جهنم
المصطلح الإسلامي للجحيم (بالعبرية: جي هِنَّوم) (باليونانية: ge-hinnom) والتي تعني وادي هانوم، وهو وادٍ خارج القدس يحيط بالبلدة القديمة، استخدمه العهد الجديد بإسلوب مجازي ليشير إلى العذاب وذكره القرآن، حيث يعتقد المسلمون والمسيحيون أن جهنم شديدة الحرارة, قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم : "ناركم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم." وشديدة البرودة, قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم : "إن أشد ما تجدون من البرد من زمهرير جهنم." وأنها سوداء كسواد الليل، وأن لها طبقات. كما دلّ القرآن على أنّ الذين أشركوا بالله أو كفروا به سيدخلون جهنم. وقيل أن وادي سقر في جهنم.
جهنم هي مكان تعذيب وانتقام الله من الكافرين وممن عصاه حسب ما دل على ذلك القرآن الكريم والكتب السماوية (التوراة والإنجيل)، يدخلها من كتب عليه الله الشقاء بعد الحساب يوم القيامة. تعتبر جهنم من الغيبيات التي لا يمكن وصفها لما فيها من شدة العذاب والتنكيل، اطلع عليها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ومن شاء الله من الصالحين من عباده. وصف القرآن الكريم عذاب جهنم بأنه عذاب عظيم أليم مهين عليها ملائكة شداد غلاظ. خزنة جهنم يسمون الزبانية، كبير خزنة جهنم إسمه مالك رآه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ووصفه بأنه كريه المنظر لا يبتسم.
جهنم في الجاهلية
عرف العرب قبل الإسلام جهنم كمكان غير محبًب، والدليل شعر الفارس الجاهلي المشهور عنترة:
لا تسقني ماء الحياة بذلة بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
ماء الحياة بذلة كجهنم وجهنم بالعز أطيب منزل
جهنم في الديانات الإبراهمية
يتشابه وصف جهنم ومفهوم عذاب الله في الآخرة في الديانات الإبراهمية الثلاث: الإسلام، المسيحية واليهودية حيث تتفق هذه الديانات في أمور منها:
- جهنم هي من الغيبيات في الآخرة، أعدها الله لمن عصاه في هذه الدنيا.
- خلق الله جهنم ليعذب فيها من شاء من مخلوقاته وليس فقط للإنسان. فالجن والشياطين والإنسان ومن شاء الله من مخلوقاته يعذبون في جهنم.
- يدخل جهنم صنفين: من كفر بالله عز وجل ولا يؤمن به، من آمن بالله ولكن عصا أوامره واستكبر.
- ينقسم عذاب جهنم إلى جزأين: عذاب عام وهو النار، عذاب خاص على كل معذب لما اقترف في الدنيا وهو ما يسمى بعذاب الحواس، فمن كان يكذب ويمشي بالنميمة ويبث الفتنة يعذب في لسانه، ومن كان يزني يعذب في فرجه، ومن كان يقتل الناس يعذب في أطرافه ...
- عذاب جهنم أبدي لا ينقطع ولا يخفف عن الخالدين فيه.
جهنم في المعتقد الإسلامي
- وفي الحديث الصحيح " ناركم هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم " متفق عليه.
- وكذلك حديث " يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل سبعون ألف ملك يجرونها " رواه مسلم
- وحديث " منهم من تأخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حجزته، ومنهم من تأخذه إلى ترقوته " رواه مسلم. والحجزة معقد الإزار. والترقوة العظم الذي عند ثغرة النحر وللإنسان ترقوتان جانبي النحر.
- وفيه " إن أهون أهل النار عذابًا من له نعلان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل (القدر) ما يرى أنَّ أحداً أشد منه عذابًا وإنه لأهونهم عذابًا " متفق عليه.
