المصادر الثانوية لعلم الرجال
1 ـ الاصول الرجالية الأربعة
2 ـ الجوامع الرجالية في العصور المتأخرة.
3 ـ الجوامع الرجالية الدارجة على منهج القدماء.
4 ـ تطوّر في تأليف الجوامع الرجالية.
1 ـ الأصول الرجالية الاربعة
* فهرس الشيخ منتجب الدين.
* معالم العلماء.
* رجال ابن داود.
* خلاصة الاقوال في علم الرجال.
الاصول الرجالية الاربعة
قد وقفت بفضل الابحاث السابقة ، على الاصول الاولية لعلم الرجال ، التي تعد امهات الكتب المؤلفة في العصور المتأخرة ومؤلفو هذه الاصول يعدون في الرعيل الاول من علماء الرجال ، لا يدرك لهم شأو ولا يشق لهم غبار ، لانهم 5 قد عاصروا أساتذة الحديث وأساطينه ، وكانوا قريبي العهد من رواة الاخبار ونقلة الآثار ، ولاجل ذلك تمكنوا تمكناً تاماً مورثاً للاطمئنان ، من الوقوف على أحوالهم وخصوصيات حياتهم ، اما عن طريق الحس والسماع ـ كما هو التحقيق ـ أو من طريق جمع القرائن والشواهد المورثة للاطمئنان الذي هو علم عرفي ، كما سيوافيك تحقيقه في الابحاث الآتية.
وقد تلت الطبقة الاولى ، طبقة اخرى تعد من اشهر علماء الرجال بعدهم ، كما تعد كتبهم مصادر له بعد الاصول الاولية نأتي بأسمائهم وأسماء كتبهم ، وكلهم كانوا عائشين في القرن السادس.
ان أقدم فهرس عام لكتب الشيعة ، هو فهرس الشيخ أحمد بن الحسين بن عبيدالله الغضائري ، الذي قد تعرفت عليه وما حوله من الاقوال والآراء.
نعم ، ان فهرست أبي الفرج محمد بن اسحاق المعروف بابن النديم
( المتوفّى عام 385 هـ ) وان كان أقدم من فهرس ابن الغضائري ، لكنه غير مختص بكتب الشيعة ، وانما يضم بين دفتيه الكتب الاسلامية وغيرها ، وقد أشار الى تصانيف قليلة من كتب الشيعة.
وقد قام الشيخ الطوسي بعد ابن الغضائري ، فألف فهرسه المعروف حول كتب الشيعة ومؤلفاتهم ، وهو من احسن الفهارس المؤلفة ، وقد نقل عنه النجاشي في فهرسه واعتمد عليه ، وان كان النجاسي أقدم منه عصراً وأرسخ منه قدماً في هذا المجال.
وقد قام بعدهم في القرن السادس ، العلاّمتان الجليلان ، الشيخ الحافظ ابو الحسن منتجب الدين الرازي ، والشيخ الحافظ محمَّد بن عليّ بن شهرآشوب السروي المازندراني ، فأكملا عمل الشيخ الطوسي وجهوده إلى عصرهما ، وإليك الكلام فيهما إجمالاً :
1 ـ فهرس الشيخ منتجب الدين
وهو تأليف الحافظ عليّ بن عبيدالله بن الحسن بن الحسين بن الحسن بن الحسين ( أخي الشيخ الصدوق 1 ) بن علي ( والد الصدوق ). عرَّفه صاحب الرياض بقوله : « كان بحراً لا ينزف ، شيخ الاصحاب ، صاحب كتاب الفهرس. يروي عن الشيخ الطبرسي ( المتوفّى عام 548 هـ ) وأبي الفتوح الرازي ، وعن جمع كثير من علماء العامة والخاصَّة. ويروي عن الشيخ الطّوسي ( المتوفّى 460 هـ ) بواسطة عمّه الشيخ بابويه بن سعد.
وهذا الامام الرّافعي ( وهو الشيخ ابو القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي الشافعي ، المتوفّى عام 623 ) يعرفه في تاريخه ( التدوين ) : الشيخ عليّ بن عبيدالله بن الحسن بن الحسين بن بابويه شيخ ريّان من علم الحديث سماعاً وضبطاً وحفظاً وجمعاً ، قلَّ من يدانيه في هذه الاعصار في كثرة الجمع والسماع ، قرأت عليه بالرىّ سنة 584 هـ ، وتولد سنة 504 هـ ، ومات بعد
سنة 585 هـ ، ثمَّ قال : ولئن اطلت عند ذكره بعض الاطالة فقد كثر انتفاعي بمكتوباته وتعاليقه فقضيت بعض حقه باشاعة ذكره وأحواله » (1).
وقال الشيخ الحرّ العاملي في ترجمته : « الشيخ الجليل عليّ بن عبيدالله بن الحسن بن الحسين بن بابويه القمّي ، كان فاضلا عالما ثقة صدوقاً محدّثاً حافظاً راوية علاّمة ، له كتاب الفهرس في ذكر المشايخ المعاصرين للشيخ الطوسي والمتأخرين إلى زمانه » (2).
وقد ألَّفه للسيد الجليل أبي القاسم يحيى بن الصدر (3) السعيد المرتضى باستدعاء منه حيث قال السيد له : « إن شيخنا الموفق السعيد أبا جعفر محمد بن الحسن الطوسي ـ رفع الله منزلته ـ قد صنف كتابا في أسامي مشايخ الشيعة ومصنّفيهم ، ولم يصنف بعده شيء من ذلك » فأجابه الشيخ منتجب الدين بقوله : « لو أخَّر الله أجلي وحقق أملي ، لأضفت اليه ما عندي من أسماء مشايخ الشيعة ومصنّفيهم ، الذين تأخر زمانهم عن زمان الشيخ أبي جعفر ; وعاصروه » ثمَّ يقول : « وقد بنيت هذا الكتاب على حروف المعجم اقتداء بالشيخ أبي جعفر ; وليكون أسهل مأخذاً ومن الله التوفيق » (4).
وكلامه هذا ينبئ عن أنه لم يصل اليه تأليف معاصره الشيخ محمد بن عليّ بن شهرآشوب ، الذي كتب كتابه الموسوم بـ « معالم العلماء » تكملة لفهرس الشيخ ، ولأجل ذلك قام بهذا العمل من غير ذكر لذلك الكتاب.
__________________
1 ـ رياض العلماء : 4 / 140 ـ 141 ، ولكن التحقيق انه كان حيّاً الى عام 600 هـ. لاحظ مقال المحقق السيد موسى الزنجاني المنشور في مجموعة حول ذكرى العلاّمة الاميني 1.
2 ـ أمل الآمل : 2 / 194.
3 ـ المدفون بـ « ري » المعروف عند الناس بامام زادة يحيى وربما يحتمل تعدد الرجلين.
4 ـ فهرس الشيخ منتجب الدين : 5 ـ 6.
وقد ألَّف الشيخ الطوسي الفهرس بأمر استاذه المفيد الذي توفي سنة 413 هـ ، وفي حياته ، كما صرَّح به في أوله.
