عصفور من الماضى :
ربطت حزام الأمان فى الطائرة وهممت أن أنام بعض الوقت لكى أستعيد نشاطى بعد يوم مجهد لأكون قادرا على إلقاء بحث فى أحد المؤتمرات الدولية , ولكن صراخ طفل فى المقعد المقابل حرمنى من ذلك , فهو يريد أن يجرى ويلعب فى طرقات الطائرة وأبوه يحاول أن يجلسه فى المقعد المخصص له ويثبته بالحزام , وباءت كل المحاولات بالفشل وفجأة وجدت أباه يشير بإصبعه
إلى سقف الطائرة ويقول للطفل " شايف العصفورة " وراح الأب ينقل إصبعه يمينا ويسارا والطفل مشغول بمتابعة إشارات أبيه يحاول أن يرى هذه العصفورة الشقية كثيرة الحركة , وتعجبت أن يكون من بين ركاب الطائرات فى عام 2006 من يتذكر هذه اللعبة ويستخدمها مع طفله , وحمدت الله على أن أبواى لم يستخدماها معى وأننى لا أستخدمها مع أبنائى وبناتى . وأيا كان الأمر فبعد دقائق سكت الطفل , ولكن النوم راح من عينى وحل محله فى عقلى تساؤلات كثيرة , فهذه العبارة " شايف العصفورة " استدعت الكثير من الذكريات والأحداث وقد مرت سنوات طويلة لم أسمعها إلا فى تلك اللحظة , ولمن لا يعرف هذا الأمر أقول أن الآباء والأمهات قديما كانوا إذا أرادوا أن يسكتوا طفلا يبكى أو يتعلق بشئ يريده يقولون له " شايف العصفوره " ويشيرون بأيديهم إلى اتجاهات مختلفة فيتبع الطفل الغرير إشارات أصابعهم علّه يرى العصفورة , وبعد دقائق ينسى الطفل موضوعه الأصلى فيحتويه الكبار فى أحضانهم أو يجلسونه فى حجرهم أويسيرون به إلى حيث يريدون . وكثيرون يرون أنها لعبة بريئة وتعتمد على قانون علمى أكيد وهو أن الطفل يسهل تشتيت أو جذب انتباهه بسرعة وبسهولة , والبعض الآخر يدّّعى بأن للعبة استخدامات طبية مفيدة خاصة فى الماضى قبل شيوع استخدام البنج فى عمليات الختان ( الطهور ) والخصاء ( فى عصور الأغوات ) وفى خلع الأسنان أوالعمليات الجراحية حيث كانت هى الوسيلة الوحيدة لتشتيت الإنتباه وتخفيف الشعور بالألم , أو على الأقل التخلص من بكاء الطفل المؤذى له وللمحيطين به ( على حد زعمهم ) .
ولم أكن متأكدا من العلاقة بين لعبة "شايف العصفورة " وعادة دق العصافير على جانبى الجبهة أمام الأذنين , تلك العادة التى كانت منتشرة فى قرى وصعيد مصر إلى عهد قريب نسبيا , ولكننى الآن أستطيع وضع احتمال بأن الكبار كانوا يريدون أن ينشغل حامل العصافير أمام أذنيه بمحاولة رؤية العصافير طول الوقت ( دون جدوى ) بدلا من أن يتعبوا أنفسهم بالإشارة بيدهم ( عصافيره منه فيه ) , ويبدو أن هذا الهدف كان يتحقق بفاعلية عالية بدليل أن أصحاب العصافير كان يضرب بهم المثل فى الغفلة والسذاجة والقابلية للإستهواء والإحتواء , وربما يكون هذا هو السبب فى إقلاع الكثيرين عن هذه العادة .
سر اللعبة :
تذكرت هذا وأنا أشاهد العصافير تملأ صفحات الجرائد وشاشات التليفزيون والكومبيوتر , وكل عصفورة تحمل عنوانا مثير ا فهذه عصفورة الختان وتلك عصفورة النقاب تليها عصفورة الحجاب يتبعها عصفورة العرض العسكرى ( أو شبه العسكرى أو الرياضى ) لطلاب جامعة الأزهرالمصابين بالأنيميا وفيروس سى , يسبقها عصفورة جواز التدخين فى نهار رمضان . وهكذا تملأ زقزقات العصافير أذاننا وتتبعها أعيننا فى كل مكان فلا ندرى أين نحن ولماذا جئنا إلى هنا وأين نذهب وماذا نريد .
