احذر فتكَ الشهوة..

كم فتكت الشهوة بالكثيرِ ، وقضتْ على العديدِ ، ونحن في زمنٍ يموجُ فتناً ، والقابضُ على ديِنه كالقابضُ على جمرٍِ.

واعرفْ

أسبابَ الوقايةِ:

أولاً : تقوى الله تعالى ومراقبتُه في السرِ والعلنِ ،

قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:2-3]

وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [الطلاق :4].

وكم من معصيةٍ امتنعَ صاحبُها بسبب تقوى الله كما جاء في الصحيحين عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: "انْطَلَقَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى أَوَوْا الْمَبِيتَ إِلَى غَارٍ فَدَخَلُوهُ فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنْ الْجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمْ الْغَارَ فَقَالُوا : إِنَّهُ لَا يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلَّا أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ .. وفيه وَقَالَ الْآخَرُ :اللَّهُمَّ كَانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ فَأَرَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَامْتَنَعَتْ مِنِّي حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنْ السِّنِينَ فَجَاءَتْنِي فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمِائَةَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِهَا فَفَعَلَتْ حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا قَالَتْ لَا أُحِلُّ لَكَ أَنْ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ فَتَحَرَّجْتُ مِنْ الْوُقُوعِ عَلَيْهَا فَانْصَرَفْتُ عَنْهَا وَهِيَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أَعْطَيْتُهَا اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ فَانْفَرَجَتْ الصَّخْرَةُ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ مِنْهَا" الحديث .. الراوي: عبد الله بن عمر  -صحيح البخاري

فهذا الرجلُ لم يبقَِ بينَه وبينَ الوقوع في المعصية إلا اليسير ، ولكن الإيمانَ في قلبهِ تيقظَ بكلمةِ (اتق الله) فانتبه إلى قُبحِ ما هو مقدمٌ عليه ، وتذكرَ أن الله تعالى ، ينظرُ إليه ، فانتصرَ الإيمانُ على الشهوةِ. فيا لله ..ما للإيمانِ من سموٍ ، ورفعةٍ وعزيمةٍ ، تَرفعُ الإنسانَ من حضيضِ الشهوةَ إلى علو العفة.

ثانياً : غضَ البصر عن المحرمات.

يقول الله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)} [النور].

فالبصرَ سهمٌ من سهامِ إبليس . وهو السبيلُ للوقوعِ في الحرامِ.

كـلُّ الـحوادثِ مبدأُها من iiالنظر
كْـم نظرةٍ فعلتْ في قلب iiصاحبها
والـمـرءُ ما دامَ ذا عينٍ iiيُقَـلِبُها
يَـسـرُّ  مُـقلَتَهُ ما ضرَّ مُهجَـتَهُ



ومُعظَمُ  النارِ مِنْ مُستَصْغرِ الشَرِرِ
فِـعْلَ  السهامِ بلا قوسٍ ولا وتـرِ
في أَعينِ الغِيرِ موقوفٌ على خَطرِ
لا مـرحباً بسرورِ عادَ iiبالضـررِ

 

قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "اضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة : اصدقوا إذا حدثتم ، وأوفوا إذا وعدتم ، وأدوا إذا أتمنتم ، واحفظوا فروجكم ، وغضوا أبصاركم ، وكفوا أيديكم". قال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة: حسن .​​

وجعلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم غضَ البصرِ من حقِ الطريقِ فقال عندما سأَلَهُ أصحابُه فقالوا: وما حقُ الطريق ؟ قال: "غضُّ البصرِ .." البخاري.

ثالثاً : التبكير بالزواجِ من ذاتِ الدين.

يقول الله تعالى:{وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32)} [النور]

وكما جاء في حكايةِ الرهطِ الذين تقالوا عبادَته صلى الله عليه وسلم ، وقال أحدُهم : "أما أنا فأعتزلُ النساءَ فلا أتزوجُ أبدا ..فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم  وبين أنه : "يتزوجُ النساء" وقال معقباً على ذلك : "فمن رغبَ عن سنتي فليسَ مني" رواه البخاري ومسلم .

فالزواجُ المبكرُ الطريقَ الناجحَ لمشكلاتِ الغريزةِ الجنسية ، والذي يرضى فطرةَ الإنسانِ كلَّ الرضا، بشرطِ الدينِ لدى الزوجين.

جاء في الحديث "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" رواه البخاري وبقية الستة من حديث عبد الله بن مسعود

رابعاً: الصحبةُ الطيبة .

