أيقونة هي تعريب لكلمة يونانية تعني صورة "εἰκών "أو شبه، مثال, تصنع وفق أساليب محددة وبالنظر لاعتبارات لاهوتية محددة, بالتزامن مع صلاة الرسام أثناء عملها أيضا, لكي تخدم أغراض العبادة وترتقي بحياة الناظر إليها من الأمور الأرضية للروحية. لكنها من حيث المعنى الدقيق أبعد أيضا من التصوير فرسم إشارة الصليب هو أيقونة وخلق الله للإنسان على صورته ومثاله هو أيقونة والأفعى النحاسية في العهد القديم أيقونة للسيد في العهد الجديد ومن هنا نجد أن معنى الأيقونة يتجاوز ذلك ليصل إلى حد أن نعتبر العهد القديم برموزه كأيقونة للعهد الجديد فالأيقونة تعني أيضا باليونانية الكتابة المقدسة وممن هنا قد يصادفنا مصطلح كتابة الأيقونة بدلا من رسم الأيقونة.و هنا الأيقونة على حسب القديس يوحنا مكسموفتش تصبح اندماجا بين الرمز والرسم وكلمة أيقونجرافيا أو iconography نجد أنه من مقطعين icon رسم شبه مثال والمقطع التالي هو graphy والتي تأتي من الكلمة اليونانية غرافو والتي تعني يكتب. .تمتد الأيقونة في الفكر اللاهوتي لتعبر عن المرئيات المروحنة أو عن الأشخاص في حالة الغبطة الإلهية يقول فلاديمير لوسكي عن الأيقونة بأنها(أول درجة من درجات الملكوت) فالأيقونة في الفكر الروسي هي نافذة على الملكوت لذا نجد كثيرا هالات الأشخاص تمتد إلى ما بعد الإطار الداخلي لتوحي لك بأن الشخص المرسوم يطل عليك من نافذة من العالم الآخر وهي لدى يوحنا الدمشقي بدء سلسلة من المراحل الروحية في حياة الشخص

الأيقونة في اللاهوت

إن الأيقونة من حيث الفكر اللاهوتي تعالج من منطلقين وخبرتين

  • "الخبرة الوثنية" حيث يرى بعض المؤرخين واللاهوتيين (الأسقف سابا أسبر، الأب سامي حلاق, الارشمندريت انطوان هبي)أن الأيقونة هي نتاج خبرة وثنية تم تعميدها معتمدين على مجافاة التصوير لدى اليهود ولدى هؤلاء يرون بداءة التصوير والرسم كانت بالرموزفقط ثم تطورت
  • "الخبرة اليهودية" حيث تؤيد الاكتشافات الأثرية الحديثة والكتاب المقدس, وجود الأيقونة في العهد القديم (الأب جون وايتفورد، شاكر اللعيبي، الأب متى المسكين) وهنا نرى الاعتماد على وجود الأيقونات كخبرة كتابية موجودة في المنطقة و

  • على المكتشفات الأثرية كالكنيس اليهودي في دورا أوربوس (بالقرب من مدينة الصالحية السورية)و المحفوظة في متحف دمشق.

    الأيقونة والتقسيمات اللاهوتية

    تتشكل الأيقونة بين الكتاب المقدس والتاريخ في عدة مراحل ومفاهيم بل وعدة أنماط لاهوتية

  • الرمزية :

  • حيث نلاحظ ظهور الرمز في الفن الطقسي بشكل مكثف على عدة أوجه وهي كالحية النحاسية التي كانت رمزا للسيد والرمز هنا له قوة شفائية بالرغم من كونه لم تفهم صلته بالسيد إلا في العهد الجديد يوحنا 3 : 14 ومن هذه الرموز أيضا السمكة، الحمل.

  • الواقعية:

  • و هنا نجد الظهور والانفجار الكبير في الفن الطقسي كما هيكل سليمان في العهد القديم بكل ما فيه من بناء وزخارف وأيقونات الكروبيم على جدران قدس الأقداس وكامل الهيكل من الداخل ولخارج وهنا نجد الفعل الإلهي يستجيب من بين الشاكيناه حيث نور الرب وصوته من بين الكروبين فوق تابوت العهد، ومن هذه المرحلة الواقعية نجد الراعي الصالح، ذبيحة اسحق، المشاهد الكتابية، التي تشكل ظلا للعهد الجديد

  • التاريخ :

هذه المرحلة التاريخية تدخلنا في المعنى الرمزي والواقعي لكنها تجلبها للمعنى المسيحي. فالفن هنا هو نقل للحقيقة فالأفعى النحاسية التي كانت ترسم للشفاء أصبحنا الآن نرسم السيد على الأيقونة وننظر إليه وأصبحنا نرسمها ونشكلها على عصا الأسقف وهنا أصبحنا نرسم السيد مرفوعا على الصليب ليقابل رفع الأفعى وذبيحة اسحق وأيقونة السيد كونه الراعي الصالح تتميما لما جاء في المزمور ((الرب راعي....))

