1- فصل

اللون

لا تزوريني إلا في الأماكن التي أحب؟.
القبور أبواب, وفقط متسولو الحياة أو الموت, هم من يجلسون هناك . فالإنسان غايته أن يمشي قدما في تلك الطرقات اللانهائية .فقبل أن تجوب الكون لا يحق لك أن تقف في حضرة الخالق لتقص له حكايتك. فالله مستمع جيد.

- وضعتُ الزهور على قبره وكلماته تتساقط في داخلي (الزهور خلقت للريح أو يديّ عاشق ,فلا شيء يبرر للطبيعة قطف الأزهار إلا حرارة الخلق الكامنة في قلب العاشق).
مارست دور الأرملة إلى الآن وكأني بذلك أطيل وجوده في المكان.وأنا أعرف أنه يقول: مازلتِ تحبين حالة لمس اليد وبالرغم من جمالها إلا أنها أكثر الأشياء خداعاً.
لم أكن أرملته حقيقة إذ لم نكن زوجين وفق منطق العيشة سوية , فالقانون ليس للخاصة بل للناس العوام.

في البدء لم يكن هناك من قوانين .
خُلق الإنسان بكلمة وبكلمة كان التزامه ولأنه فشل بامتلاكه الحرية الكاملة فقد تميّزهَ ولذلك كان صعوده الجديد بسن القوانين التي تجعله عبدا.

كنت اشتهيه أكثر عندما كان الإله المكنون فينا يتفجر فيه . يلقي كلماته كأمواج البحر رغم اختلافها إلا أنها سيماء وجه واحد يقف في وسط الغرفة

ينفث دخان سيجارته وكأنها العماء الأول ويبدأ عملية الخلق .قال لي مرة: يجب على كل إنسان أن يجرب السجن الانفرادي لأنه ضيق و هو من يجبر الإنسان على الخروج من الأبعاد المكانية وارتياد حالات روحية تعيد
له انتماءه الأول.

بكيته بصمت ( فالحزن أجمل الأشياء وقليل جدا فاستعمليه بعقل كبير)
بقيتُ معه لساعة واحدة محتضنة رأسه بشدة كنت فارغة من كل شيء؛
إلا من سكينةِ قمرٍ في وسط السماء.
(سأعطيكِ آخر ما أملكه عندما أموت)
احتضنته , نمْ يا ولدي فالصبح قريب , اتصلتُ إلى المدينة أعلم أخاه بموته.
أجمل الأشياء عندما تصبح عجوزا, إنك تستطيع النظر إلى الخلف دون الخوف من أن تفقد الكثير من الأشياء التي أمامكَ وهكذا تصبح الذكرى مستقبلا جديدا يجب أن تعيشه بكل حب ولربما تعيد تقييم تجربة لم ُيتح لك الزمن تأملها جيدا وهكذا تحصل على المعلومة كاملة ,فالإنسان ابن الخطأ
ومع كثرة الأخطاء من المفترض أن يقترب من الصواب المفترض في النهاية, فالاحتمالية هي القانون الدائم والكون ما هو إلا عيوننا.

كنتُ أخاف فرشاة الرسم, أستخدم كل شيء بأريحية أكثر منها,فاللوحة التي أسميتها إطفاء لم تكن إلا ثديي المضطجعين على القماشة البيضاء.

كانت إثر اللقاء الخامس فمنذ زمن طويل لم تؤطرني عينا رجل وكأنهما يدان . اختصرتُ وقتها السهرة في بيت أخيه وعدت إلى بيتي الموجود فوق منزلهم في الطابق الثالث .
رائحة رجل تستبيح يباسي كأنها احتراق غابة,دخنت سجائري الأخيرة والمرسم المنتظر منذ شهور وقماشته البيضاء لا أرى سواهما .أخذتُ شكل الكرسي, يدي ملقاة على بطني و الأخرى تحتضن ثديي, أريد الاستحمام بدأت أخلع ثيابي ولكني لم أغادر الكرسي بعد, متقصدة لمس جسدي وأعضاءه السرية وكأنّ اليد هي يد أخرى دفعتها في أجمتي الصغيرة باحثة عن أرنبي المنسي ,لتبدأ مطاردة بعينين مغمضتين عن ملامح وجههِ ,حركات يديه, امتصاصه لسيجارته,صوت أنفاسه التي اختلطت مع أنفاسي ليبتل عضوي الجاف .
أفتح عيني أغادر الكرسي باتجاه القماشة , وأدعك صدري باللون الأزرق وأحتضنها, فيما بعد قال لي: لو إنكِ لم تحتضنينني بقوة.