من أسمائها المتعددة
لجهنم أسماء عديدة نذكر منها:
- جهنم {إِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ*}
- الجحيم{الَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ*}
- النار{فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ*}
- الحطمة{كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * }
- سقر{يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ*}
- الهاوية{وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ* نَارٌ حَامِيَةٌ * }
- السعير{قَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ*}
أهل النار
وأهلها على الحقيقة هم الكفرة والمشركون، فهم خالدون مخلدون فيها، كما قال تعالى:{ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * } (سورة البقرة، الآية 24) وفي الصحيحين أن الله تعالى يأمر آدم أن يخرج بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، فشق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إن من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعين ومنكم واحد ". وورد في جملة من الأحاديث الصحيحة أن أكثر بني آدم من أهل النار، وأن أتباع الرسل قليل بالنسبة إلى غيرهم، وغير أتباع الرسل كلهم في النار، إلا من لم تبلغه الدعوة أو لم يتمكن من فهمها، وقد ورد في الأحاديث أن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة، وهي من كان على مثل ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهم المتمسكون بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذه هي الفرقة الناجية وحدها. والقرآن يدل على أن أكثر الناس في النار وهم الذين اتبعوا الشيطان، وأما عصاة الموحدين فأكثر من يدخل النار منهم النساء كما في الصحيحين في خطبة صلاة الكسوف وغيرها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء " متفق عليه.
صفات أهل النار
من صفات أهل النار ما ذكره الله بقوله:{ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ
- وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ* حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ * } (سورة المدثر، الآية 42-47). فكان من أسباب دخولهم النار أنهم لا يصلون ولا يزكون، وخوضهم في الباطل، وتكذيبهم بيوم الجزاء يوم القيامة حتى ماتوا على هذه الحالة. وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ألا أخبركم بأهل النار كل عتل جواظ مستكبر " والعتل الغليظ الجافي، والجواظ الذي جمع ومنع، والمستكبر المتعاظم في نفسه، الذي يرد الحق، ويحتقر الناس كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " الكبر بطر الحق وغمط الناس " وبطر الحق رده وغمط الناس احتقارهم، وقال تعالى: { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ*} (سورة الزمر، الآية 60). وقد تبين من الأحاديث الواردة في هذا الباب أن صحة الجسد وقوته، وكثرة المال والتنعم بشهوات الدنيا، والتكبر والتعاظم على الخلق هي من صفات أهل النار. وفي صحيح مسلم: أهل النار خمسة:
- الضعيف الذي لا زبر له، أي لا قوة له ولا حرص على ما ينفعه.
- الخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق، إلا خانه ويدخل في ذلك التطفيف في المكيال والميزان، وكذلك الخيانة في الأمانات، ويدخل في ذلك من خان الله ورسوله بارتكاب المحارم سراً مع إظهار اجتنابها.
- المخادع الذي دأبه مخادعة الناس صباحاً ومساءً، مخادعة الناس على أهليهم وأموالهم، والخداع من أوصاف المنافقين، ومعناه إظهار الخير وإضمار الشر بقصد التوصل إلى أموال الناس وأهليهم والانتفاع بذلك، وهو من جملة المكر والحيل المحرمة، وفي الحديث: " من غشنا فليس منا والمكر والخداع في النار ".
- الكذب والبخل، وكلاهما ينشأ عن الشح وهو شدة حرص الإنسان على ما ليس له من الوجوه المحرمة، وينشأ عنه البخل وهو إمساك الإنسان ما في يده والامتناع عن إخراجه في وجوهه التي أمر بها، وهذا الصنف هو البخيل. فالشحيح أخذ المال بغير حقه والبخيل منعه من حقه.
- الشنظير وفسر بالسيء الخلق والفاحش، وفي الصحيحين عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن من شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه " وفي الترمذي: " إن الله يبغض الفاحش البذيء " وهو الذي يتكلم بالفحش ورديء الكلام. فالفاحش هو الذي يفحش في منطقه، ويستقبل الرجال بقبيح الكلام من السب ونحوه.
أول من يدخل النار من عصاة الموحدين
خرج الإمام أحمد من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عرض علي أول ثلاثة يدخلون الجنة وأول ثلاثة يدخلون النار، فأما أول ثلاثة يدخلون الجنة فالشهيد وعبد مملوك لا يشغله رق الدنيا طاعة ربه، وفقير متعفف ذو عيال، وأول ثلاثة يدخلون النار فأمير مسلط، وذو ثروة مال لا يؤدي حق الله منه، وفقير فخور ". وخرج الترمذي أوله وقال: حديث حسن وأوصاف هؤلاء الثلاثة هي الظلم والبخل والكبر. وقد أنذرنا ربنا منها بقوله {وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * }
أسباب عذاب النار
ولعذاب النار سببان رئيسيان أحدهما تكذيب القلب بخبر الله ورسوله، والثاني إعراض البدن عن طاعة الله ورسوله{ إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * }
طعام وشراب أهل النار
- وطعام أهل النار الضريع وهو شجر قد بلغ غاية الحرارة والمرارة وقبح الرائحة وهو الزقوم، أو غيره، وكذا الغسلين وهو صديد أهل النار، نعوذ بوجه الله منها.
