هل تعلم أن لدى الإنسان جينات أقل من الرزّ؟  يا للصغر الإنسان، هذا الكائن المعقد إلى درجة أننا نضعه تلقائيًا في قمة شجرة التطور، ليس لديه من الجينات أكثر من تلك الموجودة في أكثر الحبوب انتشارًا؟ نعم، الأمر كذلك مع جيناته البالغة 20000 إلى 25000 جين، فهو حتى أقل جينات من الرز، الذي لديه 30000 إلى 40000 جين. 

كيف نفسر هذه الملاحظة المزعجة؟ «يوجد فرق أساسي بين الثدييات والنباتات: ليس لهذه الأخيرة ساقان». يقول، بشيء من الاستفزاز، «ريتشارد كوك» Richard Cooke، من مختبر جينوم ونمو النباتات في Perpignan. يغير هذا التفصيل كل شيء: في كل الأحوال، يمكن للإنسان أن يجري ليحتمي بحيث يحافظ على حرارته عند الدرجة 37 مئوية. النباتات «مجبرة على البقاء في المكان والتكيف مع بيئتها».

من أجل ذلك، تتميز بمؤثرات جينية تعبر عن نفسها بشكل نوعي ضمن هذا الشرط أو ذاك: يتحرض بعض الجينات بالبرد والبعض الآخر بالجفاف.. كي تنمو النباتات في وسط متقلب، تتمتع بذلك بعدد من الجينات أكبر مما لدينا منها. ولكن، هناك سببا آخر لهذا التفوق الجيني المدهش للرز على الإنسان: النباتات بطلةُ تضاعُفِ duplication الجينات. 

في الواقع، تقوم إحدى الوسائل، بالنسبة لنوع ما، كي يتطور، على مضاعفة قسم من مجمل جينومه. بهذه الطريقة، عندما يكون للجين نسختان، يمكن أن تؤمّن إحداهما وظيفتها الوراثية بينما تكون الثانية حرة التطور كي تؤمّن وظائف أخرى. «يتمخض تضاعف الجينوم كليًا أو جزئيًا عن إمكانات تكيُّف كبيرة في حال حدوث اضطراب بيئي قوي. وهذا ما حدث في أثناء الانطفاء الكبير في العصر الطباشيري: تعرضت سلالات كثيرة من النباتات لتضاعُفٍ، مما أدى إلى ظهور أنواع جديدة أفضل تلاؤمًا»، حسب شرح «أوليفييه جايون» Olivier Jaillon من Génoscope بمدينة «إفري» الفرنسية. عقب هذا النمط من الأحداث، يبقى بعض الجينات محفوظًا بشكل ثنائي، ولكن في غالبية الحالات، تضيع إحدى النسختين مع مرور الزمن. النتيجة، «كلما كان التضاعف أحدث وقوعًا زمنيًا، يبقى عدد أكبر من الجينات المضاعفة في الجينوم». هذا ما يفسر جزئيًا لماذا لدى الرز جينات أكثر منا: تعرض جينومنا نحن، هو أيضًا لتضاعفات، إلا أنها تعود إلى عدة مئات من ملايين السنوات؛ بينما وقعت تضاعفات الجينات لدى الرز في زمن أحدث، منذ 50 أو 60 مليون سنة.


المراجع

aljazeera.net

التصانيف

حقائق علمية   العلوم التطبيقية   العلوم البحتة