وقد أورد الشيخ منتجب الدين في فهرسه هذا ، من كان في عصر المفيد إلى عصره المتجاوز عن مائة وخمسين سنة.
وفي الختام ، نقول : « إن الحافظ بن حجر العسقلاني ( المتوفّى عام 852 هـ ) قد أكثر النقل عن هذا الفهرس في كتابه المعروف بـ « لسان الميزان » ، معبّراً عنه بـ « رجال الشيعة » أو « رجال الامامية » ولا يريد منهما إلا هذا الفهرس ، ويعلم ذلك بمقارنة ما نقله في لسان الميزان ، مع ما جاء في هذا الفهرس ، كما أن لصاحب هذا الفهرس تأليفاً آخر اسماه تاريخ الريّ ، وينقل منه أيضاً ابن حجر في كتابه المزبور ، والأسف كل الاسف أن هذا الكتاب وغيره مثل « تاريخ ابن ابي طيّ » (1) و « رجال عليّ بن الحكم » و « رجال الصدوق » التي وقف على الجميع ، ابن حجر في عصره ونقل عنها في كتابه « لسان الميزان » لم تصل إلينا ، لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً.
ثم إن الغاية من اقتراح السيد عزّ الدين يحيى ، نقيب السادات ، هو كتابة ذيل لفهرس الشيخ على غراره ، بأن يشتمل على أسامي المؤلفين ، ومؤلفاتهم واحداً بعد واحد ، وقد قبل الشيخ منتجب الدين اقتراح السيّد ، وقام بهذا العمل لكنه 1 عدل عند الاشتغال بتأليف الفهرس عن هذا النمط ، فجاء بترجمة كثير من شخصيات الشيعة ، يناهز عددهم إلى 540 شخصية علمية وحديثية من دون أن يذكر لهم أصلا وتصنيفا ، ومن ذكر لهم كتاباً لا يتجاوز عددهم عن حدود مائة شخص.
نعم ما يوافيك من الفهرس الآخر لمعاصره ـ أعني معالم العلماء ـ فهو على غرار فهرس الشيخ حذو القذّة بالقذّة.
__________________
1 ـ راجع في الوقوف على وصف هذا التاريخ وما كتبه في طبقات الامامية ايضا « الذريعة إلى تصانيف الشيعة » ج 3 ، ص 219 ـ 220 هذا وتوفي ابن ابي طي سنة 630 هـ.
2 ـ معالم العلماء في فهرس كتب الشيعة وأسماء المصنفين
وهو تأليف الحافظ الشهير محمد بن علي بن شهرآشوب المازندراني ، المولود عام 488 هـ ، والمتوفّى سنة 588 هـ ، وهو اشهر من أن يعرّف ، فقد أطراه أرباب المعاجم من العامة والخاصّة.
قال صلاح الدين الصفدي : « محمد بن علي بن شهرآشوب ابو جعفر السروي المازندراني ، رشيد الدين الشيعي ، احد شيوخ الشيعة. حفظ القرآن وله ثمان سنين ، وبلغ النهاية في أصول الشيعة ، كان يرحل اليه من البلاد ، ثم تقدَّم في علم القرآن والغريب والنحو ، ذكره ابن أبي طيّ في تاريخه ، وأثنى عليه ثناء بليغاً ، وكذلك الفيروزآبادي في كتاب البلغة في تراجم أئمة النَّحو واللغة ، وزاد أنه كان واسع العلم ، كثير العبادة دائم الوضوء ، وعاش مائة سنة الا ثمانية أشهر ، ومات سنة 588 هـ » (1).
وذكره الشيخ الحرّ العاملي في « أمل الآمل » في باب المحمدين ، وذكر كتبه الكثيرة ، التي أعرفها « مناقب آل أبي طالب » وقد طبع في أربعة مجلدات ، و « متشابه القرآن » وهو من محاسن الكتب وقد طبع في مجلد واحد ، و « معالم العلماء » الذي نحن بصدد تعريفه ، وهذا الكتاب يتضمن 1021 ترجمة وفي آخرها « فصل فيما جهل مصنّفه » و « باب في بعض شعراء أهل البيت » وهذا الفهرس ، كفهرس الشيخ منتجب الدين تكملة لفهرس الشيخ الطوسي ، والمؤلفان متعاصران ، والكتابان متقاربا التأليف ، وقد أصبح معالم العلماء من المدارك المهمة لعلماء الرجال ، كالعلامة الحلي في « الخلاصة » ، ومن بعده.
__________________
1 ـ الوافي بالوفيات : 4 / 164.
3 ـ رجال ابن داود
وهو تأليف تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلي المولود سنة 647 ، أي قبل تولد العلاّمة بسنة ، والمتوفّى بعد سنة 707 هـ ، تتلمذ على السيد جمال الدين أحمد بن طاووس ( المتوفّى سنة 673 هـ ) قرأ عليه أكثر كتاب « البشرى » و « الملاذ » حتى قال : « وأكثر فوائد هذا الكتاب من اشاراته وتحقيقاته ، رباني وعلمني وأحسن إلي »(1).
كما قرأ على الامام نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى المعروف بالمحقق ، وقال في حقه : « قرأت عليه ورباني صغيراً ، وكان له علي احسان عظيم والتفات ، وأجاز لي جميع ما صنفه وقرأه ورواه » (2).
مميزات رجال ابن داود
ومن مزايا ذلك الكتاب ، أنه سلك فيه مسلكاً لم يسبقه أحد من الاصحاب ، لانه رتبه على الحروف ، الاول فالاول ، من الاسماء وأسماء الاباء والاجداد ، وجمع ما وصل اليه من كتب الرجال مع حسن الترتيب وزيادة التهذيب ، فنقل ما في فهرس الشيخ والنجاشي ، ورجال الكشي ، والشيخ وابن الغضائري والبرقي والعقيقي وابن عقدة والفضل بن شاذان وابن عبدون ، وجعل لكل كتاب علامة ولم يذكر المتأخرين عن الشيخ إلا اسماء يسيرة ، وجعل كتابه في جزأين ، الاول يختص بذكر الموثقين والمهملين ، والثاني بالمجروحين والمجهولين.
وذكر في آخر القسم الاول ، تحت عنوان خاص ، جماعة وصفهم النجاشي بقوله « ثقة ثقة » مرتين ، عدتهم أربعة وثلاثون رجلاً مرتبين على
__________________
1 ـ لاحظ رجال ابن داود : 45 ـ 46 طبعة النجف.
2 ـ رجال ابن داود : 62 طبعة النجف.
حروف الهجاء ، ثم أضاف بأن الغضائري جاء في كتاب خمسة رجال زيادة على ما ذكره النجاشي ، ووضف كلا منهم بأنه « ثقة ثقة » مرتين ، ثم ذكر خمسة فصول لا غنى للباحث عنها ، كل فصل معنون بعنوان خاص.
ثم ذكر في آخر القسم الثاني ، سبعة عشر فصلاً لا يستغني عنها الباحثون ، كل فصل معنون بعنوان خاص ثم أورد تنبيهات تسعة مفيدة.
