أنطوان لافوازييه، كيميائي من فرنسا، تميّز بأبحاثه غير المسبوقة عن غاز الأُكْسِجين ودوره في عملية الاحتراق. أَحْدَثَ ثورةً في علم الكيمياء، وحوَّله من البحث النوعي إلى الكَمِّي.
كان أنطوان لافوازييه من أبرز عُلماء الكيمياء في القرن الثامن عشر بفرنسا، وقد اشتهر بمساهمته في اكتشاف أحد أهم العناصر الكيميائية على الإطلاق، وهو الأُكْسِجين. كما تعرَّف على أهمية هذا الغاز ودوره في عملية الاحتراق.
بدأ شغفه بالعلوم منذ كان طالبًا مدرسيًا، وبالرغم من تخرَّجه من كلية الحقوق إلا أنَّه صار عالمًا في النهاية.لقد أسْهَم بإسهاماتٍ عبقرية في مجال الكيمياء تحديدًا، والتي لا تزال تُشَكِّل الأساس للعديد من النظريات العلمية في عصرنا الحاضر.
وأشار إلى أنَّه أثناء عملية الاحتراق لا يتم استهلاك كميات وافرة من الهواء فحسب، بل يتم زيادة كتلة المادة أيضًا. وأدْخَل تحسيناتٍ على أعمال العلماء الآخرين، أمثال: جوزيف بلاك Joseph Black وجوزيف بريستلي Joseph Priestley، ولا سيما المساهمة في تحسين التجارب التي أجراها بريستلي.
وبسبب أعماله الاستثنائية، قررت الحكومة الفرنسية تعيينه للإشراف على إدارة الأسلحة والذخيرة، والعمل على إنتاج البارود تحديدًا. مع كل مجهوداته العلمية، إلا إنَّهُ خلال عهد الإرهاب الذي شهدته فرنسا عقب الثورة الفرنسية، تم إدانة ثمانية وعشرين فرنسيًا بجرائم ضد الدولة، وكان من ضمنهم لافوازييه الذي تم إعدامه، ثُمَّ تبرئته بعد موته.
ولا يزال لافوازييه مثلاً أعلى يُحْتَذَى به في الأوساط العلمية حول العالم؛ للثورة العلمية التي أحْدَثها في مجال الكيمياء.
الإنجازات
لقد كانت أعمال العُلماء أمثال: إتيان كونديلاك Étienne Condillac وبيير ماكوير Pierre Macquer، سببًا في ازدياد شغف لافوازييه بالعلم. خلال الفترة من 1763 إلى 1767، عَمِل مُساعدًا لعَالِم الطبيعة جان إتيان جويتارد Jean-Étienne Guettard أثناء المَسْح الذي أجراه على مقاطعة الألزاس واللورين Alsace-Lorraine، مما كان تدريبًا له في مجال الجيولوجيا.
وفي عام 1764، نَشَر أنطوان أولى أبحاثه العلمية، والتي كانت عن خصائص الكبريتات المعدنية: الجِبْس. تم عَرْض هذا البحث على الأكاديمية الفرنسية للعلوم Académie des sciences، والتي كانت بداية أنطوان في المجال العلمي.
في عام 1768، تم تعيين لافوازييه عضوًا بالأكاديمية الفرنسية للعلوم، وساهم في عَمَل أوَّل خريطة جيولوجية لفرنسا.
في عام 1772، أجرى لافوازييه تجاربًا على تأثيرات احتراق الفوسفور، ولاحظ أن العملية تحتاج إلى كمية وافرة من الهواء، وينتُج عنها زيادة في وزن المادة. ولاحقًا أجرى نفس التجربة على عنصر الكبريت، وتوَّصل لنفس الاستنتاجات.
كانت هذه الأبحاث من أوائل المحاولات لاكتشاف دور الهواء في عملية الاحتراق، والذي لم تكن عناصره قد اكتُشِفَت في هذا الوقت. وتُعَد أحد أهم النظريات الكيميائية الرائدة التي تم استنتاجها على الإطلاق، وما زالت سارية في المجال العلمي حتى يومنا هذا.