اللوحة معلقة في غرفة النوم وكان المكان خياره.
لم يصبح الرسم هاجسا لدي إلا منذ أعلن وجوده في حياتي. كان لقاء , زمنه فنجان قهوة,مع تعارف قصير ,لم يكن ينظر لأحد وهو يتكلم ولكن إيقاعه في الكلام كالمطر الخفيف تبتل به بلا شعور وهكذا كنا نصغي لكلامه أنا وأخوه وزوجة أخيه بهدوء من يراقب ظلاً ينمو , متمعنة بوجهه ولا أظنه وقتها انتبه لذلك ,حتى قال لي فيما بعد: لا تنظري للأمور مباشرة لأنه سوف يفوتكِ الكثير لأني أكثر من وجه وأبعد من مسافة قد تفترضينها.

ومع الوقت أصبحتُ استخدم الفرشاة وكان وجهه لوحتي الأولى التي أصرَ أن تباع فيما بعد.وقد قبلت ذلك بعد أن طلب ذلك بجدية كالتي أخبرني بها أنه يحبني .بقيت اللوحة إلى أن أصبحنا نعيش سوية وقتها قال لي: لا أستحمل هذه اللوحة إنها تشبه شخصا قد سرق ملامح وجهي.
لم يتضح لي الأمر إلا بعد وفاته عندما رسمت له لوحة أخرى ,قال عنها من رآها :هل هذا ابنكِ؟.

انتقلت للعيش معه في القرية وبدأت أقيم عدة معارض مشتركة مع رسامين آخرين وأصبحتُ متفرغة للرسم. وحققت شهرة لابأس بها, جعلتني أقيم معارضا لوحدي ,ولكنه بقي اللون الوحيد الذي لم أمتلكه رغم الحيازة الصحيحة له ,وبالمقابل هو لم يعمد لامتلاكي لأن أجمل مافيّ هو ظلي الذي تملكه الشمس وحدها.( عندما أمتلككِ سوف تهرمين فالزهرة لم تعتد نفسها لذلك لم تتغير وظلت النحلة تأتيها, أما الإنسان كان خلقا آخرا,عندما اعتاد نفسه ملكته فأصبح على ما هو عليه).
براءة الطفولة تلك الكذبة الكبيرة التي يتم تسويقها بكل غباء من يختبئ وراء حلم نظافة الراشدين ,كنت سمينة, وأنفع كفراش كما قال الصبيان,
تلك البديهة التي تتناساها النساء في غمرة الحب, رفضَ حبي وأعلن أنه لا يستطيع أن يحب فتاة سمينة إلى هذه الدرجة . أية درجة؟, فهمت وقتها الدرجة التي يستطيع أن يتمادى الإنسان بها بدون أن يعلق به ما يلوثه ,فكل ما يغسل هو مقبول, المهم أن يبقى خفيا , فنحن نأكل علانية ونتبرز خفية.

الجميع يعمل على تنظيف مرآته , إنه التناسي لأجل مقاربة الصورة التي نقبل بتأطيرها لنا.

وجدتُ نفسي وحيدة مع تركة أبي من الكتب التي كنت أقرؤها بعيدا عن نظر أمي ,عملتُ على اختيار الكتب بشكل يخدم تطورات جسدي ونفسي, وبدأت أفهم الإشارات بشكل كان يثير فيَ الضحك, عندما يفترض الآخرون فيك الغباء ويرون في الفارق العمري حاجزا لا يمكن تجاوزه .

وهكذا لم أوفر الوقت في تجربة أبعاد الخطوط الحمراء, الريجيم كان الخطوة الأولى, عملتُ على نحت جسدي ومع الوقت أصبحت أرى صورتي المفترضة تأخذ مكانها و خاصة عندما أمارس عملا ما, تفرض عليَ سمنتي السابقة شكلا ما في التصرف أُفاجأ مما حدث وكأن الأمر لم أكن أتوقعه.

جسدي الجديد المتفق مع صور المجلات والتلفزيون, لم أحرمه من التعبير عن جماله,فكنتُ أقف أمام المرآة أبدّل ثيابا , أتعرى, أكتشفه بعدسة مكبرة , أردت أن أحفظه غيبا .
كم عدد شاماتي؟, أعتقد أنها خمس عشرة ولكنه هو من أكد لي أنها ثمان وعشرون ,وقتها قلتُ: يالها من صدفة: عدد الأحرف, أجاب بابتسامة من اكتشف شيئا: المهم أن أجيد تركيب لغة تحمل طموحات هذا الجسد ,فلو كانت ستا وعشرين لكنا في بلد آخر.

من يحفر في الأماكن الرطبة سوف يجد الماء وأنا وجدتُ الحب و لذتي عبر رجال الروايات الذين لم يبخلوا بحبهم وشهواتهم العارمة وحين يبدأ الكاتب بالبوح لا يجد صوتا نسائيا يفرض نوعا من الحشمة تخدم مصالح الرجال في زيادة تخصيص المرأة, كنت أفعلها مع جميع رجال الروايات وحتى مع الكتاب إذ كنتُ المرأة السرية لهم وأسخر منهم لعدم اكتشاف خيانتي.
الخيال عالم نظيف ,لكنه الابن الحرام للواقع.

