ها قد ختمنا العام الهجري 1432..
ويا له من عام!
عام انتفضت فيه الامة العربية..
وثارت الشعوب.. وتغيرت الموازين..
عام.. كالرؤى والاحلام!
عام نهضت فيه امة، كانت محسوبة في عداد الاموات..
ابتدأ العام بثورة تونس المجيدة..
ثورة لم نعطيها حقها من الاهتمام..
كنا نسمع عن احداث في تونس.. ثم نعود لهموم الدنيا!
ثم تفاجأنا بالخبر.. بن علي هرب!! هل هذا معقول؟
فعلها اخوتنا التوانسة! فكانوا أول من اخترق الجدار..
وكانوا مصداق قول الشاعر التونسي ابي القاسم الشابي
إذا الشعبُ يومًا أراد الحياة،، فلا بدّ أن يستجيب القدرْ
ولا بدَّ لليل أن ينجلي،، ولا بدّ للقيد أن ينكسرْ
وانتشرت الحمى المباركة.. حمى الايمان والثورة والعزة والكرامة..
والتزمنا شاشات التلفاز.. ومنتديات الحوار.. نراقب ثورة القلب العربي..
ثورة مصر.. وما أدراك ما مصر!
مصر التي وقفت في وجه التتار.. يوم ظن الناس أن القيامة قد قامت بسقوط الخلافة العباسية..
مصر التي استردت سيناء من الصهاينة.. يوم ظن الناس انهم لا يقهرون..
فمن منا لم يسمع خطاب مبارك المشؤوم؟ وكنا نظنه سيرحل..
ثم تفاجأنا بتنحيه.. بعد لحظات من الزمن!
وانتشرت الحمى المباركة.. حمى الايمان والثورة والعزة والكرامة..
واشتعلت ثورة ليبيا..
وآه آه! على ما فعله القذافي وزمرته..
ابكيتنا يا عدو الله... تعامل شعبك بابشع واقرف معاملة..
وكنا نقول.. كما سقط بن علي ومبارك.. ستسقط انت..
ولكنك صمدت!! وتدخل الناتو.. وصمدت!!
ومرت شهور.. حتى توقفنا عن حساب شهداء ليبيا..
الذين تعدوا عشرات الآلاف..
وثم تفاجأنا.. باخبار سيطرة الثوار على طرابلس..
وإعلان انتصار الثورة الليبية! بعد ان كدنا نفقد الأمل..
وثم تفاجأنا تارة أخرى! بخبر اعتقال ومقتل القذافي!
الله اكبر ولله الحمد
وانتشرت حمى الايمان والثورة والعزة والكرامة..
ووصلت نسائم الربيع العربي ارجاء الأمة..
ولا تزال حتى لحظة كتابة هذه المقالة.. ثورتا اليمن وسوريا..
وقد سالت فيهما دماء طاهرة كثيرة.. نسأل الله أن يتقبلهم شهداء..
وأن ينصرهم كما نصر اخوتهم من قبل..
وقد حصلت بعض الاحداث المؤسفة في البحرين والجزائر خلال العام..
نسأل الله أن يقدم لشعبيهما كل الخير.. ويوفقهما لما يحب ويرضى..
ونحمد الله على الأمثلة الناصعة في اقصى شرق واقصى غرب الوطن العربي..
فقد احسن شعبي عُمان والمغرب وزن الامور بواقعية وتحديد المطالب بطريقة سلمية..
واحسن السلطان قابوس والملك محمد السادس التعامل مع الواقع الجديد..
فحقنا الدماء.. ولبّيا النداء..
واستمعا لمطالب شعبيهما.. وقاما باصلاحات ملموسة..
ولا تكاد تخلو دولة عربية.. من تغيير ما..
فكانت هناك إصلاحات ومبادرات في الاردن والسعودية..
ولا نستبعد حصول بعض التغييرات المهمة في بقية الدول..
وتعدى اثر الربيع العربي حدود الوطن العربي..
فهنا في الغرب مظاهرات شبه اسبوعية..
مطالبة بمحاربة الفساد وبالعدالة الاجتماعية..
فياله من عام مضى! عام 1432 للهجرة..
نعم.. لم يتغير كل شيء..
نعم.. لا تزال الاحداث ساخنة..
نعم.. لا يزال التحدي قائما..
ولكن.. لا يعقل ان نطالب بتغيير كل شيء بين ليلة وضحاها!
علينا بالصبر والتوكل والجهد..
فطريق الالف ميل يبدأ بخطوة.. وقد اجتزنا اول واهم خطوة والحمدلله..
وسنتذكر هذه الأيام المباركة..
وهذا العام المبارك.. والذي كان مفصليا في حركة التاريخ ولله الحمد..
وعلينا الآن النظر إلى الامام..
إلى استفتاح العام الهجري الجديد، 1433..
بالتقوى والصبر والعمل الصالح الدؤوب..
وعلى الشعوب أن لا تنسى فضل الله عليها..
فلا تدير ظهرها لخالقها وناصرها..
ولا تتكل على غيره.. ولا تلتزم غير نهجه القويم..
ولنتذكر معا قول الخليفة الراشد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه..
"نحن قوم أعزنا الله بالاسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله"
فهل سنطيع الله فيحقق لنا وعده بالتمكين في الأرض؟
أم سنعصيه فيأذن بذلنا ودخولنا نفق الفتنة؟