بقلم / عزت حسن فيضي إن غزارة الموارد الكامنة من السمك والمخلوقات البحرية الأخرى المؤهلة للمساهمة بالمخزونالغذائي البشرى والوفاء بالطلب المتزايد على البروتين الحيواني عامة وعلى المأكولات البحرية من أسماك ومنتجات سمكية بشكل خاص كانت موضع دراسات وتقارير عدة .ويتفق الخبراء على أن أحد أهم مظاهر استخدام الموارد السمكية استخداما كاملا والذي يلقى اهتماما متزايدا هو استخدام المنتجات التي يتم طرحها حاليا كمهملات سواء كانت حصيلة الصيد الجانبي التي تطرح في البحر أم كانت منتجات جانبية مثل النفايات الناتجة عن معالجة الأسماك وتصنيعها.ونظرا لتضاخم حجمها تشكل المهملات موردا مهما ومتوفرا من الغذاء الممكن للاستهلاك البشرى أو الحيواني , وتشير تقديرات تقريبية أن ما يعادل 10% من إجمالي المصيد العالمي يتم طرحه في البحر كمصيد مهمل وخصوصا من مصايد الجمبري ( الروبيان ) , فإن كمية الأسماك المهملة سنويا والملقاة في البحر عقب الصيد تشكل هدرا هائلا للموارد السمكية.وحيث أن العالم بدأ يزداد أكثر وعيا لمسألة النفايات ويزداد قلقا على تكاثر توليد النفايات وطرق التخلص منها وتصريفها , فقد عمدت صناعات عدة على إعادة تدوير النفايات والتقليل من توليدها باعتماد تقنيات لا تولد سوى القلة منها فيتحقق بذلك من الموارد بتوسيع إمكانيات استخدامها وإطالة زمن توفرها وتقليل الهدر منها مع ما يرافق ذلك من تلاف للتلوث .إن استغلال الثروة السمكية بشكل أفضل وخاصة الاستفادة الكلية من المصيد بما فيه المصيد الجانبي والمخلفات الجانبية أصبحت قضية مطروحة عالميا وتجد لها مؤيدين فى الدوائر الاقتصادية والعلمية والاجتماعية الوطنية والدولية , لقد قامت في دول عدة تعمل بالصيد مشاريع متنوعة لاستغلال المصيد الجانبي والمنتجات الجانبية , وهذه المقالة تحاول أن تعرض أهم الإمكانيات المطروحة للاستفادة الاقتصادية من مخلفات المصيد الجانبي ونفايات المنتجات الجانبية فى البلدان العربية.الخيارات المتوافرة لاستخدام المصيد الجانبي : ( تتلخص الخيارات المتوفرة لاستخدام المصيد الجانبي بثلاثة ) : أولا: التقليل من حجم المصيد الجانبيثانيا: الإبقاء على المصيد الجانبي ومعالجته جزئيا أو كليا على السفينةثالثا: لإبقاء عليه وحفظه مع أقل قدر من المداولة وذلك بانتظار معالجته وتصنيعه على الشاطئأولا : التقليل من حجم المصيد الجانبي : تعتمد هذه الطريقة لمعالجة مشكلة المصيد الجانبي على التكنولوجيا , إذ تعمد إلى تعديل وسائل الصيد لتخفيف حدوث المصيد الجانبي , وقد تمت تجربة تقنيات مختلفة فى بلدان عدة منها الردع الكهربائي والمؤثرات الكيميائية لتنفير السمك من دخول الشبكة ومنها أيضا استخدام شباك بغزل مختلف .وأيضا تم اختيار استعمال الرادع الصوتي الذي يرتكز على أن الأسماك تختلف عن الروبيان ( الجمبري) في قدرتها على استقبال الأصوات والإحساس بها وفى استجابتها للمثيرات الصوتية فيؤدى استعمال موجات صوتيه مدروسة إلى تنفير الأسماك بينما لا يتأثر الروبيان فتلتقطه الشبكة ويتضاءل المصيد الجانبي إلى حد كبير .