قال صلى الله عليه وسلم : "المرءُ على دينِ خليلهِ فلينظرْ أحدُكم من يخالل"

فهم يذكِّرونَ عند النسيان ، وينبِّهون عند الغفلة ، وينصَحون عند الخطأ ، مجالسهُم تحفُها الملائكة ، وألسنتهُم لله ذاكرة ، وقلوبُهم بالإيمان عامرة ، ولذا أمرَ الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصبرَ نفسَه معهم فقال :

{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)} [الكهف]

وعن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها ومثل الجليس الصالح كمثل صاحب المسك إن لم يصبك منه شيء أصابك من ريحه ومثل جليس السوء كمثل صاحب الكير إن لم يصبك من سواده أصابك من دخانه" . البخاري ومسلم .

يقولُ عمرُ رضي الله عنه : (عليك بإخوانِ الصدقِ فعش في أكنافهِم فإنهم زينةٌ في الرخاءِ وعدةٌ في البلاء).

وقال بعضُ السلفِ: ليس شيءٌ أنفعُ للقلبِ من مخالطةِ الصالحينَ والنظرِ إلى أفعالِهم وليس شيءٌ أضرُّ على القلبِ من مخالطةِ الفاسقينَ والنظرِ إلى أفعالهِم. وقال بعضُهم: مجالسةُ أهلِ الصلاحِ تُورثُ في القلبِ الصلاحَ.

خامساً: الابتعادُ عن الأسبابِ التي تُثيرُ الشهواتِ في النفس.

ولذلك يقول الله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32)}[الإسراء]

والنهي عن القربِ للمبالغةِ في النهي ، فكلُّ وسائلِ الإغراءِ التي من شأنهِا إثارةُ الغرائزِ وإشاعةُ الفواحشِ محرمةٌ؛ لأن ما يؤدي إلى الحرامِ فهو حرامٌ ، ولذلك حرمَ الإسلامُ السفرَ لبلادِ الكفارِ بدون ضرورةٍ ، وحرمَ الخمرَ لأنها أمَّ الخبائثِ ، وحرمَ الإسلامُ الأغنيةَ الماجنةَ ؛ لأن الغناءَ بريدُ الزنى وسماعُها يوقظُ الفتنةَ النائمةَ ويهيجُ الشهوةَ الساكنةَ ، وحرمَ الإسلامُ مشاهدةَ الأفلامِ الساقطةِ والمجلاتِ الهابطةِ وقراءةَ ما يدعو إلى الفاحشةِ ، ويُهيجُ إلى فعلها ، من الأشعارِ ونحوِها ، وحرمَ الاختلاطَ ومصافحةَ النساءِ والخلوةَ بالمرأةِ الأجنبيةِ ؛ كلُّ ذلك صيانةً للأخلاقِ من التهتُكِ ، وللقيمِ من التفككِ ، وللكرامةِ والشرفِ من الابتذالِ والامتهانِ.

سادساً: تذكُّرَُ ما أعدَّ اللهُ تعالى لأهلِ الشهواتِ المحرمةِ من العذابِ والنكالِ الأليم.

يقول الله تعالى : {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69)}[الفرقان]

وروى البخاري في صحيحه أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي وَإِنَّهُمَا قَالَا لِي انْطَلِقْ وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا" وذكر الحديثَ حتى قال : "فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ ، فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ ، فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا فلما سأل عنهم الملائكةَ ، قالوا : وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي".

سابعاً : استحضار ما أعد اللهُ تعالى للحافظين فروجهم والحافظات من النعيم المقيم.

من الحورِ العين ، والكواعبُ الأترابُ ، يُضيءُ البرقُ من بين ثنايَاها إذا ابتسمتْ ، يرى وجهَه في صحن خدِّها كما يرى في المرآةِ التي جلاَّها صَيْقَلُها ، ويرى مخَّ ساقها من وراءِ اللحم ، ولا يسترُه جلدُها ولا عظمُها ولا حُلَلُها ، لو اطلعتْ على الدُنيا لملأتْ ما بين الأرضِ والسماءِ ريحاً ، ونَصيفُها على رأسِها خيرٌ من الدنِيا وما فيها ، ووصالهُا أشهى إليه من جميعِ أمانِيها ، لا تزدادُ على طول الأحقابِ إلا حسنُا وجمالاً ، ولا يزدادُ لها طولُ المدى إلا محبةً ووصالاً ، مبرأةً من الحيضِ والنفاسِ ، مطهرةً من المخاطِ والبصاقِ والبولِ والغائطِ وسائرِ الأدناس ، لا يفنى شبابُها ، ولا تبلى ثيابُها ، ولا يَخلََقُ جمالهُا ، كلما نَظرَ إليها ملأتْ قلْبَهُ سروراً ، وكلما حدثته ملأتْ أُذنَهُ لؤلؤاً منظوماً ومنثورا ، وما ظنُك بامرأةٍ إذا ضَحِكتْ في وجهِ زوجهاِ أضاءتْ الجنةُ من ضَحِكها.  