كان لطيفا كجدّ ولكني كنتُ أكثر من حفيدة مفترضة.
صديق والدي بعد وفاة زوجته واستقلال أولاده بقي وحيدا في بيته رافضا الانتقال للسكن لدى أحد أولاده , هو من المدرسين الذين يرون التدريس رسالة خالدة,احتجته لبعض دروس القواعد, ومن خلالها تعرفت لعالمه الهادئ المملوء بالألوان .
إنه يرسم ومعه اكتشفت فك طلاسم اللون الممزوج, فتح لي غرفته السرية ورأيت تجاربه الأولى كلون يتحسس الظلام من حوله,ولكنه كان ضوء شمس لسرعة تطوره , كنتُ كغيوم الشتاء ما لبثت أن أمطرت , لمَ لا أكون نموذجه ,فكل الرسامين يحتاجون لنموذج,عرضت الأمر عليه كامرأة مجرّبة , أذهله العرض ولكنه كان سخيا و من الغباء أن يرفضه، قَبِل معي شرط أن يبقى الأمر سريا.

وجهي ,اللقاء الأول ,جلستُ وأنا استذكر من خلدهم الرجال المدمنون على اللون,بين ضربة للريشة وأخرى , أنفاسه أصبحتْ أقرب لوجهي.
يتعمد أن يوازن بين توضّع رأسي في كل جلسة , أنامله التي تتحسس وجهي بدقة من يمشي في حقل ألغام أصبحتْ أخبر لتلامس لغم الشفة بدون أن تنفجر,أحيانا مع إنزار خفيف بعضة , فيعلّق- وقد احمر لونه - لم أعلم أن لديّ كلبا صغيرا هنا, فأردّ بزمجرة خفيفة. وجهي يتوسط اللوحة كغيمة صيف وحيدة ,
قلت له لم أرتكب جرما أستحق عليه قطع الرأس,وعدت إلى مكاني, وكأميرة أمرته بمتابعة الرسم,لم أعطه الفرصة ليأخذ نفسا, فككت أزرار القميص فنفر ثدايّ ونفر تْ دهشته كبحرة لم تمارس قذف الماء من زمن أشرت له أنْ ارسُمْ, فتابع كمن يعترف بتقاليد المهنة ولكن كطبيب لم ينفعه قسمه من أن يسترق الإحساس وهو يفحص مريضته الأولى.

تتابعت لقاءات الدرس والرسم , جلس بقربي بعد أن كان يجلس في مواجهتي, لم يترك سببا يمر دون أن يستغله للاقتراب وكأنّ المكان يضيق رويدا رويدا فلقاءات العشاق تعشق الزوايا, عملت على إنفاد صبره بقدر ما كانت لوحاته تتكاثر تحمل موضعا واحدا.

الدرس الأخير,شكرته بهدوء, مازال صامتا كحجر تنتظر الأزميل,

وكاشتعال عود الثقاب أطبقتُ على شفتيه معوّضة كلّ قبل الهواء فيما سبق
وتركته أبيضا كلوحة لم ترسم.

سجين سياسي -لم أتوقع هذا, كل ما افترضته رجلا بأسلوب غامض- لمدة عشرين سنه,إنه السّلم الخبيث لتوافق الاتجاهات المتعارضة فالوطن الحمار لا يحمل إلا راكبا واحدا يسوقه.

استفسرتُ عنه كمريض يريد أن يقف على أبعاد مرضه ودوائه, عاد إلى الضيعة وكان لا يأتي إلا عندما يجلبُ بعضا من نتاج الأرض لأخيه أولشراء بعض الحاجيات. النبيذ الذي أحضره تشاركنا جميعا في تذوقه , إنه كالغبار يستقر عليك ولكنه غبار رطب يلصق بقوة , لم يتحدث عن فترة سجنه بل تكلم عن حال الغابة المتدهورة في أعلى الجبل , بطريقة حساسة بشدة ؛حتى لتخاله تحول إلى لون أخضر .

الأخضر لون أستاذي القديم , والأحمر للصيف وباجتماعهما تكون الثمار.
كان روايتي المفضلة التي تنتظر صفحاتها البيضاء أن أملأها بالحبر الذي أريد.
عما أبحث معه؟. هل سقطت في فخي الذي نصبته ؟, أم أنه الحب تلك العشبة الغربية النمو, التي تكسر احتمالات الفصول, لم احسم ما حدث إلى الآن ولربما هذا أفضل فبعض الطرق يجب أن تمشى بدون تعليق.

بعد تلك القبلة حدث نوع من التوجس من كلينا , تلك الجرأة اختفت ودهشته الطفولية احتلمت , أصبحت لقاءاتنا عملية , متركزة على دروس في الرسم
وحديث في الألوان , إلى أن طلب مني عدم القدوم ,قالها بلون أزرق بحري, ورمى بموجته الوحيدة على شاطئي - لأني أحبكِ – لم أسمع إلا دقات قلبه , بعد أن لذت بصدره باكية وهمست بالكلمة السحرية التي فتحت عالم الروايات لي ,ولرجل من لحم ودم.
- إني أحبكَ.