ولعبة الإلهاء لها أصول ومراحل فهى تبدأ بافتراض الغفلة والسذاجة لدى الضحية ثم تتطور إلى محاولة جذب انتباهه عن مشكلته الأصلية إلى شئ أقل أهمية لكنه أكثر إثارة , وبما أن الضحية يفترض فيه ضعف الذاكرة وتشتت الإنتباه وعدم وضوح واستقرار الهدف الأصلى , لذلك يتوقع القائمون على اللعبة أنه سينسى وينشغل بوسيلة الإلهاء , وإذا لم يتأكد هذا الإحتمال فإن الضحية يحتاج إلى عملية استهواء , وهى أكثر تعقيدا وإبهارا من الإلهاء فهى تستدعى مقالات وندوات ولقاءات تليفزيونية ومنتديات على الإنترنت ورسائل على البريد الإلكترونى , وإذا لم تفلح عملية الإستهواء يتم اللجوء إلى الإستلاب أو الإغواء , وفى الإستلاب يحتاج أصحاب اللعبة إلى شخصيات كاريزمية لها صفة السحر على الجماهير وقد تكون هذه الشخصيات من رجال السياسة أو رجال الدين أو رجال الإعلام أو نجوم الفن أو لاعبى الكرة , يقومون بتمرير اللعبة لدى الضحايا المستهدفين وهم فى حالة بين النوم واليقظة ( أشبه ما يكون بعملية التنويم المغناطيسى ) وربما يحتاج الأمر إلى مهارة مخرجى التليفزيون أو منظمى الندوات أو مديرى المنتديات لخلق جو أسطورى أو شبه أسطورى يساعد الشخصيات الكاريزمية على إتمام عملية الإستلاب دون أن يشعر الضحايا أو يتألمون أو ينتبهون , أما الإغواء فهو عملية تحتاج لرشوة الضحايا , والرشوة هنا إما أن تكون مالية ( مكافآت أو إكراميات أو علاوات أو انتدابات أو سفريات ) أو وظيفية ( تعيينات أو ترقيات ) أو اجتماعية (تلميعات وصناعة نجوم ) أو سياسية ( مناصب حزبية أو تسهيلات انتخابية ) أو دينية (وعد بالجنة لمن يسمع كلام أولى الأمر ويطيع أوامرهم دون سؤال ) أو جنسية ( فيديو كليبات على فضائيات عارية أو شبه عارية ) . وإذا نجحت كل الخطوات السابقة تكون النتيجة النهائية هى الإحتواء حيث يجلس الضحايا فى حجر القائمون على اللعبة أو يرتمون فى أحضانهم أو يغطون فى نوم عميق بينما تتم عمليات أخرى بلا مقاومة أو ألم , أو ينظر الضحايا إلى العصافير من حولهم أو من فوقهم أومن تحتهم فى دهشة وانبهار حتى تتم عملية الختان أو الخصاء أو الإغتصاب فى سهولة ويسر على الطرفين .
