ألفريد برنارد نوبل، هو مخترع من السويد، رائد الأعمال والكيميائي المعروف باختراع الديناميت، حصل على براءات اختراع عدّة لاختراعه العديد من المواد المتفجّرة، وأسّس عدّة شركات ساهمت في جعله ثريّاً، بالإضافة إلى تأسيسه لجائزة نوبل العالميّة التي سمّيت بذلك تيمّناً به، ومن الجدير بالذكر أنّه كان مثقّفاً وأديباً وكان ممّن يدعو إلى السِلْم، وتميّزَ بإتقانه لغات عدّة؛ كاللغة السويديّة، والروسيّة، والإنجليزيّة، والفرنسيّة، والألمانيّة.

حياة نوبل

الحياة الشخصية

وُلد ألفريد نوبل سنة 1833م في مدينة ستوكهولم السويديّة، أبوه هو إيمانويل نوبل، وأمّه كارولينا أندريت أهلسل نوبل، وهو أخٌ لسبعةِ أشقاءٍ آخرين عاش منهم ثلاثة فقط، وممّا يُذكر أنّ نوبل وُلِد بصحةٍ غير جيدةٍ، ولكن كان لأمه والرّعاية التي قدّمتها له الأثر الواضح في تحسّن حاله، كما كان لذلك دورٌ في نشوء علاقة حبّ قويّةٍ تربطه بها فيما بعد.

يشار إلى أنّ نوبل عاش طفولةً بائسةً عانى فيها من الفقر وانعدام الأمن، فعند بلوغه سنّ الرابعة فرّ والده من البلاد هارباً من دائنيه بعد إفلاسه،[٤] متوجّهاً إلى فنلندا،[٥] وعند بلوغه الخامسة من عمره انتقل والده إلى روسيا لإيجاد سوقٍ آخر يسوّق به منتجاته، أمّا أمّه كارولينا فقد عملت في ذلك الوقت في بقّالةٍ لتأمين احتياجات أبنائها الأساسية.[٦]

كان نوبل رجلاً ذا أخلاق طيّبة محبّاً لمساعدة الغير كما وصفه الكثيرون من معارفه، الأمر الذي دفعه -ربما- ليرى نفسه رجلاً ديموقراطيّاً اجتماعيّاً يسعى للإصلاحات السياسيّة والاجتماعيّة في مجتمعه، كما عُرِف ببغضه ونأيه عن حياة المجتمع الراقي بما فيها من مظاهر خادعة، وبالرغم من كلّ المميّزات التي يتمتّع بها إلا أنه لم يكن شخصاً سعيداً كما اتّضح من رسائله الشخصيّة التي أظهرت مدى وحدته وتعاسته التي تعكسهما إصابته باضطراب القلق المرضيّ.[٧]

ويُقال إنّه لم يتزوّج رغم علاقةٍ عاطفيّةٍ كانت تربطه بامرأةٍ نمساويةٍ تصغره بثلاثٍ وعشرين سنة تُدعى صوفي هيس، والتي قد تعرّف عليها في عمر الثالثة والأربعين، إلا أنّ علاقته بها لم تُكلّل بالزواج، أمّا بيرثا كينسكي فهي المرأة الثانية في حياة ألفريد نوبل، حيث كانت مدبّرة للمنزل وسكرتيرة لديه، فتعرّف عليها وأُعجب بذكائها واطّلاعها على واقع المجتمع من حولها، ولكنها تزوّجت برجلٍ آخرٍ عملت في منزل ذويه فترةً من الزّمن قبل ذلك.[٨]

الحياة الدراسية

بدَأَ نوبل دراسته الابتدائيّة في سنّ السّابعة في مدرسةٍ بسيطةٍ عُرِفت بأنّها مدرسة للفقراء،[٤] وفي سن التاسعة انتقل إلى روسيا لاستكمال دراسته في مدرسة سانت بطرسبورغ،[٩] كما عُرف عن نوبل أنّه كان مولعاً في الشعر في صباه، فدرس الأدب، واللغات، والعلوم الطبيعيّة على يد مدرّسين خصوصيين كان منهم البروفيسور نيكولاي زينين الذي يُعزى إليه الفضل في إطلاع نوبل على مادة النيتروجلسرين لأول مرة، وهي المادة المتفجّرة في الديناميت، إلا أنّ رغبة إيمانويل نوبل في أن يصبح ولده مهندساً دفعته لإرسال ولده لدراسة تخصّص الهندسة الكيميائيّة، ولكن نوبل لم يلتحق بالجامعة قط، بل عمل في مختبر البروفيسور جول بلوز (Jules Pélouze) في باريس،[٢] حيث كان شغفه في الكيمياء واضحاً رغم نبوغه في المواد الأخرى حسب ما لاحظ عليه معلّموه.[١٠]


