توفيق الحسيني (1867م ـ 1932م)
أصله ونشأته
هو المرحوم توفيق ابن محمد الحسيني ولد بدمشق سنة 1867م وأصل هذه العائلة من مصر انحدرت من اصلاب محمد أبي الأنوار الوفائي شيخ العلماء وشيخ طريقة السادات الوفائية في مصر، ومن راجع تاريخ احتلال مصر في عهد نابليون الأول والادوار الوطنية التي مرت عليها يعلم مكانته العلمية والاجتماعية والروحية في مصر والاقطار العربية، نشأ الفقيد بكنف والده فاعتنى به وأحسن تهذيبه وعاشر مشاهير العلماء واستفاد من مواهبهم ولازم حلقة المرحوم العلامة الشيخ عبد الرزاق البيطار والشيخ مصطفى الحلاق والشيخ جمال الدين القاسمي رحمهم الله فتلقى عنهم اصول الفن والايقاع والموشحات واخذ عن فناني مصر أكثر الأوزان المصرية فكان يحفظها باتقان وابداع.
رحلته إلى مصر والاستانة
وبعد ان تمكن من الفن سافر في عهد شبابه إلى مصر واقام فيها مدة سنة تعرف خلالها على فنانيها البارزين فاعجبوا بصوته وسعة اطلاعه الفني، وحالت التقاليد الاجتماعية دون ابراز مواهبه وتسجيل صوته، ثم عاد إلى دمشق وسافر إلى الاستانة وعاشر العلماء والفنانين وحاز صوته وفنه والاعجاب والاستحسان، وتذوق من الفنون التركية ومزجها بألحانه العربية فجاءت في غاية الابداع والانسجام. وقد دعي إلى القصر فقرأ بحضرة السلطان عبد الحميد بعض آيات القرآن الكريم وكان حافظاً ومرتلا بارعاً بأصول التجويد فأحسن اليه وأمر بتعيينه بأحدى وظائف البريد والبرق بدمشق وظل بوظيفته إلى أن احيل إلى التقاعد.
فنه
كان الفقيد رحمه الله واسع الاطلاع بعلم النغمة والتصوير، يحفظ الأوزان الموسيقية بعدة روايات باشكالها السورية والعراقية والمصرية والتركية والافريقية الشمالية، وعلى طريقته هذه سار تلميذه الأستاذ سعيد فرحات بتدريس الأوزان الموسيقية في المعهد الموسيقي.
ليس للفقيد مؤلفات موسيقية، بل له الحان خاصة من موشحات وادوار وقصائد حفظها تلامذته، وكان الفنان المرحوم محمد علي الأسطة الدمشقي الأستاذ سعيد فرحات من انجب تلامذته. كان في فنون تصوير الأنغام أو (قلب العيان) آية باهرة بارعاً في تقسيم المقام بحسب السلم الشرقي أي سلم الأرباع فيصور جميع النغمات على كل ربع، ومن مواهبه أنه كان يرتجل في بعض المواقف القاء الموشح بنفس الميزان أو بميزان آخر بنغمة ثانية، كان كثير الاجتماع بالفنانين في عهده فإذا انشدوا كان امامهم الفني.
صوته
كان رحمه الله ذا صوت جهوري عريض، يدهش السامعين بطلاوته ورخامته وانسيابه الهادىء فإذا غنى تولى بنفسه الضرب على الرق بشكل بارع، يهوى الفنون ويتأثر بالجمال، إذا غنى اطرب وأفتن والهب نفوس عشاق فنه بحلاوة صوته وابتكاراته الفنية، وكانت له جولات رائعة في المغنى التركي.
فاجعته بولده
اختطفت يد المنون ولده فؤاد وهو في الثامنة عشر من عمره فتكدر صفوه، فكان اذا ثارت عوامل الحزن والوجد بكى واشجى، ثم ألهمه الله الانتساب إلى الصوفية وتسلى بتدريس العلوم فكان ذلك خير عزاء وسلوى لقلبه الكليم.
وفاته
وفي يوم الأحد الحادي عشر من شهر كانون الأول سنة 1932م عصفت المنية بروحه الطاهرة وألحد الثرى مع اسرار فنونه والحانه ودفن بمقبرة الجورة في الميدان التحتاني بدمشق.
المراجع
alencyclopedia.com
التصانيف
الفنانون شخصيات الفنون العلوم الاجتماعية