من المصرية إلى العالمية وبالعكس :
وقد تعتقد أن لعبة " شايف العصفورة " هى لعبة مصرية بالأساس , خاصة أنها نشأت وترعرعت فى البيئة المصرية , ولها شاهد لا يحتاج للكثير من الأدلة العلمية ألا وهو عادة " دق العصافير " والتى أتشرف بالشهادة بأننى رأيتها بعينى أمام آذان عدد غير قليل من قاطنى قرى وجه بحرى والصعيد , ولم تختف إلا منذ سنوات قليلة حين أصبح البعض يتساءل فى مواقف الإلهاء والإستهواء مستنكرا ومحتجا : " هو انت فاكرنى داقق عصافير ؟
| | " . ثم استبدلت العصافير بعد ذلك برقم 111 يكتب فى نفس المكان أمام الأذنين , ولست أعرف السر فى اختيار كتابة رقم 1 ثلاث مرات إلا أن أحد المعارضين المشاغبين الظرفاء الذى خرج لتوه من السجن قال لى مازحا : إن هذا يمثل الملك ( أو الرئيس ) وابنه ( ولى العهد ) وزوجته , ولم آخذ الأمر حتى الآن على محمل الجد وآثرت أن أترك الأمر مفتوحا لمزيد من الإجتهادات العلمية الأكثر دقة . ولكن يبدو أن اللعبة أصبحت عالمية فقد رأينا بوش حين همّ أن يغزو أفغانستان حاول أن يرينا عصفورة بن لادن وطالبان , وحين نوى غزو العراق أرانا عصفورة صدّام وعصفورة أسلحة الدمار الشامل فى العراق , وحين انفتحت شهيته لغزو السودان لوّح بمشكلة دارفور , وهو يذكرنا بالحاوى الذى يحمل فى جرابه الكثير من العجائب يخرجها واحدا بعد الآخر وهو يحرك يديه حركات سريعة تشتت انتباه المشاهدين حتى يتم الخدعة أو اللعبة بمهارة , ويذكرنا أيضا بلاعبى الثلاث ورقات الذين يحركون الورق بخفة بين أيديهم ثم يظهرون الورقة التى يريدونها فى الوقت المناسب فيصدقهم الرائى بناءا على براعتهم وسرعتهم فى خلط الأوراق . والغريب أن هذه اللعبة رغم انتشارها عالميا على يد بوش وتابعه بلير إلا أنها كثيرا ما تمارس مع العرب بوجه خاص , فكلما أرادت أمريكا أو إسرائيل عمل شئ , قاموا بتغطيته بأى عصفورة ننظر إليها حتى يتموا هذا العمل فى سهولة ويسر وبأقل قدر من الإزعاج لنا ولهم .
هل أكلت البرتقالة ؟؟ :
وقد ذكرنى هذا بموقف حدث منذ سنوات حيث كنت أتدرب على طريقة العلاج بالتنويم المغناطيسى على أيدى معالج نفسى أمريكى , وكان يحضر التدريب عدد من المعالجين النفسيين بينهم مصريين وعرب , وبدأ المعالج المدرب يطلب من الحضور عمل بعض أشياء ليست لها علاقة مباشرة بالموضوع , وأنا أعرف من خبرتى السابقة كمعالج نفسى أن المقصود منها تشتيت الإنتباه لتقليل الدفاعات النفسية وتسهيل اختراق الجهاز النفسى وتوصيل الرسائل المطلوبة إليه , ومن هذه الأشياء أنه طلب أن نتخيل أننا نمسك ببرتقالة فى أيدينا ثم نقشر هذه البرتقالة ونأكلها ونستشعر طعمها , وقد هالنى اندماج المصريين والعرب فى هذا الدور بشكل ملفت للنظر مقارنة بغيرهم من الجنسيات (ربما لأن المدرب أمريكى ينطق على الهوى ) , وبعضهم خرج يقسم أنه استشعر فعلا طعم البرتقالة , وبعضهم ذهب أبعد من ذلك فجزم بأنه استشعر وجود برتقالة أخرى فى يده الثانية قام بوضعها فى جيبه ( والجيب هنا له معان كثيرة فى اللغة العربية اختر منها أيها شئت ) , ومن يومها وأنا أتوجس من البرتقال , وأدركت كم نحن أمة قابلة للإلهاء والإيحاء والإستهواء والإستلاب والإغواء إلى درجة الإحتواء , وقررت أن لا أمارس هذا النوع من العلاج التنويمى وفضلت أن أعالج مرضاى وهم فى كامل وعيهم وعقلهم دون استخدام البرتقال أو الموزعلى الرغم من زيادة المشقة .
