ان هناك فوائد رجالية متفرقة لا تدخل تحت ضابطة واحدة وقد ذكرها الرجاليون في كتبهم ونحن نكتفي بما هو الاهمّ من تلك الفوائد ، التي لا غنى للمستنبط عن الاطلاع عليها. 
ولأجل تسهيل الأمر نأتي بكل واحدة منها تحت فائدة خاصة ، عسى أن ينتفع بها القارئ الكريم ، بفضله ومنه سبحانه. 
الفائدة الأولى 
روى أصحابنا في كتب الاخبار عن رجال يذكرون تارة كناهم أو ألقابهم ، واخرى ما اشتهروا به ، وثالثة اسماءهم غير المعروفة عند الاكثر. فيعسر تحصيل اسمائهم ومعرفة حالهم. لأن الغالب في كتب الفهرست والرجال سرد الرواة بأسمائهم المشهورة ، وعدم الاعتناء بما وقع في اسناد الروايات ، كما هو الحال في رجال النجاشي مثلا. ولا يخفى أن كل من له كنية او لقب ، لا يصحّ التعبير عنه بكنيته او لقبه إلا إذا كان مشتهراً بواحد منهما بحيث كان عنوانه في الكنى صحيحاً كأبي جميلة وأبي المغرا وغيرهم. وقد جمع العلاّمة في خاتمة الخلاصة (1) وابن داود في خاتمة القسم الأول من الرجال (2) أكثر 
__________________
1 ـ الخلاصة : الفائدة الأولى صفحة 269 ـ 271. 
2 ـ الرجال لابن داود : الفصل 5 ، الصفحة 212 ـ 214. 
 
المشهورين بالكنى ، فذكر اسماءهم ليعلم المراد بهم إذا وردوا في الاخبار (1) ونحن نأتي بالاهم منهم مع ذكر أشخاص اُخر لم يذكروا في الكتابين مرتبين على حروف التهجي ، مبتدئين بالكنى فالالقاب. 
1 ـ أبو أحمد الازدي هو محمد بن أبي عمير. 
2 ـ أبو أيوب الانصاري ، اسمه خالد بن زيد. 
3 ـ ابو أيوب الخراز ( بالراء المهملة قبل الالف والمعجمة بعدها ) هو إبراهيم بن عيسى. وقيل عثمان (2). 
4 ـ أبو بكر الحضرمي ، اسمه عبدالله بن محمد. قال العلاّمة : « أخذت ذلك من كتاب من لا يحضره الفقيه ». 
5 ـ أبو البلاد ، اسمه يحيى بن سليم. 
6 ـ أبو جعفر ، روى الشيخ وغيره في كثير من الاخبار عن « سعد بن عبدالله ، عن أبي جعفر ». والمراد بأبي جعفر هنا هو أحمد بن محمد بن عيسى (3). 
7 ـ ابو جعفر الاحول ، هو محمد بن النعمان يلقب بـ « مؤمن الطاق ». 
8 ـ أبو جعفر الزيّات ، اسمه محمد بن الحسين بن أبي الخطاب الهمداني. 
__________________
1 ـ والجدير بالذكر ان هذا الباب غير باب الكنى الذي يعنون فيه الرجل بالكنية ويذكر حاله كما ذكر في قاموس الرجال : 11 / 171 ـ 172 ، واضاف ان المتأخرين خلطوا بين الامرين ولم يفرقوا بين البابين. 
2 ـ هذا هو المذكور في رجال النجاشي. لكن ابن داود ذكره بعنوان إبراهيم بن زياد نقلا عن الشيخ والرجال : 31 ، الرقم 19 من القسم الأول ). 
3 ـ الخلاصة : 271 ، الفائدة الثانية. الرجال لابن داود : 307 ـ منتقى الجمان : 1 / 37 ، ذيل الفائدة السادسة. 
 
9 ـ أبو جعفر الرواسي ، اسمه محمد بن الحسن بن أبي سارة. 
10 ـ أبو جميلة هو المفضل بن صالح السكوني. 
11 ـ أبو الجوزاء ، هو منبّه بن عبدالله. 
12 ـ أبو الجيش ، اسمه مظفّر بن محمد بن أحمد البلخي. 
13 ـ أبو حمران ، اسمه موسى بن إبراهيم المروزي. 
14 ـ أبو حمزة الثمالي ، اسمه ثابت بن أبي صفية دينار. 
15 ـ أبو حنيفة سائق الحاج ، اسمه سعيد بن بيان (1). 
16 ـ أبو خالد القمّاط ، اسمه يزيد (2). 
17 ـ أبو خديجة ، هو سالم بن مكرم. 
18 ـ أبو الخطاب. ملعون ، اسمه محمد بن مقلاص ، يكنّى أيضاً أبو اسماعيل وأبو الظبيان (3). 
19 ـ ابو داود المسترق ( بتشديد القاف ) المنشد ، اسمه سليمان بن سفيان. قال ابن داود : « انّما سُمي المسترق لانه كان يسترق الناس بشعر السيد الحميري ». 
20 ـ أبو الربيع الشامي ، اسمه خليد بن أوفى. 
__________________
1 ـ رجال النجاشي : الرقم 476 ـ وفي رجال ابن داود : الرقم 686 من القسم الأول : « سائق الحاج ». 
2 ـ ذكره النجاشي في رجاله بالرقم 1223 ، وابن داود في رجاله بالرقم 1722 ـ فما في الفصل الخامس من خاتمة رجاله بأن اسمه « خالد بن يزيد » من هفوات قلمه الشريف. 
3 ـ رجال ابن داود : الرقم 482 من القسم الثاني. اما العلاّمة 1 فخلط عند ذكر ابي الخطاب في خاتمة خلاصته وقال : « ابو الخطاب ، ملعون يقال له مقلاص ومحمد بن ابي زينب الرواسي. اسمه محمد بن أبي سارة » وفيه من الخطأ ما لا يخفى عصمنا الله من الزلل. 
 
21 ـ ابو سعيد القماط ، هو خالد بن سعيد. 
22 ـ ابو سمينة ، اسمه محمد بن علي بن إبراهيم القرشي. 
23 ـ ابو الصباح الكناني ، اسمه إبراهيم بن نعيم العبدي. 
24 ـ ابو علي الاشعري ، اسمه محمد بن عيسى بن عبدالله بن سعد بن مالك ، شيخ القميين ، من أصحاب الرضا وأبي جعفر الثاني 8. 
25 ـ ابو علي الاشعري القمي ، اسمه أحمد بن ادريس ، من مشايخ أبي جعفر الكليني. مات سنة 306 بالقرعاء. 
26 ـ ابو عبيدة الحذّاء اسمه زياد بن عيسى. 
27 ـ أبو غالب الزراري ، اسمه أحمد بن محمد بن سليمان. 
28 ـ ابو الفضل الحنّاط اسمه سالم. 
29 ـ ابو القاسم. قال العلاّمة : « يرد في بعض الاخبار : الحسن بن محبوب ، عن أبي القاسم. والمراد به معاوية بن عمّار » (1). 
30 ـ ابو المغرا ، اسمه حميد بن المثنّى (2). 
31 ـ ابو ولاّد الحناط ، اسمه حفص بن سالم. 
32 ـ ابو هاشم الجعفري ، اسمه داود بن القاسم بن اسحاق. 
33 ـ ابو همّام ، اسمه اسماعيل بن همّام. 
__________________
1 ـ الخلاصة : 271 ، الفائدة الثانية ؛ الرجال لابن داود : 307. 
2 ـ رجال ابن داود : الرقم 538 ، من القسم الأول. رجال النجاشي : الرقم 340. اما « ابو المعزا » المذكور في الخلاصة : 58 فليس بصحيح قطعاً. 
 
34 ـ ابن حمدون الكاتب ، هو أحمد بن إبراهيم بن اسماعيل. 
35 ـ ابن عقدة ، اسمه أحمد بن محمد بن سعيد ( المتوفّى عام 333 هـ ). 
36 ـ البزوفري ، اسمه الحسين بن علي بن سفيان. 
37 ـ البقباق ، اسمه الفضل بن عبد الملك. 
38 ـ الحجّال ، اسمه عبدالله بن محمد الاسدي (1). 
39 ـ الخشّاب ، اسمه الحسن بن موسى. 
40 ـ سجّادة ، اسمه الحسن بن أبي عثمان. 
41 ـ السمكة ، اسمه أحمد بن اسماعيل. 
42 ـ الشاذاني هو محمد بن أحمد بن نعيم. 
43 ـ الصفواني ، اسمه محمد بن أحمد بن عبدالله بن قضاعة (2). 
44 ـ الطاطري ، اسمه علي بن الحسن بن محمد الطائي. 
45 ـ علاّن ، اسمه علي بن محمد بن إبراهيم الكليني. 
46 ـ القلانسي ابو جعفر ، هو محمد بن أحمد بن خاقان ( حمدان النهدي ). 
47 ـ القلانسي ابو عبدالله ، هو الحسين بن مختار. 
48 ـ النوفلي ، اسمه الحسين بن يزيد. يروي عن السكوني. 
__________________
1 ـ يعبر عنه بأبي محمد الحجال أيضاً. كما في الكشي : الرقم 497. 
2 ـ الرجال لابن داود : الرقم 1296 من القسم الأول. رجال النجاشي : الرقم 1050. فما في خاتمة القسم الأول من الرجال : 213 ، وخاتمة الخلاصة : 269 ، من ثبت « ابي عبدالله » بدل « عبدالله » لعله سهو. 
 
49 ـ الوشّاء ، اسمه الحسن بن علي بن زياد. 
50 ـ حمدان النهدي ، اسمه محمد بن أحمد بن خاقان. 
51 ـ محمد بن زياد الأزدي هو محمد بن أبي عمير. 
52 ـ محمد بن زياد البزاز ، متّحد مع ما قبله. 
الفائدة الثانية 
توجد في كثير من طرق الكافي لا سيما في أوائلها ، عبارة « عدَّة من أصحابنا » بعنوان مطلق ، مع ذكر بعضهم أحياناً. كما في الحديث الأول من كتاب العقل والجهل : « عدَّة من اصحابنا منهم محمد بن يحيى العطار ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ... » (1). 
او في الحديث الثاني من باب « أن الائمة : يعلمون علم ما كان وعلم ما يكون ... » من كتاب الحجّة : « عدَّة من اصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن يونس بن يعقوب ، عن الحارث بن المغيرة ، وعدَّة من اصحابنا ، منهم عبد الأعلى ، وأبو عبيدة ، وعبدالله بن بشر الخثعمي ، سمعوا أبا عبدالله 7 ... » (2). 
فوقع البحث عند المحدّثين والرجاليّين قديماً وحديثاً في تعيين المراد منهم ، كما بحثوا في أنه هل يجب معرفة أسمائهم وتمييز ما اُبهم منهم لأجل الحكم بصحة الحديث او عدم صحته أو لا يجب ذلك ، وأن الطريق المذكور فيه « عدَّة من أصحابنا » ليس مرسلاً أو ضعيفاً من هذه الجهة؟ حتى إن بعضهم أفرد رسالة مستقلة حول المذكورين بهذا العنوان ، كما حكى في المستدرك (3). 
__________________
1 ـ الكافي : 1 / 10. 
2 ـ الكافي : 1 / 261 ، الحديث 2. 
3 ـ مستدرك الوسائل : 3 / 541. 
 
ونحن نذكر ملخّص ما قيل في هذا المضمار لما فيه من الفوائد فنقول : 
حكى النجاشي ; في كتابه عند ترجمة أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني هذه العبارة عنه « كلّ ما كان في كتابي : « عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى » فيهم : محمد بن يحيى ( العطّار ) وعلي بن موسى الكميذاني وداود بن كورة ، وأحمد بن ادريس ، وعلي بن إبراهيم بن هاشم » (1). 
ونقله العلاّمة في الخلاصة عن النجاشي (2) وزاد عليه أن الكليني قال أيضاً : « وكلّ ما ذكرته في كتابي المشار اليه : « عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي » فهم : علي بن إبراهيم ، وعلي بن محمد بن عبدالله بن اذينة ، وأحمد بن عبدالله بن اُميّة (3) وعلي بن الحسن » (4). 
__________________
1 ـ رجال النجاشي : الرقم 1026. 
2 ـ الخلاصة : 271 ـ وفيها « الكمنذاني » بدل الكميذاني وهو منسوب إلى قرية من قرى قم. 
3 ـ قال المحقق التستري : « الظاهر وقوع التحريف فيهما واصلهما : علي بن محمد بن عبدالله ابن ابنته وأحمد بن عبدالله ابن ابنه ـ قاموس الرجال : 11 / 42 » مرجع الضمير في « بنته » و « ابنه » هو أحمد بن محمد بن خالد البرقي. 
4 ـ ذكره المحدث النوري أيضاً في المستدرك : 3 / 541 نقلاً عن الخلاصة مع تفاوت يسير : منها « علي بن الحسين السعدآبادي » بدل « علي بن الحسن ». 
قال صاحب سماء المقال بعد نقل العدة الثانية عن الخلاصة ما هذا لفظه : « واستظهر جدنا السيد انه علي بن الحسين السعدآبادي ، نظراً إلى ما ذكره الشيخ في رجاله من ان علي بن الحسين السعدآبادي روى عنه الكليني والزراري ، وكان معلمه ، وانه روى عن أحمد بن محمد بن خالد ، على ما يظهر مما ذكره في الفهرست. فانه بعد ذكر اسامي كتب البرقي ، قال : اخبرنا بهذه الكتب كلها وبجميع رواياته عدة من اصحابنا منهم الشيخ المفيد والغضائري وأحمد بن عبدون وغيرهم عن أحمد بن سليمان الزراري ، قال : حدثنا مؤدبي علي بن الحسين السعدآبادي ابو الحسن القمي ، قال حدثنا أحمد بن ابي عبدالله ( البرقي ) ... » ويشهد عليه ـ أي على استظهار السيد ـ. ملاحظة الاسانيد. راجع : سماء المقال : 1 / 78. 
 