وبما أنه وقع في هذا الكتاب إشتباهات عند النقل عن كتب الرجال ، مثلا نقل عن النجاشي مطلباً وهو للكشّي أو بالعكس ، قام المحقق الكبير السيد محمد صادق آل بحر العلوم في تعليقاته على الكتاب ، باصلاح تلك الهفوات ولعل أكثر تلك الهفوات نشأت من استنساخ النساخ ، وعلى كل تقدير ، فلهذا الكتاب مزية خاصة لا توجد في قرينه الآتي أعني خلاصة العلاّمة ـ أعلى الله مقامه ـ.
قال الافندي في « رياض العلماء » : « وليعلم أن نقل ابن داود في رجاله عن كتب رجال الاصحاب ، ما ليس فيها ، مما ليس فيه طعن عليه ، إذ أكثر هذا نشأ من اختلاف النسخ ، والازدياد والنقصان الحاصلين من جانب المؤلفين أنفسهم بعد اشتهار بعض نسخها وبقي في أيدي الناس على حالته الاولى من غير تغيير ، كما يشاهد في مصنفات معاصرينا أيضاً ولا سيّما في كتب الرجال التي يزيد فيها مؤلفوها ، الأسامي والأحوال يوماً فيوماً وقد رأيت نظير ذلك في كتاب فهرست الشيخ منتجب الدين ، وفهرست الشيخ الطوسي ، وكتاب رجال النجاشي وغيرها ، حتى إني رأيت في بلدة الساري نسخة من خلاصة العلاّمة قد كتبها تلميذه في عصره ، وكان عليها خطه وفيه اختلاف شديد مع النسخ المشهورة بل لم يكن فيها كثير من الأسامي والأحوال المذكورة في النسخ المتداولة منه » (1).
__________________
1 ـ رياض العلماء : 1 / 258.
أقول : ويشهد لذلك ان المؤلفات المطبوعة في عصرنا هذا تزيد وتنقص حسب طبعاتها المختلفة ، فيقوم المؤلف في الطبعة اللاحقة بتنقيح ما كتب بإسقاط بعض ما كتبه وإضافة مالم يقف عليه في الطبعة الأولى ، ولأجل ذلك تختلف الكتب للمعاصرين حسب اختلاف الطبعات.
وفي الختام نذكر نصّ اجازة السيّد أحمد بن طاووس ، لتلميذه ابن داود مؤلّف الرجال ، وهي تعرب عن وجود صلة وثيقة بين الاستاذ والمؤلف فإنه بعد ما قرأ ابن داود كتاب « نقض عثمانية جاحظ » على مؤلفه « أحمد بن طاووس » كتب الاستاذ اجازة له وهذه صورتها :
« قرأ عليّ هذا « البناء » من تصنيفي ، الولد العالم الأديب التقي ، حسن بن علي بن داود ـ أحسن الله عاقبته وشرف خاتمته ـ وأذنت له في روايته عنّي.
وكتب العبد الفقير إلى الله تعالى أحمد بن طاووس حامداً لله ومصلّياً على رسوله ، والطاهرين من عترته ، والمهديّين من ذريته ».
وفي آخر الرسالة ما هذه صورته :
« أنجزت الرسالة ، والحمد لله على نعمه ، وصلاته على سيّدنا محمد النبي وآله الطاهرين.
كتبه العبد الفقير إلى الله تعالى ، حسن بن علي بن داود ربيب صدقات مولانا المصّنف ـ ضاعف الله مجده وأمتعه الله بطول حياته ـ وصلاته على سيّدنا محمد النبي وآله وسلامه ».
وكان نسخ الكتاب في شوال من سنة خمس وستين وستمائة (1).
__________________
1 ـ وقد أسماه المؤلف بـ « بناء المقالة الفاطمية في نفض الرسالة العثمانية للجاحظ » ويقال اختصاراً « البناء ».
مشايخه
قال الافندي : ويروي ابن داود عن جماعة من الفضلاء :
منهم : السيد جمال الدين ابو الفضائل أحمد بن طاووس.
ومنهم : الشيخ مفيد الدين محمد بن جهيم الاسدي على ما يظهر من ديباجة رجاله (1).
أقول : وهو يروي عن جماعة اخرى أيضاً.
منهم : المحقّق نجم الدين جعفر بن الحسن الحلّي ( المتوفّى عام 676 هـ ).
ومنهم الشيخ نجيب الدين أبو زكريا يحيى بن سعيد الحّلي ابن عم المحقق المذكور ( المتوفّى عام 689 هـ ).
ومنهم الشيخ سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر الحلي والد العلاّمة الحلي.
ونقل الافندي في الرياض أنه كان شريك الدرس مع السيد عبد الكريم بن جمال الدين (2) أحمد بن طاووس الحلي ( المتوفّى عام 693 هـ ) عند المحقّق. ولكن العلاّمة الاميني عدّه من مشايخه (3) ، والظاهر اتقان الاول.
تلاميذه
يروي عنه جماعة كثيرة :
__________________
1 ـ نقض عثمانية جاحظ المطبوع حديثاً بـ « عمان ».
2 ـ رياض العلماء : 1 / 256.
3 ـ الغدير : 6 / 7.
منهم : الشيخ رضي الدين علي بن أحمد المزيدي الحلي (1) ، استاذ الشهيد الاول ، المتوفّى عام 757 هـ.
ومنهم : الشيخ زين الدين ابو الحسن علي بن طراد المطارآبادي ، المتوفّى بالحلة 754 هـ.
تآليفه
للمترجم له تآليف قيّمة تبلغ ثلاثين كتاباً ذكر أسماءها في رجاله.
ومن شعره الرائق قوله في حقّ الوصي :
وإذا نظرت إلى خطاب محمَّد
يوم الغدير إذ استقّر المنزل
من كنت مولاه فهذا حيدر
مولاه لا يرتاب فيه محصِّل
لعرفت نصّ المصطفى بخلافة
مَنْ بعدَه غرّاء لا يتأوّل
وله اُرجوزة في الإمامة ، طويلة ، مستهلها :
وقد جرت لي قصّة غريبة
قد نتجت قضيّة عجيبة (2)
وفاته
قد عرفت أنه قد فرغ من رجاله عام 707 هـ ، ولم يعلم تاريخ وفاته على وجه اليقين ، غير أن العلاّمة الاميني ينقل عن « رياض العلماء » أنه رأى في مشهد الرضا نسخة من « الفصيح » بخط المترجم له ، في آخرها : « كتبه مملوكه حقاً حسن بن علي بن داود غفر له في ثالث عشر شهر رمضان المبارك سنة احدى وأربعين وسبعمائة حامداً مصلّياً مستغفراً ».
__________________
1 ـ وفي رياض العلماء مكان « المزيدي » ، « المرندي » ، وهو تصحيف.
2 ـ لاحظ الغدير : 6 / 3 ـ 6 ، وذكر شطراً منها السيد الامين في أعيان الشيعة : 22 / 343.
فيكون له من العمر حينذاك 94 عاماً ، فيكون من المعمرين ، ولم يذكر منهم (1).
