تخديم العلم والتكنولوجيا للتنمية الزراعية
تجسدت فى القطاع الريفي الازمه التى ادت بأفريقيا واجزاء اخري من العالم فقد خلى التاريخ الانساني رغم ضخامته بمثل ما سجل فيه السنوات القليلة الماضية من معاناه بشرية بمثل هذه الشراسة من حيث الجوع وسوء التغذية والمرض ومدي الدمار الذي لحق بالبيئة وقد حاولت دراسات كثيرة فى اجزاء متفرقة من العالم اجراء تحليل شامل لاسباب الازمة وكيفية علاجها .
وهذه الدراسات لم تنتهي بعد بل من المنتظر ان تستمر لفترة طويلة ومن المنتظر انها ستعيد النظر فى كامل نطاق العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والطبيعية والعلمية والتكنولوجية التى تتصل بالتنمية الاجتماعية وخيارات السياسة على جمع المستويات . وفى اطار عملية التحليل هنا التى مقتنيات فى البلدان النامية فأن الهدف هو توجية اهتمام محدد الى القضاية والاولويات التى تحتاج ادارة للصلة بين العلم والتكنولوجيا والزراعه على ان يتم الاهتمام بالجوانب التى اصبحت بسبب الحالة الراهنه اكثر الحاحا واهمية . وبالمنظور التاريخي كانت الزراعه هى اساس النمو الصناعي وقد اعتمدت هذه الرؤية على اعتبارات ان وجود نظام مضمون ودينامي وذاتى البقاء لانتاج الاغذية وتوزيعها ان يتيح امكانية الاستثمار والنمو للقطاع الصناعي الحضري واخذت كثير من البلدان النامية الاخذ بهذه الحقيقه الا انها واجهت مشكله تحديد الاستراتيجيات والسياسات الملائمة التى يمكن الاخذ بها فى مجال الزراعه .
ولقد ادت التكنولوجيا دورا هاما فى التنمية الزراعية وذلك بما قدمته الابتكارات العلمية المتراكمة مع تعاقب الاجيال الى زيادة الانتاجية الزراعية . وفى الاونة الاخيرة ادي استنباط اصناف هجينية وفيرة الغله الى زيادة جذرية فى غلات بعض المحاصيل الرئيسية وينتظر ما سوف تقدمه التكنولوجيا الحيوية والهندسية الوراثية . ويجب ان نتوقف عند اوجه الخطر فالقضية لا تتوقف على مجرد زيادة الانتاج الزراعي ولكنها ترتبط فى الاصل بكيفية الوصول الى الغذاء . فهناك نسبة كبيرة من سكان العالم لا تملك المقدرة الاقتصادية او الاجتماعية او المادية على الحصول على كميات من الاغذية تكتفي لتأمين غذاء يتسم بالتوازن والاستقرار هذا رغم التقدم العلمى والتكنولوجي فى المجال الزراعي , والذى ادى الى حدوث طفرة فى نمو الغلات , حتى فى الازمه الراهنه , فأن الانتاج العالمى الاجمالي من الاغذية يكفي لتلبية اجمالي الطلب العالمي حيث كانت معدلات الانتاج العالمى الاجمالي من الاغذية اسرع من نمو السكان . اذن القضية الاولى هى ان الحاجه الى التعجيل من انتاج الاغذية وتوزيعها المنصف فى ضوء استراتيجية دولية للتنمية , فهذة هى اهم القضايا التى تهم على نحو اساسي وعاجل العالم الذي يواجه تزايد سريعا فى السكان , وطلبا على الاغذية وسرعه الاستجابة الى المتغيرات فى الداخل وعددا كبيرا , متزايد من الاشخاص المصابين بسوء التغذية .
وقد وصل الانتاج الزراعي خلال السنتين 1981 , 1982 الى رقم قياسي حيث تجاوز مجموع الانتاج من الحبوب 1000 مليون طن كل سنه وقد شهد عام 1981 زيادة ملحوظة فى الانتاج بالمقارنة مع عام 1980 , وفى حين ان الانتاج فى عام 1982 لم يبلغ التوقعات , الا انه مع ذلك حقق ايضا مستوي عالميا مرضيا وبالاضافه الى ذلك نظرا للانخفاض فى الطلب بسبب الظروف الاقتصادية الناشئة عن الكساد وعلى اساس عالمي , فان الطلب على الغذاء قد انخفض , وتقدر المخزونات المتبقية بمستوي يبلغ 22 - 23 من الاستهلاك وهذا يتجاوز المستوي الامنى الذي يبلغ 17 - 18% من الاستهلاك العالمى السنوي الذى تم الاتفاق عليه فى الاستراتيجية .