درسَ ألفريد نوبل الكيمياء لمدّة سنة بعد وصوله إلى باريس سنة 1850م، ثمّ توجّه إلى الولايات المتّحدة وأمضى هناك أربع سنوات عمل فيها تحت إشراف العالِم إريكسون، وبعد عودته إلى روسيا عملَ في مصنع والده قبل أن يُفلس بسبب فشله في تحويل شركته من صناعة السلاح لصناعة البواخر سنة 1859م، وبعد عودة نوبل مع والديه إلى السّويد بدأ محاولاته في صناعة مادةٍ متفجّرةٍ لتكون بديلةً عن مادّة البارود، وقد تولّى إخوته الأكبر منه سنّاً أمور العمل في بطرسبورغ لحلّها، فيما ركّز جهوده في تصنيع مادة النيتروجلسرين التجاريّة؛ بهدف تحقيق الاستقرار لعائلته المتضرّرة.

ماذا اكتشف نوبل

تجارب نوبل مع النيتروجلسرين

حاول ألفريد ووالده جعل مادة النيتروجلسرين (بالإنجليزية: Nitroglycerin) أكثر أماناً عن طريق خلطها مع موادٍ عدّة، مثل: نشارة الخشب، والورق، والقطن، ومسحوق البارود وغيرها، حيث عكفا على ذلك في مصنعهم القائم في هيلينوبورج (Helenoborg) بالقرب من ستوكهولم، واستمرّت محاولات الأب وابنه إلى أن حصل الابن على براءة اختراع سنة 1863م بسبب اختراعه لزيت التفجير (بالإنجليزية: blasting oil) الناتج عن خلط مسحوق البارود بمادة النيتروجلسرين، ممّا يحقق الغاية التي صُنع من أجلها على الرغم من بعض التحفّظات المتعلّقة بصعوبة الانفجار عند استخدامه.[١٢]


قام نوبل بتحويل مشروعه إلى بارجة بالقرب من ستوكهولم ، ثمّ عمل على توسعته بعد ذلك، حيث قام بإنشاء مصنعٍ آخرٍ في كروميل الألمانية (Krümmel) سنة 1865م، ليصبح مركزاً لإنتاج النيتروجلسرين وتصديره إلى أوروبا، وأستراليا، والولايات المتّحدة، وقد استمرّ ألفريد في تجاربه لتأمين مادةٍ ماصّةٍ تجعل الانفجارات أكثر أماناً، كما قام ببناء مصنعٍ في مكانٍ غير مأهول؛ حرصاً على السّلامة بعد وقوع عدّة انفجاراتٍ عرضيةٍ في مصانعه إثر تصنيع هذه المادّة.[

اختراع الديناميت

توصّل ألفريد نوبل سنة 1867م لاختراع مادة الديناميت (بالإنجليزية: Dynamite) بالصّدفة، وذلك عند اكتشافه لمادة التراب الدياتومي (kieselguhr)؛ وهي مادةٌ مكوّنةٌ بشكلٍ رئيسيٍ من السيليكا المسامية، قادرةٌ على امتصاص النيتروجلسرين حتى جفافه، مما يجعل منها مادةً أقلّ خطورةً وحساسيةً للاهتزازات.


أطلق نوبل على هذا الاختراع الناتج عن الجمع ما بين مادتي النيتروجلسرين والتراب الدياتومي الديناميت، الذي يمكن الاستفادة منه في مجالات عدّة، كإزالة الحواجز من الأنهار الرئيسية، وشقّ الأنفاق عبر الجبال لإنشاء السكك الحديدية، وتسريع عملية بناء الطرق والجسور والسدود، وغيرها من الأغراض التي جعلت هذا الاكتشاف أساساً لجوائز نوبل فيما بعد.[٨][٤]