عصرني كما اللون فتمددت على مساحات اللمس ,مغمضة عيني متذوقة الواقع ,شفتاه كما المحيط يحد القارب المتمايل على نبض قلبه, أحاطتْ شفتي المسترخيتين كما المرساة في عمق القبلة, التصقتُ به كطابع بريد, كان الرسالة المبعوثة إلى جسدي الأكاديمي , فقطرة المطر أكثر من هدروجين وماء, نهداي اللذان أنهكا فر شاته سقطا ساجدين لجيش نمل الأصابع أمام كومتين من القمح الطري , اجتاحني شعور الزاوية التي أريد أن أحشر فيه, لم يعد حساب مثلثي الصغير يساوي مئة وثمانين ولربما يمكن تقديره مرتبطا بمجموع شهقاتي, زائد الضغط الدموي في الشرايين
في النهاية اعتذر كما هو متوقع مع عينين دامعتين , همست بأذنه : قليل من الحرام يفيد.

أرسم بكثرة وكأني أعوّض ما فاتني , أرسمه هو لا أحد غيره, محاولة إخراج رجل من العتمة, شعوري أنه دائم الهرب مني دفعني لألون مصائدي في كل الطرقات المتوقعة التي سوف يسلكها , لم يهتم بي حتى ولو بشكل غير مباشر ولكني في استرجاعي المشهدي للقاء , كانت تتكاثر الطيور خلفه وكأنه يلقي فتات الخبز خلفه : أيها الرجل الأحمق توقف, هناك أنثى تبحث عنك, أحيانا يخيّل لي, أنه ليس أكثر من شخص قصة منداحة في هدوئي في تلك المكتبة الآمنة.

علمتُ مسبقا بقدومه , فأعددتُ العشاء وساندتني أخته بتواطؤ الإناث,
لم يأكل كثيرا, رغم انهماكي بإغرائه بتعدد أصناف الطعام ,و سخرتُ من نفسي فيما بعد , فقد قلنا لي :طريق المرأة إلى الرجل معدته, أخافني تركه للطعام مبكرا, شعرتُ وقتها أن الوصفات القديمة لجداتي تنجح مع الرجل الذي يضاجع بعد أن يملأ معدته , شعور المرأة الرخيصة الذي رافقني تبدد عندما دلف إلى غرفة الرسم المفتوحة الباب قصدا بعد أن استأذن وبقي هناك إلى أن أنهينا طعامنا, كنتُ قد أخفيتُ رسم وجهه المباشر وتركت غيرها من اللوحات ,لحقنا به ولكنه لم يمهل أحدا ليسأله عن رأيه , بل بادر هو : أنت ترسمين لعمر مضى في أكثر لوحاتك وكأنك مراهقة تحب للمرة
الأولى ومن خلف الشباك- صمت للحظة لم تسمح لأحد أن يتدخل-اضربي موعدا وتلمسي اللون بأصابعك.

بقيت كلمات الحب كالقطط المتشردة بيننا. الرجل العجوز الذي كان صامتا كما بدا لي بدأ يجيد الكلام , الكلام في كل شيء , لذلك كنا نمارس الجنس
متسرعين وكثيرا ما كان يكتفي بإعطائي جرعتي منه بفمه بعد أن يخلع منه فكه , ثم نثرثر عن الله والسياسة والموت والبوظة وأشياء.

قال لي: يجب أن تكوني عجوزا؟ .
رددت عليه: لمَ لا تكون أنت شاب؟ .

أجاب :على أحد أن يكون قريبا من الموت هكذا يرى الأمور بطريقة
أوضح .
كم أنت وحيد أيها الموت لا تدوم صداقاتك أكثر من عدة شهقات متتالية.

لو ينسى القدر بعض التفاصيل لو يتأخر ولكنه اعتاد الكمال وإن حدث ما فرضته لعاد وأكمل مهمته بتمام أكبر من السابق .
منذ سنة وقف رجل بباب البيت وسأل عن أمي .....................؟
للحظات لم أفهم لمَ تلك المعانقة التي أخرجتْ أمي من تحفظها؟ .
إنه شخص من الذكريات القديمة المتمسكة بالحياة وليس مجرد صورة بالأبيض والأسود للذكرى.
الحقيقة هذا الشخص قد حملني طوال فترة دفن والدي وأخوي .
إلى الآن مازلت أؤمن أن الوطن من قتلهم , إذ فجر اغتيالُ والدي الغضب العارم على كل الاختلافات السياسية التي قادتْ إلى مؤتمر حوار وطني أعادوا توزيع الثروات فيما بينهم إلى أجل مسمى.

التضحية لازمة وتصبح ذات جدوى ونفعية أكثر عندما يكون المضحي في معزل عن أية تكلفة .
أبي وهذا الصديق رفيقا نضال وهذا يكفي؟ . هذا ما قاله الضيف ليغلق وراءه كل هذا الماضي.

