بغلة أهداها له النجاشي.
    دُلْدُل.
    فِضَّة.
    الأَيْلِيَّة.
    الإبل
    الْحِنَّاء.
    عُرَيِّس.
    بُغُوم.
    السَّمْرَاء.
    بُرْدَة.
    الْمَرْوَة.
    السَّعْدِيَّة.
    حَفِدَة.
    مُهْرَة.
    الْيَسِيْرَة.
    زَيَّاء.
    الشَّقْرَاء.
    الصَّهْبَاء.
    العَضْبَاء.
    الجَدْعَاء.
    الْقَصْوَاء.
    الحمير
    عُفَيْر.
    يَعْفُور.
    حمار أهداه له سعد بن عبادة.
    الدروع
    السُّغْدِيَّة.
    ذَاتُ الْفُضُول.
    فِضَّة.
    ذَاتُ الْحَوَاشِي.
    ذَاتُ الْوِشَاح.
    الْخِرْنِق.
    الْبَتْرَاء.
    الأقواس
    الرَّوْحَاء.
    قوس شَوْحَط.
    قوس نبع.
    الكتوم.
    الزوراء.
    السيوف
    الحَتف.
    ذو الفِقار.
    مأثور.
    العَضب.
    البتّار.
    مِخذم.
    رَسُوب.
    القَلَعِي.
    القضيب.

    وجهات النظر المختلفة حول محمد


    المسلمون

    محراب النبي محمد الذي كان يصلي فيه في المسجد النبوي، والذي يتدافع المسلمون عنده حرصًا منهم على الصلاة فيه. يعتبر المسلمون محمدا آخر الأنبياء والمرسلين فلا نبي بعده، وأن رسالته موجهة للناس كافة، وبموته انقطع الوحي إلى يوم القيامة. وتعد شهادة أن محمدا رسول الله الشطر الثاني من الشهادتين -الشرط الأساسي لدخول الإسلام-.
    يرى المسلمون في محمد الإنسان الكامل عقلا وخلقا ودينا، ومعصوما من الخطأ، والأسوة الحسنة التي ينبغي على كل إنسان التأسي بها. كما يؤمنون بكونه سيد البشر جميعا وأفضل الأنبياء والرسل وأفضل من الناس جميعا. ويؤمنون بأنه سيشفع لهم يوم القيامة عند الله ليتغاضى عن ذنوبهم ويدخلهم الجنة.
    يحتل محمد مكانة مقدسة بين المسلمين مهما تفاوتت درجة تدينهم، فيرفضون الحديث عنه بسوء، ويرفض المسلمون السنة تمثيله بالصور أو الصوت. يحتفل المسلمون بمولد محمد في كافة أنحاء العالم الإسلامي باستثناء السعودية نظرا لحكمها بنظام سلفي. وتنتشر في بعض الأوساط الإسلامية بعض الممارسات المتعلقة بمحمد مثل الحضرة والمديح والتوسل بالنبي، كما تعد زيارة مسجده من السنن.
    يعمل المسلمون على تمييز اسم محمد عند حديثهم عنه اتباعا لتعاليم القرآن، وتقديرا واحتراما له. فعادة ما يشار إليه "رسول الله" أو "سيدنا محمد" أو "النبي"، ويتبعون اسمه بالصلاة والسلام عليه بقولهم "عليه الصلاة والسلام" أو "صلى الله عليه وسلم" أو "صلى الله عليه وآله وسلم" وغيرها من الصلوات الأخرى، وهذا كذلك اتباعا لأمر قرآني بالصلاة عليه فضلا عن وجود أحاديث توضح كيفية الصلاة على النبي وفضلها، حيث يؤمن المسلمون أن محمدا يشفع لمن يصلي عليه. وقد وصف محمد في أحد الأحاديث من لا يصلي عليه بالبخيل.