قال : « وكلّ ما ذكرته في كتابي المشار اليه : « عدَّة من أصحابنا عن سهل بن زياد » فهم : عليّ بن محمد بن علان (1) ، ومحمد بن أبي عبدالله ومحمد بن الحسن ، ومحمد بن عقيل الكليني ». 
هذا ما تبيَّن من أسامي الرواة المذكورين بعنوان العدّة ، ولكنه لم يتبيّن كثير منهم ، مثل : 
1 ـ عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر. 
2 ـ عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى بن يزيد. 
3 ـ عدَّة من أصحابنا ، عن ابان بن عثمان ، عن زرارة. 
4 ـ عدَّة من أصحابنا ، عن جعفر بن محمد ، عن ابن الفضّال. 
5 ـ عدَّة من أصحابنا ، عن سعد بن عبدالله. 
وقد استوفى المحدث المتتبّع النوري في خاتمة مستدركه والعلاّمة الكلباسي في سماء المقال البحث عن أكثر العدد المذكورة في الكافي مع ذكر مواضيعها ، فليراجع (2). 
لكن الشيخ حسن بن زين الدين صاحب المنتقى ادّعى في كتابه بعد حكاية كلام النجاشي والعلاّمة ، أن محمد بن يحيى العطار أحد العدَّة مطلقاً ، واستنتج أن الطريق صحيح من جهة العدّة مطلقاً ، لأن الرجل كان شيخ أصحابه في زمانه وكان ثقة عيناً كثير الحديث (3). 
__________________
1 ـ صحيحه كما في رجال النجاشي : 260 ، الرقم 682 : « علي بن محمد بن إبراهيم المعروف بعلان ». صرح بذلك أيضاً المحقق التستري في قاموس الرجال : 11 / 42. 
2 ـ مستدرك الوسائل : 3 / 545 ؛ سماء المقال : 1 / 83. 
3 ـ رجال النجاشي : الرقم 946. 
 
قال : « ويستفاد من كلامه ـ أي ابي جعفر الكليني ; ـ في الكافي ، أن محمد بن يحيى أحد العدَّة مطلقاً ، وهو كاف في المطلوب. وقد اتفق هذا البيان في أول حديث ذكره في الكتاب (1) ، وظاهره أنه أحال الباقي عليه. ومقتضى ذلك عدم الفرق بين كون رواية العدَّة عن أحمد بن محمد بن عيسى وأحمد بن محمد بن خالد ، وإن كان البيان إنما وقع في محل الرواية عن ابن عيسى ، فإنه روى عن العدَّة عن ابن خالد بعد البيان بجملة يسيرة من الاخبار (2) ، ويبعد أن لا يكون محمد بن يحيى في العدة عن ابن خالد ولا يتعرض مع ذلك للبيان في أول روايته عنه ، كما بيَّن في أول روايته عن ابن عيسى » (3). 
يلاحظ عليه : « أنه بعد تصريح الكليني على ما نقل عنه العلاّمة ، بأسماء العدَّة عن أحمد بن محمد بن خالد ( إذ لم يذكر فيه محمد بن يحيى ) لا سبيل لهذا الاحتمال. ولذا ذكر الكلباسي أن الكلام المزبور أشبه شيء بالاجتهاد في مقابلة النصّ (4). 
إن قيل : يمكن استظهار ما ذكره صاحب المنتقى ، ممّا حكاه المحدّث النوري عند نقل كلام العلاّمة في العدة عن البرقي بأنه يوجد في بعض نسخ الكافي في الباب التاسع من كتاب العتق هذا الاسناد : « عدَّة من أصحابنا علي بن إبراهيم ، ومحمد بن جعفر ، ومحمد بن يحيى ، وعلي بن محمد بن عبدالله القمي وأحمد بن عبدالله وعلي بن الحسين جميعاً عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى ». 
__________________
1 ـ المراد منه أول حديث من كتاب العقل والجهل ، بهذا الاسناد : عدة من أصحابنا ، منهم محمد بن يحيى العطار ، عن أحمد بن محمد .... ( الكافي : 1 / 10 ). 
2 ـ راجع الكافي : 1 / 11 ، الحديث 7 : عدة من اصحابنا ، أحمد بن محمد بن خالد. 
3 ـ منتقى الجمان : 1 / 43. 
4 ـ سماء المقال : 1 / 80. 
 
قلنا : أولاً ـ ان ورود هؤلاء في طريق هذه الرواية لا يدل على ان المراد من العدة عن البرقي في جميع الموارد هم المذكورون هنا ، بل يدل على ان الوارد في طريق هذه الرواية ، غير الذين اشتهروا بعنوان العدَّة عن البرقي فيما حكاه العلاّمة. وبعبارة اخرى : ان السبب لذكر اسامي أفراد العدة في هذا الطريق هو التنبيه على أن المراد من العدة هنا ، غير المراد من العدة في الروايات الاُخر عن البرقي. 
ثانياً ـ ما افاده المحقق التستري وأجاد في افادته بأن المنقول لا ينبغي أن يعتمد عليه ، لانه نقل عن نسخة مختلطة الحواشي بالمتن. والصحيح ما نقله الحرّ العاملي في « الوسائل » وموجود في أكثر نسخ الكافي وهو : « عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد » (1). 
هذا ، والذي يسهّل الخطب هو أن المذكورين بعنوان العدَّة في طرق الكليني هم مشايخ اجازته إلى كتب كابن البرقي ، وسهل بن زياد ، وابن عيسى ، والبزنطي ، وسعد بن عبدالله وغيرهم من اصحاب المصنَّفات والكتب (2) ، كما صرح بذلك العلاّمة النوري في خاتمة كتاب المستدرك (3). 
وحيث إن أكثر هذه الكتب والمؤلفات معلومة الانتساب إلى مؤلفيها ، وقد رام الكليني من ذكر العدّة اكثار الطريق إلى الكتب المذكورة فقط وقد عرفت 
__________________
1 ـ راجع الكافي : 6 / 183 ، كتاب العتق ، باب المملوك بين شركاء ، الحديث 5 ; الوسائل : 16 / 22 ، الحديث 5. 
2 ـ حكى النجاشي ، في ترجمة أحمد بن محمد بن عيسى عن استاذه ابي العباس أحمد بن علي بن نوح السيرافي انه قال : « اخبرنا بها ـ أي بكتب أحمد بن محمد ـ ابو الحسن بن داود عن محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ومحمد بن يحيى وعلي بن موسى بن جعفر وداود بن كورة وأحمد بن ادريس ، عن أحمد بن محمد بن عيسى بكتبه » ( رجال النجاشي : 82 ، ذيل الرقم 198 ). وهؤلاء هم المذكورون بعنوان العدة عن ابن عيسى. وفي هذا تصريح بانهم كانوا طرق الكليني إلى كتب ابن عيسى. 
3 ـ مستدرك الوسائل : 3 / 542. 
 
المختار في باب « شيخوخة الاجازة » انه لا حاجة إلى اثبات وثاقة المجيز بالنسبة إلى كتاب مشهور ، فلا يهمّنا التعرّض لتشخيص هؤلاء العدة وتمييز ما اُبهم منهم وجرحهم او تعديلهم ، وان كان اكثر المذكورين منهم من أجلاّء الاصحاب وأعاظم الرواة. 
بقي أنه ربما يروي الكليني معبِّراً بلفظ « الجماعة » ، كما في كتاب العقل والجهل ، الحديث 15 : « جماعة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ... » (1) او يروي معبّراً بلفظ « غير واحد من اصحابنا » كما في باب زكاة مال الغائب الحديث 11 : « غير واحد من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن مهزيار » (2) ويظهر من العلاّمة الكلباسي في كلا التعبيرين ، ومن المحقّق التستري في التعبير الأول أنه على منوال العدّة ، فلا فرق بين « جماعة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد » و « عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد » (3). 
وللعلامة بحر العلوم اشعار في ضبط العدة لا بأس بذكرها : 
عدّة أحمد بن عيسى بالعدد
  خمسة أشخاص بهم تمّ السند
  
عليّ العلي والعطار
  ثمّ ابن ادريس وهم أخيار
  
ثمّ ابن كورة ، كذا ابن موسى
  فهؤلاء عدّة ابن عيسى
  
وإن عدّة التي عن سهل
  من كان الأمر فيه غير سله
  
ابن عقيل وابن عون الاسدي
  كذا علي بعده محمد
  
وعدة البرقي وهو أحمد (4)
  علي بن الحسن وأحمد
  
 __________________
1 ـ الكافي : 1 / 23 ، الحديث 15. 
2 ـ الكافي : 3 / 521 ، الحديث 11. 
3 ـ سماء المقال : 1 / 83 ـ 84 ؛ قاموس الرجال : 11 / 43. 
4 ـ يذكر الكليني في أكثر الاسناد « عدة من اصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد » وفي بعضها : 
وبعد ذين ابن اذينة علي
  وابن لابراهيم واسمه علي
  
هذا تمام الكلام في عدَّة الكليني. 
الفائدة الثالثة 
قد يحذف الكليني صدر السند في خبر مبتنياً على الخبر الذي قبله وهذا ما يعبّر عنه في كلام أهل الدراية بالتعليق فمثلاً يقول في الخبر الأول من الباب : 
« علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ... » وفي الخبر الثاني منه : « ابن أبي عمير ، عن الحسن بن عطية ، عن عمر بن يزيد (1) » او يقول في الخبر الأول من الباب : « علي ، عن أبيه ، عن ابن ابي عمير ، عن أبي عبدالله صاحب السابري ... » وفي الخبر الثاني منه : « ابن ابي عمير ، عن ابن رئاب ، عن اسماعيل بن الفضل ». وفي الخبر الثالث منه : « ابن ابي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن ابي عبدالله 7 ... » (2). 
او يقول في الخبر الأول : « عدَّة من اصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى وأحمد بن محمد بن خالد ، وعلي بن إبراهيم عن أبيه ، وسهل بن زياد جميعاً عن ابن محبوب عن علي بن رئاب عن ابي عبيدة الحذّاء ، عن ابي عبدالله 7 » ، وفي الخبر الثاني منه : « ابن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن سعيد الأعرج ، عن أبي عبدالله 7 ». وفي الخبر 
__________________
« عدة من اصحابنا عن أحمد بن ابي عبدالله » كما في : 6 / 367 باب الخس من كتاب الاطعمة. والمراد منه البرقي أيضاً. 
1 ـ الكافي : 2 / 96 ، الحديث 16 و 17 من باب الشكر. 
2 ـ الكافي : 2 / 98 ـ 99 ، الحديث 27 و 28 و 29 ـ والصفحة 104 ـ 105 الحديث 6 و 7 والصفحة 121 ـ 122 ، الحديث 2 و 3.   
الثالث منه يقول : « ابن محبوب ، عن ابي جعفر محمد بن النعمان الاحول صاحب الطاق ، عن سلام بن المستنير ، عن ابي جعفر 7 » (1). 
ومن المعلوم ان امثال هذه الاخبار مسندة لا مرسلة كما صرَّح به جماعة كالمجلسي الأول والسيد الجزائري وصاحب المعالم (2). قال الاخير في المنتقى : 
« اعلم أنه اتفق لبعض الاصحاب توهّم الانقطاع في جملة من أسانيد الكافي لغفلتهم عن ملاحظة بنائه لكثير منها على طرق سابقة وهي طريقة معروفة بين القدماء ، والعجب أن الشيخ ; ربّما غفل عن مراعاتها فأورد الاسناد من الكافي بصورته ووصله بطرقه عن الكليني من غير ذكر للواسطة المتروكة. فيصير الاسناد في رواية الشيخ له منقطعاً ولكن مراجعة الكافي تفيد وصله. ومنشأ التوهّم الذي أشرنا اليه فقد الممارسة المطلعة على التزام تلك الطريقة » (3). 
وقد تعجب صاحب « سماء المقال » من الشيخ في تهذيبه ، حيث نقل رواية عن الكليني وادعى أنها مرسلة مع أنه من باب التعليق (4) ، والرواية موجودة في باب الزيادات في الزكاة من « التهذيب » بهذا السند : 
« محمد بن يعقوب مرسلا عن يونس بن عبد الرحمن ، عن علي بن أبي حمزة ، عن ابي بصير ، عن أبي عبدالله 7 » (5) ، والرواية موجودة في « الكافي » كتاب الزكاة ، باب منع الزكاة ، ( الحديث 3 ) ولكنها مبتنية 
__________________
1 ـ الكافي : 2 / 124 ـ 125 ، الحديث 1 و 2 و 3 من باب الحب في الله والبغض في الله. 
2 ـ سماء المقال : 2 / 132. 
3 ـ منتقى الجمان : 1 / 24 ـ 25. 
4 ـ سماء المقال : 2 / 132. 
5 ـ التهذيب : 4 / 111 ، الحديث 59. 
 
على الرواية التي نقلها قبلها بهذا السند : 
« علي بن إبراهيم ، عن ابيه ، عن اسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن ابن مسكان يرفعه عن رجل عن ابي جعفر 7 » (1). 
فما رواه الشيخ عن الكليني عن يونس ليس مرسلاً ، كما ان المحدث الحر العاملي التفت إلى التعليق واتى بتمام السند ، هكذا : 
محمد بن يعقوب عن علي ، عن ابيه عن اسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن علي بن ابي حمزة ، عن ابي بصير ، عن ابي عبدالله 7 » (2). 
وزعم بعض ان حذف الكليني صدر السند لعله لنقله عن الاصل المروي عنه. واجاب عنه صاحب « قاموس الرجال » ان الحذف للنقل عن اصل من لم يلقه ، بعيد عن دأب القدماء. وهذا هو المفيد في « الارشاد » حيث ينقل عن « الكافي » بقوله : « جعفر بن محمد بن قولويه عن محمد بن يعقوب ». نعم ، قد يفعلون ذلك مع ذكر طرقهم إلى الاصل بعنوان المشيخة ، كما فعل ذلك الصدوق والشيخ في الفقيه والتهذيبين (3). 
الفائدة الرابعة 
انه قد صدر الكليني جملة من الاسانيد بعلي بن محمد وقد اضطربوا في تعيينه ، منهم من جزم بكونه علي بن محمد بن إبراهيم علان ، ومنهم من اختار كونه علي بن محمد بن اذينة ، ومنهم من رجح ان المراد علي بن محمد بن بندار ، ومنهم من توقف ولم يعين احدهم. 
__________________
1 ـ الكافي : 3 / 503 ، الحديث 2 و 3. 
2 ـ الوسائل : 6 / 18 ، الباب 4 ، الحديث 3. 
3 ـ قاموس الرجال : 11 / 41. 
 