أن الرادع الصوتي يتفوق على التقنيات الأخرى بكونه يتلائم مع المراكب والشباك المستعملة حاليا ويمكن إضافته بتكلفة معقولة بينما التقنيات الأخرى تتطلب تعديل الشباك أو إدخال تعديلات على المراكب.أن استعمال الشباك المعدلة يؤدى إلى تخفيف كمية المصيد الجانبي إلى حد كبير.إن قيمة تخفيف المصيد الجانبي تكمن في تلاقى الوقوع العرضي في الشباك للأسماك اليافعة من الأنواع التي لها قيمة تجارية مهمة إذا ما تركت لتكبر إلى حجمها التجاري.وبذلك فإن استعمال الأساليب المخففة للمصيد الجانبي تلطف الآثار المضرة التي يحدثها الصيد الهادف لبعض الأنواع مثل الروبيان على سماكة الأنواع التي تقع عرضا في الشباك. ثانيا : الاحتفاظ بحاصلات الصيد الجانبي وإنزالها : إن تفهم الصيادين وتعاونهم ضروري جدا لإنزال المصيد الجانبي عمليات استرجاع المصيد الجانبي وحفظه ومعالجته وتصنيعه وتوزيعه يمكن أن توجد لها حلول تكنولوجية وفينة تساعد الصياد وتقلل من جهده , لكن لابد من إقناع الصيادين وأصحاب المراكب بأن الاحتفاظ ولو بجزء من المصيد الجانبي عملية مجدية اقتصاديا , فالأرباح الإضافية المدنية من إنزال المصيد الجانبي مثلج أو مبرد للبيع للمستهلك مباشرة أو للتصنيع هي أفضل حافز للصيادين وأصحاب المراكب خاصة في فترات قلة صيد الروبيان.لعله من الضروري وضع تشريعات جديدة حيث لا توجد وإلغاء تشريعات مطبقة حيث توجد من أجل إيجاد بنية تحتيه تشريعية مناسبة لاستخدام المصيد الجانبي .ومن الواضح أنه يتوجب رفع القيود الموضوعة حيث توجد على إنزال الأسماك من قبل مراكب صيد الروبيان , ولعله من الضروري أن يفرض على مراكب الجر إنزال ولو جزء من الحاصلات الجانبية , فمن شأن هذه الإجراءات أن تزيد من إنزال المصيد الجانبي وتجعل من استخدامه الصناعي ممكنا.ثالثا : التداول وطرق الحفظ على السفينة : تعتبر صناعة صيد الروبيان أكبر مولد للمصيد الجانبي , فمراكب صيد الروبيان محدودة السعة صغيرة الطاقم وكلفة تشغيلها عالية , لذا فإن أصحاب المراكب يحاولون جنى أكبر قدر ممكن من الأرباح عن طريق ملء المراكب بالروبيان عالى القيمة , ومن غير العملي بالنسبة لهم تخزين المصيد الجانبي لأن قيمته متدنية بالنسبة للروبيان , فيعمدون إلى إلقاء الغالبية الكبرى من المصيد الجانبي إلى البحر ويبقون فقط على كمية معقولة من الأسماك عالية القيمة ومتوسطة القيمة ولكن, وعلى نقيض ذل فقد أثبتت الأبحاث أن الروبيان المنزل لا يملأ سوى نسبة ضئيلة من سعة المراك وغالبا ما تبقى مخازن الروبيان فيها فارغة وهكذا فإن استرجاع وتخزين المصيد الجانبي يبدو ممكنا ومنطقيا من الناحية العملية.إن تزايد الحاجة إلى الأسماك للاستهلاك الآدمي سيجعل بلا شك من الأسماك الأقل قيمة التي تقع عرضا في الشباك مصدرا مهما للغذاء . إن استخدام المصيد الجانبي للغذاء يتطلب طرق صحيحة لمعالجته وتصنيعه وحفظه ليعطى سمكا ومنتجات سمكية بالجودة المناسبة للاستهلاك.