حذر تقرير بريطاني أعدته هيئة الأرصاد الجوية البريطانية من ان درجات حرارة الارض قد ترتفع بمعدل 4 درجات مئوية في وقت أقرب مما كان يتوقع من قبل .
وتجاوزت نتائج التقرير الذي أعد ليقدم إلى وزارة الطاقة والتغيير المناخي التقديرات السابقة بان مخاطر التغيير المناخي ستؤثر على الاجيال القادمة، إذ يقول العلماء إن اجيالا حالية ستشهد تأثيرات وأضرار ارتفاع درجات الحرارة هذا اذا لم يتم التحرك بسرعة لمواجهته . وحذر التقرير انه إن لم تتخذ اجراءات عاجلة وحاسمة للحد من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري ستحدث تلك الزيادة الكارثية في درجات الحرارة بحلول عام ،2060 وليس بنهاية القرن .
رددت الدراسة التي اعدها مكتب الارصاد الجوية بمركز هادلي في بريطانيا تقرير الامم المتحدة الذي صدر مؤخرا ووجد ان التغيرات المناخية تتجاوز اسوأ السيناريوهات التي توقعتها اللجنة الحكومية التابعة للامم المتحدة حول تغير المناخ في 2007 .
وحسب تقديرات العلماء فإن زيادة حرارة الأرض 4 درجات مئوية عن معدلات ما قبل الثورة الصناعية يمكن أن يهدد مصادر المياه لنصف سكان الكرة الأرضية ويقضي على نحو نصف أنواع الحيوانات والنباتات .
وقالت ديبي هيمينج التي شاركت في البحث الذي نشر في بداية مؤتمر تغير المناخ بجامعة اوكسفورد نتائجنا تظهر نماذج مماثلة (لنماذج اللجنة الحكومية التابعة للامم المتحدة حول تغير المناخ) ولكنها تظهر أيضا إمكانية حدوث تغيرات أكثر شدة .
واعترف زعماء الدول الرئيسية المتسببة في انبعاثات الغازات الحابسة للحرارة في يوليو/ تموز ان الرؤية العلمية تظهر ان درجات الحرارة يجب الا تتجاوز درجتين فوق مستويات ما قبل الصناعة لتجنب المزيد من التغيرات الخطيرة للمناخ في العالم .
وحصلت اللجنة الحكومية التابعة للامم المتحدة حول تغير المناخ على جائزة نوبل للسلام عام 2007 بالمشاركة بسبب تقريرها التقيمي الرابع .
وكانت احدى النتائج ان درجات حرارة الارض قد تزيد بمقدار اربع درجات مئوية بنهاية الخمسينيات . واكدت دراسة يوم الاثنين من ان هذا التحذير قد يحدث حتى قبل ذلك بحلول منتصف 2050 واقترحت تأثيرات محلية اكثر شدة .
واشارت الدراسة الى ان سقوط الامطار قد ينخفض هذا القرن بمقدار الخمس او اكثر في جزء من افريقيا وامريكا الوسطى والبحر المتوسط وساحل استراليا وقد يكون اكثر تشددا على الارجح من نتائج اللجنة الحكومية التابعة للامم المتحدة حول تغير المناخ في 2007 .
وقالت هيمينج البحر المتوسط اشارة واضحة ومتسقة على حدوث جفاف شديد في كل النماذج التي نقوم بها تقريبا . واضافت ان انخفاضا بنسبة 20 بالمائة او اكثر في معدل هطول الامطار يعني الكثير بالنسبة لاماكن مثل اسبانيا التي تعاني بالفعل من نقص سقوط الامطار منذ سنوات .
ومن جانبه قال ريتشارد بتس من هيئة الأرصاد الجوية البريطاني لطالما تحدثنا عن أن هذا الارتفاع في درجات الحرارة قد تشهده الأجيال اللاحقة غير أن الناس اليوم قد يشهدون ارتفاعاً في درجة الحرارة 4 درجات مئوية .
وقال بتس علينا ان نشدد بأن هذا السيناريو ليس فاصلاً،فما زال أمامنا الوقت لوقف ذلك إن أوقفنا انبعاث الغازات الدفيئة في أقرب وقت ممكن .
وحذر العلماء من أن المناطق القطبية وغرب وجنوب القارة الافريقية قد تشهد ارتفاعا في درجات الحرارة يصل إلى 10 درجات مئوية .
يشار الى ان دراسة صدرت قبل اكثر من عامين قد ذكرت إلى أن درجة حرارة كوكب الارض الآن هي الأعلى منذ 12 ألف عام نتيجة ارتفاع حرارة الكوكب بشكل متسارع خلال الثلاثين عاما الماضية .
ويقول خبراء الأحوال الجوية وأحوال الأرض في وكالة ناسا الأمريكية للفضاء إن متوسط حرارة الأرض ارتفع بنحو 2,0 درجة مئوية في كل عقد عن العقد التالي له خلال العقود الثلاثة الماضية .
وحذر العلماء من أن التلوث الناجم عن النشاط البشري يدفع العالم نحو مستويات خطيرة من التغير المناخي.
وقالوا إنه نتيجة لذلك فإن أنواع نباتية وحيوانية تجد صعوبة في الانتقال بالسرعة الكافية لأجواء أكثر برودة هربا من ارتفاع حرارة بيئاتها .
وقال رئيس معهد جودارد لدراسات الفضاء التابع لناسا في نيويورك، جيمس هانسن الأدلة المتوافرة تشير إلى أننا نقترب من مستويات خطيرة من التلوث الناجم عن نشاط الإنسان .