قال المولى صالح المازندراني في شرحه على الكافي : « يروي مصنف هذا الكتاب كثيراً عن علي بن محمد وهو علي بن محمد بن إبراهيم الكليني المعروف بعلاّن » (1). 
اختار العلاّمة المجلسي في مواضع من « مرآة العقول » كون المراد منه علي بن محمد بن عبدالله بن اذينة الذي ذكره العلاّمة في العدّة التي تروي عن البرقي (2) وقال في موضع آخر ـ على ما حكى عنه ـ : 
« ان تعيين علي بن محمد المصدَّر في اوائل السند من بين الثلاثة المذكورة مشكل » (3). 
وذهب العلاّمة المامقاني إلى ان علي بن محمد هذا مردد بين ثلاثة وهم : علي بن محمد بن عبدلله بن اذينة ، وعلان ، والمعروف بـماجيلويه وكل منهم شيخ الكليني. ثم قال : « فحمله على احدهم دون الاخرين تحكم. والصالح لم يذكر دليله » (4). 
وادعى صاحب « قاموس الرجال » ان الظاهر تعين ارادة علان دون صاحبيه. وذلك لانه كلما ورد « علي بن محمد » عن سهل ، وقد فسر الكليني « عدة سهل » بجمع منهم « علان ». واضاف ان كون « ابن اذينة » غير ماجيلويه غير معلوم ، بل الظاهر كون « ابن اذينة » محرف « ابن لابنته » فهو متحد مع ماجيلويه (5). 
توضيح ذلك : ان علي بن محمد بن عبدالله المعروف ابوه بـ ـ ماجيلويه هو 
__________________
1 ـ شرح الكافي للمولى صالح : 1 / 78 ، ذيل الحديث 2. 
2 ـ مرآة العقول : 1 / 34 ، شرح الحديث 8. 
3 ـ تنقيح المقال : 98 ـ 99 ، الفائدة الثامنة ، من الخاتمة فصل الكنى. 
4 ـ المصدر نفسه. 
5 ـ قاموس الرجال : 11 / 51 ـ 52 ـ وصرح بهذا التحريف في الصفحة 42 أيضاً. 
 
ابن بنت البرقي ، كما صرح النجاشي في كتابه (1) اما علي بن محمد بن عبدالله ابن اذينة فهو مذكور فقط في عدة الكليني عن البرقي وليس له عين ولا اثر في موضع اخر ومن هنا استظهر المحقق التستري ان « اذينة » محرف « ابنته » والضمير راجع إلى البرقي فهو متحد مع ماجيلويه المذكور الذي تأدب على البرقي واخذ عنه العلم والادب وروى بواسطته كتب الحسين بن سعيد الاهوازي. 
وغير خفي أيضاً ان علي بن محمد المعروف بـ ـ ماجيلويه متحد مع علي بن محمد بن بندار الذي يروي عنه الكليني كثيراً. 
وعلى ضوء هذا فلو صح ما استظهره المحقق التستري يرجع الترديد إلى اثنين وهما علان وماجيلويه. 
ولكن ما ادعاه ( دام ظله ) من تعين ارادة علان دون ماجيلويه ، ليس بتام لانه قد وقع في الكافي رواية علي بن محمد عن علي بن الحسن (2) وعن ابن جمهور (3) وعن الفضل بن محمد (4) وعن محمد بن موسى (5) وغيرهم من الرجال ، وان كانت رواية علي بن محمد عن سهل كثيرة جداً ، وعلى سبيل المثال نذكر انه يوجد في « الكافي » من أول كتاب الطهارة إلى اخر الزكاة اكثر من مائة مورد ، روى الكليني في سبعين مورداً منها عن علي بن محمد ، عن سهل ، وفي سائرها عن رجال اخرين. فاطلاق كلام المحقق المذكور ليس في محله. كما ان ما ذكره صاحب « معجم رجال الحديث » بعدم ظفره في الكافي 
__________________
1 ـ رجال النجاشي : 353 ، الرقم 947 ، والصفحة 59 ذيل الرقمين 136 ـ 137. 
2 ـ الكافي : 3 / 185 ـ الحديث 6. 
3 ـ المصدر نفسه : 37 ، الحديث 16 والصفحة 506 ، الحديث 23 ، والصفحة 527 ، الحديث 2. 
4 ـ المصدر نفسه : 287 ، الحديث 5. 
5 ـ المصدر نفسه : 287 ، الحديث 4. 
 
وفي غيره على رواية محمد بن يعقوب الكليني عن علان غريب جداً (1). 
وادعى ـ دام ظله ـ أيضاً ان المراد من علي بن محمد المذكور في اوائل اسناد الكافي هو ابن بندار. واليك نص كلامه : 
« علي بن محمد من مشايخ الكليني وقد اكثر الرواية عنه في الكافي في جميع اجزائه واطلق. ومن ثم قد يقال بجهالته. ولكن الظاهر انه علي بن محمد بن بندار الذي روى عنه كثيراً فقد روى عنه في ابواب الاطعمة ثلاثة وثلاثين مورداً (2). وبهذا يتعيَّن أن المراد بعلي بن محمد في سائر الموارد هو علي بن محمد بن بندار » (3). 
ولا يخفى ما في هذا القول من النظر ، لأن موارد رواية علي بن محمد عن سهل كثيرة ـ كما أشرنا اليه ـ والمراد منه « علاّن » قطعاً لدخوله في العدة الراوين عن سهل ، كما مرَّ. 
ومن عجيب ما وقع له ـ بناء على ما اختاره ـ أن علي بن محمد بن بندار غير علي بن محمد بن عبدالله (4) ، مع أنهما متّحدان جزماً. 
والذي ظهر لنا بعد النظر في عبائر المحقّقين أن علي بن محمد المصدر في أوائل اسناد « الكافي » كثيراً ليس مجهولاً قطعاً ، بل هو إما علي بن محمد 
__________________
1 ـ معجم رجال الحديث : 12 / 140 ، الرقم 8389. 
2 ـ لم نظفر في كتاب الاطعمة ( ج 6 ، الصفحة 242 ـ 379 ) إلا على تسعة وعشرين مورداً روى فيها عن علي بن محمد بن بندار ، عشرون منها « علي بن محمد بن بندار عن أحمد بن ابي عبدالله » ، وسبعة منها « علي بن محمد بن بندار عن ابيه » ، وواحد منها « علي بن محمد بن بندار عن محمد بن عيسى » ، وواحد منها « علي بن محمد بن بندار عن أحمد بن محمد ». والمراد من أحمد بن محمد هو « أحمد بن ابي عبدالله البرقي » كما لا يخفى. وأيضاً روى في أبواب الاطعمة في موارد تسعة عن علي بن محمد بدون قيد. 
3 ـ معجم رجال الحديث : 12 / 138 ، الرقم 8384. 
4 ـ المصدر نفسه : الرقم 8439. 
 
بن إبراهيم المعروف بعلاّن ، وإما علي بن محمد بن بندار المعروف أبوه بماجيلويه. وكلاهما ثقتان. فما ادَّعاه صاحب التنقيح كان أقرب إلى الصواب مما ذكر في القاموس والمعجم. 
الفائدة الخامسة 
نقل عن الاسترآبادي وحجة الاسلام الشفتي والمحقّق الكاظمي أن محمد بن الحسن الذي يروي عنه الكليني هو محمد بن الحسن الصفار ( المتوفّى عام 290 هـ ) وقوّى هذا القول العلاّمة الكلباسي والمحقّق التستري (1) ، أما المحدّث النوري فهو بعد ما نقل الوجوه المؤيدة لكون محمد بن الحسن هو الصفار ، زيّفها واستدل على خلافه بوجوه سبعة. ثم ذكر بعض من كانوا في طبقة مشايخ الكليني وشاركوا الصفار في الاسم ، مثل محمد بن الحسن بن علي المحاربي ، ومحمد بن الحسن القمي ، ومحمد بن الحسن بن بندار ومحمد بن الحسن البرناني (2). 
وأما احتمال كون محمد بن الحسن هذا هو ابن الوليد ـ كما زعمه بعض ـ فبعيد غايته ، لانه من مشايخ الصدوق وقد توفي عام 343 ، أي بعد أربعة عشر عاماً من موت الكليني. 
الفائدة السادسة 
قال صاحب « المعالم » في الفائدة الثانية عشرة من مقدمة كتابه المنتقى : 
« يأتي في أوائل أسانيد الكافي : محمد بن اسماعيل عن الفضل بن 
__________________
1 ـ سماء المقال : 1 / 82 ـ قاموس الرجال : 11 / 43 ـ وأيضاً نقل في سماء المقال : 1 / 199 عن صاحب « انتخاب الجيد » ان كل ما ورد محمد بن الحسن بعد الكليني ، فهو الصفار. 
2 ـ مستدرك الوسائل : 3 / 543 ـ 545. 
 
شاذان ، وأمر محمد بن اسماعيل هذا ملتبس ، لأن الاسم مشترك في الظاهر بين سبعة رجال وهم محمد بن اسماعيل بن بزيع الثقة الجليل ، ومحمد بن اسماعيل البرمكي ، ومحمد بن اسماعيل الزعفراني ـ وهذان وثقهما النجاشي (1) ـ ومحمد بن اسماعيل الكناني ، ومحمد بن اسماعيل الجعفري ، ومحمد بن اسماعيل الصيمري القمي ، ومحمد بن اسماعيل البلخي ، وكلهم مجهولو الحال » (2). 
ثم استدل على نفي كون محمد بن اسماعيل المذكور احد السبعة المذكورين وأضاف : « ويحتمل كونه غيرهم ، بل هو أقرب. فان الكشي ذكر في ترجمة فضل بن شاذان حكاية عنه وقال : إن أبا الحسن محمد بن اسماعيل البندقي النيسابوري ذكرها. ولا يخفى ما في التزام صاحب الاسم المبحوث عنه ، للرواية عن الفضل بن شاذان من الدلالة على الاختصاص به ونقل الحكاية عن الرجل المذكور يؤذن بنحو ذلك فيقرب كونه هو ... ثم ان حال هذا الرجل مجهول أيضاً إذ لم يعلم له ذكر إلا بما رأيت. فليس في هذا التعيين كثير فائدة ولعل في اكثار الكليني من الرواية عنه شهادة بحسن حاله » (3). 
وما احتمله صاحب المعالم هو ما قوّاه الكلباسي في « سماء المقال » والتستري في « قاموس الرجال » (4). ومال اليه كثير من الاعلام ، خلافاً لشيخنا البهائي في مقدمة « مشرق الشمسين » حيث اختار كون الرجل هو البرمكي الثقة ، وخلافاً لابن داود فانه قال : 
__________________
1 ـ رجال النجاشي : الرقم 915 و 933. 
2 ـ ان العلاّمة الكلباسي عد ستة عشر رجلاً باسم محمد بن اسماعيل وتعجب من صاحب المعالم انه ذكر ان المشتركين سبعة رجال ، كما ان المحقق الداماد انهاهم إلى اثني عشر رجلاً وادعى الشيخ البهائي انهم ثلاثة عشر. 
3 ـ منتقى الجمان : 1 / 43 ـ 45. 
4 ـ قاموس الرجال : 11 / 51. 
 
« إذا وردت رواية عن محمد بن يعقوب عن محمد بن اسماعيل ففي صحتها قولان فان في لقائه له اشكالاً فتقف الرواية بجهالة الواسطة بينهما وان كانا مرضيين معظمين » (1). 
وظاهر هذا الكلام أنه ابن بزيع ، كما قال صاحب المنتقى وناقش فيه بأن الكليني أجل من أن ينسب اليه هذا التدليس الفاحش (2). 
ولو سلمنا كون الرجل هو محمد بن اسماعيل النيسابوري فهل يحكم بصحة حديثه لكونه ثقة أو يحكم بحسنه او ضعفه لكونه مجهول الحال. قال صاحب المعالم : « ويقوى في خاطري ادخال الحديث المشتمل عليه في قسم الحسن ». وذكر الكلباسي أنه الثقة الإمامي الجليل والعالم النبيل واستشهد لقوله تارة باكثار الكليني في الكافي من الرواية عنه ، حتى قيل إنه روى عنه ما يزيد على خمسمائة حديث ، واخرى باستظهار كون الرجل من مشايخ اجازة الكليني. فحينئذ يكون حديثه صحيحاً ، كما جرى عليه المحقّق الداماد والفاضل البحراني. وفي مقابله جماعة من الاعاظم كالمجلسي الثاني وصاحب المدارك والتفرشي. ولهذا الفريق أيضاً دلائل وشواهد عديدة ، ذكرها العلاّمة الكلباسي في المقصد الثالث من كتابه (3). 
الفائدة السابعة 
ذكر العلاّمة في الفائدة التاسعة من « الخلاصة » وابن داود في رجاله انه قد يغلط جماعة في الاسناد من إبراهيم بن هاشم إلى حماد بن عيسى ، فيتوهمونه حماد بن عثمان وهو غلط فان إبراهيم بن هاشم لم يلق حمّاد بن عثمان ، بل حماد بن عيسى (4). 
__________________
1 ـ الرجال لابن داود : 306. 
2 ـ منتقى الجمان : 1 / 45. 
3 ـ سماء المقال : 1 / 170 ـ 199. 
4 ـ الخلاصة : 281 ؛ الرجال لابن داود : 307 ، الفائدة الرابعة. 
 
والأول توفي سنة 190 هـ والثاني سنة 209 هـ ( او 208 هـ ) كما صرح به النجاشي (1). حكى صاحب المنتقى كلام العلاّمة عن الخلاصة واضاف : « نبَّه على هذا غير العلاّمة أيضاً من اصحاب الرجال. والاعتبار شاهد به » (2). 
وأصل هذا الكلام ـ كما تفطن إليه السيد بحر العلوم (3) ـ مأخوذ ممّا ذكره الصدوق في مشيخة الفقيه بقوله : 
« وما كان فيه من وصية أمير المؤمنين لابنه محمد بن الحفنية ( رضي الله عنه ) فقد رويته عن ابي ( رضي الله عنه ) ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى عمَّن ذكره ، عن أبي عبدالله 7. ويغلط اكثر الناس في هذا الاسناد فيجعلون مكان حمّاد بن عيسى ، حماد بن عثمان. وإبراهيم بن هاشم لم يلق حماد بن عثمان وانما لقى حماد بن عيسى وروى عنه » (4). 
قال صاحب « سماء المقال » : 
« والظاهر من كلام الصدوق أنه اطلع من الخارج على عدم اللقاء » (5) ، فلا جدوى لما صنعه بعض كالمحدث المتتبع النوري 1 من إثبات إمكان اللقاء ، لأن المدعى عدم اللقاء ، لا عدم امكانه رأساً (6) وأما ما يوجد في قليل من الروايات من رواية إبراهيم بن هاشم عن حماد بن عثمان فلا يضرّ أيضاً ، لأن ظاهر مقالة الصدوق وتابعيه حصول التغليط في تعيين المطلق في المقيد المخصوص او تبديل المقيد بالمقيد وحينئذ إن ثبت عدم اللقاء يحكم إما 
__________________
1 ـ رجال النجاشي : 142 ـ 143 ، الرقم 370 و 371. 
2 ـ منتقى الجمان : 1 / 261 ، باب التكفين والتحنيط. 
3 ـ الفوائد الرجالية : 1 / 447 ـ 448. 
4 ـ الفقيه : 4 / 125 ، شرح مشيخة الفقيه. 
5 ـ سماء المقال : 1 / 9. 
6 ـ المصدر نفسه : 88. 
 
