لكِ الخيرُ غضي اللومَ عني فإنني |
أُحبُّ من الأخلاقِ ما كان أجملا |
ذَرِيني وَعلمي بالأمورِ وَشيمَتي، |
فما طائري يوْماً عليكِ بأخْيَلا |
فإن كنتِ لا مني، ولا من خليقتي، |
فمنكِ الذي أمسى عن الخيرِ أعزلا |
ألمْ تعلمي أني أرى البخلَ سبة ً، |
وَأُبْغِضُ ذا اللّوْنينِ والمُتَنقِّلا |
إذا انصرَفَتْ نفسي عن الشيء مرّة ً، |
فلستُ إليهِ آخرَ الدهرِ مقبلا |
وإني، إذا ما الهمُّ ضافَ قريتهُ |
زَماعاً، ومِرْقالَ العشيّاتِ عيهَلا |
ململمة ً، خطارة ً، لوْ حملتها |
على السيْفِ لم تعدِل عن السيْفِ معدِلا |
إذا انبعثتْ من مبركٍ غادرتْ بهِ |
تَوَائِمَ أمْثَالَ الزّبائب ذُبَّلا |
فإنْ بركتْ خوتْ على ثفناتها، |
كأنّ على حيزومها حرفَ أعبلا |
مروعة ً لوْ خلفها صرَّ جندبٌ، |
رأيتَ لها من روعة ِ القلبِ أفكا |
وإنا لقومٌ ما نسودُ غادراً، |
ولا ناكِلاً عِندَ الحمالَة ِ زُمَّلا |
ولا مانعاً للمالِ فيما ينوبهُ، |
ولا عاجزاً في الحربِ جبساً مغفلا |
نسودُ منا كلَّ أشيبَ بارعٍ، |
أغرَّ، تراهُ بالجلالِ مكللا |
إذا ما انتدى أجنى الندى ، وابتنى العلا، |
وَأُلفِيَ ذا طَوْلٍ على مَنْ تَطَوَّلا |
فلستَ بلاقٍ ناشئاً من شبابنا، |
وإن كانَ أندى من سَوانا، وأحوَلا |
نُطِيعُ فِعَالَ الشيخِ منّا، إذا سما |
لأمرٍ، ولا نعيا، إذا الأمرُ أعضلا |
لَهُ أُرْبَة ٌ في حزْمهِ وفِعَالهِ، |
وإن كانَ منّا حازِمَ الرّأي حُوَّلا |
وما ذاكَ إلاّ أنّنا جَعَلَتْ لنَا |
أكابرنا، في أولِ الخيرِ، أولا |
فنحن الذرى من نسل آدمَ والعرى ، |
تربعَ فينا المجدُ حتى تأثلا |
بنى الزُّ بيتاً، فاستقرتْ عمادهُ |
عَلينا، فأعْيا الناسَ أنْ يَتَحَوّلا |
وإنكَ لن تلقى منَ الناسِ معشراً |
أعَزَّ من الأنصَارِ عِزَّاً وأفضَلا |
وأكثرَ أنْ تلقَى ، إذا ما أتيْتَهُمْ، |
لهمْ سيداً ضخمَ الدسيعة ِ جحفلا |
وأشيَبَ، ميمونَ النّقيبة ِ، يُبتَغى |
بهِ الخَطَرُ الأعْلى ، وطفلاً مؤمَّلا |
وأمردَ مرتاحاً، إذا ما ندبتهُ |
تَحَمّلَ ما حَمّلْتَهُ، فَتَرَبّلا |
وَعِدَّاً خَطيباً لا يُطاقُ جوَابُهُ، |
وذا أُرْبَة ٍ في شِعْرِهِ مُتَنَخَّلا |
وأصْيَدَ نهّاضاً إلى السّيْفِ، صَارِماً، |
إذا ما دعا داعٍ إلى المَوْتِ أرْقلا |
وأغيدَ مختالاً، يجرُّ إزارهُ، |
كثيرَ النّدى ، طلْقَ اليدين مُعذَّلا |
لنا حرة ٌ مأطورة ٌ بجبالها، |
بنى المجدُ فيها بيتهُ، فتأهلا |
بها النَّخْلُ والآطامُ تجري خِلالَها |
جداوِلُ، قد تعلو رِقاقاً وجَرْوَلا |
إذا جدولٌ منها تصرمَ ماؤه، |
وصلنا إليهِ بالنواضحِ جدولا |
على كل مفهاقٍ، خسيفٍ غروبها، |
تُفرّغ في حوضٍ من الصخر انجلا |
له غلل في ظلِّ كل حديقة |
يُعَارضُ يَعْبُوباً منَ الماءِ سَلسَلا |
إذا جئتَها ألفَيْتَ، في حَجَرَاتِها، |
عناجيجَ قباً والسوامَ المؤبلا |
جَعَلْنَا لَها أسْيَافَنا وَرِماحَنا، |
من الجيش والأعرابِ، كهفاً ومعقِلا |
إذ جمعوا جمعاً سمونا إليهمِ |
بهندية ٍ تسقى الذعافَ المثملا |
نَصَرْنَا بها خيْرَ البرِيَّة ِ كلِّها، |
إماما، ووقّرْنا الكِتَابَ المُنزَّلا |
نَصَرْنا، وآوَيْنا، وقوّمَ ضرْبُنا |
لهُ بالسيوفِ مَيلَ مَن كان أميَلا |
وإنكَ لنْ تلقى لنا من معنفٍ، |
وَلا عائِبٍ، إلاّ لئيماً مُضَلَّلا |
وإلاّ أمْرأً قَدْ نالَهُ من سُيوفِنا |
ذبابٌ، فأمسى مائلَ الشقّ أعزلا |
فمَنْ يأتِنَا أوْ يَلْقَنا عنْ جِنايَة ٍ |
يجدْ عندنا مثوى ً كريماً، وموئلا |
نجيرُ، فلا يخشى البوادرَ جارنا، |
ولاقَى الغِنى في دُورِنا، فتمَوّلا |