كارل غوستاف يونغ Carl Gustav Jung طبيب نفسي سويسري، ولد في مدينة كسڤيل Kesswil بسويسرا، ونشأ في مدينة بازل Basel والتحق بمدرستها لكنه ترك المدرسة لإصابته بالصرع بعد سقوطه على الأرض، وما إن شفي من هذا المرض حتى عاد إلى المدرسة واحتل المرتبة الأولى في الرياضيات، وقد اهتم بدراسة العلوم الطبيعية وهذا ما أدى به إلى دراسة الطب وتخصص بالطب النفسي، وتخرج عام 1902 في جامعتي بازل وزوريخ Zurich.وفي عام 1906 أصدر كتاباً عن بحوثه التي أشار فيها إلى التداعي الحر وأرسل نسخة منه إلى فرويد[ر] Freud، وبدأت العلاقة بينهما وكان إعجاب كل منهما بالآخر عظيماً، وفي عام 1909 سافر فرويد ويونغ معاً إلى جامعة كلارك Clark في الولايات المتحدة الأمريكية لإلقاء عدد من المحاضرات. وعندما أسس الاتحاد الدولي للتحليل النفسي عام 1910 أصبح يونغ أول رئيس له بعد أن رشحه له فرويد على الرغم من معارضة الكثيرين، وظل في هذا المنصب حتى عام 1914، إلا أن العلاقات الشخصية بين فرويد ويونغ قد فترت وانقطعت المراسلات بينهما في عام 1913. وفي فترة ما بين عامي 1913ـ1919 بحث يونغ في أعماق اللاشعور لديه وتجادل مع ذاته فلاحظ ظهور نماذج شعورية مختلفة، وشعر أنه يتدخل في العمليات الفردية ويكتشف نفسه، وكان يعاني بعض الانفعالية (القلق الانفعالي) معتقداً أن هذه الأعراض تشبه الأمراض المبدعة التي أصابت فرويد.وفي سنة 1944 أنشئ كرسي أستاذية لعلم النفس الطبي خصوصاً ليونغ في جامعة بازل، بيد أن سوء صحته حال بينه وبين شغل منصب الأستاذية، وانتابته أحاسيس بمرارة تقلبات الحياة وبأنه سيموت، وهذا ما حدث فعلاً إذ توفي يونغ بعد أن وضع نظريته في الشخصية عن عمر يناهز 86 عاماً.الشخصية عند يونغ:على الرغم من أن نظرية يونغ في الشخصية هي بالدرجة الأولى نظرية في التحليل النفسي بسبب تأكيدها العمليات اللاشعورية؛ فإنها تختلف عن نظرية فرويد؛ إذ كانت أبرز سمات نظرة يونغ إلى الإنسان وأكثرها تمايزاً أنها تجمع بين الغائية والعلية، فالسلوك الإنساني لا يحكم فقط من تاريخ الشخص الفردي والعنصري (العلية) وإنما أيضاً من الأهداف والطموحات المختلفة (الغائية)، وكل من الماضي والمستقبل يقودان سلوك الفرد في الحاضر.يتكون بناء الشخصية الكلية عند يونغ من عدد من الأنظمة المنفصلة والمتفاعلة، وأهم هذه الأنظمة:ـ الأنا ego: هي العقل الشعوري، وتتكون من مجموعة من المدركات الشعورية والذكريات والأفكار والوجدانات، فهي مركز إدراك الفرد.ـ اللاشعور الشخصي personal unconscious: يبدأ اللاشعور الشخصي في التكون منذ الميلاد من الخبرات التي يكتسبها الفرد في حياته، وهذه الخبرات كانت في البداية شعورية ثم فقدت طابعها الشعوري و صارت لاشعورية بسبب عوامل الكبت والنسيان.