هذا وتعترض معالجة الأسماك على ظهر السفينة بعض الصعوبات التكنولوجية , فإن تعدد الأنواع والأحجام واختلاف التركيب الكيماوي للأسماك يجعل من عملية فرزها وحفظها صعبة نسبيا , فالفرز إلى أنواع وأحجام وأسماك دهنية وغير دهنية يتطلب معرفة خاصة وحيزا من الزمان والمكان يضيقان على مراكب صيد الروبيان . كما يتوجب إيجاد تسهيلات وطرق للمعالجة والحفظ تختلف عن ما يتطلب صيد الروبيان , لذا فإن طرق المعالجة التي يمكن استخدامها على السفينة دون تكبيد الصيادين جهدا إضافيا كبيرا مع ضمان إنزال سمك بالجودة التي تسمح باستخدامه وتسويقه لابد أن تشجع الصيادين على الاحتفاظ بالسمك بدل إلقائه في البحر.كما أن هناك طرق وأساليب أخرى للمحافظة على المصيد الجانبي على ظهر المركب, ومن هذه الطرق استخدام الثلج لحفظ الأسماك لحين الوصول إلى الشاطئ وذلك بعد غسله دون تنظيفه من الأحشاء أو نزع الرأس . وربما يتم انتقاء بعض الأسماك الكبيرة العالية القيمة وتنظيفها لكن غالبية المصيد الجانبي لا تتطلب هذه المعالجة. ولعل كلفة الثلج تكون مرتفعة نظرا لارتفاع حرارة الجو.ولتفادى ارتفاع قيمة الثلج لحفظ الأسماك على السفينة فإن حفظ الأسماك في ماء البحر المبرد طريقة مفضلة لدى العديد من الصيادين , فهذه الطريقة تحفظ السمك لفترة أطول وبجودة أعلى من طريقة الثلج. كما أنه من الأسهل إفراغ السمك المخزون في خزانات الماء المبرد إفراغا آليا بواسطة المضخات من إفراغ الصناديق والسلال المستعملة تقليديا , فالماء يعمل كعازل ويحول دون انكدام السمك نتيجة ضغط وزنه والبرودة تساعد في حفظ لحم السمك بشكل جيد.كما أن هناك حل آخر لحفظ المصيد الجانبي على السفينة ويتمثل بمعالجة السمك لتقليل حجمه مما يسهل حفظه وتخزينه, ويمكن تحقيق ذلك سواء بفرم السمك أو طحنه إلى مسحوق أو معالجته كيماويا وتحويله إلى سيلاج السمك (سائل السمك المخمر) وذلك تمهيدا لتصنيعه إلى منتجات صالحة للاستهلاك الآدمي أو لأغراض أخرى , ولكن هذه الطريقة غلبا ما تكون غير مستحبة لأن المعدات والتجهيزات الضرورية لمعالجة السمك على السفينة مكلفة وتتطلب مكانا واسعا قلما توفر على ظهر السفينة , ثم إن السمك المفروم أو المسحوق لا يؤمنان إرباحا بمستوى السمك الطازج أو المجمد الذي من الممكن بيعه مباشرة للمستهلك.وعند إنزال الأسماك في الميناء يتم تصنيف الأسماك وفرزها حسب الأنواع والأحجام وتحديد وجهتها سواء كانت إلى سوق الاستهلاك أم إلى التصنيع أو إجراء عملية تجميد للأسماك إذا كانت كميات الإنزال كبيرة وذلك للمحافظة على مستوى الأسعار. الاستفادة الاقتصادية من نفايات الصيد الجانبية : إن الاستفادة الاقتصادية من حاصلات الصيد الجانبية تعتمد إلى حد كبير على نظام استخدام شامل متكامل يتضمن المراحل التالية , وهى تسرد حسب الأولوية :· استخدام الأنواع القابلة للتسويق للاستهلاك الآدمي المباشر.·تصنيع المنتجات التقليدية المعروفة من لحم الأنواع التي لا يرغب المستهلك كثيرا بأكلها كسمك طازج.· تصنيع المنتجات غير التقليدية مثل اللحم المفروم والأطعمة المميزة وذلك للاستهلاك المحلى والتصدير.· تصنيع أطعمة للحيوانات الأليفة.