غربان عبرية :
وقد عرفت إسرائيل هذه الصفة عنا فتجدها تطلق فى كل مرحلة عصفورا ( أو بالأصح غرابا ) ننشغل بالكلام عنه والهرولة للتباحث بشأنه( آخر هذه الغربان الميتة خارطة الطريق ) , ثم تطلق غربان أخرى , وتتوالد الغربان فى الجو ونحن ننظر إليها جميعا ونحاول تتبعها جميعا حتى ننسى الموضوع الأصلى ويصبح تتبع الغربان ومعرفة ألوانها وأحجامها وجنسها هو الهدف , وأثناء هذا الإلهاء والإستهواء تكون إسرائيل قد حققت كل مشروعاتها التى خططت لها منذ البداية فتغلق الملف ونفاجأ نحن باختفاء الغربان وانسحاب المفاوض الإسرائيلى الذى أطلقها انتظارا لدورة غرابية أخرى .
زقزقة مصرية :
وحين نتابع الصور فى المشهد المصرى بوجه خاص نرى بيع شركات القطاع العام بأبخس الأسعار , ونرى السكوت عن احتلال العراق وابتلاع فلسطين , ونرى تدمير لبنان أمام أعيننا , ونرى تزوير انتخابات مجلس الشعب وتزوير انتخابات اتحاد الطلاب ونشأة اتحادات موازية تدفع للصراع الدامى بين أبنائنا الطلاب أيا كانت انتماءاتهم داخل الجامعات , ونرى غرق العبارات , وحوادث السكة الحديد , وتعديل المادة 76 من الدستور ثم الشروع فى تعديل التعديل بتعديل يحتاج فيما بعد إلى تعديل , ونرى البطالة والفساد والمظالم الإجتماعية والتوحش الأمنى لسد الفراغ السياسى , كل هذا يجرى ونحن نتلهى أو نستهوى أو نستلب أو نغوى بالعصفورة , ففوق كل حدث من هذه الأحداث كانت تطير عصافير فوق رؤسنا ننشغل بها حتى تتم الصفقة أو العملية أو تمر الكارثة , والجميع يراهن على ضعف ذاكرتنا وقابليتنا العالية لتشتت الإنتباه والإستهواء وأحيانا الإستلاب .
الترفيه غير البرئ وترسيخ الوضع الراهن :
وعمليات الإلهاء والإستهواء والإستلاب والإغواء والإحتواء لا تحتاج فى كل المرات إلى فرقعات ساخنة ( كقضية النقاب أو الحجاب أو الإساءة للرسول بالرسوم الكاريكاتورية أو الإستعراض الرياضى أو العسكرى أو شبه العسكرى لطلاب الأزهر , أو التحرش الجنسى فى وسط البلد ) بل أحيانا يتم ذلك بواسطة الإتاحة الهائلة لعدد كبير من البرامج الترفيهية والتى تبدو محايدة وبريئة مثل مباريات كرة القدم أو الأفلام والمسرحيات والمسلسلات والكليبات والأغانى , وكل هذه الأشياء تخدر الوعى وترسخ للوضع الراهن وتقتل الرغبة فى التغيير الإيجابى وتوحى بأن الحياة جميلة ومستقرة وبأن مظاهر الرفاهية متاحة على الأقل فى التليفزيون , إضافة إلى أن ملايين البشر يقضون ملايين الساعات أمام التليفزيون وهم فى حالة استرخاء وتلق سلبى تستقبله الحواس ووسائل الإدراك ولا تتحرك بموجبه الجوارح , وهكذا شيئا فشيئا يتعلم الشخص المشاهد ذلك التعامل الأحادى حيث يرى ويسمع وليس مطلوب منه أن يفعل شيئا , ومع استمرار وطول ساعات المشاهدة يصاب بالهمود الجسدى والفكرى فينام ساعات قليلة ليصحو فى حالة إعياء لا تسمح له بممارسة تفكير نقدى أو عمل منهجى فيصبح مرة أخرى أكثر قابلية للإيحاء فالإستهواء فالإحتواء .