ـ اللاشعور الجمعي collective unconscious: يرى يونغ أن هناك لا شعورا جمعياً مشتركاً ومشاعاً بين البشر جميعاً وإن تفاوتت درجاته، ويرجع شيوع اللاشعور الجمعي إلى تشابه العقل في جميع أجناس البشر ويرجع هذا التشابه إلى التطور المشترك؛ إذ يوجد بداخل كل منا قدر ما من هذا اللاشعور الجمعي وإن كان هذا القدر يختلف من فرد إلى آخر، فكأن اللاشعور الجمعي هو المخلفات النفسية التي ورثناها عن أسلافنا من البشر.ـ القناع the persona: استعار يونغ فكرة القناع من مصطلحات المسرح وقصد بها في نظريته أن لكل منا قناعاً شخصياً يبدو به أمام الناس وغالباً ما يكون مغايراً لحقيقته التي يعرفها هو عن نفسه، فكأنه يظهر بشخصية معينة ذات صفات معينة وتصرفات وأخلاق معينة أمام الناس اتفاقاً مع تقاليد المجتمع وتمشياً مع ما يرتضيه الناس واستجابة لمقتضيات الواقع.ـ الأنيما والأنيموس the anima and the animus: ويرجع يونغ هذه الظاهرة إلى الأنماط الأولية، فيطلق على النمط الأولي الأنثوي لدى الرجل اسم الأنيما والنمط الذكري الأولي لدى المرأة اسم الأنيموس؛ أي إن الرجل نتيجة حياته الطويلة مع الأنثى يكتسب منها الأنوثة وكذلك المرأة في حياتها مع الرجل تكتسب الذكورة، وبذلك يصبح الرجل والمرأة أكثر قدرة على تقدير كل منهما للآخر، فالرجل يكون أكثر تفهماً للمرأة بما عندها من أنيموس والمرأة تفهم طبيعة الرجل بما عنده من أنيما.ـ الظل shadow: يحتوي الظل على النزعات العدوانية والدوافع الدنيئة البدائية والعناصر اللاجتماعية التي تكمن في أعماق النفس البشرية، فهو الجانب غير المرغوب من الشخصية الذي اشتق من أسلافنا، ويتكون من المواد المكبوتة في اللاشعور الشخصي إذ إنها مخزية وغير سارة. وهذا المفهوم يتطابق مع مفهوم «الهو» عند فرويد.ـ الذات the self: هي مجموعة من المبادئ التنظيمية في الشخصية تدور حولها مختلف النشاطات الموجهة من أجل تحقيق كمال الإنسان. وهذه المبادئ تزود الشخصية بالوحدة والاستقرار اللذين تعدان هدف الفرد في الحياة، الهدف الذي يحاول جميع الناس بلوغه دائماً لكنهم نادراً ما يبلغونه، فالذات هي التي تحرك سلوك الإنسان وتدفعه نحو البحث عن الكلية، ولا تستطيع الذات تحقيق الثبات والاستقرار إلا عندما تقع في حالة وسط بين الشعور واللاشعور.ومن أهم ما يساعد الفرد على تحقيق ذاته هو ما يرثه من نظام بيولوجي مجهز بالغرائز التي تعمل على استمرار حياته، كما أن طريقة تطلعه إلى مستقبله وما يقوم به لأجل رسم هذا المستقبل يساعد على تكوين ذاته. فكلما زادت خبرات الفرد ومعارفه زادت قدرته على تحقيق ذاته.يؤكد يونغ أن الجنس البشري نوع يتطور إلى أشكال من الوجود أكثر تفاضلاً وينتقل من مرحلة أقل كمالاً، إلى مرحلة أخرى أكثر كمالاً، فالهدف النهائي يجب أن يكون تحقيق الذات إذ إنه أكثر أشكال التفاضل كمالاً، فمستقبل الإنسان برأي يونغ هو من أكثر الأمور الجديرة بالاهتمام؛ أي إن الحاضر يتحدد عن طريق الماضي وعن طريق المستقبل، وعند النظر إلى ماضي الإنسان وحاضره يتحدد مستقبل الإنسان ويعطي صورة متكاملة عنه.

المراجع

الموسوعة.العربية

التصانيف

التربية والفنون   تربية وعلم نفس