فؤاد أحمد عبد العظيم
كاتب وأديب سوداني

الشعور بالرضا والارتياح والنوايا الحسنة حيال إنسان ما– يمكن أن يكون (قاعدة) ينطلق منها (صاروخ) الانجذاب ليستقر على سطح القلب، يسبر أغواره ويغض مغاليقه تماما كما فعلت أبولو 12 على سطح القمر.
ثم يرجع الصاروخ مزهوا وفي جوفه عينات من الآمال والتطلعات والأماني وربما ارتسمت على وجه (الرائد) علامات الانتصار وهو يصرخ ملء فيه: وجدته.. وجدته .. وجدته..الحب..الهمس الوجداني.. الشعور الطاغي الذي تختلف صورته وملامحه وأبعاده عند الكتاب والشعراء والفنانين والفلاسفة..
هو الراحة والسكينة لمن يعايشونه ويفهمون أهدافه النبيلة. وهو الدموع والعذاب لمن يسيئون فهمه ويخرجونه عن إطاره.
الحياة بلا حب... جافة باهته المعالم لا طعم لها ولا لون. كل الذين صنعوا مجد الإنسان وأناروا دروب البشرية بإشراقاتهم وإبداعهم كان للحب دوره الكبير في بطولاتهم. (إن وراء كل عظيم امرأة).. قد تكون أما أو زوجة أو أختا.. تقابله.. تسبر أغواره.. تفهمه ثم توحي إليه.. تعمق في وجدانه الثقة ثم تقوده إلى مرافئ الإبداع والسمو..
بعضنا يرى أن يبدأ المشوار حبا.. بلا مقدمات.. بلا دراسة.. بلا تحليل للظروف والملابسات التي تحيط بالطرفين.
والبعض الآخر يرى أن يبدأ لقاء عاديا، ومن خلال القاعدة- الشعور بالرضا والارتياح ينطلق (الصاروخ) وبعد محطة أو محطتين في الفضاء يصل (الرائد) إلى احتمالات النجاح أو الفشل ومن ثم يستطيع أن يحدد إما مواصلة الرحلة أو الهبوط الاضطراري على الأرض سالما.
بعضنا يرى أن الحب كالاستعمار.. لا يستأذن ولكنه يباغت ويهجم بكل طائراته ومدرعاته وصواريخه حتى يحتل ثم يفاوض من مركز القوة.. يفرض شروطه، وكثيرا ما تفشل المفاوضات.
أما البعض الآخر فلا ينكر سلطان الحب وسموه وعظمته ولكن يختلف في أسلوب الوصول إليه.. لا ينتظره ليباغت بل يسعى إليه مشيا على الأقدام يحمل معه منهج الاستعداد والدراسة.
أجدادنا وآباؤنا لم يلتقوا بجداتنا وأمهاتنا في معرض الزهور.. لم يتواعدوا على اللقاء في المقرن وأمام طلمبة البنزين وفي شارع البوستة.. لم يهدوا ليهن (لو تصدق) و(يا خاين) في برنامج ما يطلبه المستمعون..
لم يتحابوا إلا بعد أن انطلقت أبولو وعادت تحمل معها عينات الرزانة والأصالة والصدق.
لم تكن هناك شكوك في ماض مخجل وأوهام يمكن أن تدمر العلائق.
كانت مقاييس الاختيار هي القبيلة والعائلة وأصالة الفتاة والقيم الفاضلة فيها.. (يا بت ملوك النيل.. ما كان أبوك بخيل.. بت حامي الحمي الما حام حداها دخيل.. بت عز الرجال أهل الدروع والخيل).
أما الآن فرحم الله الهوى فقد تداعى وهوى تحت أقدامنا.. نحن أشبال المدينة الهوجاء.
نلنا الشهادات الجامعية وفوق الجامعية..
تجرعنا ثقافات الشرق والغرب..
ركبنا المرسيدس واقتنينا التلفزيون والثلاجة والمكيف والهاتف.. خلعنا أزياءنا ولبسنا أزياء غيرنا دون أن نسأل أنفسنا عن ظروف الطقس وغباره..
تمردنا على القديم.. أجدادنا وآباؤنا (آوت أوف ديت)..
التجديد واجب حضاري ويجب أن نواكب روح العصر.
نشرب السجائر.. ندخل الدور الثاني.. نساهر في (الويك إند)..
نعيش في الخرطوم ومالنا بتخلف الأقاليم..
لازم نحب بطريقة تناسب المد الحضاري.. نتواعد.. نمشي على كبري شمبات (عشان نفهم بعض) حب على الطريقة البرازيلية (4-2-4) يعتمد على السرعة والتغطية والتهديف.. ديف.. ديف.. ديف.. ولا داعي لأسطورة العادة والتقاليد.
وقبل أن تنتهي المباراة نرى البطلة منهزمة كسيرة الجناح.. تبتعد رويدا رويدا ثم يظهر الكابتن يحمل كأس تلتف حوله الفتيات يهنئنه على هدف الموسم رغم أن المباراة ضعيفة ودون مستوى إرضاء الجماهير

المراجع

شبكة المشكاة الاسلامية

التصانيف

تصنيف :علم النفس  مشاعر