بارسال الحديث او بتصحيفه. مع أن ما ذكر من موارد الخلاف لم يتحقق إلا نادراً في الغاية (1). 
ومن الشواهد التي ذكروها هي الرواية الخامسة من باب ( تحنيط الميّت وتكفينه ) بهذا الاسناد : « علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عثمان ، عن حريز ، عن زرارة ومحمد بن مسلم ، قالا : ... » (2) قال صاحب المنتقى بعد نقل هذا الحديث وتقوية كلام العلاّمة في الخلاصة ، ما هذا لفظه : 
« وقد وقع هذا الغلط في اسناد هذا الخبر على ما وجدته في نسختين عندي الآن للكافي. ويزيد وجه الغلط في خصوص هذا السند بأن حماد بن عثمان لا تعهد له رواية عن حريز ، بل المعروف المتكرّر رواية حماد بن عيسى عنه » (3). 
فتحصل مما ذكرنا أنه إذا وجد في رواية : « إبراهيم بن هاشم عن حماد » فالمراد منه حماد بن عيسى لا حمّاد بن عثمان ، حتى يحكم بارسال السند او تصحيفه بناء على عدم لقاء إبراهيم لابن عثمان. 
الفائدة الثامنة 
قال ابن داود في رجاله : « إذا وردت رواية يروي فيها موسى بن القاسم عن حماد ، فلا تتوهَّمها مرسلة لكون حماد من رجال الصادق 7 ، لأن حماداً إما ابن عثمان وقد بقي إلى زمن الرضا 7 وروى عن الصادق والكاظم والرضا : وإما ابن عيسى فقد لقي الإمام الصادق 7 وبقي إلى زمن أبي جعفر الثاني 7 ، ومات غريقاً 
__________________
1 ـ نقل المحقق الكلباسي عن جده السيد وعن المحدث النوري موارد عديدة من رواية إبراهيم عن ابن عثمان واجاب عن اكثرها. فراجع : 1 / 86 ـ 91. 
2 ـ الكافي : 3 / 144 ، الحديث 5. 
3 ـ منتقى الجمان : 1 / 261. 
 
بالجحفة عن نيف وتسعين سنة حيث اراد الغسل للاحرام » (1). 
الفائدة التاسعة 
ان كلا من الشيخ ابي جعفر محمد بن الحسن الطوسي والشيخ الصدوق ابي جعفر محمد بن بابويه روى عن رجال لم يلقهم ، لكنه بينه وبينهم رجال ، فمنهم المستقيمون مذهباً ، فذاك السند صحيح ، ومنهم الموثقون مع فساد مذهبهم ، فذاك قوي. ومنهم المجروحون فذاك السند ضعيف. وقد سرد ابن داود اسامي هؤلاء في التنبيه التاسع من رجاله فليرجع من اراد (2). 
وقد عرفت حقيقة المقال عند البحث عن « شيخوخة الاجازة » وان ضعف المشايخ لا يضر بصحة الرواية إذا كان الكتاب المنقول عنه من الكتب المشهورة. 
الفائدة العاشرة 
وقع في اسناد كثير من الروايات تبلغ الفين ومائتين وخمسة وسبعين مورداً عنوان « ابي بصير » (3) فاختلف في تعيين المراد منه ، كما اختلف في تحقيق عدد من يطلق عليه هذه الكنية. فذهب بعضهم إلى اطلاقها على اثنين ، وبعض آخر على ثلاثة ، وجمع كثير على اربعة. وربما يظهر من بعضهم اكثر من هذا العدد أيضاً. قال المحقق التستري في رسالته الموسومة بالدر النظير في المكنين بابي بصير : 
« ان هذه الكنية جعلوها مشتركة بين عدة ذكر القدماء بعضهم ، وبعضهم الآخر المتأخرون ، يصل جمعهم إلى ثمانية » (4). 
__________________
1 ـ الرجال لابن داود : 306. 
2 ـ الرجال لابن داود : 308. 
3 ـ معجم رجال الحديث : 21 / 45. 
4 ـ قاموس الرجال : 11 / 60. 
 
لكن المشهور كما ذكرنا اشتراكها بين اربعة رجال ، كما ذهب اليه ابن داود والتفرشي والعلاّمة المامقاني. قال الأول : « ابو بصير مشترك بين اربعة : « 1 ـ ليث بن البختري 2 ـ يحيى بن ابي القاسم 3 ـ يوسف بن الحارث البتري 4 ـ عبدالله بن محمد الاسدي » (1). 
وهؤلاء الاربعة ليسوا كلهم ثقات ، كما جاء في « معجم رجال الحديث » : « وقد ذكر بعضهم ان ابا بصير مشترك بين الثقة وغيره. ولاجل ذلك تسقط هذه الروايات الكثيرة عن الحجية » (2). 
ولكن الحق كما صرح به المحقق التستري في قاموسه وفي رسالته المذكورة آنفاً والعلاّمة النحرير الخوانساري في تأليفه المنيف الموسوم بـ « رسالة عديمة النظير في احوال ابي بصير » وجمع آخر من المحققين ان المراد منه « يحيى بن ابي القاسم الاسدي الثقة ، احد فقهاء الطبقة الأولى من اصحاب الاجماع. 
ولو تنزلنا عن هذا لقلنا بانه مردد بين شخصين ثقتين : يحيى وليث ، كما في « معجم رجال الحديث » فانه قال : 
« ان ابا بصير عندما اطلق فالمراد به هو يحيى بن ابي القاسم ، وعلى تقدير الاغماض فالامر يتردد بينه وبين ليث بن البختري الثقة. واما غيرهما فليس بمعروف بهذه الكنية. بل لم يوجد مورد يطلق فيه ابو بصير ويراد به غير هذين » (3). 
__________________
1 ـ الرجال لابن داود : 214 ، القسم الأول ، باب الكنى. 
2 ـ معجم الرجال : 21 / 47. 
3 ـ المصدر نفسه. ويظهر هذا أيضاً من العلاّمة الكلباسي في سماء المقال. فانه بعد استظهار انصراف ابي بصير إلى يحيى ، قال : « تنزلنا عن انصرافها فهي مترددة بينه وبين ليث كما صرح به بعض المحققين » ( سماء المقال : 1 / 115 ). 
 
هذا خلاصة القول فى المكنين بأبي بصير. ونشير إلى بعض التفاصيل الواردة في المقام. 
الف ـ ان عبدالله بن محمد الاسدي المذكور في الكتب الرجالية هو الذي يعبر عنه في الاسانيد بالحجال ، وعبدالله الحجال ، وعبدالله بن محمد الحجال ، وأبي محمد الحجال ، وعبدالله المزخرف ، والمزخرف (1) وهو من أصحاب الرضا 7 (2) فلا اشتراك بينه وبين ليث بن البختري ، ويحيى بن أبي القاسم من حيث الطبقة ، مع أن كنيته أبو محمد ولم يذكره أحد من الرجاليين بعنوان أبي بصير. 
أما « أبو بصير عبدالله بن محمد الاسدي » فليس له ذكر في الكتب الرجالية إلا ما عنونه الكشي في رجاله واعتمد عليه الشيخ الطوسي ومن تبعه فانه بعدما ذكر أبا بصير ليث بن البختري المرادي ، ونقل الروايات الواردة فيه (3) أتى بهذا العنوان : « في أبي بصير عبدالله بن محمد الاسدي » ونقل في ذيله رواية واحدة ليس في سندها ولا في متنها أيّة دلالة على المعنون (4) لانّ أبا بصير المذكور فيها مطلق والراوي عنه هو « عبدالله بن وضاح » الذي كان من رواة يحيى بن أبي القاسم (5) ومن مميزات مروياته كما سنشير اليه. والرواية منقولة عن أبي عبدالله 7 وفيها أنّ الامام خاطب أبا بصير بقوله : « يا أبا 
__________________
1 ـ سماء المقال : 1 / 101 ; فهرس رجال اختيار معرفة الرجال : 170. رجال النجاشي : 226 الرقم 595. 
2 ـ رجال الشيخ : 381. 
3 ـ اختيار معرفة الرجال : 169 ـ 174 ، الرقم 285 إلى 298 ـ والجدير بالذكر ان اكثر الروايات الواردة فيها ليست في شان ليث ، بل هي مرتبطة بيحيى بن ابي القاسم الاسدي منها الروايات برقم 289 ، 291 ، 292 ، 296 ، فراجع. 
4 ـ المصدر نفسه : 174 الرقم 299. 
5 ـ قال النجاشي في ترجمة عبدالله بن وضاح : « صاحب ابا بصير يحيى بن أبي القاسم كثيراً وعرف به » ( الصفحة 215 ، الرقم 560 ). 
 
محمد » ، مع أنّ أبا محمد كنية يحيى أيضاً. 
فحينئذ نسأل الكشي من اين وقف على ان ابا بصير هذا ليس يحيى بن ابي القاسم ، بل هو عبدالله بن محمد الاسدي الذي يشترك مع يحيى في الطبقة والراوي ، وفي كونه مكنى بابي بصير وابي محمد ، ولم يتفطن احد غيره بوجود هذا الرجل في اصحاب الصادق 7؟ (1). قال العلاّمة الكلباسي : « فلقد اجاد من قال : ان ظني ان ايراده ـ أي الكشي ـ هذا الخبر في هذا المقام مما لا وجه له » (2) ، وجزم المحقق التستري ان الرجل المذكور ليس له وجود اصلا وان منشأ ذكره في الكتب الرجالية المتأخرة تصحيف العنوان المذكور في الكشي واعتماد الشيخ ; وذكره في رجاله ، كذكره في اختياره ثم اتباع من تأخر عن الشيخ كابن داود ، لحسن ظنهم به (3). 
ولو اغمضنا عن هذا وفرضنا وجود هذا الرجل المكنى بابي بصير ، فلا اقل من عدم اشتهاره بهذه الكنية بحيث لو اطلقت احتمل انصرافها اليه كانصرافها إلى يحيى. يدلنا على ذلك ما اجاب به علي بن الحسن بن فضال حينما سئل عن ابي بصير فقال : اسمه يحيى بن ابي القاسم ، كان يكنى ابا محمد وكان مولى لبني اسد وكان مكفوفاً » (4). 
ولا يخفى انه لو كان رجل آخر مشتهراً بابي بصير ومشتركاً مع يحيى في كنيته الاخرى وفي كونه اسدياً ، وفي كونه من اصحاب الصادق 7 ، كان من الواجب على ابن فضال ان ينبه عليه ولم ينبه. 
__________________
1 ـ بل ليس لهذا الرجل ذكر في رجال البرقي ولم يذكره العقيقي وابن عقدة وابن الغضائري الذين صنفوا في الرجال واخذ عنهم من جاء بعدهم. 
2 ـ سماء المقال : 1 / 100. 
3 ـ قاموس الرجال : 11 / 65 ـ 99 ـ وللمؤلف ـ دام ظله ـ استظهارات لطيفة في تصحيح العنوان المذكور في الكشي. 
4 ـ اختيار معرفة الرجال : 173 الرقم 296. 
 
ب ـ ذكر الشيخ في رجاله : « يوسف بن الحارث ، بتري يكنى ابا بصير » (1) ومستنده بعض نسخ الكشي حيث جاء فيه في عنوان « محمد بن اسحاق صاحب المغازي » : « ابو بصير يوسف بن الحارث بتري » (2) فتبعهما العلاّمة وابن داود في رجالهما وذكرا الرجال بعنوان ابي بصير يوسف بن الحارث. ثم ادعى ابن داود اشتراك ابي بصير بينه وبين عبدالله المتقدم وليث ويحيى الآتيان ، كما مر. 
ولكنه يظهر من القهبائي في مجمعه ان الموجود في النسخ المصححة من الكشي هو « ابو نصر بن يوسف بن الحارث بتري » والشيخ اما استعجل في قراءته واما اخذه من نسخة اخرى وذكره بالعنوان المذكور ومال جمع من المتأخرين إلى هذا القول ، كما يظهر من « سماء المقال » (3). 
اضف إلى ذلك ان كون الرجل مكنى بكنية لا يستلزم اشتهاره بتلك الكنية وانصرافها عند الاطلاق اليه. يؤيد هذا ان الكشي ـ مع فرض صحة نسخة الشيخ ـ قيد الكنية باسم الرجل ولم يطلقها. فلا يبعد ان الشيخ أيضاً لم يرد اشتهاره بهذه الكنية ، لكن ابن داود ; اشتبه عليه الأمر وافتى بالاشتراك. 
بقى شيء وهو ان الرجل المذكور لم يكن ثقة قطعاً ، بل هو كما صرح الكشي والشيخ ـ كان بتريا والبترية هم الذين قال الصادق 7 في شأنهم : « لو ان البترية صف واحد ما بين المشرق إلى المغرب ما اعز الله بهم دينا » والبترية هم اصحاب كثير النوا ، والحسن بن صالح بن حي ، وسالم بن ابي حفصة ، والحكم بن عتيبة ، وسلمة بن كهيل وابي المقدام ثابت 
__________________
1 ـ رجال الشيخ ، اصحاب الباقر ، باب الياء ، الرقم 17. 
2 ـ اختيار معرفة الرجال : 390 الرقم 733 ـ وما في هذه النسخة المطبوعة مطابق لما ذكره القهبائي. 
3 ـ سماء المقال : 1 / 98 ؛ مجمع الرجال : 5 / 149. 
 
