غايوس سويتونيوس ترانكويلوس G.Suetonius Tranquillus، مؤرخ وكاتب سير مشاهير الرجال، روماني الأصل، من مؤرخي عصر الامبراطورية، عاصر المؤرخ الروماني تاكيتوس (55 ـ120م)، والمؤرخ اليوناني بلوتارخوس (46 ـ125م).كان سويتونيوس، بخلاف تاكيتوس، من المقربين للبلاط الامبراطوري، فقد ترعرع في محيط مكوّن من موظفين مدنيين وعسكريين، وكان جده قد احتل منزلة عالية في البلاط، أما والده فكان من كبار موظفي الجيش، أما هو فقد عهد إليه بمركز مهم في الديوان الامبراطوري. ولا يعرف الكثير عن حياته، سوى أنه مارس المحاماة قبل أن يصبح أميناً لسر الامبراطور هادريان (117ـ138م)، ثم فُصل من منصبه عندما تحدث عن زوجة الامبراطور بما لا يليق بها.كتب الكثير من الكتب، ضاع معظمها، ولكن وصل أحد أهم كتبه كاملاً تقريباً وهو «سير القياصرة الاثنى عشر» de vita caesarum، والذي يترجم فيه لسير الأباطرة الرومان الاثنى عشر الأوائل وأعمالهم وأخلاقهم. وهم: يوليوس قيصر (61ـ44ق.م)، أوغسطس «أوكتافيوس» (32ق.م ـ14م)، تيبريوس (14ـ37م)، كاليغولا (37ـ41م)، كلاوديوس (41ـ54م)، نيرون (54ـ68م)، جاليا وأوتو وفيتللوس (68ـ69م)، فسـباسـيان (69ـ79م)، تيتوس (79ـ81م)، ودوميسـيان (81ـ96م). يؤخذ على سويتونيوس اهتمامه بالجانب الأخلاقي للأباطرة، وإهماله الناحية السياسية من الموضوع، مما جعل مؤلفه سطحي المحتوى، والمأخذ الآخر هو أنه كان يدافع بحرارة عن النظام الامبراطوري على نقيض معاصره تاكيتوس، ولذا يجب الاعتماد على كتاباته لمقارنتها بروايات تاكيتوس وتصحيح نقاط الانحياز فيها ولو جزئياً. وعلى الرغم من موقفه الايجابي من هذا النظام ومدح بعض الأباطرة، مثلاً يصف أغسطس قائلاً: «إنه كان يجلس مجلس القاضي بانتظام وأن مجلسه كان يدوم في بعض الأحيان حتى يجن الليل. كان رجلاً حي الضمير، ليناً في أحكامه إلى حد كبير»، لكن سويتونيوس لم يتردد في ذكر سلبيات الأباطرة إذا ما وجدت، حتى اتهمه المحدثون بإسرافه في الحديث عن فضائحهم وبعدم إنصافه لهم. ففي مجمل حديثه عن الامبراطور كلاوديوس يقول: «فقد كان مفرطاً في شهواته النسائية». أي إن الامبراطور كان يسمح بالعبث والأعمال الشاذة ليضمن لنفسه حرية الاستمتاع بما يريد من الملذات. وفي حديثه عن الامبراطور فسباسيان، يتهمه بأنه ضاعف أموال الخزانة العامة ببيع المناصب وترقية أشد الموظفين شراهة في جباية الضرائب من الولايات.مع ذلك يعد مؤلفه فريداً من نوعه بما يحويه من فيض المعلومات والتفاصيل المتعلقة بأخلاق الأباطرة، وهي أمور نادراً ما نجدها عند مؤرخ، على اعتبار أن أخلاق الحاكم لها دور كبير في تاريخ الدولة، وتفسر كثيراً من الأحداث، خاصة في مدة هي الأهم في تاريخ الدولة الرومانية. وهي مرحلة السلام الروماني (14ـ192م)، الذي أتاح للمواطنين أن يعيشوا فيه حياة هادئة، وضمن لهم الحرية والعدالة، فرأى كل مواطن أن الامبراطورية موطن له، معتبراً إيّاها نظاماً طبيعياً وأبدياً لا يزول. وبلغت في هذه المرحلة أقصى اتساعها، إذ امتدت من المحيط الأطلسي غرباً إلى نهر الفرات شرقاً، ومن نهري الدانوب والراين شمالاً إلى جبال الأطلس والصحراء الإفريقية والبحر الأحمر جنوباً، أي إنها ضمت داخل حدودها جميع مراكز الحضارات القديمة، باستثناء فارس والهند. وكان البحر المتوسط يربط بين ولاياتها.والأهمية الأكبر لكتابه، تنبع من كونه كتبه عندما كان يعمل في الديوان الامبراطوري، الأمر الذي مكنه من الإطلاع على الوثائق السرية، ومعرفة أسرار البلاط الامبراطوري في القرن الأول الميلادي، كما فعل المؤرخ اليوناني بوليبيوس (205ـ125ق.م) Polybius، الذي رافق «سكيبيو» في حصاره لقرطاجة وتدميرها عام 146ق.م، والذي، بحكم صلته بالسلطات الحاكمة في روما، استطاع أن ينشر النص الحقيقي للمعاهدات بين روما وقرطاجة.

المراجع

الموسوعة.العربية

التصانيف

العلوم الإنسانية   التاريخ   جغرافيا