الأيقونة تاريخياً

المرحلة الأولى من القرن الثاني للرابع الميلادي

تأتني هذه المرحلة بالاعتماد على الخلفية اليهودية الفقيرة نوعا ما فنيا، ذلك كون الاضطهاد الديني الذي تعرض له اليهود على يدالسلوقيين أدى لانعكاسات سلبية في بعض المناطق حيث يتكلم أوريجانيس أنه على أيامه لم يكن من بين اليهود من مصور أو صانع تماثيل, لكن هذا لم يمنع وجود بعض المناطق التي حافظت على هذا التقليد كدورا اوربوس والتي امتازت بكونها مدينة حدودية معالإمبراطورية الساسانية, هنا نجد التعبير الديني الرمزي بكثرة بالإضافة للتعبير الأيقونوغرافي الواقعي (الكرمة، العنب, الكأس المقدسة, الراعي الصالح, الأفعى، طغراء المسيح، الطاووس، الحمامة)و هنا نجد تأثيرا كبيرا للحياة والواقع الذي أجبر المسيحيين على عدم التركيز الشديد على الأيقونة كالغنوصية والاضطهاد بالإضافة إلى كون المسيحيين لم يبدؤوا بالاجتماعات الخاصة بهم بأبنية خاصة إلا بعد مجمع جمنيا حيث كانوا يجتمعون في المحافل اليهودية والهيكل ،أما الخلفية الوثنية لم تكن بأحسن حال ذلك أن المسيحي من أصل وثني كانوا يتميزون بكره مرعب للتصوير والتمثيل حتى من كان منهم من الفلاسفة الفيثاغوريين أو الرواقيين, وبالانتقال التدريجي بين القرون المذكورة أعلاه نج ظهور أيقونات الرسل إلى جانب السيد بشكل رئيسية وظهور أيقونات للسيدةحتى نهاية القرن الرابع (مقبرة بريسكلا روما والدياميس الشهيرة) بالإضافة للايقونات الواقعية اللاهوتية وهنا يسود النمطالهيلينستي الروماني بشكل عام

المرحلة الثانية من القرن الرابع للقرن السادس الميلادي

طورت المسيحية الشكل الفني وبدأت بالخط الرسمي لها نوعا ما لأننا هنا أصبحنا نشهد أيقونات للقديسين إلى جانب أيقوناتالسيد والسيدة والأيقونات التاريخية وقد سادت هنا التأثيرات الكهنوتية في الشخوص والوقفات والخط الخارجي والتي أتت من الكنيسة الأنطاكية وبالتحديد الأسلوب التدمري وأساليب التشخيص من الإسكندرية وروما أما التأسيس التقني فمن الإسكندرية أيضا(أسلوب بورتريهات الفيوم) أما الزخارف فهي تتبع للزخارف الكلدانية والأناقة والرصانة من العاصمة البيزنطية وهنا نجد أن فن الأيقونة تشكل "عالميا "فهو تركة لكل الدول والشعوب التي ساهمت به الواقع أن هذه المرحلة ورثت جدلا لاهوتيا من المرحلة الأولى عن شرعية التصوير فكان لنا بين المرحلتين السابقتين سجال بين الآباء والكتاب المؤيدين والمعارضين كأمثال أوريجنيس، إيفاغريوس، يوحنا فم الذهب ،باسيليوس النيصصي، ترتليان, ايريناوس الليوني، أغسطينوس.

المرحلة الثالثة من القرن السابع للقرن التاسع الميلادي

عرفت الأيقونة ردة عنيفة وذلك بسبب حرب الأيقونات التي أتت على مرحلتين من 712 – 787 ومن 813 - 843 والتي تعرف الأيكونوكلاسم، حيث سادت حركة تحطيم للأيقونات ورفض بل وتحريم تصويرها من قبل عد من الأباطرة البيزنطيين كلاون السوري (ليو الثالث) استغرقت الكنيسة فترة لا بأس بها حوالي القرن والنيف بالرغم من معارضتها لهذه البدعة حتى تنتصر عليها وعقدت عدة مجامع كان آخرها المجمع المسكوني السابع والحق يقال إن حركة تحطيم الأيقونات كما يذكرها بلكان في تاريخ الكنيسة كانت من وراء التأثير الإسلامي المعاد للتصوير فالأباطرة المعادون للأيقونات كانوا كلهم من مدن تعتبر مراس للفكر الإسلامي ضمن الدولة الرومانية البيزنطية ناهيك عن أنه يقال أن أول من قام بالتحطيم لم يكن الأباطرة البيزنطيون بل الخليفة يزيد بن معاوية فينسب له أمر بتحطيم كل الصور التي في الأراضي التابعة لمملكته.


المراجع

ويكيبيديا الموسوعة الحرة

التصانيف

مسيحية