الحداد. وهم الذين دعوا إلى ولاية علي 7 ، ثم خلطوها بولاية ابي بكر وعمر ويثبتون لهما امامتهما ، وينتقصون عثمان وطلحة والزبير ، ويرون الخروج مع بطون ولد علي بن ابي طالب ، يذهبون في ذلك إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويثبتون لكل من خرج من ولد علي 7 عند خروجه الامامة (1) ولكن الكلام في كونه ابا بصير يوسف ابن الحارث « او » ابا نصر بن يوسف بن الحارث والاظهر الثاني. 
كما انه يوجد رجل مسمى بيوسف بن الحارث في اسانيد « نوادر الحكمة » لمحمد بن أحمد بن يحيى ولكنه لا دليل على تكنيته بابي بصير. 
وإلى هذا اشار المحقق التستري وقال : « استثنى ابن الوليد من روايات محمد ابن أحمد بن يحيى ما رواه عن يوسف بن الحارث. فهو ضعيف. ولا يبعد كونه يوسف بن الحارث الكميداني ، وانما ننكر وجود ابي بصير مسمى بيوسف ابن الحارث ، لعدم شاهد له من خبر او رجال معتبر » (2). 
ج ـ يظهر من مطاوي كلمات ائمة الرجال وعلماء الحديث ان ليث بن البختري (3) المرادي كان من اصحاب الباقر والصادق والكاظم : فقد عده البرقي في اصحاب الباقر 7 والمفيد والنجاشي من اصحاب الباقر والصادق 8 والشيخ في فهرسته من رواة الصادق والكاظم 8 وفي رجاله من اصحاب الثلاثة :. 
ويمكن ادعاء اطباق الكل على ان الرجل كان يكنى بابي بصير وانه كان مشهوراً بهذه الكنية كما صرح بها في بعض الروايات. غير ان النجاشي حكى في رجاله عن بعض كونه مكنى بابي بصير الاصغر (4) ولكنه لا يقاوم ما عليه سائر 
__________________
1 ـ اختيار معرفة الرجال : 232 ـ 233 الرقم 422. 
2 ـ قاموس الرجال : 11 / 105. 
3 ـ البختري بفتح الباء والتاء وسكون الخاء المعجمة وكسر الراء. 
4 ـ رجال النجاشي : 321 الرقم 876. 
 
مهرة الفن فكون الرجل مشهوراً بابي بصير مما لا ريب فيه. 
اما تكنيته بابي محمد وابي يحيى وكذا مكفوفيته كما ادعاه بعض ، كالمولى محمد تقي المجلسي (1) ، فلا دليل عليه ولعله ناش من خلط العبائر الواردة فيه وفي عديله يحيى. 
اما وثاقته ، فلا ترديد فيها وان لم يصرح بها في كتب القدماء (2). 
والدليل على ذلك جملة من الروايات الصحيحة الواردة فيه. منها ما رواه الكشي بسند صحيح عن جميل بن دراج قال : سمعت ابا عبد الله 7 يقول : بشر المخبتين بالجنة : بريد بن معاوية العجلي وابا بصير ليث ابن البختري المرادي ومحمد بن مسلم وزرارة ، اربعة نجباء ، امناء الله على حلاله وحرامه. لولا هؤلاء انقطعت اثار النبوة واندرست (3). 
ومنها ما رواه أيضاً في ترجمة زرارة بن اعين بسند صحيح عن سليمان بن خالد الاقطع ، قال : سمعت ابا عبدالله 7 يقول : ما احد أحيا ذكرنا واحاديث ابي 7 إلا زرارة وابو بصير ليث المرادي ومحمد ابن مسلم وبريد بن معاوية العجلي. ولولا هؤلاء ما كان احد يستنبط هذا. هؤلاء حفاظ الدين وامناء ابي 7 على حلال الله وحرامه. وهم السابقون الينا في الدنيا والسابقون الينا في الآخرة (4). 
ودلالة هذين الخبرين على ان ليثاً كان في مستوى عال من الوثاقة غير خفي ولذا قال بعض : ان المدح المستفاد من هذه النصوص مما لا يتصور 
__________________
1 ـ سماء المقال : 1 / 126. 
2 ـ قال المحقق التستري : انما وثق ابن الغضائري حديثه ، والكشي انما روى فيه اخباراً مختلفة والشيخ والنجاشي اهملاه ... ولكن الحق ترجيح اخبار مدحه ( قاموس الرجال : 11 / 119 ). 
3 ـ اختيار معرفة الرجال : 170 ، الحديث 286. 
4 ـ المصدر نفسه : 136 ، الحديث 219. 
 
فوقه مدح ولا يعقل اعلى منه ثناء (1). 
هذا ، مضافا إلى اعتضادها بمقالة غير واحد من الاصحاب في شأنه كالعلامة في « الخلاصة » والشهيد الثاني في « المسالك » والعلاّمة المجلسي في « الوجيزة » (2). ويؤيده توثيق ابن الغضائري المعروف بكثرة التضعيف لحديثه وان طعن في دينه (3). 
اما الروايات الواردة في قدحه ، فلا تعارض ما دلت على مدحه قطعا لانها اما مرسلة او موثقة مع احتمال صدورها عن تقية كما صدرت في حق سائر الاجلاء كزرارة وهشام بن الحكم ، فقد روى الكشي عن عبدالله بن زرارة انه قال : قال لي ابو عبدالله 7 : اقرأ مني على والدك السلام ، وقل له اني انما اعيبك دفاعاً مني عنك. فان الناس والعدو يسارعون إلى كل من قربناه وحمدنا مكانه لإدخال الاذى في من نحبه ونقربه ... فانما اعيبك لانك رجل اشتهرت بنا ـ إلى آخر الحديث (4). 
فاذن نقطع بوثاقة ليث بن البختري المرادي المكنى بابي بصير. 
د ـ ان يحيى بن ابي القاسم الاسدي كان من اصحاب ورواة الائمة الثلاثة الباقر والصادق والكاظم : وكان مكفوفاً ضرير البصر قد رأى الدنيا مرة او مرتين. مات سنة خمسين ومائة فلم يدرك الرضا 7 وكان هو مكنى بابي بصير وابي محمد وكان اسم أبيه اسحاق. روى الكشي عن محمد بن مسعود العياشي انه قال : سألت علي بن الحسن بن فضال عن ابي بصير ، فقال : اسمه يحيى بن ابي القاسم فقال : ابو بصير كان 
__________________
1 ـ سماء المقال : 1 / 121. 
2 ـ راجع المصدر نفسه : 122. 
3 ـ الخلاصة : 137 ، القسم الأول ، الباب 22. 
4 ـ اختيار معرفة الرجال : 138 الرقم 221. 
 
يكنى ابا محمد وكان مولى لبني اسد وكان مكفوفاً (1). 
هذا ولكن النجاشي ذكره بعنوان « يحيى بن القاسم ابو بصير الاسدي » وزاد عليه : « وقيل يحيى بن ابي القاسم واسم ابي القاسم اسحاق » (2) ، وكلامه صريح في اختياره القول الأول وتمريض القول الثاني وهو وان كان خبيراً بالانساب ومتضلعاً في علم الرجال (3) ، لكن مع كثرة الاقوال والاخبار الدالة على كونه يحيى بن ابي القاسم لا مجال لما ادعاه. 
اما وثاقته وجلالة قدره فلا ريب فيهما لما صرح به علماء الرجال كالنجاشي والكشي والشيخ في عدته وابن الغضائري ومن تأخر عنهم. وروى الكشي بسند صحيح عن شعيب العقرقوفي ابن اخت ابي بصير انه قال : قلت لابي عبدالله 7 : ربما احتجنا ان نسأل عن الشيء فمن نسأل؟ قال عليك بالاسدي ، يعني ابا بصير (4). 
وورلله أيضاً في اخبار عديدة ان الامامين الباقر والصادق 8 كانا يخاطبانه « يا ابا محمد » تعظيماً له ، كما ان الباقر 7 ضمن له الجنة. وبالجملة وثاقته وفقاهته اظهر من ان يتردد فيه. 
اما نسبة الوقف اليه ، فوهم ناش من زعم اتحاد ابي بصير هذا مع يحيى بن القاسم الحذاء الواقفي. والحال انه مات سنة خمسين ومائة والوقف حدث بعد شهادة مولانا الكاظم 7 والحذّاء المذكور بقي إلى زمن الامام الرضا 7 ، واما نسبة الغلو إليه ، فلم يقله احد وانكره ابن فضال ، 
__________________
1 ـ اختيار معرفة الرجال : 174 الرقم 296. 
2 ـ رجال النجاشي : 440 الرقم 1187 ـ وصرح أيضاً في ترجمة عبدالله بن وضاح انه صاحب ابا بصير يحيى بن القاسم ( الصفحة 215 الرقم 560 ). 
3 ـ قال الشهيد الثاني في المسالك : وظاهر حال النجاشي انه اضبط الجماعة واعرفهم بحال الرجال ... وهذا مما اختص به النجاشي. 
4 ـ اختيار معرفة الرجال : 171 الرقم 291. 
 
كما انه نسبه إلى التخليط ولم يبين المراد منه. فنحن نأخذ بما اطبق عليه الجل بل الكل ولا نبالي بهذا القول المجمل من ابن فضال الفطحي ولا نرفع اليد عن الادلة القوية الدالة على جلالته باخبار احاد غير قطعية السند والمفاد. 
هـ ـ ذكر الاصحاب في تمييز روايات كل من المرادي والاسدي عن الآخر قرائن وشواهد. وحيث ان كلا منهما ثقة جليل ، فلا فائدة مهمة في التمييز إلا عند تعارض رواياتهما. لأن المشهور ترجيح المرادي على الاسدي. وخيرة بعض آخر كالسيد الداماد والمحقق الخوانساري العكس.  لكنا نذكر ما ذكره الرجاليون تتميماً للفائدة واستيفاء للبحث فنقول : ان علي بن ابي حمزة روى عن الاسدي كثيراً وكان قائده (1) والظاهر انه لم يرو عن المرادي اصلاً. كما ان رواية شعيب العقرقوفي وعبدالله بن وضاح والحسين بن ابي العلاء وجعفر بن عثمان قرينة على كون المراد من ابي بصير هو الاسدي. 
وإذا كان الراوي عن ابي بصير عبد الله بن مسكان أو أبا جميلة مفضَّل بن صالح أو أبان بن عثمان فالمراد به اللَّيث المرادي. 
قال المحقّق التستري بعد ذكر مميزات الاسدي وتزييف بعضها ما هذا لفظه : « إذا كان يحيى وليث في عصر واحد فاي مانع من ان يروي كل من روى عن احدهما عن الآخر؟ حتى ان البطائني الذي اتفقوا على انه من رواة يحيى وقائد يحيى يجوز ان يروي عن ليث وان لم نقف عليه محققاً » (2). 
وقريب منه ما افاده العلاّمة الكلباسي في « سماء المقال » بعد الفحص عن مميزات كل من الاسدي والمرادي عن الآخر (3). هذا ، وسيوافيك ما يدل 
__________________
1 ـ رجال النجاشي : الرقم 656. 
2 ـ قاموس الرجال : 11 / 167. 
3 ـ سماء المقال : 1 / 133.   
على ان ابا بصير بقول مطلق ، هو يحيى بن ابي القاسم ، ليس غير. 
و ـ ان كلاً من المحقق التستري والعلاّمة الخوانساري افرد رسالة في تحقيق حال المكنين بابي بصير والمراد من هذه الكنية حيثما اطلقت ، وذهب كلاهما إلى ان المراد منه يحيى بن ابي القاسم الاسدي واقاما دلائل وشواهد عديدة. ونحن نأتي بما هو المهم منها : 
قال المحقق التستري : « ان ابا بصير لا يطلق إلا على يحيى ... اما ليث فاما يعبر عنه بالاسم وهو الغالب ، واما بكنية مع التقييد بالمرادي. بخلاف يحيى ، فلم نقف في الكتب الاربعة وغيرها على التعبير عنه بالاسم إلا في سبعة مواضع بلفظ يحيى وتقييد كنيته بالاسدي او المكفوف او المكنى بابي محمد يسير أيضاً. والتعبير عنه بالكنية المجردة كثير وهو دليل الانصراف. 
ويدل على ما قلنا امور : 
منها : قول الصدوق في المشيخة : « وما كان فيه عن ابي بصير فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه ـ إلى ان قال : عن علي بن ابي حمزة ، عن ابي بصير » (1) وكذا قوله : « ما كان فيه عن عبد الكريم بن عقبة فقد رويته عن ابي ( رضي الله عنه ) ... إلى ان قال : عن ليث المرادي ، عن عبد الكريم ابن عتبة الهاشمي » (2). 
فالصدوق لم يعبر عن يحيى بغير كنية مجردة (3) ولم يعبر عن ليث بغير اسمه. كما انه قد روى في الفقيه في مواضع مختلفة عن ليث ، مصرحاً تارة 
__________________
1 ـ الفقيه : ج 4 ، شرح المشيخة الصفحة 18. 
2 ـ المصدر نفسه : 55. 
3 ـ بدا السند في الفقة بابي بصير ما يقرب من ثمانين مورداً والمراد به يحيى. معجم الرجال : 20 / 274 ». 
 
باسمه واخرى بكنيته مقيداً بالمرادي (1). 
ومنها : قول العياشي في سؤاله عن ابن فضال عن ابي بصير. فلولا الانصراف لقال : سالته عن ابي بصير الاسدي ، ولأجابه ابن فضال ان ابا بصير يطلق على شخصين ، احدهما يحيى والآخر ليث. لم يجبه كذلك كما مر ، بل يمكن ان نقول ان سؤال العياشي دال على ان يحيى كان في الاشتهار بالكنية بمثابة حتى كأنّ الكنية اسمه ولا يعلم اسمه كل احد ، بل اوحدي مثل ابن فضال. 
ومنها : ان النجاشي لم يذكر التكنية بابي بصير لغير يحيى. وحكى في ترجمة ليث ان بعضهم عرفه بابي بصير الاصغر. 
فتلخص من جميع ما ذكرنا ان ابا بصير المذكور في اسانيد الاخبار اما يحيى جزماً واما مردد بين يحيى وليث ، وحيث ان كلا الرجلين في ذروة من الجلالة والوثاقة ، فلا يوجب الاشتراك جهالة او ضعفاً في السند. 
الفائدة الحادية عشرة 
قال صاحب « المعالم » في مقدمة المنتقى (2) : « قد يرى في بعض الاحاديث عدم التصريح باسم الإمام الذي يروى عنه الحديث ، بل يشار اليه بالضمير. وظن جمع من الاصحاب ان مثله قطع ، ينافي الصحة. وليس ذلك على اطلاقه بصحيح ، إذا القرائن في اكثر تلك المواضع تشهد بعود الضمير إلى المعصوم. وهذا لأن كثيراً من قدماء رواة حديثنا ومصنفي كتبه كانوا يروون عن الائمة مشافهة ويوردون ما يروونه في كتبهم جملة ، وان كانت الاحكام التي في 
__________________
1 ـ راجع الفقية : 1 / 158 ، الباب 38 من كتاب الصلاة الحديث 18 : وسأل ليث المرادي ابا عبدالله 7 ... ج 2 ، الصفحة 216 ، الباب 117 الحديث 13 ـ وسأله ليث المرادي. 
2 ـ المنتقى : 1 / 39 ، الفائدة الثامنة ، بتصرف يسير. 
 
