تخلفت فرنسا عن كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا فى تصنيع القنبلة الذرية بسبب الحرب الدائرة على أراضيها بسبب الاحتلال الألمانى أثناء فترة الحرب العالمية الثانية .

لقد بدا النشاط النووى فى فرنسا ببناء المفاعل شاتيون جنوب باريس تحت إشراف العالم الفرنسى فردريك جوليو كورى واستخدم هذا المفاعل فى الأغراض السلمية منذ عام 1974 م .أنشىء بعد ذلك عدة مفاعلات نووية فى مركز البحوث النووية بسكلاى وهى ضاحية بالقرب من باريس وبدأت هذه المفاعلات فى إنتاج البلوتونيوم فى عام  1948 منذ ذلك التاريخ أصبحت فرنسا قادر على صنع القنبلة الذرية . لقد فجرت فرنسا قنبلتها الذرية الاولى فى موقع ريجان بالصحراء الكبرى بالجزائر فى 13 فبراير 1960 واستمرت  هذه التجارب حتى عام 1965 . بعد أن نالت الجزائر استقلالها حولت فرنسا إجراء تجاربها النووية فى مستعمرتها " بولنيزيا " فى جنوب المحيط الهادى وهذه المستعمرة عبارة عن عدة جزر منعزلة غير مأهولة بالسكان وأغلب هذه الجزر من الشعب المرجانية ، لقد كانت مواقع التفجيرات النووية فى جزيرتى " " موروروا  " و " فانغاتوفا " .

لقد فجرت فرنسا 167 قنبلة ذرية فى الجزيرتين فى الفترة من 1966 وحتى عام 1990 م وذلك لتطوير ثمانية انواع من الؤوس النووية . وفى سبتمبر عام 1995 م عاودت فرنسا تجاربها فى هذه الجزر حتى عام 1996 بالرغم من احتجاجات كبيرة من دول العالم وكذلك دول منطقة المحيط الهادى بصفة خاصة . بعد ذلك اوقفت فرنسا تجاربها بصفة نهائية بعد دراسة ما احدثته هذه التفجيرات من تلوث اشعاعى للبيئة بالقرب من مناط التفجير وقد ساعد الخبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى هذه الدراسة . تعطلت فرنسا فى مجال تصنيع الاسلحة النووية بسبب احتلال المانيا لأراضيها فى الفترة من عام 1940 وحتى عام 1944 أثناء الحرب العالمية الثانية . لقد بدأ النشاط النووى ببناء مفاعل شاتيون جنوب باريس وتم تشغيله بنجاح فى ديسمبر 1948 وأنشىء بعد ذلك مفاعلات أخرى فى مركز البحوث النووية بسكلاى وبدىء فى انتاج المواد الانشطارية قد تطور هذا النشاط النووى وتضاعف فى عام 1952 ومنذ ذلك التاريخ أصبحت فرنسا قادرة على صنع القنبلة الذرية وتضاعفت ميزانية الطاقة الذرية فى المجالات السلمية والحربية واستمرت فرنسا فى برامجها النووية وإجراء تجاربها الذرية .

فجرت فرنسا القنبلة الذرية الاولى فى 13 قبراير عام 1960 والقنبلة الذرية الثانية فى ابريل عام 190 والثالثة فى 27 ديسمبر عام 1960 والرابعة فى 25 ابريل عام 1961 وفجرت جميعها فى موقع ريجان بصحراء الجزائر .لقد أجرت فرنسا 17 تفجير نووى فى الفترة من عام 19630 وحتى عام 1964 . بعد ان نالت الجزائر استقلالها فى عام 1962 حولت فرنسا تجاربها النووية فى عام  1965 الى مستعمرتها " بولنيزيا " فى جنوب المحيط الهادى وهذه المستعمرة تتكون من عدة جزر منعزلة غير مأهولة بالسكان وأغلب هذه الجزر شعب مرجانية ، لقد احاطت فرنسا تجاربها النووية بالسرية التامة فى " موروروا وفاتغاتوفا " .

