إيكه نوتايغا Ike No Tîaga، مصور وخطاط ياباني ولد قرب كيوتو من أسرة متواضعة. ظهر نبوغه منذ الثالثة من عمره إذ تمكن من إنجاز عمل متميز في رسم الحروف اليابانية (محفوظ حتى اليوم)، فوضع تحت رعاية الرهبان الخطاطين، وظل فيما بعد من أعلام فن الخط المرموقين. درس التصوير على يد يانا جيساوا كيين (1740-1758) Yana Gisawa Kien الذي كان أحد أوائل أتباع مدرسة نانغا في اليابان، واطلع عنده على الـ«هاسو غافو» Hasshu Gafu (مجموعات التصوير الثماني)، وهي مجموعة من اللوحات الصينية من عهد مينغ Ming.إن المدرسة الصينية التي عرفت باسم بونجين ـ غا Bunjin-ga أونانغا Nanga، كانت منطلق فن إيكه نوتايغا، وقد استفاد من معطياتها وغدا أحد أتباعها المتميزين. ومع أن التعبيرين بونجين ـ غا (فن التصوير لدى المثقفين) ونانغا (فن التصوير في الجنوب) ليسا مترادفين في الأصل، إذ يدل الأول على موقف ثقافي للفنان في حين يدل الثاني على أسلوب وتقنية، فإنهما تداخـلا مع الزمن وصارا يدلان على مدرسة واحدة في الصين وفي اليابان. على أن الملاحظة الدقيقة لأعمال إيكة نوتايغا تدفع الباحث إلى الانتباه مجدداً للاختلاف الدقيق بين التعبيرين.تعلم إيكه نوتايغا من يانا جيساوا كيين طريقة شيتو ـ غا Shito-ga (تقنية التصوير بالأصابع، والأظافر، وراحة اليد، التي تقوم مقام الريشة والفرشاة)، التي انتشرت في الصين في عهد كينغ Qing. لذا فإن العنصر الصيني واضح في فن إيكة نوتايغا، إلى جانب العنصر الياباني.وتعكس أعمال إيكة نوتايغا فهماً عميقاً لفن المناظر الياباني الأحادي اللون monochrome، المستوحى من النزعة الصينية في مدرسة الشمال، ومن الأسلوب الزخرفي الخاص بمدرسة سوتاتسو ـ كورين Sôtatsu-Korin. من هذه الأخيرة أخذ إيكه نوتايغا تقنية الـ «تارا شيكومي» Tarashikomi (تأثيرات اللون المائي الواحد المستخلصة بوضع طبقة من اللون فوق أخرى لم تجف بعد) في كثير من أعماله الأحادية اللون، وفي لوحاته المنفذة بالأصابع، كما استخدم مظاهر زخرفية خاصة بمدرسة ريمبا Rimpa، في أعماله الكبيرة ذات الخلفية المذهبة، والغنية بلمسات من الألوان الحادة، كما في رائعته روكاكسو سانوي ـ زو Rôcacu Sansui-Zu (منظر مع أبنية)، وهي عبارة عن حجابين Paravents، أنجزا بين عامي 1760و1770.قام إيكة نوتايغا بأسفار كثيرة. وجال في البلاد، وتسلق الجبال الشهيرة راغباً في تعرف المنظر عن كثب والاحتكاك المباشر بالطبيعة. وقد مكّنه ذلك من التوصل إلى مفهوم شخصي للحيز التصويري، وتعبير واقعي عميق، كما في لوحته أساما ياما شينكي ـ زو (مشهد حقيقي لجبل أساما) عام 1750 ولم يتوقف بحثه الدؤوب. فبعد أن اطلع على آثار مدرسة ماروياما Maruyama التي تسعى إلى التماس جوهر الأشياء من مظهرها الخارجي، أخذ يعمل على تصور «روح» المشهد، كما في لوحته رينغاي بوكو ـ زو Ringai bôko-Zu (مشهد بحيرة شينجي، حول عام 1750).ولقد كان اكتشافه للتصوير الغربي عام 1748 عاملاً في تعميق مفهومه لقضايا التكوين والواقع والتجسيم والنور، فزاد في وضوح أسلوبه من غير أن ينزع عنه ميزاته الشرقية الصحيحة.في الوقت الذي لم يتمكن فيه أتباع مدرسة نانغا الأوائل في اليابان من التحرر من تقليد النماذج الصينيـة، فإن إيكه نوتايغا أعطى هذه المدرسة طابعاً وطنياً أصيلاً، يلاحظ بخاصة في مرحلة النضج بعد عام 1760، وذلك برفضه القواعد الأكاديمية، وبمقدرته الإبداعية الخصبة، كما في لوحة سانسوي جيمبوتسو ـ زو (منظر وأشخاص) Sansui-Jimbutsu-Zu، التي تدهش الناظر بقوتها وليونتها وألوانها وتكوينها المحكم.
المراجع
الموسوعة.العربية
التصانيف
التربية والفنون العمارة فنون