الروايات مختلفة. 
فيقول احدهم في أول الكلام : « سألت فلاناً » ويسمي الامام الذي يروي عنه. ثم يكتفي في الباقي بالضمير ويقول : « سألته » او نحو هذا. ولا ريب ان رعاية البلاغة تقتضي ذلك. ولما ان نقلت تلك الاخبار إلى كتاب آخر صار لها ما صار في اطلاق الاسماء بعينه. ولكن الممارسة تطلع على انه لا فرق في التعبير بين الظاهر والضمير ». 
الفائدة الثانية عشرة 
قال المحقق المتقدم أيضاً : « يوجد في كثير من الاسانيد اسماء مطلقة مع اشتراكها بين الثقة وغيرها وهو مناف للصحة في ظاهر الحال. والسبب في ذلك ان مصنفي كتب اخبارنا القديمة كانوا يوردون فيها الاخبار المتعددة في المعاني المختلفة من طريق واحد ، فيذكرون السند في أول حديث مفصلاً ثم يجملون في الباقي اعتماداً على التفصيل اولاً. ولما طرأ على تلك الاخبار ، التحويل إلى كتاب آخر يخالف في الترتيب الكتاب الأول ، تقطعت تلك الاخبار. بحسب اختلاف مضامينها ، وإذا بعد العهد وقع الالتباس والاشكال. 
ولكن الطريق إلى معرفة المراد فيه تتبع الاسانيد في تضاعيف ابواب المجاميع الروائية ومراجعة كتب الرجال المتضمنة لذكر الطرق كالفهرست وكتاب النجاشي وتعاهد ما ذكره الصدوق ; من الطرق إلى رواية ما اورده في كتاب « من لا يحضره الفقية » وللتضلع من معرفة الطبقات في ذلك اثر عظيم » (1). 
ثم يذكر المراد من عدة من الاسماء المطلقة كحماد ، وعباس ، وعلاء ، ومحمد ، وابن مسكان ، وابن سنان وعبد الرحمن ، فمن اراد الوقوف ، فعليه 
__________________
1 ـ المنتقى : 1 / 34 ـ 38 بتلخيص. 
 
بالمراجعة اليه.
الفائدة الثالثة عشرة 
إن من المصطلحات الرائجة فى ألسن ائمة الرجال والتراجم والمحدّثين والفقهاء ألفاظ أربعة وهي : الكتاب ، الأصل ، التصنيف ( أو المصنف ) والنوادر. وربما يظهر من بعضهم أن كون الرجل ذا أصل أو ذا كتاب وتصنيف من أسباب الحسن والوثاقة. فيجب علينا أن نعرف المراد من هذه الألفاظ والفرق بينها أولا ، والمعرفة الاجمالية بالاصول المدونة للاصحاب في عهد الأئمة : ثانياً ، ووجه العناية بهذه الاُصول ومدى دلالتها على وثاقة المؤلف ثالثاً. فنقول : يقع البحث في مقامات : 
الأول : في الالفاظ الاربعة 
1 ـ الكتاب 
إن الكتاب مستعمل في كلمات العلماء بمعناه المتعارف وهو أعمّ من الاصل والنوادر ـ وكذا من التصنيف على المشهور ـ ولا تقابل بينه وبينهما. بل يطلق على كل منهما الكتاب. فمثلا يقول الشيخ في رجاله في ترجمة أحمد بن ميثم : « روى عنه حميد بن زياد كتاب الملاحم وكتاب الدلالة وغير ذلك من الاُصول » (1). 
وقال في اسباط بن سالم : « له كتاب أصل » (2) ومثله ما قاله النجاشي 
__________________
1 ـ رجال الشيخ : 440 الرقم 21 ـ وقال بمثله في أحمد بن مسلمة ( سلمة ) ( الصفحة 440 الرقم 22 ) وفي أحمد بن الحسين بن مفلس الصفحة 441 الرقم 26 وفي محمد بن عباس بن عيسى الصفحة 449 الرقم 51 وفي يونس بن علي بن العطار الصفحة 517 الرقم 2 وغيرهم من الذين ذكرهم المحقق التستري في مقدمة القاموس الصفحة 48 ـ 49 فراجع. 
2 ـ هكذا نقل عن الفهرست في قاموس الرجال : 1 / 49 وادعى صاحب الذريعة في ج 2 ، 
 
في ترجمة الحسن بن ايوب : « له كتاب اصل » (1). ويؤيد ذلك ان كثيراً مما اسماه الطوسي اصلاً ، سماه النجاشي كتاباً ، وبالعكس يعبر هو كثيراً عما سماه النجاشي « النوادر » بعنوان الكتاب وقليلاً ما يتفق عكس ذلك (2). 
2 ـ الاصل 
عرف الاصل بانه الكتاب الذي يمتاز عن غيره بأن جمع فيه مصنفه الاحاديث التي رواها عن المعصوم 7 او عن الراوي عنه (3). وبين العلاّمة الطهراني سبب هذه التسمية بقوله : 
« ان كتاب الحديث ان كان جميع احاديثه سماعاً من مؤلفه عن الامام 7 او سماعاً منه عمن سمع عن الامام 7 ، فوجود تلك الاحاديث في عالم الكتابة من صنع مؤلفها وجود اصلي بدوي ارتجالي غير متفرع من وجود آخر ... كما ان أصل كل كتاب هو المكتوب الأولى منه الذي كتبه المؤلف فيطلق عليه النسخة الأصلية او الاصل لذلك » (4). 
ويظهر من الوحيد 1 أن بعضهم قال : إن الكتاب ما كان مبوَّباً ومفصلاً والاُصول مجمع أخبار وآثار. وردَّ بأن كثيراً من الاُصول مبوبة (5). 
3 ـ التصنيف ( المصنف ) 
ظاهر كلام الشيخ في ديباجة « الفهرست » دالّ على أن التصنيف مقابل 
__________________
الصفحة 140 الرقم 522 ان هذا مطابق لما في النسخ الصحيحة. ولكن في النسخة المطبوعة من الفهرست ، الصفحة 63 لا يوجد لفظة كتاب ، بل جاء فيها « له اصل ». 
1 ـ رجال النجاشي : 51 الرقم 113. 
2 ـ الذريعة : 24 / 315. 
3 ـ الفوائد الرجالية للوحيد البهبهاني : 33 ( المطبوع مع رجال الخاقاني ). 
4 ـ الذريعة : 2 / 125. 
5 ـ الفوائد الرجالية : 34. 
 
للأصل ، حيث قال فيها : 
« إن أحمد بن الحسين بن عبيدالله الغضائري عمل كتابين : أحدهما ذكر فيه المصنفات والآخر ذكر فيه الاصول ». 
ثم ذكر أنه نفسه جمع بينهما في « الفهرست » واعتذر عن ذلك بقوله : « لأن في المصنفين من له أصل فيحتاج إلى أن يعاد ذكره في كل واحد من الكتابين » (1). 
وقال أيضاً في هارون بن موسى التلعكبري : « روى جميع الاُصول والمصنفات » (2) كما أنه قال في حيدر بن محمد بن نعيم السمرقندي : « يروي جميع مصنفات الشيعة واُصولهم » (3). 
ومن هنا جزم المحقّق التستري أن بين الاصل والتصنيف تقابلاً ، وأن الكتاب أعمّ منهما. فكأنه أراد أن يقول في تعريف المصنف ( التصنيف ) أنه الكتاب الذي كان جميع أحاديثه أو أكثرها منقولاً عن كتاب آخر سابق وجوده عليه أو كان فيه كلام المؤلف كثيراً بحيث يخرجه عن اطلاق القول بأنه كتاب رواية. 
وإنما قلنا « أكثرها » لأنه ربما كان بعض الروايات وقليلها ، يصل معنعناً ولا يؤخذ من اصل او كتاب سابق عليه ولكنه لا يوجب ذكره في عداد الاُصول قطعاً (4). 
أما الوحيد البهبهاني فيظهر منه أن المصنف أعمّ من الأصل والنوادر لأنه 
__________________
1 ـ الفهرست : 24. 
2 ـ رجال الشيخ : 516 الرقم 1. 
3 ـ المصدر نفسه : 463 الرقم 8. 
4 ـ هذا قريب ممّا أفاده الوحيد في فوائده الرجالية : 34 المطبوعة في ذيل رجال الخاقاني فراجع. 
 
يطلق عليهما ، كما في ترجمة أحمد بن ميثم في فهرس الشيخ ، حيث قال : له مصنفات منها كتاب الدلائل ، كتاب المتعة ، كتاب النوادر ، كتاب الملاحم و ... (1) ولا يبعد صحة هذا القول ، كما يظهر من عبائر الاجلاء كالمحقق والشهيد الثاني وشيخنا البهائي عند ذكر الاُصول الاربعمائة وسيوافيك كلماتهم ـ إن شاء الله ـ. 
فالذي يقوى في النظر أن الكتاب والمصنف مصطلحان مترادفان والمراد منهما كل ما دونه الاصحاب 4 (2) والاصل قسم خاص من الكتاب او المصنف. وذكره في قبال التصنيف لا يدلّ على كونهما متقابلين ، بل الغرض منه بيان اختصاص بعض مصنفات الرجل بكونه اصلا. كما أن ذكر الاصل في قبال الكتاب لا يدل على التقابل أيضاً. ولعل منشأ هذا الاختصاص بالذكر هو العناية بشأن الاُصول. 
4 ـ النوادر 
ذكر النجاشي عند عدّ كتب كثير من الاصحاب أن لهم كتاب « النوادر ». 
فمثلاً يقول : « الحسين بن عبيدالله السعدي .. له كتب صحيحة الحديث ، منها : التوحيد ، المؤمن ، والمسلم ... النوادر ، المزار و ... » (3). او يقول : « الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، كوفي ثقة كثير الرواية ، له كتاب مجموع ، نوادر » (4). وكذا يقول : « الحسين بن عبيدالله بن إبراهيم الغضائري ، شيخنا ; ، له كتب ، منها : كتاب كشف التمويه والغمّة ، كتاب التسليم على أمير المؤمنين 7 بامرة 
__________________
1 ـ الفهرس : 49 الرقم 77. 
2 ـ قال النجاشي في ترجمة الحسن بن سعيد الاهوازي : « شارك اخاه في تأليف الكتب الثلاثين المصنفة » ( رجال النجاشي : 58 الرقم 136 و 137 ) ، مع كونها من الاصول. 
3 ـ رجال النجاشي : 42 الرقم 86. 
4 ـ المصدر نفسه : 40 الرقم 82. 
 
المؤمنين ... ، كتاب النوادر في الفقه ، كتاب مناسك الحج ... » (1). ويقول في ترجمة صفوان بن يحيى : « وصنَّف ثلاثين كتاباً كما ذكر أصحابنا. يعرف منها الآن : كتاب الوضوء ، كتاب الصلاة ، كتاب الصوم ... كتاب البشارات ، نوادر » (2). 
والتأمل في الموارد التي ذكرها هو ـ وتبلغ خمسين ومائة مورد ـ يرشدنا إلى أن النوادر اسم للكتب المدونة التي ليس لمطالبها موضوع معين او ليست لرواياتها شهرة متحققة ، سواء كانت الاحاديث الواردة فيها عن امام واحد او اكثر ، او كان موضوع الكتاب واحداً مع تفرق مضامين رواياته بحيث لا يمكن تبويبها. وإلى هذا اُشير في الموسوعة القيمة « الذريعة » حيث جاء فيها : 
« إن النوادر عنوان عام لنوع من مؤلفات الاصحاب في القرون الاربعة الاُولى كان يجمع فيها الاحاديث غير المشهورة او التي تشتمل على أحكام غير متداولة او استثنائية او مستدركة لغيرها » (3). 
ثم سرد عدداً من أسامي هذه الكتب يقرب من مائتي كتاب وذكر أنه استخرجها من كتب الكشي والنجاشي والطوسي ، مصنفي الاصول الرجالية 5. 
ومن هنا يظهر وجه تسمية بعض الأبواب الموجودة في الجوامع الحديثية بعنوان النوادر ، كنوادر الصلاة ، ونوادر الزكاة ونحوه. لأن الاحاديث المذكورة 
__________________
1 ـ المصدر نفسه : 69 الرقم 166. 
2 ـ المصدر نفسه : 197 الرقم 524 ـ ولمزيد الاطلاع انظر الارقام التالية في نفس المصدر : 20 ، 21 ، 25 ، 27 ، 30 ، 36 ، 45 ، 72 ، 74 ، 76 ، 81 ، 85 ، 99 ، 125 ، 132 ، 133 ، 134 ، 139 ، 141 وغيرها. 
3 ـ الذريعة : 24 / 315. 
 
في هذه الابواب إما مستدركة وإما شاذّة غير معمول بها عند الاصحاب (1) ، واما غير قابل لذكر العنوان لها بسبب قلته. 
قال الوحيد في فوائده : « أما النوادر فالظاهر أنه ما اجتمع فيه أحاديث لا تضبط في باب ، لقلته بأن يكون واحداً او متعدّداً لكن يكون قليلاً جدّاً ... وربما يطلق النادر على الشاذ. والمراد من الشاذّ ما رواه الراوي الثقة مخالفاً لما رواه الاكثر وهو مقابل المشهور. ونقل عن بعض أن النادر ما قل روايته وندر العمل به ، وادّعى أنه الظاهر من كلام الاصحاب. ولا يخلو من تأمل » (2). 
هذا ، ومن الكتب المشهورة في هذا المضمار نوادر محمد بن أحمد بن يحيى المشهور بدبَّة شبيب. قال النجاشي : « ولمحمد بن أحمد بن يحيى كتب ، منها : كتاب « نوادر الحكمة » وهو كتاب حسن كبير يعرفه القمّيون بدبَّة شبيب. قال : وشبيب فامي كان بقم له دبَّة ذات بيوت ، يعطي منها ما يطلب منه من دهن. فشبَّهوا هذا الكتاب بذلك » (3). 
أما النسبة بين الاصل والنوادر ، فقال الوحيد 1 : « الاصل أن النوادر غير الاصل وربما يعدّ من الاُصول ، كما يظهر في أحمد بن الحسن بن سعيد وأحمد بن سلمة وحريز بن عبدالله » (4). 
اما الأول فقد قال الشيخ في الفهرست : « أحمد بن الحسين بن سعيد ، له كتاب النوادر. ومن أصحابنا من عدّه من جملة الاصول » (5) وقال في الثالث : « حريز بن عبدالله السجستاني ، له كتب ، منها كتاب الصلاة ، كتاب 
__________________
1 ـ ولعل غرض الشيخ الطوسي من تبديل عنوان النوادر في كتابه التهذيب بابواب الزيادات للارشاد إلى انها مستدركة لا شاذة. 
2 ـ الفوائد الرجالية : 35. 
3 ـ رجال النجاشي : 348 الرقم 939. 
4 ـ الفوائد الرجالية : 33. 
5 ـ الفهرست : 50 الرقم 70. والنجاشي ترجمه بعنوان أحمد بن الحسن بن سعيد. 
 