أمي المدرّسة اكتفت بالتدريس ولم تفعل كبعض النساء اللواتي انخرطْن في العمل السياسي إثر انخراط أزواجهن به بل دوما كانت تراه عملا قذرا مهما كانت نظافة ثياب من يمارسوه لربما تكوّن لديها هذا الموقف جراء اغتيال أبي.

لأني لا أملك ذاكرة من ذلك الزمن ولكن اكتشفتُ فيما بعد من حوارات ومتابعات والدي السياسية, أنها كانت من النساء الناشطات في الحركة النسائية وقتهاوبقصد أبعدتني عن تلك الأجواء وعملت جاهدة على تقديم حياة جيدة إذ عملت كمدرّسة خصوصية في البيت وهذا ما أمّن مدخولا جيدا وسمح لي بكثير من الحرية بعيدا عن عينيها وأنا أطالع كتب أبي وكانت سعيدة جدا وهي ترى موهبة الرسم تتوضح من خطوطي.

م أكن صديقة جيدة لأمي ولم تكن هي أيضا؟ّ, كنا أما وابنتها ,الآن أتمنى لو كان بيننا حديث الأم وابنتها عن تلك الأشياء النسائية الصغيرة وهنا لابد من الاعتراف أن مكتبة أبي الأم الفكرية لي.

كم كنت أشعر بالقدسية وأنا أعيد ترتيبها من جديد, أمسح الغبار وبعناية كبيرة أعدت ترتيبها بالشكل ذاته الذي كانت عليه ودوما أفتح الصفحة الأولى لبعض الكتب واستذكر التواريخ التي أعدت فيها قراءتها إذ كنت أدّون تاريخ كل قراءة جديدة للكتاب.

توفيت أمي بعد طلاقي بسنة , رجعتُ إلى البيت لأجدها متوسدة المكتب في غرفة المكتبة ,غرفة أبي وفنجان قهوتها لم تكمله وسيجارتها مازال رمادها متماسكا في المنفضة و تحت وجهها تموضع دفتر لأبي كتب عليه بعض رؤاه السياسية.

عرفت الموت كثيرا في الروايات التي قرأت , والموت في الروايات لا يفاجئك بل يترك لك وقتا لتتأمل تفاصيل الحزن , بل وتستمع ولربما تذرف بعض الدموع هنا حيث يقف الموت أمامك كحيوان يدافع عن فريسته تنتظر أن تتم أعراف الوجبة, لتتلمظ فيما بعد حزنا يختصره الأسود , مددت يدي (وصوتي يصيح) عليها جسست نبضها لم يكن هناك.

( نم يا ولدي لم أكن أما) ولكن عندما وجدت أمي غافية فوق ذراع أبي تعلمتُ أن أفهم حنية الموت عندما يأتي كطفلة ترفل بثوبها الجديد الذي ابتاعه أبوها البارحة لتضمها أمها وهي تسقيها دمعا حلوا جدا كأحلام الأطفال.
مدرسي العجوز يترك الباب مفتوحا لأدخل عليه كشخص من البيت فبعد أن كبر الأولاد لم يدخل أحد بيته بدون أن يقرع . هنا حيث القبلة الأولى حيث اختار أن يكون المرسم ليكون مركز كونه وجدته مجعدا على الأرض والريشة لم يجف لونها بعد, بكيته بحرقة الزوجة ولبست الأسود عليه حتى الأربعين ولم أمارس عادتي السرية حتى طهرت أربع مرات من العادة الشهرية.

أربعة ميتات كانت أمي الخامسة لا بد أني سأكون وحيدة عند موتي , قلت له: تركتني وحيدة تماما كما كنت في مكتبة أبي ولكن دون كتبه أأنت الكتاب الأخير. أسألكم: هل ستخرجون من ماضيّ لتعدوا الأنفاس الأخيرة لي بابتساماتكم المتوقدة بالبخور؟

أبي كان آخر رجال العائلة فنحن عائلة صلاتها رحمية ,جدي الوحيد الذي جاء على تسع بنات, ثلاث سلمت حياتهن وتزوجن وأنجبن وتباعدت مساكنهنّ , بقي جدي في دار أبيه وتزوج ثلاث مرات ولم ينجب غير أبي من زوجته الأولى, جدتي التي توفيت أثناء ولادته وتركته لترعاه الزوجة الثانية وبعد فترة وجيزة من وفاتها وقبل أن تتم الأربعين حيث كان صراخ الولد التغطية المناسبة ليدفع أبو جدي ولده لزواج مبكر بهذا الشكل ولكن الزوجة الثانية كانت عاقرا لربما ورثتُ ذلك عنها وبقيتْ في بيت جدي حتى عندما تزوج الثالثة التي لم ترض أن تكون عاقرا إذ طلقها جدي بعد ثلاث سنوات من زواجهما لتتزوج رجلا لديه أولاد توفيت زوجته وتنجب منه صبيانا وبنات وقتها عرف جدي أن العطل منه ولكن كيف وقد أنجب أبي أحيانا في شك بوليسي أتمنى أن أحصل على شيء من رفات جدي ولكن كما قال عندما قرأ في عين زوجته الثانية شكا في لحظة انتقام على زواجه الثالث وبعد طلاق زوجته الثالثة : يرزق من يشاء وصمت
هذا الشك مات في وقته وأبي كان بارا بأبيه وراعيا لزوجته الثانية كأمه ولكنه خرج عن تقاليد العائلة كاملة حتى في زواجه فقد تزوج مسيحية تعرف عليها في الجامعة ولكن بعد أن أنجبت أخوي عادت الأمور لمجاريها وكان جدي قد سمى أخوي باسم أبيه وجده أما اسمي فكان لأمي التي سمّتني على اسم أخت لها متوفاة.

