أحمد بن بويه بن فناخسرو بن تمام ابن كوهي، هو السلطان معزّ الدولة أبو الحسين البويهي، والبويهيون سلالته من أبرز وأهم السلالات التي ظهرت في القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي، وتتميز بأنها ذات تقاليد شيعية وكانت تسكن بلاد الديلم جنوب غربي بحر قزوين.
تمكن بنو بويه من مدّ سلطانهم على كثير من المناطق، إذ تمكن علي بن بويه من مدِّ سلطانه على بلاد الكرج إلى الأهواز، وتولى أخوه أحمد السلطة في كل جهات فارس الجنوبية، عندها كاتبه قواد بغداد وطلبوا منه المسير إليهم والاستيلاء على المدينة، ومن هؤلاء »ينال كوشه«عامل واسط الذي كاتب أحمد ودخل في طاعته واستقدمه.
تحرك أحمد من الأهواز ودخل العراق فاضطرب الناس ببغداد، فلما وصل إلى شرقي العراق زاد اضطراب الناس واختفى الخليفة العباسي المستكفي وأمير الأمراء ابن شيرزاد، ولما تملك أحمد بغداد في عام 334 هـ / 945 م، تنافس الخليفة وأمير الأمراء في تأييده خوفاً من أن ينكل بهما، فوصل إليه الخليفة، ووقف بين يديه طويلاً وخلع عليه ولقّبه معزّ الدولة، ولقّب أخاه علياً عماد الدولة، وأخاه الحسن ركن الدولة.
أبقى معز الدولة على الخلافة العباسية لاعتبارات سياسية فقط، واستولى البويهيون على جميع أملاك الخليفة العباسي ودفاتره، وخصصوا له راتباً يومياً قدره خمسة آلاف درهم لم يكن يصله بانتظام، ثم قطع معز الدولة هذا الراتب وحددّ له إقطاعات يعيش منها. وجعلوا وظيفة أمير الأمراء وراثية في الأسرة البويهية، وظلت بأيدي أحفادهم حتى عام 447 هـ /1055م.
وقد أهان معزّ الدولة الخلافة العباسية بإهانة الخليفة المستكفي عندما قبض عليه وسمل عينيه، ولإضعاف سلطة الخليفة عين ابنه بختيار أميراً للأمراء في عام 334 هـ /945م.ولم تقتصر سياسية معزّ الدولة على الحدّ من نفوذ الخليفة العباسي في بغداد، بل عمل أيضاً على إقرار نفوذه في البلاد التابعة للدولة العباسية، فعمل على إضعاف الحمدانيين في الموصل، والبريديين في البصرة، فاستأثر بالسلطة من دون الخليفة الذي لم يعد له من الخلافة إلا اسمها.
وعندما تسلّم المطيع لله الخلافة، استأثر معز الدولة بالسلطة دونه، وسلب منه حق إقامة وزير على ديوانه، وصار يتدخل في تعيين كاتبه على الإخراجات والإقطاعات.وكان لهذه السياسة وغيرها أسوأ الأثر في العراق، فقامت الفتن الطائفية وثار الجند وانتشرت الفوضى وساد الفزع.
ومن أهم الأحداث في عهده حربه ضد الحمدانيين في الموصل، وضد البريديين في البصرة، فعلى إثر خلع الخليفة المستكفي ومبايعة المطيع لله، جهز ناصر الدولة بن حمدان صاحب الموصل جيشاً كبيراً لقتال معز الدولة وطَرْدِهِ من بغداد لأنه ساءه استيلاء المعز على بغداد، وخلعه المستكفي وسلبه حقوق الخلافة، فبلغ ذلك معز الدولة فجهز جيشاً وأرسله لملاقاته، فلما انهزم جيش البويهيين أمام الحمدانيين في بادئ الأمر، اضطر معز الدولة إلى أن يجهز جيشاً قاده بنفسه وأخذ معه الخليفة المطيع لله وسار إلى تكريت وكانت تحت نفوذ الحمدانيين فنهبها، وعاد بصحبة الخليفة إلى بغداد ونزلا بالجانب الشرقي وكان ناصر الدولة بالجانب الغربي منها، ثم قامت حرب شديدة بين الفريقين، إلى أن استقر معز الدولة البويهي في بغداد وناصر الدولة الحمداني في عكبرة، وظلت المناوشات قائمة بين الطرفين إلى أن تم الصلح بينهما.
وفي العام نفسها التي استولى فيها معز الدولة على بغداد عام 334 هـ /945م، اصطلح مع أبي القاسم البريدي الحاكم في البصرة، إلا أن هذا الصلح لم يستمر طويلاً، ففي العام نفسها انتفض ابن البريدي بالبصرة، فأرسل معز الدولة جيشاً لقتاله، ثم جهز جيشاً آخر بنفسه عام 336 هـ /947م، ومعه الخليفة المطيع لله قاصداً طرد ابن البريدي من البصرة، فلما وصل قريباً منها هرب ابن البريدي إلى هجر قاعدة القرامطة الأساسية، ودخل معز الدولة البصرة وملكها، وأسقط إمارة البريديين.
تربع معز الدولة في السلطنة في بغداد اثنتين وعشرين عام ( 334 . 356هـ/945 . 966م) استأثر فيها بالسلطة من دون الخليفة، ومد نفوذه على جميع بلاد العراق، وخُطب له في عمان، وكانت علاقته بأخويه عماد الدولة علي في فارس وركن الدولة حسن في الري وهمذان وأصبهان تقوم على أساس متين من المودة والصفاء، وظل يعمل على تحقيق سياستة حتى اعتراه المرض الذي مات منه وهو في طريقه لحرب صاحب البطائح على مقربة من البصرة، فوافته المنية، وهو في الثالثة والخمسين من عمره، فخلفه ابنه عز الدولة بختيار.
المراجع
arab-ency.com.sy
التصانيف
سياسيين العلوم الاجتماعية شخصيات