النوادر ، تعدّ كلها في الاُصول » (1). 
كما أن النجاشي قال في مروك بن عبيد : « قال أصحابنا القمّيون : نوادره اصل » (2). وعلى هذا لا يبعد صحة القول بأن النسبة بين الاصل والنوادر هو العموم والخصوص من وجه. بمعنى جواز أن يكون المؤلف أصلاً من جهة ونوادر من جهة اُخرى (3). واستيفاء البحث والرأي الجازم متوقف على التتبّع التامّ في كتب الفهرس. 
بقي شيء وهو أنه قد يقع النوادر والأصل مقابلين للكتاب ، كما في ترجمة معاوية بن الحكيم وعباس بن معروف (4) ، ومن المعلوم ـ كما أشرنا آنفاً ـ ان الغرض بيان الفرق بين الكتاب الذي ليس بأصل او ليس من النوادر وبين ما هو أصل او من النوادر ، وهذا لا يدل على التقابل بينه وبينهما. 
وملخص القول : إنّ الكتاب أعمّ من الاصل والنوادر ، وكذا التصنيف أعمّ منهما على ما اخترنا والنسبة بين الاصل والنوادر التباين ظاهراً وان لم يكن احتمال نسبة العموم والخصوص من وجه بينهما ببعيد. 
الثاني : في الاصول المدونة في عصر ائمتنا : 
صرح جمع من أعاظم المحدثين والمؤرخين أن أصحاب الائمة : صنّفوا اُصولاً وأدرجوا فيها ما سمعوا عن كل من مواليهم : ، لئلا يعرض لهم نسيان وخلط ، او يقع فيه دسّ وتصحيف. 
__________________
1 ـ المصدر نفسه : 188 الرقم 250. 
2 ـ رجال النجاشي : 425 الرقم 1142. 
3 ـ هذا ، ولكن ادعى في الذريعة ان من تتبع الموارد يستنتج ان النوادر ليس اصلاً مروياً. ( الذريعة : 24 / 318 ). 
4 ـ قال النجاشي : « معاوية بن حكيم بن معاوية ... له كتب ، منها : كتاب الطلاق وكتاب الحيض وكتاب الفرائض و ... وله نوادر » ( رجال النجاشي : 412 الرقم 1098 وقال في عباس بن معروف ان له كتاب الآداب وله نوادر ( الصفحة 281 الرقم 743 ). 
 
وهذا هو السيد رضي الدين علي بن طاووس ينقل في كتابه « مهج الدعوات » قسم ادعية موسى بن جعفر 7 ، قبل ذكر الدعاء المعروف بالجوشن عن ابي الوضاح محمد بن عبدالله بن زيد النهشلي ( راوي الدعاء ) انه قال : 
« حدثني ابي قال : كان جماعة من خاصة ابي الحسن 7 من اهل بيته وشيعته يحضرون مجلسه ومعهم في اكمامهم الواح ابنوس لطاف واميال فاذا نطق ابو الحسن 7 بكلمة او افتى في نازلة اثبت القوم ما سمعوا منه في ذلك » (1). 
وحكى عن الشيخ البهائي في « مشرق الشمسين » انه قال : 
« قد بلغنا عن مشايخنا 5 انه كان من داب اصحاب الاصول انهم إذا سمعوا عن احد من الائمة : حديثا بادروا إلى اثباته في اصولهم لئلا يعرض لهم نسيان لبعضه او بتمادي الايام » (2). 
وقريب منه ما افاده السيد الداماد في رواشحه (3). 
ولكن من المؤسف جدا انه لم يتعين لنا عدة اصحاب الاصول لاتحقيقا ولا تقريبا ولم يتعين في كتبنا الرجالية والفهارس تاريخ تاليف هذه الاصول بعينه ولا تواريخ وفيات مصنفيها (4). ويظهر من الشيخ الطوسي في أول فهرسته ان عدم ضبط عدد تصانيف الاصحاب واصولهم نشأ من كثرة انتشار الاصحاب في البلدان (5). 
نعم ، يستفاد من بعض الاعلام كالمحقق الحلي وامين الاسلام الطبرسي 
__________________
1 ـ مهج الدعوات : 224 الطبعة الحجرية. 
2 ـ الذريعة : 2 / 128. 
3 ـ الرواشح : 98 ، الرشحة 29. 
4 ـ صرح بذلك صاحب الذريعة في ج 2 ، الصفحة 128 ـ 130. 
5 ـ الفهرس : 25. 
 
والشهيد الأول والشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي والسيد الداماد والشهيد الثاني 5 ان الاصول المذكورة وكذا مؤلفيها لم تكن اقل من اربعمائه وان اكثرها كانت من صنع اصحاب الصادق 7 ، وناهيك بعض عبائرهم : 
1 ـ قال المحقق الحلي في « المعتبر » : « كتب من اجوبة مسائله ـ أي جعفر بن محمد 8 اربعمائة مصنف سموها اصولا » (1). 
2 ـ قال الطبرسي في « اعلام الورى باعلام الهدى » : « روى عن الامام الصادق 7 من مشهوري اهل العلم اربعة الاف انسان وصنف من جواباته في المسائل اربعمائة كتاب تسمى الاصول ، رواها اصحابه واصحاب ابنه موسى الكاظم 7» (2). 
3 ـ قال الشهيد الثاني في شرح الدراية : « استقر امرالمتقدمين على اربعمائة مصنف لاربعمائة مصنف سموها اصولاً فكان عليها اعتمادهم » (3). 
4 ـ قال الشيخ الحسين بن عبد الصمد في درايته : « قد كتبت من اجوبة مسائل الامام الصادق 7 فقط اربعمائة مصنف لاربعمائة مصنف تسمى الاصول في انواع العلوم (4). 
5 ـ قال المحقق الداماد في « الرواشح » : « المشهور ان الاصول اربعمائة مصنف لاربعمائة مصنف من رجال ابي عبدالله الصادق 7 ، بل وفي مجالس السماع والرواية عنه ورجاله زهاء اربعة آلاف 
__________________
1 ـ المعتبر : 1 / 26 ( الطبعة الحديثة ، قم ). 
2 ـ اعلام الورى : 166 والذريعة : 2 / 129 وما في المتن مطابق لما في الثاني ولعل في المطبوع سقطاً. 
3 ـ الذريعة : 2 / 131. 
4 ـ الذريعة : 2 / 129. 
 
رجل. وكتبهم ومصنفاتهم كثيرة. إلا ان ما استقرّ الأمر على اعتبارها والتعويل عليها وتسميتها بالاصول هذه الاربعمائة » (1). 
والظاهر من عبارة الطبرسي ان مؤلفي الاصول تلامذة الإمام الصادق والكاظم 8 والظاهر من غيره انهم من تلامذة الإمام الصادق 7 فقط. ولعلّ الحصر لأجل كون الغالب من تلامذة الوالد دون الولد. 
كما ان الظاهر من الشيخ المفيد ـ على ما حكي عنه ـ انها لا تختص باصحابهما بل يعمّ غيرهما أيضاً. قال : « وصنف الإمامية من عهد امير المؤمنين 7 إلى عصر ابي محمد العسكري 7 اربعمائة كتاب تسمى الاصول وهذا معنى قولهم : له اصل » (2) ولكنه لم يرد ان تأليف هذه الاصول كان في جميع تلك المدة بل اخبر بانها ألّفت بين هذين العصرين ، بمعنى انه لم يؤلف شيء من هذه الاصول قبل ايام امير المؤمنين 7 ولا بعد عصر العسكري 7 ، كما انه لم يرد حصر جميع مصنفات الاصحاب في هذه الكتب الموسومة بالاصول ، كيف وهو اعلم بكتبهم وباحوال المصنفين منهم كفضل بن شاذان وابن ابي عمير الذين صنفوا وأكثروا (3). 
قال العلاّمة الطهراني اعتماداً على ما مرّ ، ما هذا لفظه : « إذاً يسعنا 
__________________
1 ـ المصدر نفسه. 
2 ـ معالم العلماء لابن شهر اشوب : 3. 
3 ـ وللمجلسي الأول كلام في هذا المجال لاباس بذكره. قال : والذي ظهر لنا من التتبع ان كتب جماعة اجمع الاصحاب على تصحيح ما يصح عنهم او من كان مثلهم كالحسين بن سعيد كانت من الاصول وان لم يذكروها بخصوصها ، لأغناء نقل الاجماع او ما يقاربه عن ذلك. فانا تتبعنا ان مع كتبهم تصير الاصول اربعمائة. فان الجماعة الذين ذكرهم الشيخ ; ان لهم اصلاً يقرب من مائتي رجل ( روضة المتقين 14 ، الصفحة 342 ). 
 
دعوى العلم الاجمالي بأن تاريخ تأليف جل هذه الاُصول إلا اقل قليل منها كان في عصر اصحاب الامام الصادق 7 وهو عصر ضعف الدولتين وهو من اواخر ملك بني امية إلى اوائل ايام هارون الرشيد ، أي من سنة 95 هـ عام هلاك حجاج بن يوسف إلى عام 170 هـ الذي ولي فيه هارون الرشيد » (1). 
ولما لم يكن للاصول ترتيب خاص ، لأن جلها من املاءات المجالس واجوبة المسائل النازلة المختلفة ، عمد اصحاب الجوامع إلى نقل رواياتهم مرتبة مبوبة منقحة تسهيلاً للتناول والانتفاع. ولاجل ذلك قلت الرغبات في استنساخ اعيانها فقلت نسخها وضاعت النسخ القديمة تدريجاً وتلفت كثير منها في حوادث تاريخية كاحراق ما كان منها موجوداً في مكتبة سابور بكرخ عند ورود طغرل بيك إلى بغداد سنة 448 ، كما ذكره في « معجم البلدان » (2). 
وكان قسم من تلك الاصول باقياً بالصورة الاولية إلى عهد ابن ادريس الحلي ـ المتوفّى عام 598 هـ ـ وقد استخرج من جملة منها ما جعله مستطرفات السرائر. وحصلت جملة منها عند السيد رضى الدين ابن طاووس كما ذكرها في « كشف المحجة ». ثم تدرج التلف وقلت النسخ إلى حد لم يبق منها إلا ستة عشر. وقد وقف عليها استاذنا السيد محمد الحجة الكوه كمرى ـ رضوان الله عليه ـ فقام بطبعها. 
الثالث : وجه العناية بالاصول ومدى دلالتها على الوثاقة 
ان من الواضح ان احتمال الخطأ والغلط والسهو والنسيان وغيرها في الاصل المسموع شفاهاً عن الامام او عمّن سمع منه أقل منها في الكتاب المنقول عن كتاب آخر ، لتطرق احتمالات زائدة في النقل عن الكتاب فالاطمئنان بصدور عين الالفاظ المندرجة في الاصول اكثر والوثوق به آكد. 
__________________
1 ـ الذريعة : 2 / 131. 
2 ـ المصدر نفسه. 
 
ولذا كان الأخذ من الاصول المصححة المعتمدة احد اركان تصحيح الرواية ، كما قال المحقق الداماد (1) وصرح به المحقق البهائي في « مشرق الشمسين » حيث ذكر فيه بعض ما يوجب الوثوق بالحديث والركون اليه ، منها وجوده في كثير من الاصول الاربعمائة ، ومنها تكرره في اصل او اصلين منها فصاعدا بطرق مختلفة واسانيد عديدة معتبرة ، ومنها وجوده في اصل معروف الانتساب إلى احد الجماعة الذين اجمعوا على تصديقهم او على تصحيح ما يصح عنهم (2). 
ولا يخفى ان هذه الميزة ترشحت إلى الاصول من قبل المثابرة الاكيدة على كيفية تأليفها والتحفظ على ما لا يتحفظ عليه غيرهم من المؤلفين غالبا. 
ويظهر من الشيخ ; ان الاصول الاربعمائة مما اجمع الاصحاب على صحتها وعلى العمل بها. 
قال المولى التقي المجلسي : « ذكر الشيخ في ديباجة الاستبصار ان هذه الاخبار المستودعة في هذه الكتب ـ أي الكتب الاربعة ـ مجمع عليها في النقل. والظاهر ان مراده انهم اخذوها من الاصول الاربعمائة التي اجمع الاصحاب على صحتها وعلى العمل بها » (3). 
وذكر الشيخ أيضاً في مبحث التعادل والترجيح من « العدة » ان رواية السامع مقدم على رواية المستجيز ، إلا ان يروي المستجيز اصلا معروفاً أو مصنفاً مشهوراً (4) ، ودلالة هذه العبارة على شدة الاهتمام بالاصول المدونة من قبل اصحاب الائمة : ظاهرة. 
اما دلالة كون الرجل ذا تصنيف او ذا اصل على وثاقته ومدحه فغير 
__________________
1 ـ الذريعة : 2 / 126. 
2 ـ مستدرك الوسائل : 3 / 535 ( نقلا عن مشرق الشمسين ). 
3 ـ روضة المتقين : 14 / 40. 
4 ـ عدة الاصول : 1 / 385. 
 