ماتت أمي بعد طلاقي من قريب لنا من جهة الأخت الأكبر من جدي والتي بقيت الصلات بيننا معقولة وخاصة بعد فعلة أبي التي أبعدت عنه القرابات الرحمية.

لأكُنْ صريحة لم يكن حبا بالمعنى الدقيق للحب كان لونا أحمر, أربع سنوات مرّت ولم أنجب وثبت طبيا عقمي وهربا من ضغط أهله والزوجة الثانية التي رشحتها له أمه كان الطلاق الذي أعادني إلى بيت أمي الذي كان الضربة القاضية بفقدانها الأمل, لربما يعيش الأهل بعيون أولادهم, أنها المواجهة الأخيرة مع سر الموت بالهرب منه عبر التقمص بالأبناء.

لم يكن أحد في وزارة التربية يمانع انتقالا إلي المنطقة وخاصة أنه وجدت فتاة ترغب بالانتقال إلى العاصمة وهكذا بعتُ كل شيء حتى المكتبة ولم استعمل من الماضي إلا رقم هاتف صديق أبي الذي أمن لي بيتا صغيرا فوق بيته في تلك المدينة الصغيرة مع إطلالة بحرية على شاطئ وكورنيش يتبعه أزرق استوطن لوحاتي.

2- الفصل اللاحق

الريشة

أبٌ على وشك التقاعد وأم شغلها الوحيد في هذه الحياة حياكة وتطريز, ذكران وبنتان ,والصغار الذين يتدفقون كالماء في أيام العطل ,حياتهم كانت توحي لي بالأمان والراحة .
أصبحتُ البنت التي أتت على كبر فهم يدللونني ويحبونني بطريقة جعلتني أعيدُ حياة الأسرة لحياتي.
جزء كبير من حياة أبي كان يختبئ في صدر هذا الرجل, سرده لي على وقع المطر الشتوي في الخارج وصخب الموج الذي يحتج على تهييج ذكرى الموتى ولكن أعتبر استكمال تلك الحياة التي طوتها أمي بعيدا عني ولم تنفع مكتبة أبي إلا بإعطائي صورة تكاد تكون فكرية عن فيلسوف أو ماشابه, كان بالنسبة لي طريقة في معرفة أبوة جديدة أكثر قربا وحميمية بحيث لم تعد تلك الغصة المرة التي ترافق جوابي ولو لذاتي عن حياة أبي مرّة كالحنظل بل لها مرورة القهوة.

كثيرا ما جنحتْ أفكارنا بعيدا عن الشرفة التي كانت تجمعنا هو وأنا عن أخيه وأخته وزوجة أخيه, بحيث عندما كنت أستأذن للصعود لبيتي كنت أجر قدمي من التعب لشدة مامشينا.
(أشعر أن لي القدرة على الطواف حول الكرة الأرضية مئات المرات. إنه الحل الوحيد لأهدم هذه الزنزانة اللعينة ولكنّي لم أفعل فالزوجة والأولاد رسمتهم بقلم الرصاص على جدرانها وعندما أخرجوني بحكم أشد قسوة من الأول طلقتها لتتزوج النزيل الثاني ليعتني بالأولاد . خرج بعدي بستة أشهر وعندما سألته عنهم قال لي: لقد طلوا الزنازين بطلاء جديد فهناك بعثة خارجية سوف تتأكد من حسن التعامل الإنساني وقتها ضحكت من كل قلبي لأنهم دخلوا في البياض وحزنت لبقائي في الألوان).

عندما تم إمساكه وهو يوزع المناشير لم يكن ذلك بسبب منه فقد تم خداعهم من قبل أحد في التنظيم وقتها دفع بنفسه أمامهم وسمح لزميله بالهرب, الذي استطاع بعد عشرين سنة أن يكون وزير داخلية وفق التحاصصات التي بشكل أو آخر دفع أبي بعضا من ثمنها بموته . تذكرّه بعد كل تلك المدة إذ أنه ومع تغير أهواء الحكومات المتعاقبة بطريقة تدعو للغرابة لم يكن يتم إخراج المعتقلين السياسيين وكأنه نوع من الفطنة التي تصيب من يجلس هناك في قمة الجبل من يعارض سوف يظل يعارض.

