نعيم فراشري، هو شاعر من ألبانيا. ولد في قرية تقع في الجنوب الألباني قريبة من مدينة «بيرات» لأسرة محدودة الموارد تقوم في التجارة، أمضى طفولته في قريته الريفية التي تتمتع بجمال طبيعي ساحر، وأنهى دراسته الأولية فيها، ثم تتلمذ لأحد شيوخها «البكتاشيين» (المثقفين المسلمين)، فتعلم العربية والفارسية والتركية، واطّلع على آداب تلك اللغات من مصادرها الأصلية، فاهتم بثقافتها واتسع أفقه الأدبي.
انتقلت أسرته في سنة 1865 إلى مدينة يانينا Janina المركز الإداري للمنطقة آنذاك، فعكف على المطالعة، واطلع على آثار هوميروس[ر] وفرجيليوس[ر]، وشحذت آداب اليونان والرومان قريحته ووسعّت خياله، كما تابع نتاج الكتّاب الفرنسيين الذين مهّدوا للثورة الفرنسية مثل فولتير[ر] وجان جاك روسو[ر]، فتشبّع بروح الحرية التي فجّرتها كتاباتهم، وما أفضت إليه من انقلاب تاريخي على الملكية المستبدة والإقطاع، وعبّر عن إعجابه بأدبهم التحرري.
امتزجت ثقافته الغربية بمؤثرات شرقية فقرأ باللغة الفارسية آثار أعلام الشعراء مثل جلال الدين الرومي[ر]، فكانت محاولاته الشعرية الأولى في ديوانه «تخيلات» Tehajylat سنة (1884) لوناً من التقليد والاتباع قبل أن يتوصل إلى صوته الشعري الخاص.
دخل فراشري السلك الوظيفي في سنة 1874، لكنه سافر إلى اصطنبول للاستشفاء ثم عاد إلى وطنه وكانت الدولة العثمانية قد تردت حالتها، وانتشرت الحركات الاستقلالية لدى الشعوب الخاضعة لها، ومنها الشعوب البلقانية والعربية، وتجسدت المقاومة الألبانية في صورة روابط وجمعيات سياسية تطالب بالاستقلال والتحرر. وكان من أبرز هذه الروابط السياسية، «رابطة بريزرن» Lidhja Prezernit التي تزعمها شقيقه عبدول وتبوأ منصباً قيادياً فيها.
اشتهرت عائلة «فراشري» في هذه المرحلة أيضاً بعطائها الفكري، فكان أخوه «سامي فراشري Sami Frasheri» أحد أعلام الأدب واللغة، وهو مؤلف «معجم الأعلام» باللغة التركية في أربعة أجزاء.
انتقل فراشري في سنة 1882 مع عائلتة إلى اسطنبول، وانضم فيها إلى جماعة الألبان المنادين بالتحرر والاستقلال، وآثر أن يخدم قضية وطنه بشعره وبنشر الوعي القومي للجماهير التي استكانت لواقعها عبر حكم طويل امتد أربعة قرون ونيفاً. فقدّ كان من روّاد النهضة الألبانية وأعلامها، وأسعفه عمله موظفاً في وزارة التعليم بالسماح له بنشر آثاره باللغة الألبانية، فكانت هذه الأعمال حجر الأساس في النهضة الوطنية الألبانية.كان الشعر عند فراشري تعبيراً عن الواقع بكل تجلياته.
بالرغم من اطّلاعه الواسع على الثقافات الشرقية والغربية، ومعايشته مرحلة الثورة الإبداعية[ر] (الرومنسية)، ظل شاعراً ألبانياً في صميمه، بعيداً عن المؤثرات الوافدة. فهو في شعره الغنائي قريب من الشعراء الإبداعيين في تمجيده الألم، وتغنيه بجمال الطبيعة في وطنه، وحنينه إلى ترابها في غربته.
تابع الشاعر رسالته الوطنية والقومية في العاصمة اصطنبول حتى أرهقه المرض فمنعه من متابعة الإبداع، وتوفي قبل أن تكتحل عيناه برؤية وطنه محرراً، غير أن ألبانيا آثرت تكريمه، فنقلت رفاته إلى وطنه سنة 1972م باحتفال مهيب، ودُفن في الرابية الخضراء المطلة على مدينة تيرانا ليعانق جسده ثرى وطنه الذي أحب.
من مؤلفات فراشري الأخرى «أزهار الصيف» Lulet e veres سنة (1890) وهو مجموعة قصائد غزلية وسياسية وفلسفية، وملحمة شعرية كتبها بالألبانية بعنوان «كربلاء»Qerbelaja سنة (1894) جسّد فيها بطولة الإمام «الحسين بن علي» وأشاد بشجاعته ونهايته المأساوية، و«تاريخ إسكندر» Histori e skender beut سنة (1898) صور فيه شخصية بطل ألبانيا الكبير «إسكندر بك» وأمجاده الخالدة في مناهضة العثمانيين وتوحيد ألبانيا، و«إلياذة عمر الخيام» (أي الربـاعيـات) Iljadh e Omerit سنة (1899) التي نقلها عن الفارسـية إلى الألبانية بلغة شـعرية متألقة، و«تاريخ ألبانيا»Histori e Shqiprise سنة (1899) عرّف فيه الشعب الألباني ماضيه العريق.
المراجع
arab-ency.com.sy
التصانيف
كتاب أوروبيون الآداب كُتاب كتاب ألبان العلوم الاجتماعية