لقد تضمنت التفجيرات النووية الفرنسية نوعين من القنابل :

  • نوع أ : وهى قنابل استراتيجية قوتها من 60 الى 70 كيلو طن .
  • نوع ب : وهى خاصة بالأهداف التكتيكية للقوات المسلحة وهى ثلاثة :
    • من 15 – 20 كيلو طن .
    • من 5 – 10 كيلو طن .
    • من 2 – 3 كيلو طن على التوالى .

لقد سعت فرنسا لتكون فوتها فى مستوى الولايات المتحدة وبريطانيا فخصصت ميزانيات ضخمة لصناعة الأسلحة النووية حتى تصبح قوة رادعة لتحقيق أهدافها وسياستها الدولية . لقد استكملت فرنسا ترسانتها النووية بتصنيع الصواريخ النووية والطائرات والغواصات النووية واصبحت لها قوة مستقلة وهى غير منضمة لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية . وفي خلال الفترة من عامى 1966 و 1990 فجرت فرنسا 167 قنبلة نووية فى جزيرتى موروروا و فانغاتوفا لتطوير ثمانية انواع من الرؤوس النووية . لقد أجرت فرنسا فى الجو تفجير 39 قنبلة فى جزيرة موروروا كما فجرت 5 قنابل أخرى فى الجو فى جزيرة فانتاغوفا . كما أجرت فرنسا عدد كبير من التفجيرات النووية تحت الأرض بعد إيقاف التفجيرات النووية فى الغلاف الجوى . لقد فجرت 120 قنبلة تحت الأرض فى جزيرة موروروا وكذلك 3 قنابل فى جزيرة فانغاتوفا .

لقد أجرت فرنسا تفجيثر أول قنبلة هيدروجينية فى جزية فانتاغوفا فى 24 أغسطس عام 1986 بقدرة 2.6 ميجا طن . بعد 5 يوليو 1975 أوقفت فرنسا تفجيراتها النووية وبدات تفجيراتها تحت الأرض ولم تعلن عن قدرة هذه التفجيرات ولكن بعض الدول المجاورة ومنها نيوزيلاندا إستطاعت تسجيل الزلازل الناتجة عن التفجيرات وخمنت قدرتها . كذلك تم قياس مستوى الإشعاع فى الدول المجاورة وهى تاهيتى ونيوزيلندا وفيجى كما وصلت التأثيرات الاشعاعية الى دول أمريكا اللاتينية . لقد كان للتفجيرات الفرنسية أثر كبير على الجزر المجاورة . لقد أخليت جزيرة توريا من سكانها فى عام 1968 . لقد اعترفت فرنسا ان التفجيرات النووية التى اجريت فى عام 1966 أدت الى حدوث تساقط ذرى سبب جرعا اشعاعية تتراوح بين 2000 و 4000 مللى سيفرت . كذلك تسببت التفجيرات الفرنسية النووية فى حدوث تلوث اشعاعى فى الجهات الغربية بعد أيام قليلة من هذه التفجيرات ومنها جزيرة " ساموا " التى تبعد مسافة 3600 كيلو متر من جزيرة " موروروا " فى 12 سبتمبر 1966 ، لقد كانت قدرة هذا التفجير 120 كيلو طن وقد حضره الرئيس الفرنسى شارل ديجول .

لقد ارتفع  المستوى الطبيعى للإشعاع فى جزيرة ساموا من 200 ميجا بيكريل لكل كيلو متر مربع الى 370 ألف ميجا بيكريل لكل كيلو متر مربع ( أى حوالى 2000 مرة أكبر من المستوى الطبيعى ) كذلك ارتفعت نسبة الاشعاع فى تاهيتى الى حوالى 5000 مرة أعلى من المستوى الطبيعى ، كذلك تعرض سكان الجزر المأهولة بالسكانت لجرعات اشعاعية عالية كما ثبت تعرض هذه الجزر الى تصدعات وزلازل وموجات تسونامى عاتية فى مياه المحيط بسبب هذه التفجيرات .