ومما لا شك فيه ان اجمالي الاحصائيات بالشكل السابق تحجب كثير من الخلافات الاساسية فى البلدان النامية مجتمعه لم تزد من انتاجها الزراعي السنوي بالمعد المطلوب فى الاستراتيجية الدولية التى اشار اليها التقرير , كذلك لم تقارب الززيادة فى الانتاج الزيادة فى النمو السكاني فى كثير من بلدان افريقيا . وبالفعل انعكس ذلك على اوجه اقتصادية اخري حيث انخفض العائد من تصدير المنتجات الاولية للبلدان الاقل نمو ولا يزال ينخفض نصيبها من التجارة الكلية . فى الزراعه كنسبة مئويه من مجموع التجارة العالمية , كما ان تقلبات الاسعار الحاده بالنسبة لمنتجات اولية كثيرة تعني انخفاض فى الارباح الناجمه عن الصادرات ومن ثم انخفاض الدخل المتقاسم بالنسبة لكثير من البلدان النامية مما ينجم عنه صعوبات فى دفع ثمن ما تحتاج اليه من واردات والوفاء بالاحتياجات الانمائية وفى تسديد العجز فى الحسابات الجارية .
ويشير تقرير منظمة الاغذية والزراعه ان استئصال الجوع وسوء التغذية بأسرع وقت ممكن سوف يتطلب تحقيقة نمو معجلا ومستمرا فى الانتاج الغذائي والزراعي فى البلدان النامية التى استهدفت لها استراتيجية نمو سنويا بمعدل 4% على الاقل . وهنا يكمن الدور الاساسي للابتكارات العلمية والتكنولوجية فى تقديم المساعدة لتطوير الانتاج الغذائي والزراعي فى مجالات الموارد الوراثية والممارسات الحسنه والاسمده وتنمية الحياة وحفظها .
وذلك حتي يمكن تحقيق المستهدف الدولي لاستئصال الجوع وسوء التغذية حيث يتطلب تحقيق :
- معدل نمو سنوي نسبتة 4% من انتاج الاغذية للبلدان النامية .
- احتياطي غذائي سنويا تصل الى 10 مليون طن .
- احتياطي غذائي دولي للطوارئ يبلغ 500 . 000 طن .
- تعبئة موارد الاستثمار لتنمية قطاع الاغذية يبلغ تقدير العنصر الخارجي 8 . 37 مليار دولار باسعار 1975 .
وقد حددت البرامج الدولية فى هذا المجال جانبا من دور العلم والتكنولوجيا من اجل الوصول الى المستهدف الدولي فى مجالي الزراعه فى النقاط التالية :
- رصد وادارة النظم الايكولوجية القاحلة ونسبة القاحلة بما فيها تقييم ونشر المعلومات عن التصحر والمساعده التقنية فى صياغه الخطط الوطنية المضادة .
- تقييم الارض وموارد التربة المتوافر والمحتمل توافرها .
- تقييم الموارد الحراجية العالمية ورصد الغطاء الحراجي المداري واجراء الدراسات عما يؤثر على المناخ نتيجة الاستعاضه عن الحراج المدارية باشكال اخري من استعمال الارض .
- التقييم الايكولوجي لاثار الموارد الكيميائية الزراعية على البيئة والمشاريع الرائده , لمنع الخسائر فى الاغذية , وتقييم ذلك ومراقبة غزوات الافات والتنبؤ بها .
- التقصي المبكر لسوء ومتعه ومعالجته والابحاث المعينة بكيفية ومراقبة سوء التغذية فى البلدان الناميه .
كما حددت البرامج اهداف التنمية الحثية والتكنولوجية فى البلدان النامية كما يلي :
- التشجيع على اجراء استعراضات متعمقة لنظم البحوث الزراعية الوطنية .
- توسيع المعلومات الخاص بالبحوث الزراعية الجارية .
- نقل نتائج البحوث الى المستغلين فى الزراعه .
- رفع المهارات البحثية لتحسين المنهجية البحثية .
- تطوير الصناعات الزراعية .
- تعزيز استخدام النظائر والاشعاع ذات الصلة بالاغذية والزراعه .
- وضع الممارسات الزراعية لتحقيق التثبت البيولوجي الامثل للنتروجين الجوي .
- تقدير كفاءة كميات الفسوفات الصخرية المتاحه محليا .
- البحوث المتعلقة بتربية النباتات باستخدام الطفرات .
- المعالجة الاشعاعية للاغذية .
واخيرا فأن اهم الاستنتاجات التى يمكن عليها فى هذا المجال هى ابراز الدور الاساسي للخيار التكنولوجي فى اطار الابتكار الزراعي وضرورة استحداث قدرات ذاتية لتحليل السياسة فى مجال العلم والتكنولوجيا بغية تحسين عملية الابتكار المعينة .