    نظرة الغرب لمحمد

    كان لدى أوروبا في الحقبة اللاتينية من العصور الوسطى كمية جيدة من المعلومات الدقيقة حول حياة محمد، ولكن هذه المعلومات تفسر بشكل يظهر محمدا في صورة دجال يطمح إلى السلطة والقوة، وعمل على إغواء أتباعه من العرب المسلمين لغزو البلاد المحيطة خلف ستار ديني. بعض مسيحيي العصور الوسطى قالوا بأنه توفي عام 666 في إشارة لرقم الشيطان. وقام آخرون بتحريف الاسم من محمد إلى ماهوند Mahound وتعني الشيطان المتجسد. يقول برنارد لويس أن مصطلح ماهوند تطور ليصور محمدا كشيطان أو إله مزيف يعبد مع "أبولو" و"ترماغانت" في ثالوث غير مقدس. وفي وقت لاحق من القرون الوسطى، قدم ليفير دو تريزور عملا يمثل محمدا كراهب سابق وكاردينال. الكوميديا الإلهية لدانتي (الكانتو الثامن والعشرون XXVIII) قدمت محمدا بالإضافة إلى علي، في الجحيم " بين رؤوس الفتنة والانشقاقيين، ويتم تجريحهم بواسطة الشياطين مرارا وتكرارا."
    بعد حركة الإصلاح الديني في أوروبا، لم يعد يُنظر إلى محمد كإله أو وثن، ولكن بقيت فكرة كونه مدعيا طموحا. غيوم بوستيل كان من أوائل الذين قدموا رؤية أكثر إيجابية لمحمد. باولاينفيليرز وصف محمدا كزعيم سياسي موهوب ومشرع قوانين فحسب. غوتفريد لايبنتز أشاد بمحمد لأنه لم ينحرف عن الدين الطبيعي على حد تعبيره. توماس كارليل وصف محمدا بالروح العظيمة الصامتة، وواحد من الذين لا يمكن إلا أن يكونوا جادين. إدوارد جيبون في كتابه تاريخ سقوط وأفول الإمبراطورية الرومانية قال: "ويلاحظ أن الحس السليم لمحمد جعله يحتقر أبهة الملوك". وفي نظرة مخالفة وصفه فريدريش مارتن فون بودنشتاد (1851) بالمدمر المشؤوم، ونبي للقتل. الأعمال اللاحقة بداية من القرن الثامن عشر ابتعدت عن ذلك الجدال حول نبوة محمد، وتم إيلاء المزيد من الاهتمام إلى الجانب الإنساني، والعوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية أكثر من النواحي الدينية واللاهوتية والمسائل الروحية.
    مع مطلع الجزء الأخير من القرن العشرين، تغيرت فكرة الباحثين الغربيين واتجهت إلى التعاطف مع قضيته، وخاصة مع الوعي بالحقائق الدينية والروحية للمشاركين في دراسة حياة مؤسس دين عالمي رئيسي. ووفقا لواط وريتشارد بيل، فإن الكتاب في تلك الآونة رفضوا فكرة أن محمدا تعمد خداع أتباعه، معتقدين أنه كان أمينا تماما وتصرف بحسن نية كاملة. واط يقول إن الإخلاص لا يعني صحة مباشرة فقد يكون محمد اعتقد خطأ أن خواطر لا شعورية من عقله الباطن هي وحي إلهي. واط ولويس يجزمان بأن النظر لمحمد كمُدّعٍ طموح يسعى لتحقيق ذاته يجعل من المستحيل فهم كيفية تطور الإسلام. ويقول ولش إن محمدا كان قادرا على إحداث ذلك التأثير والنجاح بفضل إيمانه الراسخ برسالته. كما بدا محمد على استعداد لتحمل المشاق من أجل قضيته، حتى عندما لا يوجد أي أساس منطقي للأمل كان يبدو عليه الإخلاص حسبما قال لويس.
    حديثا، وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ظهر تيار منتقد لمحمد ربما بسبب الخلط بين تصرفات الإرهابيين والمتطرفين الإسلاميين ورسالة الإسلام بشكل عام. ويُرجع أنصار هذا التيار سبب العنف الموجود في العالم الإسلامي إلى تعاليم الإسلام ومحمد، وأنتجوا أعمالا ينتقدون فيها محمدا مثل كتاب نبي الخراب، فيلم فتنة، والرسوم الكاريكاتورية في صحيفة يولاندس بوستن.

    وجهات نظر أخرى

  • البابية والبهائية والأحمدية تعتبر محمدا أحد الأنبياء والرسل، لكنه ليس آخرهم فهناك من بعده حسب رأيهم الباب والبهاء وميرزا غلام أحمد القادياني، ويعتبرون تعاليم محمد منسوخة بتعاليمهم.
  • في ديانة الثيليما يعد محمد أحد قديسي إكليزيا غنوستيكا كاثوليكا (بالإنجليزية: Saints of Ecclesia Gnostica Catholica‏) (الكنيسة المعرفية الكاثوليكية).
  • يعده ناناك مؤسس الديانة السيخية أحد رسل البراهما.
  • الحاخام اليهودي موسى بن ميمون يعتبره ساعد بتأسيسه للديانة الإسلامية على إعادة الناس إلى الله بعد أن كانوا يعبدون الأوثان فيما يعتبرها خطوة تمهيدية لظهور الماشيح وتوحيد العالم على عبادة الله.
  • كما تعتبره كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة من الإصلاحيين مثله مثل كونفوشيوس وكذلك الفلاسفة مثل سقراط وأفلاطون وغيرهم، وسيأخذون الجزاء عند الله على ضوء القيم الأخلاقية التي أعطيت لهم، ولدعوتهم للتنوير وتحقيق مستوى أعلى من التفاهم بين الأفراد.

المراجع

ويكيبيديا الموسوعة الحرة

التصانيف

أشخاص تعرضوا لمحاولة اغتيال  أعلام مكة  أنبياء ورسل  أنبياء ورسل بحسب المعتقد الإسلامي  إسلام  المدينة المنورة  تاريخ قريش  زعماء مسلمون  سياسيون عرب  شخصيات ذكرت في القرآن  عصر نبوي  مؤسسو أديان  محمد بن عبد الله  مسلمون عرب  مواليد عقد 570  مواليد 53 ق هـ  مواليد 571  وفيات 11 هـ  وفيات 632