التفجيرات النووية الفرنسية فى عام 1995 :
فى عام 1995 عقد مؤتمر دولى حضره 187 دولة للتوقيع على معاهدة حظر الكلى للتجارب النووية ، وفى منتصف شهر يونيو بعد 5 أسابيع من هذا المؤتمر أعلنت فرنسا استئناف تجاربها النووية فى جنوب المحيط الهادى بعد توقفها مع دول النادى النووى لفترة ثلاث سنوات منذ عام 1992 م. لقد أعلن الرئيس جاك شيراك أن فرنسا سوف تقوم بإجراء تجاربها فى الفترة بين سبتمير 1995 وحتى مايو 1996 فى جزر فنغاتوفا وموروروا التى تبعد 1200 كيلو متر من تاهيتى .

ان الغرض من هه التجارب هو تطوير 8 رؤوس نووية حربية ؟

لقد احتجت دول العالم وكذلك دول المحيط الهادى بصفة خاصة ، لقد تم حرق مبنى القنصلية الفرنسية فى غرب استراليا كما قامت مظاهرات احتجاج عند مبنى السفارة الفرنسية فى كانبيرا كما استدعت استراليا سفيرها فى باريس وجمدت مع نيوزيلندا استيرادها من المنتجات الفرنسية . لقد وعدت فرنسا بالتوقيع على معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية بعد انتهاء هذه التفجيرات . فى الفترة ما بين سبتمبر 1995 ومايو 1996 جرت فرنسا عدة تفجيرات نووية تحت الأرض فى جزيرتى موروروا وفانغاتوفا . ومن أحد التفجيرات التى  تمت فى جزيرة فانغاتوفا نعطى هذا الوصف التفصيلى كمثال لهذه التفجيرات . لقد قام الخبراء الفرنسيين بعمل حفرة رأسية فى موقع من الجزيرة مغطى بالمياه الضحلة وقد قام الخبراء باستخدام حفار كبير لعمل حفرة عمقها واحد كيلو متر ، وبعد عملية الحفر تم انزال المفجر النووى فى قاع الحفرة ثم تم ردمه بمادة البازلت ثم الأسمنت وبعد ذلك تمت عملية التفجير عند هذا العمق . لقد اتفقت الحكمة الفرنسية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية باشتراك الخبراء من الجانبين لدراسة التلوث اللاشعاع الذى احدثته التفجير فى البيئة المحيطة وهى التربة ومياه المحيط والهواء .

لقد قام الخبراء الفرنسيين مع خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأخذ عينات من مياة المحيط وكذلك النباتات الخضراء وثمار جوز الهند وعينات من التربة المرجانية . اضافة الى هذا اخذ الخبراء بمساعدة الضفادع البشرية الفرنسيين أسماك عديدة ومنها سمك القرش . لقد قام الخبراء بذبح سمك القرش وفرم لحمه ووضعه فى عدة أكياس لتوزيعها على عدة معامل لفحصها ، ولقد وزعت هذه العينات المختلفة من التربة المرجانية ومياه المحيط والنباتات والأسماك على :

  1. معامل الوكالة الدولية فى فيينا و إمارة موناكو .
  2. معامل هيئة الطاقة الذرية الفرنسية .
  3. معامل دولية فى الولايات المتحدة واستراليا ونيوزيلندا وألمانيا وبريطانيا والدنمارك .

إن المقصود من هذا البرنامج هو عمل دراسة دقيقة على مدى التلوث الاشعاعى الذى حدث نتيجة للتفجيرات النووية الفرنسية التى أجريت تحت الأرض فى جزيرتى موروروا وفانغاتوفا جنوب المحيط الهادى  وقد اختيرت هذه المعامل لتحرى الدقة لمعرفة ما سببته هذه التفجيرات من أخطار اشعاعية على البيئة .