·استغلال النفايات لصنع علف الحيوانات.· استعمال نفايات الروبيان لتصنيع الكيتين والكيتوزان.إن الهدف الأول من استخدام نفايات الصيد الجانبية هو زيادة المخزون البروتينى وإرضاء طلب المستهلكين على الأسماك.إن إمكانيات استخدام المصيد الجانبي واسعة جدا ومتنوعة , لكن السوق تتحكم بنوع الأسماك والمنتجات السمكية التي يمكن استخراجها من المصيد الجانبي, ومن المنتجات التي يمكن الحصول عليها تشمل : السمك الكامل طازجا ومجمدا , السمك المعالج طازجا ومجمدا , المنتجات المجمدة , المأكولات المميزة , المنتجات السمكية التقليدية , مركز البروتين السمكي ومنتجات أخرى لأغراض الزراعة مثل الأعلاف والأسمدة. أثر نفايات ومخلفات الأسماك على البيئة : في الوقت الذي تهتم فيه دول العالم كافة بالبيئة والمحافظة عليها أصبح البعض ينظر إلى الأسماك غير المستعملة وغير المستهلكة كحاصلات الصيد الجانبية ومخلفات ونفايات صناعة الأسماك على أنها مصدر خطر محتمل على البيئة , لذا وجب على كل استخدام للموارد الطبيعية بما فيه تصنيع الأسماك أخذ الآثار المحتملة على البيئة في الحسبان لتفادى تلوث البر والمياه والجو.إن تصريف الأسماك غير القابلة للتسويق وفضلات الأسماك في مصانع المعالجة والتعليب يمكن أن يتم باستخدام أساليب مختلفة للتغلب على أثارها على البيئة إذا بذل جهد كافي لذلك وبكلفة معقولة. لذا لابد من إيجاد حلول لحماية البيئة ويتم ذلك بوضع ضوابط صارمة على كافة أشكال التلوث والملوثات , ومن شأن هذه الضوابط حماية نشاطات الصيد وتنظيمها بما فيه مصلحة الصيد على المدى البعيد ومصلحة البيئة كذلك.يعتمد نجاح عملية الاستفادة من الحاصلات الجانبية للصيد والمخلفات والنفايات من التصنيع إلى حد كبير على إمكانيات تسويق المنتجات المصنعة من هذه الحاصلات. وتعطى الأولوية للسوق المحلى والأسواق المحيطة إذا تم ترويجها بشكل جيد مع اعتبار السعر المناسب لها. ومن هنا هناك حاجة ماسة لتطوير خبرات تسويقية في مجال الأسماك عالمة إذ أن هناك اقنية وطرق كثيرة لا تزال غير مستغلة أو مستغلة بشكل جزئي.فإن دراسات السوق تساعد كثيرا في تحديد المنتجات التي تلقى قبولا أكبر لدى المستهلك كما تساعد في تحديد المجموعة المستهلكة التي يجب أن توجه المنتوجات الخاصة لها. كما أن دراسات الجدوى والأرباح تماشى دراسات السوق وتوازيها أهمية فهي الحافز الأهم لأصحاب المراكب لإنزال الحاصلات الجانبية والدافع الأكبر للصناعات السمكية لتوظيف المال والجهد للاستفادة من هذه الحاصلات.هذا ويجب تكثيف الجهود في مجالات التدريب المتعددة التي تتطلبها عمليات الاستفادة من المصيد الجانبي من تدريب الصيادين على طرق معالجة الحاصلات الجانبية وحفظها على السفينة إلى تدريب العاملين في المصانع والمشتغلين بالتوزيع والتسويق. إن إمكانيات الاستفادة من النفايات والمصيد الجانبي في المساهمة بإغناء سلة الغذاء كبيرة وواضحة والحاجة لهذه المساهمة يجب أن لا تخفى على أحد.
المراجع
اراضينا
التصانيف
الثروة السمكية الاستزراع السمكي تداول الأسماك