وهكذا أصبح البيان رقم واحد شيئا طبيعيا يمر لوقته وينتهي حتى أن الموظفين الصغار لم يعد يعنيهم من يرأسهم فالقصة قصة تاريخ يجب أن يصفّي نفسه من أحقاده.
خرج من السجن وعاد إلى الضيعة. البيت كان مغلقا. أمه وأبوه ماتا وهو في السجن.
بعد أسبوعين من قدومه وقفتْ أمام البيت سيارة سوداء تلمع تحت شمس الصيف ترجّل منها رجل لوحده وطرق عليه الباب وغارا في الظلمة لساعة مضتْ لم يعرف أحد من سكان الضيعة ما حدث, فهم لم يتعودوا هكذا نوع من السيارات تمر بطرقات الضيعة.

حارس للغابة التي تتسلق الجبل الذي يعلو الضيعة؟

كنت قد دخلت الثلاثين أقضي وقتي ما بين المدرسة التي أدرّس بها ومرسمي والشاطئ الذي بدأتُ أعرفه حجرا حجرا, مبتعدة عن ساعات الرجال, محتفظة بزمني لنفسي,اقضي مع العائلة الجديدة مقدمة السهرة ثم أنطوي لمرسمي لم أهتم بتطوير صداقات, كنت مهتمة بالرسم لا غير.

عدت للعاصمة بعد غياب سنتين لأشارك بمعرض مشترك مع مجموعة من الفنانين الذين عرفتهم سابقا, لم أستحمل تواجدي لأكثر من يومين عدت بعدها بعد أن ائتمنت صديقة لي على اللوحات وفي حال تم شراء إحداهن سمحتُ لها بالتصرف بالسعر أعادتهم جميعا لم تبع ولا واحدة.

الشعور الذي راودني تجاهه يشبه رائحة مكتبة أبي عندما أدخلها وفي نيتي كتاب جديد بعد أن أكون انتهيتُ من آخر . متعة جميلة ولكن هنا كان لدي شك وخوف أن سريّ سوف يفتضح. أما هو لم يغير من مواعيد قدومه من الضيعة كل ثلاثة أسابيع يأتي قبيل العصر ويغادر في الفجر.
أصبحت أستيقظ وأعد فنجان القهوة مترقبة مغادرته أضع فنجان القهوة على حرف شباك غرفة النوم في حين هو يهبط الدرج يتوقف قليلا قبل الانعطافة التي ستخفيه, أظنه سينظر للخلف وفوق يدلف في المنحنى ويختفي.

عندما علّق , أني أرسم لوقت مضى ,كان قد مضى على معرفتي به أحد عشر شهرا.

مواعيد قدومه تكاثرت كفتات خبزي نقضي جلّ الوقت في المرسم نستمع للموسيقى ونتكلم عن كتب تشاركنا في زمنين مختلفين بمطالعتها ونتكلم عن انطباعات مرّت في الذاكرة, تمنيته أن يكون أحد مؤلفي هذه الكتب لأخون الآخرين معه قال لي فيما بعد:كنت جبانا كم تمنيت أن أقبلك وقتها وأهمس فأنا لم أهمس منذ زمن ولكن السجن يجعلكَ تعتقد أن الصمت أفضل وسيلة للتعبير ولا تنتبه للوقت فيه .عشرون مضت أشعرها كحياة أخرى لم أنظر لساعتي فيها .
حاولت مقاربة السياسة بأحاديث عابرة ولكنّه دوما كان يقاطعني( السياسة ليست وسيلة ناجحة للقيام بشيء إنها فقط للتغيير وهذا التغيير كقفزة في المجهول لا تعرفي أين ستسقط قدماكِ أرجوكِ لا تعيدي فتح هذا الموضوع)

ويشرع بالتكلم عن حال الغابة المتدهورة فوق القرية فأردّ: ولكنها السياسة من جديد ؟
يهمهم:مازلنا نتكلم عن الخطيئة الأولى وكأنها حدثت البارحة ماالذي ينفع في ذلك لاشيء ! الخطيئة سبب وجود ولكن الذي يهمني الآن كيف أعيش هذا الوجود بعيدا عن ظلالها إنها كالسلاسل الحديدية تمنع السجين من الهرب أنا نقعت قدمي بالماء طويلا حتى أكل سلاسلها الصدأ ولن أفعل شيئا ليجلوها ,أنا هارب لحياتي ألا يكفي هذا لأغلق هذا الماضي.
الذنب الوحيد الذي أشعر أني اقترفته هو تجاه الطبيعة إنها مسالمة لدرجة تدعو للشفقة والحزن وأن تنذر الحياة لأجلها سأعمل لوحدي هناك على سفح الجبل سأعيد للغابة عمقها وأسرارها وسحرها لعله في يوم ما يخرج بشري أكثر إنسانية بدون خطيئة تتبعه كظله فالغابة يكفيها أن أمشي في طرقاتها كحيوان يحترم كقوانين الفصول وهي سوف تعطيني مستقبلا أخضر وأنا أنتهي بموتها ونحن وحيدان,وحيدان؟


أمّا أنا علّقت ممتعضة كأنّ أنبوبة للون فاجأني انتهاؤها

لربما أصبح تعلقنا واضحا للجميع ,ما عداي وعداه كنا نرى الأمر أنه نوع من الإجبار لم يعد يلائم حياة الحرية التي نعيشها.