  • أولا  : نتائج التحاليل الخاصة بالمياة :

    لقد تم أخذ عينات من المياه والتربة من مواقع المياه الضحلة فى جزيرتى فنغاتوفا وموروروا خلال الفترة من 1 – 27 يوليو 1996 م ، كما أخذت عينات من مياه المحيط القريبة من مواقع التفجير ويصل عددها الى 300 عينة من ماء المحيط و المياه الضحلة ومياة التربة وكذلك عينات نباتية وأسماك ومن التربة المرجانية . لقد أرسلت هذه العينات لمعامل التحاليل فى عدة دول وقد بينت التحاليل المائية نتائج التالية :

    • فى جزيرة فانغاتوفا :

      من تحليل عينات المياه الضحلة فى جزيرة موروروا تبين وجود عناصر مشعة من البلوتونيوم 239 و البلوتوينوم 240 بمستوى 0.3 بيكريل فى المتر المكعب من المياه . كما بينت التحاليل ان نسبة الاشعاع فى الأسماك 0.01 بيكريل فى الكيلو جرام فى الرخويات المائية .هذه التركيزات التى قياسها فى جزيرة موروروا وجدت ايضا فى جزيرة فانغاتوفا وهى نسبة تعتبر قليلة جدا وليست ذا قيمة . كذلك وجدت فى موروروا وتركيزات التريتيوم والاسترنشيوم 90 والسيزيوم 137 بنسب قليلة .
  • ثانيا  : نتائج التحاليل الخاصة بالتربة :

    • النتائج الخاصة بجزيرة فاتغاتوفا :

      تبين لخبراء الوكالة الدولية من وجود تركيزات عالية من نظائر السيزيوم 137 والاسترثيوم 90 فى ثمار جوز الهند والسائل الموجود بداخله كما بينت التحاليل ان ثمارا اخرى تحتوى على نظير البوتاسيوم 40 المشع بمستواه الطبيعى كما وجد من تحليل التربة وجود عناصر مشعة للبلوتونيوم والاسترنثيوم 90 . كذلك تبين للخبراء من التحاليل التى أجريت فى جزيرة تيوريا التى عدد سكانها لا يتعدى 60 مواطنا وهى تبعد 100 كيلو متر من موقع التفجير ، لقد بينت النتائج وجود عناصر للبلوتونيوم 239 والبلوتونيوم 240 والسيزيوم 137 والاسترنشيوم 90 فى التربة والخضروات وثمار جوز الهند بنسبة منخفضة .

    • النتائج الخاصة بجزيرة موروروا :

      تبين للخبراء وجود عناصر مشعة للبلوتونيوم 239 ، والبلوتونيوم 240 ، والسيزيوم 137 فى العديد من المواقع التى أخذت منها العينات من التربة وقد وجد ان هذه التحاليل متفقة مع النتائج الأخرى . فى أحد الموقع ( إيرين ) وجد ان تركيز نظائر البلوتونيوم وصلت الى 2 ملى بيكريل فى المتر المكعب . وفى موقع آخر ( كانن ) وصلت تركيزات نظائر البلوتونيوم الى 0.11 ملى بيكريل فى المتر المكعب . وفى موقع ثالث ( كوليت ) وجدت تركيزات من البلوتونيوم 239 والميريسيوم 241 . لقد وجد ان نسبة الاميريسوم تتراوح بين 20الى 70 كيلو بيكريل فى المتر المكعب .

لقد تبين من هذه التحاليل ان التفجيرات الووية التى أجريت تحت سطح الأرض على أعماق تتراوح بين 600 و 1000 متر لا ينتج عنها تلوث اشعاعى خطير بدرجة تؤثر على الكائنات الحية إلا أنها تحدث هزات زلزالية تسبب موجات عالية فى المحيط ، أن هذه التجارب التى اجريت تحت الارض فى هذه الجزر لم تأثر على الطيور وصغارها ومنها طائر ( البافيون ) الذى يطير فى سماء جزر المحيط الهادى وقد حماها من اخطار التفجيرات النووية الفرنسية التى أجريت عام 1996 تحت الأرض . بعد انتهاء هذه التفجيرات اعلنت فرنسا إيقاف تجاربها النووية بصفة نهائية .


المراجع

context.reverso.net

التصانيف

المشاكل البيئية  بيئة  الطاقة والمخلفات النووية   العلوم البحتة