في الأعوام 1773 و1774، أجرى لافوازييه أبحاثًا مُستفيضة على أعمال علماء آخرين، من ضمنهم العَالِم جوزيف بلاك من اسكتلندا. نَشَرَ أنطوان مراجعاته في كتابٍ بعنوان: كُتَيِّباتٍ فيزيائية وكيميائية Opuscules physiques et chimiques.
كان تخصص بلاك في المواد القلوية بجميع أنواعها، وذكر الاختلافات ما بين صورتها المُعتدلة والكاوية.
وفي هذا الصدد، أجرى بلاك تجاربًا على الطباشير والجير، واستنتَج أنَّ القلويات المعتدلة تتكوَّن مما أسماه: الهواء الثابت fixed air. وهذا الهواء الثابت كان مُختلفًا عن الهواء الذي نَتَنَفَّسه، والذي يُعْرَف الآن بغاز ثاني أُكسيد الكاربون Carbon dioxide.
استنتَج لافوازييه أن هذا الهواء الثابت هو الذي ينبعث عند احتراق المعادن مع الفحم في وجود كمية محدودة من الأُكْسِجين، وهي العملية التي تُعْرَف باسم: التكلُّس أو الكلسنة Calcination.
كما استنتج العَالِم الفرنسي في عام 1774 أنَّ أيُّ مادة قد تتغيَّر هيئتها السائلة أو الغازية أو الصلبة، أثناء التفاعلات الكيميائية. ولكن خلال هذه العملية، لا يُلاحَظ أي اختلاف في كتلة المادة.
وفي نفس العام، التقى أنطوان بالعَالِم الإنجليزي جوزيف بريستلي، والذي حَثَّه على مواصلة أبحاثه عن الغاز المُنْبَعِث أثناء احتراق الزئبق.
لقد كانت أبحاث لافوازييه إلى جانب ثلاثة عُلماء آخرين في غاية الأهمية، حتى أن الحكومة الفرنسية أسْنَدَت لهم مسؤولية تطوير جودة البارود المُسْتَخْدَم من قِبَل الجيش الفرنسي في عام 1775.
خلال الأعوام 1777 و1787، كان العَالِم الفرنسي الفَذُّ أحد العُلماء الذين اكتشفوا غاز الأُكْسِجين، وكان هو مَنْ أَطْلَق عليه هذا الاسم. وأكَدَّ أنَّ الكبريت في الحقيقة عنصرًا كيميائيًا، بخلاف الاعتقاد الشائع آنذاك. كما اكتشف غاز الهيدروجين، وصَرَّح أنَّ هناك إمكانية لوجود مادة لها نفس خصائص السيليكون.
في عام 1787، كان أنطوان واحدًا من الأربع العُلماء الذي حددوا القواعد لتسمية العناصر الكيميائية بطريقة منهجية. والعلماء الثلاثة الآخرين كانوا: أنطوان فرانسوا دي فوركروي Antoine François de Fourcroy، ولويس بيرنارد جيتون دي مورفو L. B. Guyton de Morveau، وكلود لويس برتولي Claude-Louis Berthollet.
كان لافوازييه ولا زال حتى اليوم معروفًا باكتشافه المُذْهِل لغاز الأُكْسجين، ونظريته التي حددت الدور الذي يلعبه الغاز في عملية احتراق أي مادة. كما يُعتَبَر رائد الثورة العلمية في مجال الكيمياء، وأحد مؤسسي علم الكيمياء الحديث باتباعه أساليب البحث الكمي ومُساهمته في إنشاء نظام مُوحَّد للمُسميات الكيميائية.
في عام 1766، مَنَحَ الإمبراطور الفرنسي الميدالية الذهبية للعَالِم الفَذِّ لافوازييه؛ لكتابته أطروحةً قيِّمةً، اقترح فيها حلولاً لمشكلة توفير الإضاءة في طُرق المدينة.
المراجع
arageek.com
التصانيف
علماء ومخترعين أجانب العلوم الاجتماعية الكيمياء