ثامناً : عدم التهاون بصغائرِ الذنوبِ.

فهي البوابةُ لما بعدَها ، والطريقُ الموصلُ إليها ، وهي من خطواتِ الشيطانِ التي حذرَ الرحمنُ من السيرِ على منوالهِا، يقول الله تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21)}[النور]

ويقول صلى الله عليه وسلم: "إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ ، كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا أَرْضَ فَلاةٍ فَحَضَرَ صَنِيعُ الْقَوْمِ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْطَلِقُ فَيَجِيءُ بِالْعُودِ وَالرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْعُودِ حَتَّى جَمَعُوا سَوَادًا فَأَجَّجُوا نَارًا وَأَنْضَجُوا مَا قَذَفُوا فِيهَا" رواه أحمد.

يقولُ ابنُ القيمِ: دافعِ الخطرةَ فإنْ لم تفعلْ صارتْ فكرةً، فدافعِ الفكرةَ فإنْ لم تفعل صارت شهوةً فحاربها، فإن لم تفعل صارتْ عزيمةً وهمةً، فإن لم تدافعْها صارتْ فعلاً، فإن لم تتدارَكه بضدِه صارتْ عادةً، فيصعبُ عليكَ الانتقالُ عنها.

تاسعاً : تذكُّـرُ أن الله تعالى قد يبتلي أصحابَ الشهواتِ.

 بالأمراضِ الفتاكةِ ، والأوبئةِ المهلكةِ ، والأمراضِ النفسيةِ والعقلية ، والقلقِ والاضطرابِ والغمِ والهمِ ، ولا أدلَ على ذلك من انتشارِ هذه الأمراضِ في البلادِ الغربيةِ وما شابههَا من الدولِ الإباحيةِ فنسبُ الأمراضُ الجنسيةِ في تصاعدٍ كمرضِ الإيدزِ والسيلانِ والزهريِ ونحوها .. يقول صلى الله عليه وسلم:

"يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا" رواه ابن ماجه.

نسألُ الله أن يسترَنا في الدنيا والآخرة .

عاشراً : العلم بأن الأمة مُستهدفة بالمخططاتِ اليهوديةِ والصليبيةِ لإفسادِها والقضاءِ على دينِها .

بنشرِ الخلاعةِ والإباحيةِ والتبرجِ والسفورِ والفجورِ، وساعدَهم على ذلك الأقلامُ الفاجرةُ التي تنفذُ مخططاتِ أعداءِ الإسلامِ، بإفسادِ عقائدِ الناس، وإشاعةِ الفواحشِ والمنكراتِ.

يقولُ أحدُ أقطابِ المستعمرين: كأسٌ وغانيةٌ تفعلانِ في تحطيمِ الأمةِ المحمديةِ أكثرَ مما يفعلهُ ألفُ مِدْفعٍ، فأغرقوَها في حبُّ المادةِ والشهوات.. ولمّا أفسدَ (كارل ماركس) عقيدةَ الألوهيةِ في نفوسِ الناس ، قيل له : ما هو البديلَ عن عقيدةِ الألوهية ؟ قال: البديلُ هو المسرح ، أشغِلوهُم عن عقيدةِ الألوهيةِ بالمسرحِ .. وما أدراكَ ما المسرحُ في دعوتِه الساخرةِ إلى محاربةِ الأخلاقِ والأديانِ.

فهل يُسلمُ المسلم نفسه لهؤلاءِ الأعداءِ ؟ وهل يرضى لنفسِه العزيزةِ أن تكونَ أداةً تعبثُ بها أيدِي اليهودِ والنصارى ؟ وهل يرضخُ لمن يسعى في حتفِه والقضاءِ على دينِه ؟ أهكذا تكون عزةُ المسلم ؟ أهكذا تكون شهامةُ الأبطال ؟ أهكذا يُذلُ الرجالُ بمثلِ هذه الأداةِ الحقيرة ؟!

الحادي عشر : الدعاء إلى الله تعالى والاستعانة به.

 أن يكفيَنا شرَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطنَ ، ونتضرعَ بين يدي مولانا.

فإن الله تعالى إذا رأى من عبدهِ التضرعَ وإظهار الاضطرارِ فإن اللهَ يُجيبُ دعاءه يقولُ اللهُ تعالى:

{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62)}[النمل]

فهذا نبي الله يوسفُ عليه السلام حينما طلب العونَ من ربهِ والتأييدَ والثباتَ استجابَ الله لهُ دعوتَه وأعانَه ونصرَه قال تعالى:

{قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34)}[يوسف]

الثاني عشر : التوبَة إلى الله تعالى توبةً صادقةً خالصةً.