4 ـ خلاصة الاقوال في علم الرجال
وهي للعلاّمة (2) على الاطلاق الحسن بن يوسف بن المطهَّر ، المولود عام 648 هـ ، والمتوفّى عام 726 هـ ، الذي طار صيته في الآفاق ، برع في المعقول والمنقول ، وتقدَّم على الفحول وهو في عصر الصبا. ألَّف في فقه الشريعة مطوَّلات ومتوسّطات ومختصرات ، وكتابه هذا في قسمين : القسم الاول ؛ فيمن اعتمد عليه وفيه سبعة عشر فصلا ، والقسم الثاني ؛ مختصّ بذكر الضعفاء ومن ردَّ قوله أو وقف فيه ، وفيه أيضا سبعة عشر فصلا ، وفي آخر القسم الثاني خاتمة تشتمل على عشر فوائد مهمَّة ، وكتابه هذا خلاصة ما في فهرست الشيخ والنجاشي وقد يزيد عليهما.
قال المحقّق التستري : « إن ما ينقله العلاّمة من رجال الكشي والشيخ ورجال النجاشي مع وجود المنقول في هذه الكتب غير مفيد ، وإنما يفيد في ما لم نقف على مستنده ، كما في ما ينقل من جزء من رجال العقيقي ، وجزء من رجال ابن عقدة ، وجزء من ثقات كتاب ابن الغضائري ، ومن كتاب آخر له في المذمومين لم يصل الينا ، كما يظهر منه في سليمان النخعي ، كما يفيد أيضاً فيما ينقله من النجاشي في ما لم يكن في نسختنا ، فكان عنده النسخة الكاملة من النجاشي واكمل من الموجود من ابن الغضائري ، كما في ليث البختري ، وهشام بن إبراهيم العبّاسي ، ومحمد بن نصير ، ومحمد بن أحمد بن محمد بن سنان ، ومحمد بن أحمد بن قضاعة ، ومحمد بن الوليد الصيرفي ، والمغيرة بن
__________________
1 ـ الغدير : 6 / 8 نقلاً عن روضات الجنات : 357.
2 ـ إن العلاّمة غني عن الاطراء ، وترجمته تستدعي تأليف رسالة مفردة ، وقد كفانا ، ما ذكره اصحاب المعاجم والتراجم في حياته وفضله وآثاره.
سعيد ، ونقيع بن الحارث ، وكما ينقل في بعضهم اخباراً لم نقف على مأخذها ، كما في اسماعيل بن الفضل الهاشمي ، وفيما أخذه من مطاوي الكتب كمحمد بن أحمد النطنزي » (1).
وبما أن هذا الكتاب ورجال ابن داود متماثلان في التنسيق وكيفية التأليف ، يمكن أن يقال : إن واحداً منهما اقتبس المنهج عن الآخر ، كما يمكن أن يقال : إن كليهما قد استقلاّ في التنسيق والمنهج ، بلا استلهام من آخر ، غير أن المظنون هو أن المؤلفين ، بما أنهما تتلمذا على السيد جمال الدين أحمد بن طاووس المتوفّى سنة 673 هـ ، وقد كان هو رجالي عصره ومحقق زمانه في ذلك الفن ، قد اقتفيا في تنسيق الكتاب ما خطَّه استاذهما في ذلك الموقف ، والله العالم.
الفروق بين رجالي العلاّمة وابن داود
ثم ان هنا فروقاً بين رجالي العلاّمة وابن داود يجب الوقوف عليها واليك بيانها :
1 ـ ان القسم الاول من الخلاصة مختص بمن يعمل بروايته ، والثاني بمن لا يعمل بروايته ، حيث قال : « الاول ؛ في من اعتمد على روايته أو ترجح عندي قبول قوله. الثاني ؛ في مَنْ تركت روايته أو توقفت فيه ».
ولاجل ذلك يذكر في الاول الممدوح ، لعمله بروايته ، كما يذكر فيه فاسد المذهب إذا عمل بروايته كابن بكير وعليّ بن فضال. وأما الموثقون الذين ليسوا كذلك ، فيعنونهم في الجزء الثّاني لعدم عمله بخبرهم ، هذا.
والجزء الأوّل من كتاب ابن داود فيمن ورد فيه أدنى مدح ولو مع ورود ذموم كثيرة أيضا فيه ولم يعمل بخبره والجزء الثاني من كتابه ، فيمن ورد فيه
__________________
1 ـ قاموس الرجال : 1 / 15.
أدنى ذم ولو كان أوثق الثقات وعمل بخبره ولاجل ذلك ذكر بريداً العجلي مع جلالته في الثاني ، كما ذكر هشام بن الحكم فيه أيضاً لاجل ورود ذم ما فيه ، أعني كونه من تلاميذ أبي شاكر الزنديق.
2 ـ ان العلاّمة لا يعنون المختلف فيه في القسمين ، بل ان رجح المدح يذكره في الاول ، وان رجح الذم أو توقف يذكره في الثاني.
واما ابن داود فيذكر المختلف فيه في الاول باعتبار مدحه ، وفي الثاني باعتبار جرحه.
3 ـ ان العلاّمة إذا أخذ من الكشي أو النجاشي أو فهرست الشيخ أو رجاله أو الغضائري لا يذكر المستند بل يعبر بعين عبائرهم. نعم فيما إذا نقل عن غيبة الشيخ أو عن رجال ابن عقدة او رجال العقيقي فيما وجد من كتابيهما ، يصرح بالمستند.
كما أنه إذا كان أصحاب الرجال الخمسة مختلفين في رجل ، يصرح بأسمائهم ، وحينئد فإن قال في عنوان شيئاً وسكت عن مستنده ، يستكشف أنه مذكور في الكتب الخمسة ولو لم نقف عليه في نسختنا.
وأما ابن داود فيلتزم بذكر جميع من أخذ عنه ، فلو لم يذكر المستند ، علم انه سقط من نسختنا رمزه ، إلا ما كان مشتبهاً عنده فلا يرمز له.
4 ـ ان العلاّمة يقتصر على الممدوحين في الاول ، بخلاف ابن داود ، فأنه يذكر فيه المهملين أيضاً ، والمراد من المهمل من عنونه الاصحاب ولم يضعفوه.
قال ابن داود : « والجزء الأوّل من الكتاب في ذكر الممدوحين ومن لم يضعفهم الاصحاب ، والمفهوم منه أنه يعمل بخبر رواته مهملون ، لم يذكروا بمدح ولا قدح ، كما يعمل بخبر رواته ممدوحون. نعم هو وان استقصى الممدوحين ، يكنه لم يستقص المهملين.
هذه هي الفروق الجوهرية بين الرجالين.
المجهول في مصطلح العلاّمة وابن داود
ان هناك فرقاً بين مصطلح العلاّمة وابن داود ، ومصطلح المتأخرين في لفظ المجهول. فالمجهول في كلامهما غير المهمل الذي عنونه الرجاليون ولم يضعفوه ، بل المراد منه من صرح أئمة الرجال فيه بالمجهولية ، وهو أحد ألفاظ الجرح ، ولذا لم يعنوناه الا في الجزء الثاني من كتابيهما ، المعد للمجروحين ، وقد عقد ابن داود لهم فصلاً في آخر الجزء الثاني من كتابه ، كما عقد فصلاً لكل من المجروحين من العامة والزيدية والواقفية وغيرهم.