معلوم. لأن كثيراً من مصنفي الاصول مالوا إلى المذاهب الفاسدة كالواقفية والفطحية ، وان كانت كتبهم معتمدة. وذلك لأن مصطلح الصحيح عند القدماء غيره عند المتأخرين ، ولا يستتبع صحة حديث رجل عند القدماء وثاقته عندهم ، كما ذكر في كتب الدراية. 
قال الوحيد في فوائده : « ثم اعلم انه عند خالي ، بل وجدي أيضاً ، على ما هو ببالي ان كون الرجل ذا اصل من اسباب الحسن. وعندي فيه تأمل لأن كثيراً من مصنفي اصحابنا واصحاب الاصول كانوا ينتحلون المذاهب الفاسدة وان كانت كتبهم معتمدة واضعف من ذلك كون الرجل ذا كتاب من اسباب الحسن. ولكن الظاهر ان كون الرجل صاحب اصل يفيد حسنا لا الحسن الاصطلاحي. وكذا كونه كثير التصنيف وكذا جيد التصنيف وامثال ذلك. بل وكونه ذا كتاب أيضاً يشير إلى حسن ما. ولعل ذلك مرادهم مما ذكروا » (1). 
فما ذكره المحقق الطهراني في ذريعة من ان قول ائمة الرجال في ترجمة احدهم ان له اصلا يعد من الفاظ المدح (2) ، يجب حمله على ما افاده الوحيد بمعنى انه يكشف عن وجود مزايا شخصية فيه من الضبط والحفظ والتحرز عن بواعث النسيان والاشتباه والتحفظ عن موجبات الغلط والسهو ، لا بمعنى وثاقته وعدالته وصحة مذهبه. 
هذا تمام الكلام في معرفة الاصل والتصنيف والنوادر. 
الفائدة الرابعة عشر 
قد وقفت على دلائل الحاجة إلى علم الرجال في التمسك بالروايات المروية عن النبي وعترته الطاهرة : الواردة في كتب اصحابنا 
__________________
1 ـ الفوائد الرجالية : 36. 
2 ـ الذريعة : 2 / 130. 
 
الامامية ، وعرفت المصادر التي يجب الرجوع اليها في تمييز الثقات عن الضعاف. 
وأمّا ما يرويه أهل السنة عن النبي الأكرم او الصحابة والتابعين لهم بإحسان فالحاجة إلى علم الرجال فيه أشد وألزم وذلك بوجوه : 
الأول : ان الغايات السياسية غلبت على الاهداف الدينية فمنعت الخلفاء من كتابة حديث الرسول 6 وتدوينه بعد لحوقه بالرفيق الاعلى. ودام هذا النهي قرابة قرن من الزمن إلى ان آل الأمر إلى الخليفة الاموي عمر بن عبد العزيز ( 99 ـ 101 هـ ) فاحسّ بضرورة كتابة الحديث ، فكتب إلى ابي بكر بن حزم في المدينة : « انظر ما كان من حديث رسول الله فاكتبه فاني خفت دروس العلم وذهاب العلماء ولا تقبل إلا احاديث النبي ، ولتفشوا العلم ، ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم فان العلم لا يهلك حتى يكون سراً » (1). 
ومع هذا الاصرار المؤكد من الخليفة لم تكتب إلا صحائف غير منتظمة ولا مرتبة ، إلى ان زالت دولة الامويين ، وقامت دولة العباسيين ، واخذ ابو جعفر المنصور بمقاليد الحكم ، فقام المحدثون في سنة 143 هجرية بتدوين الحديث (2). 
كانت للحيولة من كتابة الحديث اثار سلبية جدّاً ، لأن الفراغ الذي خلفه المنع اوجد ارضية مناسبة لظهور الدجالين والأبالسة من الاحبار والرهبان من كهنة اليهود والنصارى ، فافتعلوا احاديث كثيرة نسبوها إلى الانبياء عامة ، وإلى لسان النبي الاكرم خاصة. وهذه الاحاديث هي المرويات الموسومة بالاسرائيليات والمسيحيات بل المجوسيات. وقد شغلت بال المحدثين قرونا واجيالا ، وهي مبثوثة في كتب التفسير والحديث والتاريخ ، بل هي حلقات بلاء 
__________________
1 ـ صحيح البخاري : 1 / 27. 
2 ـ تاريخ الخلفاء للسيوطي : 261 ، نقلا عن الذهبي. 
 
حاقت بالمسلمين. وارجو من الله سبحانه ان يقيّض أمة ساعية في هذا المجال لافراز هذه المرويات عن النصوص الصحيحة الاسلامية ، وقد بحثنا عن الاثار السلبية لمنع تدوين الحديث في بحوث حول الملل والنحل (1). 
الثاني : ان وضع الحديث والكذب على النبي الاعظم وعلى الثقات من صحابته والتابعين لهم باحسان كان شعار الصالحين وعمل الزاهدين ، يتقربون به إلى الله سبحانه ، ولا يرون الوضع والاختلاف منافياً للزهد والورع ، كل ذلك لاهداف دينية من دعم مبدأ أو تعظيم امام او تأييد مذهب. 
روى الخطيب عن الرجالي المعروف يحيى بن سعيد القطان قوله : « ما رأيت الصالحين في شيء اكذب منهم في الحديث » (2). 
ويروي السيوطي عنه أيضا قوله : « ما رأيت الكذب في أحد أكثر منه فيمن ينسب إلى الخير والزهد » (3). 
ومن اراد أن يقف على كيفية عمل الوضاعين ومقاصدهم ونماذج من الاحاديث الموضوعة فليرجع إلى الكتابين التاليين : 
1 ـ « الموضوعات الكبرى » في اربعة اجزاء ، للشيخ ابي الفرج عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي البغدادي ( المتوفّى عام 597 هـ ) وقد ذكر فيه المؤلف الاحاديث الموضوعة ، واراد الاستقصاء ولم يوفق له ، لانه عمل كبير لا يقوم به إلا اللجان التحقيقية. 
2 ـ « اللآلي المصنوعة في الاحاديث الموضوعة » لجلال الدين السيوطي ( المتوفّى عام 911 هـ ) ، إلى غير ذلك من الكتب المؤلفة في هذا المضمار. 
__________________
1 ـ لاحظ كتابنا « بحوث في الملل والنحل » : 1 / 65 ـ 95. 
2 ـ تاريخ بغداد : 2 / 98. 
3 ـ اللآلي المصنوعة في الاحاديث الموضوعة : 2 / 470 ، في خاتمة الكتاب في ضمن فوائد. 
 
الثالث : ان السلطة الاموية كانت تدعم وضع الحديث بشدّة وحماس لما في تلك الاحاديث المزورة من تحكيم عرش الخلافة وثباته ، خصوصا إذا كان الوضع في مجال المناقب والفضائل للخلفاء وبالاخص للامويين منهم. 
وهذا معاوية ـ ابن هند آكلة الاكباد ـ كتب إلى عمّاله في الآفاق : « لا تجيزوا لاحد من شيعة علي واهل بيته شهادة. وانظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه واهل ولايته ، والذين يروون فضائله ومناقبه فأدنوا مجالسهم وقربوهم واكرموهم واكتبوا إلي بكل ما يروي رجل منهم ، واسمه واسم ابيه وعشيرته ». 
وقد كان لهذا المنشور اثر بارز في اكثار الفضائل لعثمان ، وخلقها له ، لما كان يبعثه معاوية اليهم من الصلات والكساء والحباء ويفيضه في العرب منهم والموالي. فكثر ذلك في كل مصر وتنافسوا في المنازل والدنيا ، فليس يجيء احد مردود من الناس ، عاملا من عمال معاوية ويروي في عثمان فضيلة او منقبة إلا كتب اسمه ، وقربه وشفعه فلبثوا بذلك حينا. 
ثم كتب معاوية إلى عماله : « ان الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر وفي كل وجه وناحية ، فاذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الاولين ولا تتركوا خبرا يرويه احد من المسلمين في ابي تراب إلا وتأتوني بمناقض له في الصحابة ، فان هذا احب إلي واقر لعيني ، وادحض لحجة ابي تراب وشيعته واشد اليهم من مناقب عثمان وفضله ». 
وقد قرء هذا المنشور على الناس ، فرويت اخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها ، وجدّ الناس في رواية ما يجري هذا المجرى حتى اشادوا بذكر ذلك على المنابر ، والقي إلى معلمي الكتاتيب فعلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع حتى رووه وتعلموه كما يتعلمون القرآن وحتى علّموه بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم فلبثوا بذلك ماشاء 
 
الله (1). 
وهذا يعرب عن ان الأهواء الشخصيَّة ، والاغراض المذهبية ، كان لها اثر بعيد في وضع الحديث على رسول الله 6 لكي يؤيد كل فريق رأيه ويحق ما يراه حقا. 
علم الرجال والاحاديث غير الفقهية 
ان الرجوع إلى علم الرجال لا يختص بمورد الروايات الفقهية فكما ان الفقيه لا منتدح له عن الرجوع إلى ذلك العلم ليميز الصحيح عن الساقط ، فهكذا المحدث والمؤرخ الاسلاميان يجب عليهما الرجوع إلى علم الرجال في القضايا التاريخية والحوادث المؤلمة او المُسرَّة. فان يد الجعل والوضع قد لعبت تحت الستار في مجال التاريخ والمناقب اكثر منها في مجال الروايات الفقهية. ومن حسن الحظ ان قسما كبيرا من التواريخ المؤلفة في العصور الأولى مسندة لا مرسلة ، كتاريخ الطبري لا بن جرير وتفسيره ، فقد ذكر اسناد ما يرويه في كلا المجالين. وبذلك يقدر الانسان على تمييز الصحيح عن الزائف ، ومثله طبقات ابن سعد ( المتوفّى عام 209 هـ ) وغير ذلك من الكتب المسنده المؤلفة في تلك العصور. 
ولاجل ايقاف القارئ على عدة من الكتب الرجالية لاهل السنة نأتي باسماء المهم منها ، ولا غنى للباحث عن الرجوع إلى تلك الكتب الثمينة : 
1 ـ « الجرح والتعديل » : تأليف الحافظ عبد الرحمن بن ابي حاتم الرازي ( المولود عام 240 والمتوفّى عام 327 هـ ) وطبع الكتاب في تسعة اجزاء ، يحتوي على ترجمة ما يقرب من عشرين الف شخص. 
__________________
1 ـ شرح ابن ابي الحديد : 11 / 44 ، 45 ، نقله عن كتاب الاحداث لابي الحسن علي بن محمد بن ابي سيف المدائني. 
 
2 ـ « ميزان الاعتدال في نقد الرجال » : تأليف ابي عبدالله محمد بن أحمد الذهبي ( المتوفّى عام 748 هـ ). 
قال السيوطي : « والذي اقوله : ان المحدثين عيال الآن في الرجال وغيرها من فنون الحديث على اربعة : المزي ، والذهبي ، والعراقي ، وابن حجر » (1). 
3 ـ « تهذيب التهذيب ». تأليف الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ( المولود عام 773 ، والمتوفّى عام 852 هـ ) صاحب التآليف الكثيرة منها « الاصابة » و « الدرر الكامنة في اعيان المائة الثامنة » وغيرهما. 
والاصل في هذا الكتاب هو « الكمال في اسماء الرجال » (2) تأليف الحافظ ابي محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن سرور المقدسي الحنبلي ( المتوفّى سنة 600 هـ ). 
وهذبه الحافظ جمال الدين يوسف بن الزكي المزي ( المتوفّى سنة 724 هـ ) واسماه « تهذيب الكمال في اسماء الرجال ». 
وقام ابن حجر بتلخيص التهذيب واسماه « تهذيب التهذيب » واقتصر فيه على الجرح والتعديل وحذف ما طال به الكتاب من الاحاديث. طبع في 12 جزءا في حيدر آباد دكن من بلاد الهند عام 1325. 
4 ـ « لسان الميزان » : تأليف الحافظ بن حجر العسقلاني وهو اختصار لكتاب « ميزان الاعتدال » للذهبي وقد ذكر في مقدمة الكتاب كيفيَّة العمل الذي قام به في طريق اختصاره. طبع الكتاب في سبعة اجزاء في حيدر آباد دكن من بلاد الهند واُعيد طبعه كسابقه في بيروت بالافست. 
__________________
1 ـ مقدمة « ميزان الاعتدال » ، الصفحة « ز ». 
2 ـ لاحظ حول هذا الكتاب من التلخيص والاختصار كشف الظنون : 2 / 330. 
 
وهذه الكتب الاربعة هي مصادر علم الرجال عند اهل السنة ، فيجب على كل عالم اسلامي الالمام بها والاستعانة بها في تمييز الاحاديث والمرويات المزورة والمختلقة في طول الاجيال الماضية ، عن الصحاح الثابتة. 
( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحيوة الدنيا وفي الآخرة ). (1) 
الكتب المؤلفة في حياة الصحابة 
قد قام عدَّة من المتضلعين في التاريخ والحديث بتأليف كتب حافلة بترجمة صحابة النبي الاكرم 6 والمهمّ منها ما يلي : 
1 ـ « الاستيعاب في اسماء الاصحاب » : تأليف الحافظ ابي عمر يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبد البر ( المولود سنة 363 هـ والمتوفّى عام 463 هـ ). 
2 ـ « اسد الغابة » : للعلامة ابي الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري المعروف بابن الاثير ( المتوفّى عام 630 هـ ) وقد جاء فيه سبعة آلاف وخمسمائة ترجمة. 
3 ـ « الاصابة في تمييز الصحابة » : للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني السابق ذكره. 
وقد قمنا بتأليف كتاب حول صحابة النبي الذين شايعوا عليّاً في حياة النبي وبعد رحلته إلى ان لفظوا اخر نفس من حياتهم فبلغ عددهم 250 شخصاً طبع منه جزءان. 
هذا نهاية البحث عن القواعد الكلية في علم الرجال ، وقد قربت للقارئ الكريم البعيد ، ولخصت له الابحاث المسهبة بشكل يسهل تناولها ، أشكره سبحانه على هذه النعمة ، وارجو منه تعالى ان يكون ما قدمته من المحاضرات خطوة مؤثرة لتطور الدراسات العالية في الحوزات العلمية المقدسة حتى يتخرج 
__________________
1 ـ إبراهيم : 27. 
 
في ظل هذه الابحاث ثلة متخصصة في علمي الرجال والدراية ، كما نرجو مثله في سائر العلوم والفنون. 
بلغ الكلام إلى هنا صبيحة يوم الجمعة رابع شوال المكرم من شهور عام 1408 هـ كتبه بيمناه جعفر السبحاني ابن الفقيه الشيخ محمد حسين غفر الله لهما. قم المشرفة.  

المراجع

مكتبة كوفان

التصانيف

الآداب   كُتب   السيرة والتاريخ