فإن الله تعالى يُكفرُ السيئات ، بل أعظمُ من ذلك يبدلَ تعالى السيئاتِ حسناتٍ، يقولُ الله تعالى :

{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)}[الفرقان]

وقد يكونُ الانتقالُ من مكانٍ إلى مكانٍ وتغييرُ القرناءِ والأصدقاءِ أكبرَ عونٍ على التوبةِ، والعملِ الصالحِ، كما في قصةِ الرجلِ الذي قتلَ مائةَ نفسٍ، وعندما سألَ عالماً قال له: (من يحولُ بينكَ وبين التوبةِ انطلق إلى أرضِ كذا وكذا فإن بها أناساً يعبدون الله تعالى فاعبدِ الله معَهمُ ولا ترجعِ إلى أرضك، فإنها أرضُ سوءٍ). وكما قيلَ في الحكمةِ في تغريبِ الزاني غيرِ المحصنِ عاماً: وذلك لمفارقةِ أرضِ المعصيةِ التي تُذكرُه بالذنبِ، وحتى يُفارقَ قرناءَ السوءِ، رجاءَ أن تصحَ توبتُه، ويَستقبلَ حياةَ التوبةِ استقبالاً جديدا.

الثالث عشر: على المسلم أن يستحضر ما يُحاكُ للأمةِ اليوم :

من قتلٍ للأبرياء ، وسفكٍ للدماءِ ، وانتهاكٍ للإعراضِ ، وتشردٍ عن الديارِ ، وسلبٍ للأموالِ ، وتدميرٍ للممتلكاتِ ، فهاهم إخواننا في فلسطين ..ماذا يُحاكُ بهم ، وماذا يخططُ للقضاءِ عليهم ..في كلِّ يومٍ قتلى .. في كلِّ يومِ جرحى .. في كلَّ يومِ ثكلى .. والأقصى يئنُ تحتَ وطأةِ يهود .. أكثرَ من أربعين عاماً .. وإخوانِنا في الشيشانِ .. وفي كشميرَ والفلبينَ وإندونيسيا وفي كلَّ مكان.

أنّى اتجه وجه المسلم إلى الإسلامِ في بلـدٍ تجده كالطيرِ مقصوصاً جناحاه.

    إخوانُنا في كلِّ مكان يقتلونَ ويشردونَ وتُنتهكُ أعراضُهم ، والكثير لا يزالُ يبحثُ عن شهوةِ الحرام .. ولذةِ الحرام .. ومشاهدةِ الحرام  ..كيف يهنأُ للمسلم طعامٌ وإخوانُه هنا تُسفكُ دماؤُهم .. كيف يهنأُ له شرابٌ وإخوانُه هناك يُشردونَ ؟! كيف تهنأُ بنومِ وإخوانُه هنالكَ يُعذبون ؟!

إلى متى نظُل حبيسي الشهواتِ؟

إلى متى نظلُ عبيداًَ للملذات؟

إلى متى نظل أسيري الرغباتِ؟

إلى متى نظل نلهثُ وراءَ شهوةٍ محرمةٍ!!

آه ثم آه .. صرخةُ فتاةٍ مسلمةِ .. حركتْ في المعتصمِ نخوتَه الإيمانية ..فَتَتَحركُ جيوشٌ ..أولهُا من مقرِ الخلافةِ .. وآخرُها إلى عموريةَ ..وصرخاتُ المسلماتِ هنا وهناك .. ولا مجيبَ .. ولا مغيثَ...

إن أمتَنا اليومَ ليستْ بحاجةٍ إلى مزيدٍ من عشقِ الشهواتِ  ..وليستْ بحاجةٍِ إلى من يُذكي أَوَارَ نيرانِ الملذات .. فلدى الأمةِ من الأمراضِ ما يكفيها ؛ فكيف نزيدُها وهناً على وهن ؟

 إن أمتَنا اليومَ بأمسِ الحاجةِ إلى الأقلامِ الجادة ، والهممِ العالية ، والعزائمِ القوية ، والعقولِ المستنيرةِ ، فنحنُ في عصرِ شعارهُ (إن لم تكنْ آكلاً كنتَ مأكولاً ، وكنْ قوياً تُحترمْ) وبذلك يرجعً للأمةِ سالفُ مجدِها ، وتتبوأُ مكانَها اللائقِ بها:

{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُون} [يوسف:21]

أسألُ الله تعالى بأسمائه الحسنى ، وصفاتِه العلى أن يجنبَنا طُرقَ الردى ، وأن يأخذَ بأيدينا إلى ما فيه صلاحُ ديننَا.

               


المراجع

odabasham.net

التصانيف

قصص  أدب  مجتمع   الآداب   قصة