اختراعات وإنجازات أخرى

استطاعَ نوبل أن ينتشر بمصانعه وشركاته في جميع أنحاء أوروبا في سبعينيات وثمانينيات القرن التاسع عشر، والتي كانت وظيفتها الأساسيّة تسويق المتفجّرات وصناعتها وخاصة الديناميت، وفي سنة 1875م بالتحديد توصّل نوبل لنوع متفجرات أقوى من الديناميت وهو الجليجنايت (بالإنجليزية: blasting gelatin) الذي حصل على براءة اختراعه، وبالمصادفة أيضاً اكتشف ألفريد أنّ خلط محلول من مادة النيتروجلسرين مع مادة النيتروسيليلوز (بالإنجليزية: nitrocellulose) يُنتج مادةً بلاستيكيةً ذات مقاومة عالية للماء، وقدرةٍ تفجيريةٍ أعلى من قدرة الديناميت، وفي سنة 1887م توصّل لاكتشاف مادةٍ جديدةٍ تسمى البالستيت (بالإنجليزية: ballistite) مكوّنةٍ من مساحيق مادة النيتروجلسرين مع الكوردايت، والتي تعتبر من أوائل المواد المتفجّرة اللادخانية.[١١]

لم يقتصر عمل نوبل على صناعة المتفجرّات فقط، بل كان شريكاً في شركات أخويه في روسيا، وكان مالكاً لمصنع حديد شهير، كما أنّه حصل على العديد من الاختراعات وبراءات الاختراع في مجالاتٍ مختلفةٍ، وقد وصل عدد براءات اختراعه إلى 350 براءة اختراع، منها صناعة الحرير الصناعي والجلود، إلا أنّه ومن ناحية أخرى فلا بد من الإشارة إلى أنّ نوبل واجه العديد من المنافسين، والسرقات لأبحاثه وأعماله، واضطرّ في كثير من الأوقات للجوء إلى القضاء في قضايا براءات الاختراع.

سنوات نوبل الأخيرة

غادر نوبل باريس سنة 1891م متوجّهاً إلى إيطاليا، وبالتحديد إلى مدينة سان ريمو الساحليّة بعد أن طورد جرّاء اتّهامه ببيع الأسلحة لإيطاليا، وكان يبلغ حينها 57 عاماً، ويشار إلى أنّه عانى من أمراض القلب في أعوامه الأخيرة، وتوفّي فيما بعد عن عمر يناهز 63 عاماً في مدينة سان ريمو في العاشر من كانون الأول سنة 1896 إثر إصابته بجلطةٍ دماغيّةٍ.

جائزة نوبل

هي إحدى الجوائز العالميّة التي مُنِحت للمرّة الأولى سنة 1901م، حيث جاءت هذه الجائزة تنفيذاً لوصية ألفريد نوبل التي وضعها سنة 1896م -قبل سنة من وفاته-، وتقسم هذه الجائزة إلى خمس فئاتٍ، هي: جائزة نوبل للفيزياء، وجائزة نوبل للكيمياء -التي تمنحهما الأكاديميّة الملكية للعلوم-، وجائزة نوبل للطبّ -التي تُمنح من قبل معهد كارولينسكا (بالإنجليزية: Karolinska)-، وجائزة نوبل للآداب -التي تمنحها الأكاديمية السويدية-، وجائزة نوبل للسّلام -المسؤول عن منحها خمسة أعضاء من أعضاء البرلمان النرويجي-، فيما أنشأ البنك المركزي السويدي جائزة في العلوم الاقتصادية، والتي يتمّ منحها في ذات الوقت الذي تمنح فيه جائزة نوبل كجزءٍ من الحفل نفسه.

ومن الجدير بالذكر أنّه منذ سنة 1901م وحتى سنة 2018م تمّ توزيع 590 جائزة متنوعة من جوائز نوبل في العديد من البلدان، وكان نصيب النساء من هذه الجوائز 52 جائزةً.

مؤسسة نوبل

أُسّست مؤسسة نوبل منذ سنة 1900م بهدف تحقيق جملة من الأهداف السامية والمتعلّقة بالجائزة نفسها، إذ تشرف المؤسسة على إدارة الشؤون المالية لجوائز نوبل وفقاً لإرادته مع ضمان أمان الوضع المالي للجائزة على المدى البعيد، كما تحرص المؤسسة على تحقيق الوعي ونشر المعرفة حول الجائزة نفسها، بالإضافة إلى دورها في تعزيز مكانة الجائزة من خلال تطوير العلامات التجارية والأصول غير الملموسة المنشأة خلال تاريخ هذه الجائزة، إلى جانب حماية المصالح المشتركة للمؤسسات المسؤولة عنها، كما أنّها المسؤولة عن أسبوع نوبل المقام في ستوكهولم في شهر كانون الأول.


المراجع

mawdoo3.com

التصانيف

علماء ومخترعين أجانب   العلوم الاجتماعية   الكيمياء