البروة (فلسطين)

كانت القرية مشيدة على تلة صخرية تتدرج في اتجاه سهل عكا. وكانت تبعد مسافة قصيرة إلى جهة الجنوب الشرقي من ملتقى طريقين عامين, يؤدي احداهما إلى عكا والأخر إلى حيفا. وقد مر بقرية سنة 1047 الرحالة الفارسي ناصر خسرو ( توفي سنة 1084), وقام بتسميتها بروة أما الصليبيون فكانوا يطلقون عليها بروية.

وكانت القرية قائمة حول تقاطع طريقين, وبيوتها مبنية بالحجارة والطين ومسقوفة بالخشب والطين. في عام 1569 كانت البروة قرية في ناحية عكا ( لواء صفد) وعدد سكانها 121 نسمة. وكانت تدفع الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير والفاكهة بالإضافة إلى عناصر أخرى من الإنتاج كالماعز وخلايا النحل.

في نهاية القرن التاسع عشر كانت البروة قرية كبيرة تقع على طرف سهل, وفيها بئر إلى الجنوب وشجر زيتون إلى الشمال أما سكانها المقدر عددهم بنحو 900 نسمة فكانوا يزرعون نحو 500 فدانا( الفدان = 100 ؟ 250 دونما).

كبرت القرية واتسعت اتساعا هائلا عبر فترة الانتداب عندما درج الناس على بناء البيوت بالسقوف المصنوعة من الاسمنت وكان السكان يتألفون من 1330 مسلما و 130 مسيحيا. وكان في البروة مسجد وكنيسة مدرستان احداهما للبنين, قامت الدولي العثمانية ببنائها سنة 1882 أما الثانية وهي للبنات فقد تأسست في 1942 \ 1943. وكانت الزراعة تمثل العصب الرئيس لاقتصاد القرية فكان سكانها يزرعون القمح والشعير والذرة والسمسم والبطيخ في 1944\ 1945 كان ما مجموعه 8457 دونما مخصصا للحبوب و 1548 دونما مرويا أو مستخدما للبساتين منها 1500 دونم غرست فيها أشجار الزيتون منها اثنتان تعملان بجر الحيوانات والثالثة ميكانيكية للزيتون, وكان ثمة تل ( تل بير الغربي 166256) يقع إلى الغرب من القرية مباشرة وقد عثر فيه على مصنوعات يعود تاريخها إلى ما بين سنة 2300 وسنة 900 قبل الميلاد ولعل هذا التل كان مصدرا للحجارة المقطعة لأبنية القري.

حيث انه في عشية الهدنة الأولى في الحرب حاولت القوات الإسرائيلية تحسين مواقعها في الجليل الغربي عن طريق  السيطرة على التلال الموازية للساحل. واستنادا( إلى تاريخ حرب الاستقلال), نجحت تلك القوات في احتلال البروة والمواقع المشرفة على القرية آنئذ( تقريبا في 11 حزيران \ يونيو 1948). ومن المرجح أن يكون هذا التقدم قام به لواء كرملي عقب عملية بن عمي ( انظر الغابسية, قضاء عكا). وقد استمرت المعارك في هذه المنطقة على الرغم من إعلان الهدنة. وأعلن الجيش الإسرائيلي في 25 حزيران \ يونيو أن قواته اصطدمت مع وحدات عربية في البروة و أوقعت في صفوفها 100 إصابة. وأورد مراسل صحيفة(نيورك تايمز)تقريرا فحواه أن القتال القرية استمر يومين, وان مراقبي الأمم المتحدة وصلوا إلى المكان للتحقيق في خر وقات وقف وطلاق النار. وأضافت التقارير إن القرية( كانت تحت سيطرة حامية إسرائيلية صغيرة قبل الهدنة) ثم (سقطت في يد العرب عندما قامت قوات انطلقت من الناصرة بهجوم مباغت واستعادت السيطرة على القرية).