لكن المجهول في كلام المتأخرين ، من الشهيد الثاني والمجلسي والمامقاني ، أعم منه ومن المهمل الذي لم يذكر فيه مدح ولا قدح.
وقد عرفت أن العلاّمة لا يعنون المهمل أصلاً ، وابن داود يعنونه في الجزء الاول كالممدوح ، وكان القدماء يعملون بالمهمل كالممدوح ، ويردون المجهول وقد تفطن بذلك ابن داود (1).
فهذه الكتب الاربعة ، هي الاصول الثانوية لعلم الرجال. اُلّف الاول والثاني منهما في القرن السادس ، كما اُلف الثالث والرابع في القرن السابع ، والعجب أن المؤلفين متعاصرون ومتاثلو التنسيق والمنهج كما عرفت.
وقد ترجم ابن داود العلاّمة في رجاله ، ولم يترجمه العلاّمة في الخلاصة ، وان ذا مما يقضي منه العجب.
هذه هي اصول الكتب الرجالية أوليتها وثانويتها ، وهناك كتب اخرى لم تطبع ولم تنشر ولم تتداولها الايدي ، ولاجل ذلك لم نذكر عنها شيئاً ومن اراد الوقوف عليها فليرجع الى كتاب « مصفى المقال في مؤلفي الرجال » للعلاّمة
__________________
1 ـ قاموس الرجال : 1 / 31.
المتتبع الطهراني ;.
وهذه هي الاصول الأولية الثمانية والثانوية الأربعة لعلم الرجال ، واما الجوامع الرجالية فسيوافيك ذكرهاعن قريب.
2 ـ الجوامع الرجالية في العصور المتأخرة
* مجمع الرجال.
* منهج المقال.
* جامع الرواة.
* نقد الرجال.
* منتهى المقال.
قد وقفت على الاصول الرجالية ، وهناك جوامع رجالية مطبوعة ومنتشرة يجب على القارئ الكريم التعرف عليها ، وهذه الجوامع الفت في أواخر القرن العاشر إلى أواخر القرن الثاني عشر ، تلقّاها العلماء بالقبول وركنوا اليها ولابد من التعرف عليها (1).
1 ـ مجمع الرجال
تأليف زكي الدين عناية الله القهبائي ، من تلاميذ المقدس الاردبيلي ( المتوفّى سنة 993 هـ ). والمولى عبد الله التستري ( المتوفّى عام 1021 هـ ) والشيخ البهائي. ( المتوفّى سنة 1031 هـ ). جمع في ذلك الكتاب تمام ما في الاصول الرجالية الأولية ، حتى أدخل فيه كتاب الضعفاء للغضائري وقد طبع الكتاب في عدة أجراء.
2 ـ منهج المقال
تأليف السيد الميرزا محمد بن علي بن إبراهيم الاسترآبادي ( المتوفّى
__________________
(1) قاموس الرجال : ج 1 الصفحة 31.
سنة 1028 هـ ) وهو استاذ المولى محمد أمين الاسترابادي صاحب « الفوائد المدنية ». له كتب ثلاثة في الرجال : الكبير وأسماه « منهج المقال ». والوسيط ، الذي ربما يسمى بـ « تلخيص المقال » أو « تلخيص الاقوال » ، والصغير الموسوم بـ « الوجيز ». والأول مطبوع ، والثاني مخطوط ولكن نسخه شائعة ، والثالث توجد نسخة منه في الخزانة الرضوية كما جاء في فهرسها.
3 ـ جامع الرواة
تأليف الشيخ محمد بن علي الاردبيلي. صرف من عمره في جمعه ما يقرب من عشرين سنة ، وابتكر قواعد رجالية صار ببركتها كثير من الاخبار التي كانت مجهولة أو ضعيفة أو مرسلة ، معلومة الحال ، صحيحة مسندة ، وطبع الكتاب في مجلدين ، وقدم له الامام المغفور له الأستاذ الحاج آقا حسين البروجردي 1 مقدمة وله أيضاً « تصحيح الأسانيد » الذي أدرجه شيخنا النوري بجميعه أو ملخصه في الفائدة الخامسة من فوائد خاتمة المستدرك.
ومن مزايا هذا الكتاب أنه جمع رواة الكتب الاربعة ، وذكر في كل راو ترجمة من رووا عنه ومن روى عنهم ، وعين مقدار رواياتهم ورفع بذلك ، النقص الموجود في كتب الرجال.
قال في مقدمته : « سنح بخاطره ( يعني نفسه ) الفاتر ـ بتفضله غير المتناهي ـ أنه يمكن استعلام أحوال الرواة المطلقة الذكر ، من الرواي والمروي عنه بحيث لا يبقى اشتباه وغموض ، وعلماء الرجال ( رضوان الله عليهم ) لم يذكروا ولم يضبطوا جميع الرواة ، بل ذكروا في بعض المواضع تحت بعض الاسماء بعنوان أنه روى عنه جماعة ، منهم فلان وفلان ، ولم يكن هذا كافياً في حصول المطلوب ، إلى أن قال : صار متوكلاً على رب الارباب ، منتظماً على التدريج راوي كل واحد من الرواة في سلك التحرير ، حتى انه رأى الكتب الأربعة المشهورة والفهرست للشيخ ; والفهرس
للشيخ منتجب الدين ... ومشيخة الفقيه والتهذيب والاستبصار ، وكتب جميع الرواة الذين كانوا فيها ، ورأى أيضاً كثيراً من الرواة رووا عن المعصوم ، ولم يذكر علماء الرجال روايتهم عنه 7 والبعض الذين عدوه من رجال الصادق ، رأى روايته عن الكاظم 7 مثلا ، والذين ذكروا ممن لم يرو عنهم : رأى انه روي عنهم : الى ان قال : ان بعض الرواة الذين وثقوه ولم ينقلوا انه روى عن المعصوم 7 ورأى انه روى عنه 7 ضبطه ايضاً ، حتى تظهر فائدته في حال نقل الحديث مضمراً ـ الى ان قال : ( ومن فوائد هذا الكتاب ) انه بعد التعرف على الراوي والمروي عنه ، لو وقع في بعض الكتب اشتباه في عدم ثبت الراوي في موقعه يعلم انه غلط وواقع غير موقعه.
( ومن فوائده أيضاً ) ان رواية جمع كثير من الثقات وغيرهم عن شخص واحد تفيد انه كان حسن الحال او كان من مشايخ الاجازة » (1).
والحق ان الرجال مبتكر في فنه ، مبدع في علمه ، كشف بعمله هذا الستر عن كثير من المبهمات ، ومع انه تحمل في تأليف هذا الكتاب طيلة عشرين سنة ، جهوداً جبارة ، بحيث ميز التلميذ عن الشيخ ، والراوي عن المرويّ عنه ولكن لم يجعل كتاب على اساس الطبقات حتى يقسم الرواة الى طبقة وطبقة ، ويعين طبقة الراوي ومن روى هو عنه او رووا عنه ، مع انه كان يمكنه القيام بهذا العمل في ثنايا عمله بسبر جميع الكتب والمسانيد بامعان ودقة.