فاتحني بموضوع الانتقال للسكن عنده دون زواج لأنّ الزواج يراد منه مستقبلا أمّا أنا أريدك للحاضر لا أريد أوراقا من صناعة مدنية الإنسان تجمعنا وهذا فيما يتعلق بي , أمّا إن كنت تحتاجين لضمانة مالية سأكتب لك الأرض الشيء الوحيد الذي أملكه, ليس ما يجمعني معكِ هو الحب إنما الألفة اختبرت الحب قبل السجن واكتشفت أنه يمت للسياسة بصلة بل إنها مثله عمياء .
أقنعني كلامه فمتى كانت الدساتير تحمى الشعوب التي تتبناها فدوما كانت الدساتير مطية للسلطة التنفيذية.

وقتها الكلمة الوحيدة التي قلتها ولكن........... ؟.
قال لي بعدها دون أن يمهلني لأتم جملتي: أمام الناس لكِ أن تكذبي كما تشائين فهم دوما سيسألون ثم يعتادون فالسؤال سهل لكن البحث عن الإجابة يحتاج مجهودا وزمنا وهم نادرا ما يشغلهم ذلك مادام لا يمسهم مباشرة.

اعترفت له أنّ سبب انتقالي لعنده لم يكن بطريقة عقلية انتقلت لأن الحب يبرر.
حينها عرض عليّ أن نسجل زواجنا ضحكتُ من قلبي وقبّلته كما لم أقبّل من قبل متذكرة كل قُبل الهواء.

في اليوم الثالث لقدومي للسكن عنده ذهبنا للغابة تسلّقنا الهضبة المنحدرة إلى أن وصلنا أمام كهف ذي مدخل صغير, دلف قبْلي وتبعته بخوف التفتَ وبابتسامة شدّ على يدي قليلا, بعدها انفرج الضيق الذي دخلناه عن قاعة من الحجر المكتسي بالصواعد والنوازل مع فتحة سماوية تضيء المكان وبحرة صغيرة في مواجهة المدخل لم أتمالك نفسي من الروعة وقلت إنه بيتنا فضحك وضمني.
إنها مياه صالحة للشرب أخذت بعضا منها لمديرية الماء وكانت النتيجة إيجابية . ليومين بعد قدومي كنا نكتفي بالنوم قرب بعض قالها: أحتاج لبعض الوقت فالمرأة الوحيدة التي عرفتها كانت زوجتي في السجن امرأة من رسم.
ضممته وقلت له عندما يحين موعد قلم الرصاص فمبراتي جاهزة.
أتسبحين ؟

خلع ثيابه بسرعة ودخل الماء, ظهره كلوح مسماري نتيجة التعذيب في السجن لم ينظر إليّ بل حدق للفوهة التي تطل منها السماء والتي تُرى منها الشمس لمدة ساعة تقريبا من الواحدة والربع إلى الثانية أما في الشتاء فلا تلحظ أبدا. تبعته ,غمرته بيدي ,أطلق نفسا يعود لعشرين عاما مضوا.
همست له ,أريد أن أتقن اللغة المسمارية وبدأت أقطّب حروف تلك اللغة عن ظهره, أبلّها بريقي ثم ألثمها ويدي تعبث بشعيرات صدره الشائبة وتلمس بخفة حلمة منتصبة من البرودة, لربما لشدة الإثارة التي لم أتيقنها إلا عندما أدار وجهه وغط على شفتي كالطيور المهاجرة .
وتد ينغرز في مثلثي لينصب خيمته, أشعلت النار,طحنت البن ,وضعته على نار هادئة كبدوية تضع الكحل.

تساقط جميع الأبطال الذين عرفتهم وكتّابهم ما عدا مدرسي القديم الذي ابتسم وأعاد تزرير قميصي توقفت النافورة عن قذف الماء
سحبني على ذراعه نحو حافة البحرة وضع بطانية تحت ظهري واستلقينا تحت الشمس حتى غادرت الفتحة صامتين كصواعدها ونوازلها,
تحرك من قربي أخذ القهوة من الترمس وصب فنجانين أشعل لي سيجارة وله همس لكي لا يسمعنا الرب : لن يطردنا أحد من جنتنا؟



بقلم: باسم سليمان.







المراجع

aleftoday.info

التصانيف

فنون  أدب   الآداب