من الحلم البديل إلى الطب البديل ... ياقلبى لا تحزن :
وربما يعتقد بعض الناس أن البرامج الحوارية أو الثقافية بريئة من لعبة " شايف العصفورة" وهذا بعيد جدا عن الحقيقة فكثير من هذه البرامج يدفع بعصافير تخطف عقل المشاهد الذى أدمن الإستهواء والإستلاب , ويكفى أن تتابع برامج تفسير الأحلام أو الطب البديل لترى كيف تشغلنا هذه البرامج التافهة المضللة عن صنع أحلامنا المستقبلية وعن الطب الأصيل الذى لم نبرع فيه حتى نبحث عن الطب البديل , ويبدو أن التركيبة النفسية للناس أصبحت ترغب فى هذا الإلهاء والإستهواء بدليل الكثافة العالية لمشاهدى هذه البرامج التى تقوم على الفكر الخرافى التعميمى الإختزالى المشوه , وقد سمعت من كثير من الناس عن أحد مفسرى الأحلام العظام فجلست أتابعه عدة حلقات فوجدته يمارس الدجل والشعوذة متسترا بالدين ومتسترا بما يسميه علم تأويل الأحلام ويدّعى انتسابه زورا بالأزهر والأزهر منه براء , ثم تتبعت أحد مشاهير الطب البديل وهو طبيب ( أو يدّعى أنه طبيب ) فوجدته يمارس هرطقة يلبسها ثوبا شبه علمى فيصف البرطقوش لشخص مصاب بتضخم الطحال ثلاث أضعاف حجمه ويجزم له أن الطحال سيعود لحجمه الطبيعى بتأثير البرطقوش بعد أسبوعين فقط دون أن يسأل ويتقصى عن سبب تضخم الطحال , والغريب أنه يتكلم بثقة عالية يحسد عليها وهى إحدى صفات الدجالين والسيكوباتيين , والأعجب من كل هذا أن ملايين البشر يصدقونه ويتابعونه على الرغم من وضوح دجله وشعوذته ونصبه واحتياله , ويحضر له فى ندواته آلاف البشر وهم مشدوهين وكأن على رؤسهم الطير , فى حين إذا دعى عالم موضوعى يقول الحقيقة ويوقظ العقل لممارسة التفكير النقدى المنهجى الجاد لا يحضر له أحد .
الطوفان وسفينة نوح :
وقد ينصرف ذهنك إلى أن لعبة " شابف العصفورة " تنجح فقط مع الأطفال الصغار أو مع ضعاف العقول أو القابلين للإلهاء أو الإستهواء أو الإستلاب أو الإغواء ( أيهما أسهل ) , ولك الحق فى ذلك , إلا أن المدهش فى هذه الأيام أن هذه اللعبة أصبحت تمارس مع شعوب بأكملها , والمدهش أكثر أنك ترى عددا كبيرا من كبار المثقفين والمفكرين ورؤساء تحرير بعض الصحف يجولون بأعينهم فى كل الإتجاهات بحثا عن العصفورة المجهولة , حيث تغيب منهم وعنهم الفكرة المركزية ويندفعون جريا وراء العصافير وبالونات الإختبار وتكثر الثرثرة المملة على الفضائيات وفى صفحات الجرائد حول تفاصيل تافهة وهامشية تستهلك فيها الطاقات فى حين تمر الصفقات بليل .
وربما تظن أن القلة الناجون من " شوفان العصفورة " من العلماء الجادين المنهجيين أصحاب العقلية النقدية , هم من المحظوظين والسعداء فى مجتمعات تعج بالمتلهين والمستهوين والمستلبين والمغوين والمحتوين , ولكن للأسف الشديد هؤلاء القلة يعانون غربة ووحشة وربما نبذ واستبعاد لأنهم يحاولون إيقاظ النائمين , وعلى رأى الشاعر الساخر " اللى يصحى الناس يا ناس أكبر غلط | | ".
ولقد فهمت فى هذا السياق إعلان الروائى الكبير بهاء طاهر توقفه عن قراءة الصحف أو متابعة وسائل الإعلام المصرية حفاظا على نقاء أجوائه من العصافير والغربان .
وأكثر وأخطر ما أخشاه أن أكون أنا وأنت عزيزى القارئ قد شاركنا فى البحث عن العصفورة فى وقت من الأوقات , أو ربما نكون الآن " شايفين العصفوره " | | | | | .
المراجع
bawaba.khayma.com
التصانيف
فنون أدب أدب عربي العلوم الاجتماعية
|