4 ـ نقد الرجال
تأليف السيد مصطفى التفريشي ألفه عام 1015 هـ ، وهو من تلاميذ المولى عبدالله التستري وقد طبع في مجلد.
__________________
1 ـ لاحظ المقدمة : 4 ـ 5 بتصرف يسير.
قال في مقدمته : « اردت ان اكتب كتاباً يشتمل على جميع اسماء الرجال من الممدوحين والمذمومين والمهملين ، يخلو من تكرار وغلط ، ينطوي على حسن الترتيب ، يحتوي على جميع اقوال القوم ـ قدس الله ارواحهم ـ من المدح والذم الا شاذاً شديد الشذوذ ».
5 ـ منتهى المقال في أحوال الرجال
المعروف برجال ابي علي الحائري ، تأليف الشيخ ابي علي محمد بن اسماعيل الحائري ( المولود عام 1159 هـ ، والمتوفّى عام 1215 أو 1216 هـ في النجف الاشرف ).
ابتدء في كل ترجمة بكلام الميرزا في الرجال الكبير ، ثم بما ذكره الوحيد في التعليقة عليه ، ثم بكلمات اخرى ، وقد شرح نمط بحثه في اول الكتاب ، وترك ذكر جماعة بزعم انهم من المجاهيل وعدم الفائدة في ذكرهم ، ولكنهم ليسوا بمجاهيل ، بل اكثرهم مهملون في الرجال ، وقد عرفت الفرق بين المجهول والمهمل.
وهذه الكتب الخمسة كلها اُلِّفت بين أواخر القرن العاشر الى أواخر القرن الثاني عشر ، وقد اجتهد مؤلفوها في جمع القرائن على وثاقة الراوي او ضعفها ، واعتمدوا على حدسيات وتقريبات.
هذه هي الجوامع الرجالية المؤلفة في القرون الماضية ، وهناك مؤلفات اخرى بين مطولات ومختصرات اُلفت في القرون الاخيرة ونحن نشير إلى ما هو الدارج بين العلماء في عصرنا هذا.
3 ـ الجوامع الرجالية الدارجة على منهج القدماء
* بهجة الآمال.
* تنقيح المقال.
* قاموس الرجال.
قد وقفت على الجوامع الرجالية المؤلفة في القرن الحادي عشر والثاني عشر ، وهناك مؤلفات رجالية اُلفت في أواخر القرن الثالث عشر والقرن الرابع عشر ولكنها على صنفين : صنف تبع في تأليفه خطة الماضين في نقل أقوال الرجاليين السابقين واللاحقين ، وجمع القرائن والشواهد على وثاقة الراوي ، والقضاء بين كلمات اهل الفن ، الى غير ذلك من المزايا التي أوجبت تكامل فن الرجال من حيث الكمية ، من دون إحداث كيفية جديدة وراء خطة السابقين ، وصنف اخر أحدث كيفية جديدة في فن الرجال وأبدع اسلوباً خاصاً لما يهم المستنبط في علم الرجال. فإن الوقوف على طبقة الراوي من حيث الرواية ، ومعرفة عصره وأساتيذه وتلاميذه ، ومدى علمه وفضله ، وكمية رواياته من حيث الكثرة والقلة ، ومقدار ضبطه للرواية ، واتقانه في نقل الحديث ، من اهم الامور في علم الحديث ومعرفة حال الراوي وقد اهملت تلك الناحية في اسلوب القدماء غالباً الا على وجه نادر.
وهذا الاُسلوب يباين خطة الماضين في العصور السابقة.
وعلى ذلك يجب علينا ان نعرف كل صنف بواقعه ونعطي كل ذي حق حقه ، وكل ذي فضل فضله ، بلا تحيز الى فئة ، ولا إنكار فضيلة لأحد.
1 ـ « بهجة الآمال في شرح زبدة المقال في علم الرجال »
تأليف العلاّمة الحاج الشيخ علي بن عبدالله بن محمد بن محب الله بن محمد جعفر العلياري التبريزي ( المولود عام 1236 هـ ، والمتوفّى عام 1327 هـ ) وهذا الكتاب قد اُلف في خمسة مجلدات كبار ، ثلاثة منها شرح مزجي لـ « زبدة المقال في معرفة الرجال » تأليف العلاّمة السيد حسين البروجردي ، وهو منظومة في علم الرجال قال :
سمّيته بزبدة المقال
في البحث عن معرفة الرجال
ناظمه الفقير في الكونين
هو الحسين بن رضا الحسيني
واثنان منها شرح لـ « منتهى المقال » وهي منظومة للشارح تمم بها منظومة البروجردي ، وحيث ان البروجردي لم يذكر المتأخرين ولا المجاهيل من الرواة فأتمها وأكملها الشارح بالنظم والشرح في ذينك المجلدين ، والكتاب مشتمل على مقدمة وفيها أحد عشر فصلاً ، والفصل الحادي عشر في أصحاب الاجماع. وفيه أيضاً عدة أبحاث متفرقة ، والكتاب لو طبع على طراز الطبعة الحديثة لتجاوز عشرة أجزاء وقد طبع منه لحد الآن ستة أجزاء والباقي تحت الطبع.
2 ـ « تنقيح المقال في معرفة علم الرجال »
للعلامة الشيخ عبدالله المامقاني ( المتوفّى عام 1351 هـ ) في ثلاثة أجزاء كبار ، وهو أجمع كتاب ألف في الموضوع ، وقد جمع جلَّ ما ورد في الكتب الرجالية المتقدمة والمتاخرة.
قال العلاّمة الطهراني : « هو أبسط ما كتب في الرجال ، حيث انه أدرج فيه تراجم جميع الصحابة والتابعين ، وسائر أصحاب الائمة وغيرهم من الرواة الى القرن الرابع ، وقليل من العلماء المحدثين في ثلاثة أجزاء كبار لم
يتجاوز جمعه وترتيبه وتهذيبه عن ثلاث سنين ، وهذا مما يعد من خوارق العادات والخاصة من التأييدات ، فلله در مؤلفه من مصنف ما سبقه مصنفو الرجال ، ومن تنقيح ما أتى بمثله الأمثال » (1). ومما أُخذ عليه ، هو خلطه بين المهمل والمجهول. فان الأول عبارة عمّن لم يذكر فيه مدح ولا قدح ، وقد ذكر ابن داود المهمل في جنب الممدوح ، زعماً منه بأنه يجب العمل بخبره كالممدوح ، وأن غير الحجة في الخبر عبارة عن المطعون.
وأما المجهول فإنّه عبارة عمن صرح أئمة الرجال فيه بالمجهولية وهو أحد ألفاظ الجرح ، فيذكرون المجهول في باب المجروحين ويتعاملون معه معاملة المجروح.
وأنت إذا لاحظت فهرس تنقيح المقال ، الذي طبع مستقلاً وسماه المؤلف « نتيجة التنقيح » لا ترى فيه الا المجاهيل ، والمراد منه الاعم ممن حكم عليه أئمة الرجال بالمجهولية ومن لم يذكر فيه مدح ولا قدح.
