جرش
على بعد خمسين كيلومترا إلى الشمال من عمان، وفي واد أخضر تجري فيه المياه، تقع مدينة جرش الأثرية التي تعتبر قبلة الزائرين الباحثين عن عبق الحضارة وعظمتها المنقوشة على الحجارة العتيقة والأعمدة المنتصبة في بقعة محظية بقدر كبير من الجمال والهدوء الذي يتناغم فيه غناء العصافير مع خرير المياه في الجداول. وتعتبر جرش واحدة من …
على بعد مسافة خمسين كيلومترا إلى جهة الشمال من عمان، وفي واد أخضر تجري فيه المياه، تقع مدينة جرش الأثرية التي تعتبر قبلة الزائرين الباحثين عن عبق الحضارة وعظمتها المنقوشة على الحجارة العتيقة والأعمدة المنتصبة في بقعة محظية بقدر كبير من الجمال والهدوء الذي يتناغم فيه غناء العصافير مع خرير المياه في الجداول.
وتعتبر جرش واحدة من المدن الأثرية القليلة في العالم، والتي حافظت على كل معالمها حتى الآن، فما زالت ساحات المدينة وشوارعها وأعمدتها ومسارحها الأثرية شاهدة على العهود اليونانية والرومانية في (بومبي الشرق)… جراسيا القديمة… جرش.
وعندما يقبل الزائر نحو المدينة تطالعه البوابة العظيمة ذات الأقواس الثلاثة، والتي بنيت على شرف الامبراطور الروماني هدريان عند زيارته لها سنة 129 للميلاد.
كانت جرش واحدة من مدن الديكابوليس، وهو اتحاد عشر مدن رومانية نشأ في القرن الأول قبل الميلاد.
ويستطيع الزائر أن يتجول بين هياكل المدينة ومسارحها وساحاتها وحماماتها وشوارعها المبلطة ذات الأعمدة الشامخة المحاطة بالأسوار العالية، وفي داخل هذه الأسوار توجد آثار مستوطنات تعود للعصر البرونزي، والعصر الحديدي، ولعهود اليونان والرومان والبيزنطيين والأمويين والعباسيين، مما يؤكد أن الإنسان أقام في جرش منذ أكثر من 2500 سنة.
في العهد العثماني المتأخر ألغي اسم جرش ليحل محله اسم ساكب، لتصبح ساكب تشمل قرية جرش وقرية ساكب، إلا أن هذا لم يدم كون اسم جرش عاد ليظهر مجددا في سجل الضرائب العثمانية أواخر القرن السادس عشر.
كان زلزال عنيف قد دمر أجزاء كبيرة من هذه المدينة سنة 747 ميلادية كما ادت الزلازل المتلاحقة ومعها الحروب والفتن التي ضربت المنطقة لاحقا إلى دمار اضافي اسهم في خرابها وبقيت انقاضها مطمورة في التراب مئات السنين إلى أن اكتشفها الرحالة والمستشرق الألماني أولريش ياسبر زيتسن سنة 1806 للميلاد [5] ليبدأ التنقيب عنها واعادة الحياة إليها لتنهض (جرش) الحالية على يد أهل القرى القديمة ثم تلاهم بعد 70 عاما جالية من المسلمين الشراكسة الذين هاجروا إلى الأردن من بلاد القفقاس عام 1878 للميلاد اثر الحرب العثمانية الروسية. وجالية كبيرة من أهل الشام في بداية القرن العشرين.