 

وفي السنوات اللاحقة وصف بعض سكان القرية الوضع في البروة بتفصيلات أدق وروى رواية تختلف إلى حد ما عن رواية الهاغاناه والصحافة الأجنبية. واستنادا إلى رواية سكان القرية فان الاشتباك في قريتهم دار بين الهاغاناه ومجموعة من السكان المسلحين تسليحا خفيفا وقال شهود عيان, أجرى المؤرخ الفلسطيني نافذ نزال مقابلات معهم إن القوات الصهيونية دخلت القرية صباح 11 حزيران \ يونيو, قبل الهدنة الأولى مباشرة. وقد اختبأ نحو 45 من المسنين في الكنيسة مع الكاهن. وبعد أن قتل بعض المدافعين في الهجوم انسحب الآخرون عندما نفذت ذخيرتهم واحتمى سكان القرية بالقرى المجاورة مدة 13 يوما تقريبا, ثم قرروا العودة إلى قريتهم لحصاد مزروعاتهم قبل أن تفسد وتجمع نحو 96 رجلا مسلحين بالبنادق وعدد مماثل من الرجال والنساء غير المسلحين قرب الخطوط الأمامية لجيش الإنقاذ العربي. ( لم يشارك جيش الإنقاذ لأنه لم يتلق الأوامر بذلك). ومن ثم اخترقوا الخطوط هاتفين الله اكبرواستعاد احد سكان القرية ذكرياته قائلا: كان المسلحون في الصف الأمامي للهجوم وتبعهم الرجال غير المسلحين الذين كانوا يحملون المعاول والفؤوس والعصي والتقطوا بنادق الذين سقطوا في القتال ثم أتت النسوة في المؤخرة يحملن الماء لإسعاف المصابين.

وقد فاجىء سكان القرية المحتلين الصهيونيين فهاجموهم من ثلاث جهات إلى الانسحاب إلى منطقة تبعد نحو نصف كيلومتر إلى الغرب من البروة. وحصدوا زرعهم الذي كانت وحدات الهاغاناه حصدت جزءا منه قبلا, وظلوا في القرية يومين, أي حتى 24 حزيران \ يوينو. واقترح جيش الإنقاذ عندها أن يلتحق سكان القرية بعائلاتهم في القرى المجاورة وسيطر الجيش على القرية. لكن, في مساء اليوم ذاته شن الصهيونيون هجوما مضادا فانسحب جيش الإنقاذ الأمر الذي أدى إلى سقوط القرية مجددا وظل كثيرون يعيشون في ضواحي البروة وفي القرى المجاورة مدة طويلة كما نجح بعضهم في العودة إلى القرية واستعادة بعض الممتلكات.

ولم تتم السيطرة بشكل كلي على القرية إلا بعد انتهاء المرحلة الأولى من عملية ديكل( انظر عمقا قضاء عكا) , وبعد انتهاء الهدنة الأولى أي في وسط تموز \ يوليو 1948 تقريبا في جوار القرية. لكن مع بدء الهدنة الثاينة في 18 تموز \ يوليو, كانت القرية واقعة بوضوح خلف الخطوط الإسرائيلية.

القرية اليوم

ظل منها اليوم ثلاثة منازل ومقامان ومدرسة. واحد المقامين مبني بالحجارة وله قبة خفيفة الانحناء تغطي السقف بكامله. أما بناء المدرسة فشبيه ببناء مدرسة قولة ( انظر قولة, قضاء الرملة). وهذه الحشائش. وفي جوار الموقع بعض القبور المهملة. ويزرع سكان مستعمرة احيهود بعض أجزاء الموقع وبعض الأراضي.

المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية

 

في 20 آب \ أغسطس 1948 لحظت خطة أولية, تقدم الصندوق القومي اليهودي بها إلى الحكومة الإسرائيلية, بناء مستعمرة في موقع القرية. وفي 6 كانون الثاني \ يناير 1949 ,دشن كيبوتس يسعور(166256) في الموقع, وهكذا تم تهويد البروة بصورة رسمية وفي سنة 1950و أنشئت مستعمرة احيهود ( 166256) في الجزء الغربي من أراضي القرية.



المراجع

palestineremembered.com

التصانيف

قرى فلسطينية مهجرة   الجغرافيا   قرى   فلسطين