وهذا الخلط لا يختص به ، بل هو رائج من عصر الشهيد الثاني والمجلسي الى عصره مع أن المحقق الداماد قال في الراشحة الثالثة عشر من رواشحه : « لا يجوز اطلاق المجهول الاصطلاحي إلا على من حكم بجهالته أئمة الرجال » (2).
وقد ذب شيخنا العلاّمة الطهراني هذا الاشكال عن مؤلفه وقال : « ان المؤلف لم يكن غير واقف بكلام المحقق الداماد ، وصرح في الجزء الاول ( أواخر الصفحة 184 ) بأنه لو راجع المتتبع جميع مظان استعلام حال رجل ومع ذلك لم يظفر بشيء من ترجمة أحواله أبداً فلا يجوز التسارع عليه بالحكم بالجهالة ، لسعة دائرة هذا العلم ، وكثرة مدارك معرفة الرجال ، ومن هذا
__________________
1 ـ الذريعة : 4 / 466.
2 ـ الرواشح : 60.
التصريح يحصل الجزم بأن مراده من قوله « مجهول » ليس أنه محكوم بالجهالة عند علماء الرجال ، حتى يصير هو السبب في صيرورة الحديث من جهته ضعيفاً ، بل مراده أنه مجهول عندي ولم أظفر بترجمة مبينة لاحواله » (1).
3 ـ « قاموس الرجال »
للعلاّمة المحقق الشيخ محمد تقي التستري ، كتبه أولاً بصورة التعليقة على رجال العلاّمة المامقاني ، وناقش كثيراً من منقولاته ونظرياته ، ثم أخرجه بصورة كتاب مستقل وطبع في 13 جزء ، والمؤلف حقاً أحد أبطال هذا العلم ونقاده ، وقد بسطنا الكلام حول الكتاب ، ونشرته صحيفة كيهان في نشرتها المستقلة حول حياة المؤلف بقلم عدة من الاعلام.
غير أنه لا يتبّع في تأليف الكتاب روح العصر ، فترى أنه يكتب عدة صحائف من دون أن يفصل بين المطالب بعنوان خاص ، كما أنه لا يأتي بأسماء الكتب الرجالية والائمة الا بالرموز ، وذلك أوجد غلقاً في قراءة الكتاب وفهم مقاصده ، أضف الى ذلك أنه يروي عن كثير من الكتب التاريخية والحديثية ، ولا يعين مواضعها ، ولكن ما ذكرناه يرجع الى نفس الكتاب ، وأما المؤلف فهو من المشايخ الاعاظم الذين يضن بهم الدهر الا في فترات قليلة وله على العلم وأهله أيادي مشكورة.
وهذه الكتب مع الثناء الوافر على مؤلفيها لا تخلو من عل أو علات والتي يجب أن ننبه عليها.
__________________
1 ـ الذريعة : 4 / 467 ، بتصرف وتلخيص.
4 ـ تطور في تأليف الجوامع الرجالية
* جامع الرواة.
* طرائف المقال.
* مرتب اسانيد الكتب الاربعة.
* معجم رجال الحديث.
إن الجوامع المذكورة مع أهميتها وعظمتها ، فاقدة لبعض ما يهمّ المستنبط والفقيه في تحصيل حجية الخبر وعدمها ، فإنها وإن كانت توقفنا على وثاقة الرّاوي وضعفه إجمالاً ، غير أنها لا تفي ببعض ما يجب على المستنبط تحصيله وإليك بيانه :
1 ـ إنَّ هذه الخطة التي رسمها القدماء وتبعها المتأخرون ، مع أهميتها وجلالتها ، لا تخرج عن اطار التقليد لأئمة علم الرجال في التعرف على وثاقة الرّاوي وضعفه وقليلا من سائر أحواله ، ممّا ترجع إلى شخصيته الحديثية ، وليس طريقا مباشريا للمؤلف الرجالي ، فضلا عمن يرجع اليه ويطالعه ، للتعرّف على أحوال الرّاوي ، بأن يلمس بفهمه وذكائه ويقف مباشرة على كلِّ ما يرجع إلى الراوي من حيث الطبقة والعصر أولا ، ومدى الضبط والاتقان ثانياً ، وكمية رواياته كثرة وقلة ثالثاً ، ومقدار فضله وعلمه وكماله رابعاً ، وهذا بخلاف ما رسمه الاساتذة المتأخرون وخططوه ، فان العالم الرجالي فيه يقف بطريق مباشري دون تقليد ، على هذه الاُمور وأشباهها.
وإن شئت قلت : إن هذه الكتب المؤلفة حول الرجال ، تستمد من قول أئمة الفنّ في جرح الرواة وتعديلهم ، وبالأخص تتبع مؤلفي الاصول الخمسة ، التي نبَّهنا بأسمائهم وكتبهم فيما سبق ، فقول هؤلاء ومن عاصرهم أو تأخر عنهم
هو المعيار في معرفة الرجال وتمييز الثقات عن الضعاف.
ولا ريب أن هذا طريق صحيح يعدّ من الطرق الوثيقة ، لكنه ليس طريقا وحيداً في تشخيص حال الرواة ومعرفتهم ، بل طريق تقليدي لأئمّة الرجال ، وليس طريقاً مباشرياً إلى أحوال الرواة ، ولا يعّد طريقاً أحسن وأتم.
2 ـ لا شكّ أن التحريف والتصحيف تطرق إلى كثير من أسناد الاحاديث المروية في الكتب الاربعة وغيرها ، وربما سقط الراوي من السَّند من دون أن يكون هناك ما يدلّنا عليه ، وعلى ذلك يجب أن تكون الكتب الرجالية بصورة توقفنا على طبقات الرواة من حيث المشايخ والتلاميذ ، حتى يقف الباحث ببركة التعرّف على الطبقات ، على نقصان السَّند وكماله ، والحال أن هذه الكتب المؤلفة كتبت على حسب حروف المعجم مبتدئة بالألف ومنتهية بالياء ، لا يعرف الانسان عصر الرّاوي وطبقته في الحديث ، ولا أساتذته ولا تلامذته إلا على وجه الاجمال والتبعية ، وبصورة قليلة دون الاحصاء ، والكتاب الذي يمكن أن يشتمل على هذه المزية ، يجب أن يكون على طراز رجال الشيخ الذي كتب على حسب عهد النَّبي 6 والأئمة : فقد عقد لكل من أصحاب النبي 6 والأئمة : أبواباً خاصة يعرف منها حسب الاجمال طبقة الراوي ومشايخه وتلاميذه.
وهذا النَّمط من التأليف وإن كان لا يفي بتلك الاُمنية الكبرى كلّها ، لكنه يفي بها إجمالاً ، حيث نرى أنه يقسِّم الرواة إلى الطبقات حسب الزمان من زمن النبي 6 إلى الاعصار التي انقلبت فيها سلسلة الرواة إلى سلسلة العلماء ، وعندئذ يمكن تمييز السَّند الكامل من السند الناقص ، ولو كان الرِّجاليُّون بعد الشيخ يتبعون أثره لأصبحت الكتب الرجالية أكثر فائدة مما هي الآن عليه.
3 ـ إن أسماء كثيرة من الرواة مشتركة بين عدَّة اشخاص. بين ثقة يركن
اليه ، وضعيف تردّ روايته ، وعندما يلاحظ المستنبط الاسماء المشتركة في الاسناد لا يقدر على تعيين المراد.