وأظهرت الدراسة التي قام بها باحثون من ناسا، ومن جامعة كولومبيا وجامعة كاليفورنيا سانتا باربرا، أن ارتفاع الحرارة عند أشده في دوائر العرض الأبعد عن خط الاستواء في نصف الكرة الشمالي، ويبدو بشكل أكبر على اليابسة منه فوق المحيطات .
وقال الباحثون إن السبب وراء ارتفاع درجات حرارة تلك المناطق يرجع إلى الفقد الحاصل في الثلوج والغطاء المتجمد .
فمع ازدياد دفء الأرض، تذوب الثلوج وينكشف سطح الأرض الأسمر الذي يمتص، بسبب قتامة لونه مقارنة بالثلج، كمية أكبر من الطاقة من الشمس، وبالتالي تزداد الحرارة أكثر .
وأظهرت الدراسات التي قام بها الباحثون أن المنطقة الغربية الاستوائية من المحيط الهادي والمحيط الهندي وصلت في حرارتها إلى درجات الحرارة التي كانت عندها بنهاية آخر عصر جليدي رئيسي تشهده الأرض، قبل نحو 12 ألف عام، إن لم تتفوق عليها حرارة .
ويشير العلماء إلى أهمية الاسترشاد بتلك المناطق بشكل خاص في معرفة أنماط التغير المناخي على صعيد الكوكب ككل .
ومع ذلك يشكك باحثون آخرون في مدى دقة تلك التكهنات، إذ يقول البروفيسور كيث بريفا، الأستاذ بوحدة البحوث المناخية بجامعة إيست آنجليا الإنجليزية، إن استخدام بيانات من قبيل محتوى الماغنسيوم في الأصداف البحرية وغيرها من البيانات الأخرى التي استرشد بها الباحثون، يصبح أقل دقة كلما بعدت المدة الزمنية .
ويقول فريق الباحثين في تلك الدراسة أن معدل هجرة الحيوان وانتقال النباتات أبطأ من القدرة على التأقلم مع ارتفاع درجة الحرارة .
ويضيف د هانسن قائلا إذا ارتفعت الحرارة بمعدل درجتين أو ثلاثة، سيكون من المرجح أن نشهد تغييرات تجعل من الأرض كوكبا مختلفا عما عهدناه .
وأردف بالقول إذا لم نبطئ معدل الاحترار، فمن المرجح أن الكثير من الأنواع الحية ستنقرض، وكأننا في الواقع ندفع بهم خارج الكوكب .
ويقول تقرير صادر عن الاتحاد الأمريكي للجيوفيزيائيين إن مناخ الكون يفتقر بالتأكيد إلى التوازن وترتفع حرارته باستمرار .
والاتحاد هوأكبر تجمع للعلماء المتخصصين في دراسة الكرة الأرضية والفضاء .
وحذر الاتحاد من أن التغييرات التي تجري على نظام مناخ الأرض ليست طبيعية .
وأضاف التقرير أن أفضل تفسير لما يحدث من تغييرات في مستوى سطح الأرض ومعدل هطول الأمطار هو ازدياد تركيز الغازات الناجمة عن الاحتباس الحراري بسبب أنشطة البشر .
ودعا الاتحاد إلى تخفيض انبعاث الكربون بنسبة 50% بحلول عام 2100 .
وهذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها الاتحاد بتحديث سياسته حول التغييرات المناخية منذ عام ،2003 حينما دعا إلى إجراء دراسة عالمية مركزة لفهم التغييرات التي ستحدث على الأرض بسبب التبدلات المناخية .
فقد أعلن البيان الجديد أن أفضل ما يمكن به تفسير التغييرات التي تحدث للمناخ هو وفرة الغازات المتولدة في الجو عن الأنشطة البشرية في القرن العشرين .
وقال مجلس الاتحاد الذي أقر البيان الجديد إن أبحاثا متواصلة قام بها العديد من أعضائه قد عززت الفهم العلمي لتأثيرات التغييرات المناخية .
وحذر المجلس من أن العالم يواجه تحديا كبيرا خلال الأعوام الخمسين المقبلة .
وقال إنه حتى الحد الأدنى للتغيير المناخي المقبل هو أكبر بكثير من معدل التغيير الذي شهده الكون خلال الألفية الماضية .
وهذا الحد الأدنى هو ارتفاع درجة حرارة الكون بدرجة مئوية واحد عما بلغته في الأعوام العشرة الماضية.
ويقول البيان إن ارتفاع درجة الحرارة عن معدلها في القرن التاسع عشر يثير الاضطراب، حيث يقلل الانتاجية الزراعية للكرة الأرضية، ويتسبب في الحد من تنوع الكائنات على الأرض، وإذا ما استمر لمئات من السنين فسيذيب معظم الغلاف الجليدي لجزيرة جرينلاند .
ويقول البيان إن تفادي ارتفاع درجة الحرارة بدرجتين مئويتين يتطلب تقليص الغازات المنبعثة بنسبة 50% بنهاية القرن الحالي .
ويقول الاتحاد الذي يبلغ عدد أعضائه 50 ألف عضو من 137 دولة مختلفة إن تقديم الحلول يتطلب التعاون بين جميع القطاعات، من علمية وتقنية إلى صناعية وحكومية .
وكانت اللجنة الحكومية للتغييرات المناخية قد نشرت عام 2007 تقريرها التقييمي الرابع الذي قالت فيه إن التغييرات التي تحدث في المناخ العالمي هي في الغالب ناجمة عن الأنشطة البشرية .
وحذر تقرير الهيئة من أن تكلفة تخفيض انبعاث الغازات الآن ستكون أقل بكثير من محاولة التكيف مع عواقب التغييرات المناخية في المستقبل .