يعدّ جيمس جول أحد أفضل العلماء الهواة على مرّ العصور. كان صاحب مصنع جعة ناجح ولم يعمل في أي وظيفة أكاديمية في حياته. وفي الواقع، لم يحصل على درجة البكالوريوس حتى. واليوم، يعتبر أحد أكبر المساهمين في مجال الديناميكا الحرارية.
ولد جول في مانشستر، إنجلترا عام 1818. كان طفلًا مريضًا عانى من إصابة مزمنةٍ في العمود الفقري. كان والده، الذي كان صاحب مصنع جعةٍ ثري، حريصاً على إرضاء ابنه الصغير؛ فقد اشترى له العديد من الكتب ليقرأها كما بنى له في نهاية المطاف مختبراً في المنزل.
تعلم جول بشكلٍ ذاتيٍ تمامًا، حيث درس المعلومات التي تهمه فقط. وسرعان ما اكتسب معرفة عملية بالفيزياء والكيمياء. في سن السابعة عشرة، درس لفترة وجيزة في جامعة مانشستر لكنه تركها بعد ذلك بوقت قصير لمتابعة دراسته الخاصة.خلال سنواته الأولى، طورّ جول شغفًا كبيرًا في القياس، وعندما كبر، أصبح ذلك الشغف هوسًا.
وكثيراً ما يُقال انّه قضى جزء كبيراً من وقته خلال شهر عسله في مقارنة درجة حرارة الماء في الجزء العلوي من شلال قريب مع درجة حرارة قاعه.(كان الغرض من تلك التجربة هو دراسة تحول الطاقة الحركية إلى طاقة حرارية). تباطأ عمل جول العلمي عام 1833 عندما أجبره مرض والده على السيطرة بشكل أكبر على مصنع الجعة العائلي؛ على الرغم من ذلك، وفي غضون سبع سنوات، قدم أول اكتشافٍ علميٍ مهمٍ خاصٍ به.
الإنجازات
كان من المعروف في ذلك الوقت أن الأسلاك تسخن عند تمرير تيار كهربائي عبرها. ومع ذلك، لم يتمكن أي عالم من تحديد المبادئ التي تحكم هذه العملية.
وفي عام 1840، أعلن جول أن الحرارة الناتجة تتناسب مع مربع كثافة التيار مضروبًا في مقاومة الدارة الكهربائية. وقد أصبحت هذه الصيغة تعرف باسم قانون جول.
وبعد ذلك، أصبح جول مفتونًا بالحرارة وبدأ بقياس الحرارة للعديد من التجارب في مختبره. وباستخدام المجاذيف، قام بتحريك الماء ليقيس ارتفاع درجة الحرارة فيها. ك
ما قام بإمرار الماء من خلال ثقوب صغيرة وقاس الحرارة الناجمة عن الاحتكاك. وفي أكثر تجاربه شهرة، استعمل وزن ساقطًا لدفع مجداف لإثارة الماء؛ ومن خلال قياس مسافة سقوط الوزن، تمكن جول من حساب كمية العمل الذي أدى لرفع درجة حرارة الماء.
وفي تلك التجربة، قام بحساب تكافؤ الطاقة الميكانيكية مع الحرارة. حيث حدد أنّ الأمر يتطلب 41،800،000 إرج من العمل لرفع درجة حرارة 1 غرام من الماء درجة مئوية واحدة (تدعى هذه الكمية من الحرارة باسم السعرة الحرارية). وكان ذلك اكتشافا مهماٍ جداً، حيث لم يتكن أي عالمٍ آخر من تحقيق قياس دقيقٍ مثل ذلك من قبل.
وفي عام 1847، قرر نشر نتائجه العلمية، ولسوء الحظ، لم تقبل أي مجلة علمية نشر عمله، ويرجع ذلك بالأساس إلى حقيقة أنه كان رجلٌ ثريٌ غريب الأطوار، وليس عالمًأ.
وفي نهاية المطاف، قدم بحثه في محاضرة عامةً صغيرة جداً في مانشستر، وبعد ذلك تسول إلى مجلةٍ محلية لإعادة نشرها. وبعد عدة أشهر، سُمح له بالتحدث أمام جمهور من الأكاديميين الشاكين بقدراته.
لكن عالمًا واحدًا ادرك أهمية عمل جول، عالمٌ شابٌ يدعى وليام طومسون، الذي أصبح في نهاية المطاف فيزيائي بارزًا يحمل اسم اللورد كلفن. وبعمر الثالثة والعشرين فقط، كان رأي طومسون يحظى باحترام كبيرٍ من قبل أقرانه، وبدعمه تم قبول أبحاث جول بسرعة.
على الرغم من أن جول لم يكن أول من يقوم بحساب تكافؤ الطاقة الميكانيكية مع الحرارة، لكن حساباته اعتبرت الأكثر دقة. وعلى شرفه، سميت وحدة العمل الرئيسية باسمه، والتي تعادل 10 مليون إرج (بحيث تساوي السعرة الحرارية الواحد 4.18 جول، حسب النتائج التي توصل إليها.)
كان تحديد تكافؤ الطاقة الميكانيكية مع الحرارة خطوة هامة في تطوير مفهوم حفظ الطاقة. على سبيل المثال، يمكن للباحثين مقارنة كمية طاقة الوضع المخزنة في وزن معلقٍ مع مقدار الطاقة الحركية المحررة عندما يسقط باتجاه الأرض.
وبعد الإعلان عن عدد جول، أصبح الباحثون قادرين على حساب كمية الشغل المتحولة إلى حرارة بدقةٍ كبيرة، وأدركوا أن طاقة الوضع تعادل دائمًا الطاقة الحركية بإهمال الاحتكاك: وبالفعل، فإن الطاقة محفوظة.
ومع ذلك، تم التوصل إلى الاثبات النهائي لذلك من قبل الفيزيائي الألماني هيرمان فون هيلمهولتز.
وبالإضافة لذلك، كان جول مسؤولًا بشكلٍ جزئيٍ على الأقل عن اكتشافين مهمين آخرين. فقد أظهر جنبًأ إلى جنب مع صديقه الجديد طومسون أنّ درجة حرارة الغاز تنخفض عندما يتوسع – بقدرٍ كبيرٍ في بعض الأحيان.
قاما بإجراء عددٍ من التجارب في درجات حرارة منخفضة، ونجحوا في تسييل بعض الغازات. يعرف هذا الاكتشاف باسم تأثير جول – تومسون، ويشكل أساس علم التبريد الشديد الحديث. فباستخدام تقنيات تستند إلى عمل جول وطومسون، يمكن للعلماء الآن تسييل الهيدروجين والهليوم والغازات الأخرى.
في عام 1846، اكتشف جول أنّه عند مغنطة شريطٍ حديد، ستتغير طوله. أطلق هذه الظاهرة اسم التقبض المغناطيسي magnetostriction.
وفي عام 1850، انتخب جول كعضوٍ في الجمعية الملكية البريطانية المرموقة، كما حصل على أعلى تكريم، وسام كوبلي، عام 1866. وشغل منصب رئيس الجمعية البريطانية لتطوير العلوم.
المراجع
arageek.com
التصانيف
علماء ومخترعين أجانب العلوم الاجتماعية فيزياء