- شراب أهل النار الحميم الذي بلغ غاية الحرارة إذا قرب من وجوههم شواها، فإذا شربوه قطع أمعاءهم {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ * }
لباسهم
لباس أهل النار القطران والحديد ولهم ثياب من نار.
مكان جهنم ووصفها
- مكان النار سجين (قيل هي الأرض السابعة السفلى)، كما أن العرش سقف الجنة، فالمخلوقات كلما ارتفعت اتسعت، وكلما هبطت تضايقت، فالجنة في أوسع مكان وأعلاه، والنار في أسفل * مكان وأضيقه، نعوذ بوجه الله منها ومما يقرب إليها.
لجهنم سبعة أطباق وهي: جهنم، ولظى، والحطمة، والسعير، وسقر، والجحيم، والهاوية.
- قعر جهنم مسافة سبعين عاما، كما في الأحاديث التي رواها مسلم وغيره.
أبواب جهنم وأسوارها
أبواب جهنم مغلقة على أهلها كما قال تعالى: { عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ
- } (سورة البلد، الآية 20).
أبواب جهنم مغلقة قبل دخول أهلها إليها لقوله تعالى:{ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ * } (سورة الزمر، الآية 71) في وجوههم.
إحاطة سرادق جهنم بالكافرين قال الله تعالى:{وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا * } (سورة الكهف، الآية 29) وهو كل ما أحاط بشيء نحو الحائط.
لونها
جهنم سوداء، وأهلها سود، وكل شيء فيها أسود، وقد دل على سواد أهلها قوله تعالى: { وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * } (سورة يونس، الآية 27) وقوله تعالى: { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * } (سورة آل عمران، الآية 106)، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن من عصاة المسلمين من يحترق في النار حتى يصير فحما.
شدة حرها
قال الله تعالى: { فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ
- } (سورة التوبة، الآية 81) وفي الصحيحين " اشتكت النار إلى ربها فقالت: أكل بعضي بعضا. فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف. فأشد ما تجدون من الحر من سمومها، وأشد ما تجدون من البرد من زمهريرها ". وفيهما أيضا: " ناركم هذه التي يوقد بنو آدم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم ".
أوقات تسعيرها
تسجر جهنم أي تسعر كل يوم نصف النهار، وتسعر أحيانا في غير نصف النهار، وتسعر أيضا يوم القيامة. قال الله تعالى: { وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ
- } (سورة التكوير، الآية 12). ومعنى ذلك أوقدت مرة بعد مرة بخطايا بني آدم التي تقتضي غضب الله عليهم فتزداد تلهبا وتسعراً. وتسعر على أهلها بعد دخولهم إليها كما قال تعالى:{ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا * }(سورة الإسراء، الآية 97) فكلما طفئت أوقدت ناراً تسعر وتتلهب.
غضب جهنم وزفيرها
وفي تغيظها وزفيرها قال الله تعالى:{ إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا
- }
نار جهنم
وفي ذكر دخانها وشررها ولهبها قال الله تعالى:{ وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * } فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ { وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ
- } (سورة الواقعة، الآية 41-44) وهذه الآية تضمنت ذكر ما يتبرد به في الدنيا من الكرب والحر وهو ثلاثة أنواع: الماء والهواء والظل، فهواء جهنم السموم وهو الريح الشديدة الحر، وماؤها الحميم الذي قد اشتد حره، وظلها اليحموم وهو قطع دخانها.
سلاسل وأغلال جهنم
وفي ذكر سلاسلها وأغلالها وأنكالها قال الله تعالى: { إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا * } (سورة الإنسان، الآية 4)، وقال تعالى:{ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * } (سورة سبأ، الآية 33)، وقال تعالى:{ إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا
- وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا*} (سورة المزمل، الآية 12-13) . فهذه ثلاثة أنواع من العذاب: أحدها الأغلال وهي في الأعناق، الثاني الأنكال وهي القيود، الثالث السلاسل. قال الله تعالى: { ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * } (سورة الحاقة، الآية 32) تدخل السلسلة من دبره حتى تخرج من فمه كما ينظم الدجاج في الحديد ليشوى.
حجارة جهنم
وفي ذكر حجارتها قال الله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ
- } (سورة التحريم، الآية 6) وقال تعالى{ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * } (سورة البقرة، الآية 24)، واختلف المفسرون في هذه الحجارة فقالت طائفة منهم الربيع بن أنس: الحجارة هي الأصنام التي عبدت من دون الله كما قال تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ * } (سورة الأنبياء، الآية 98)، وأكثر المفسرين على أن المراد بالحجارة الكبريت توقد بها النار، ويقال إن فيها خمسة أنواع من العذاب ليست في غيرها من الحجارة: سرعة الإيقان، ونتن الرائحة، وكثرة الدخان، وشدة الالتصاق بالأبدان، وقوة حرها إذا أحميت.
طعام وشراب أهل النار
تقدم الكلام على طعام أهل النار وشيء من شرابهم، وقد ذكر الله تعالى من شرابهم أربعة أنواع وهي:
- الحميم وهو الحار الذي يحرق ويشوي الوجوه ويقطع الأمعاء.
- الغساق وهو البارد الشديد البرد.
- الصديد يعني القيح والدم والعرق.
- الماء كالمهل أي كالزيت المحروق أسود غليظ منتن.
- وكان كثير من السلف من الخائفين ينغص عليهم ذكر طعام أهل النار وشرابهم طعام الدنيا وشرابها حتى يمتنعوا من تناوله أحيانا لذلك، فكان الإمام أحمد يقول: الخوف يمنعني من أكل الطعام والشراب فلا أشتهيه.
أغطيتهم وفراشهم
{ لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ * } (سورة الأعراف، الآية 41) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ "فراش" وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ "غطاء ولحف".
خلقة أهل النار وأشكالهم
وفي عظم خلق أهل النار فيها وقبح صورهم وهيئاتهم، خرج البخاري من حديث أبي هريرة: " ما بين منكبي الكافر مسيرة ثلاثة أيام للراكب السريع " وخرجه مسلم ولفظه عن أبي هريرة يرفعه قال: " ما بين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع "، وخرج مسلم أيضا عن أبي هريرة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: " ضرس الكافر أو ناب الكافر مثل أُحد وغلظ جلده مسيرة ثلاثة أيام ".
من أشكال عذاب أهل النار
قال الله تعالى:{ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ * } (سورة المؤمنون، الآية 104). عن أبي سعيد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: " وهم فيها كالحون تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته " خرجه الإمام أحمد والترمذي والحاكم وقالا: صحيح.
- ومن عذاب أهل النار سحبهم على وجوههم: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ * } (سورة القمر، الآية 48).
ومن أهل النار من يعذب بالصعود إلى أعلى النار ثم يهوى فيها.
- قاتل نفسه المنتحر في النار، في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: " من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأبها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلدًا فيها أبداً، ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلدًا فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ".
- ومن أهل النار من يدور في النار ويجر أمعاءه كما في الصحيح عن أسامة بن زيد.
- ومن أهل النار من يلقى في مكان ضيق لا يتمكن فيه من الحركة لضيقه قال الله تعالى: { وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا * }(سورة الفرقان، الآية 13).
عذاب أهل النار دائم
وعذاب الكفار في النار لا يفتر عنهم ولا ينقطع ولا يخفف، بل هو متواصل أبدًا. قال الله تعالى: Ra bracket.png إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ Aya-74.png لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ Aya-75.png La bracket.png (سورة الزخرف، الآية 74-75) Ra bracket.png وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ Aya-36.png La bracket.png (سورة فاطر، الآية 36).
جهنم في المعتقد المسيحي
يتحدث الكتاب المقدس عن جهنم والعذاب في الآخرة في عدة مواضع نذكر منها:
غضب الله ولعنته
ملعونين، بعيدين عن رحمة الرب.
سيحاسبون ويعاقبون ويمكثون في الخسارة الأبدية، بعيدا عن وجه الرب ومن مجد قوته.
عذاب أبدي
نارهم لا تطفأ وديدانهم لا تموت.
مصير الملعونين لا تتغير أبدا
إنهم ذاهبون إلى عقاب أبدي.
النار
بعيد عن رحمة الله، في النار الأبدية.
الظلمات
ألقوه في ظلمات العذاب.
الاقتران (ملاصقة الشيطان)
بعيد عن رحمة الله، في النار الأبدية التي أعدها الله للشيطان وأتباعه وجنوده.
الندم
يوم الحسرة يبكون ويعظون على شفافهم من شدم الندم على ما فرطوا في حياتهم.
المراجع
ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
التصانيف
اصطلاحات إسلامية حياة بعد الموت