ولأجل ذلك عمد الرجاليون إلى تأسيس فرع آخر لعلم الرجال أسموه بـ « تمييز المشتركات » ، أهمها وأعظمها هو « تمييز المشتركات للعلامة الكاظمي » ولذلك يجب على المستنبط في تعيين المراد من الاسماء المشتركة ، مراجعة فصل « تمييز المشتركات » ، ولولاه لما انحلت العقدة ، غير أن كثيراً من كتب الرجال فاقدة لهذا الفرع ، وإنما يذكرون الاسماء بالآباء والأجداد ، من دون أن يذكروا ما يميَّز به المشترك عن غيره. ولقد أدخل العلاّمة المامقاني ما كتبه العلاّمة الكاظمي في رجاله ، وبذلك صار كتاباً جامعاً بالنسبة ، وقد تطرق ذلك النقص إلى أكثر الكتب الرجالية ، لأجل أنها اُلِّفت على ما رسمه القدماء على ترتيب الحروف الهجائية ، دون ترتيب الطبقات.
بروز نمط خاصّ في تأليف الرجال
ولأجل هذه النَّقائص الفنية في هذه الخطة ، نهضت عدة من الاعلام والمشايخ في العصر الماضي والحاضر الى فتح طريق آخر في وجوه المجتهدين والمستنبطين ، وهذا الطريق هو لمس حالهم بالمباشرة لا بالرجوع الى أقوال أئمة الرجال بل بالرجوع الى سند الروايات المتكررة في الكتب الحديثَّية المشتملة على اسم الراوي ، فان في هذا الطريق إمكان التعرّف على ميزان علم الراوي وفقهه وضبطه ووثاقته في النقل ، اذ بالرجوع إلى متون أحاديث الراوي المبعثرة على الابواب وملاحظتها لفظاً ومعنى ، وكمّاً وكيفاً يعرف أمور :
1 ـ يفهم من رواياته ، مدى تضلّع الرواي في الفقه والكلام والتاريخ والتفسير وغيرها من المعارف ، كما يعرف عدم مهارته وحذاقته في شيء منها ، إذا قيست رواياته بعضها ببعض ، وبما رواه آخرون في معناها.
2 ـ يعرف مقدار رواياته قلَّة وكثرة ، وأنه هل هو ضابط فيما يروي أو
مخلّط أو مدلّس.
3 ـ تعرف طبقات الرواة مشايخهم وتلاميذهم.
4 ـ يحصل التعرّف على وضع الاسناد من حيث الكمال والسقط ، فربما تكون الرواية في الكتب الاربعة مسندة إلى الامام ، ولكن الواقف على طبقات الرجال يعرف المفقودة أثناء السند.
يقول الاستاذ الشيخ « محمد واعظ زاده الخراساني » في رسالة نشرت بمناسبة الذكرى الألفية للشيخ الطوسي 1 :
« إن الرجاليّين كانوا وما يزالون يتعبدون في الاكثر بقول أئمة هذا الفنّ ويقلدونهم في جرح الرواة وتعديلهم ، الا أن الأمر لا ينحصر فيه ، فهناك بإزاء ذاك ، باب مفتوح إلى معرفة الرواة ولمس حالهم بالمباشرة. وهذا يحصل بالرجوع إلى أمرين :
1 ـ الرّجوع إلى أسناد الروايات المتكررة في الكتب الحديثية المشتملة على اسم الراوي ، وبذلك يظهر الخلل في كثير من الاسانيد ، وينكشف الارسال فيها بسقوط بعض الوسائط وعدم اتصال السلسلة ، ويمكننا معرفة الحلقة المفقودة في سلسلة حديث باستقراء الاشباه والنظائر إذا توفَّرت وكثرت القرائن ، وقامت الشواهد في الاسانيد المتكثّرة.
2 ـ الرّجوع إلى متون أحاديث الراوي المبعثرة على الابواب ، واعتبارها لفظاً ومعنى وكمّاً وكيفا ، فيفهم منها أن الراوي هل كان متضلّعاً في علم الفقه او التفسير او غيرهما من المعارف ، او لم يكن له مهارة وحذاقة في شيء منها؟ يفهم ذلك كله إذا قيست رواياته بعضها ببعض وبما رواه الآخرون في معناها ، ويلاحظ أنه قليل الرواية او كثيرها وأنه ثبت ضابط فيما يرويه أو مخلط مدلس.
وإذا انضمّ اليه أمر ثالث ينكشف حال الراوي أتمَّ الانكشاف ، وهو مراجعة الاحاديث التي وردت في حال الرواة ، وقد جمع معظمها أبو عمرو
الكشي في رجاله ، فهي تعطينا بصيرة بحال رواة الحديث من ناحية اُخرى وهي موقف الرواة من الائمة الهداة ، ودرجات قرب الرجال وبعدهم عنهم.
وعلى الجملة فمعرفة الرواة وطبقاتهم عن طريق أحاديثهم وملاحظتها متناً وسنداً ، تكاد تكون معرفة بالمباشرة والنّظر لا بالتقليد والأثر » (1).
1 ـ جامع الرواة
ان أول من قام بهذا العمل بصورة النواة ، هو الشيخ المحقق الاردبيلي ( مؤلف جامع الرواة ) المعاصر للعلامة المجلسي ، فانه يلتقط في ترجمة الرجال جملة من الاسانيد عن الكتب الاربعة وغيرها ، ويجعلها دليلا على التعرّف على شيوخ الراوي وتلاميذه وطبقته وعصره.
2 ـ طرائف المقال
وقام بعده بهذا العمل السيّد محمد شفيع الموسوي التفريشي ، فألَّف كتابه المسمّى بـ « طرائف المقال في معرفة طبقات الرجال ». فقد جعل مشايخه الطبقة الاولى ، ثمَّ مشايخ مشايخه ، الطبقة الثانية ، الى أن ينتهي إلى عصر النبي 6 ، فجاء الكل في اثنتين وثلاثين طبقة وجعل الشيخ الطوسي ومن في طبقته ، الطبقة الثانية عشر. توجد نسخة من هذا الاثر النفيس في مكتبة آية الله المرعشي ـ دام ظله ـ وهو بعد لم يطبع.
3 ـ مرتب الاسانيد
وقام بعده المحقّق البروجردي ، إمام هذا الفّن بعملين كبيرين يعدّان من أبرز الاعمال وأعمقها في الرجال.
الاول : رتَّب اسانيد كلّ من الكتب الاربعة وسمّاها « مرتّب أسانيد
__________________
1 ـ لاحظ الرسالة : 683 ـ 685 بتلخيص منّا.
الكافي » و « مرتَّب أسانيد التهذيب » ، ثم انصرف إلى ترتيب أسانيد الكتب الاربعة الرجالية وغيرها من كتب الحديث ، مراعياً فيها ترتيب الحروف ، فباستيفاء الاسانيد وقياس بعضها مع بعض يعرف جميع شيوخ الراوي وتلاميذه وطبقته وغيرها من الفوائد.
فبالرجوع إلى هذا الفهرس يعلم مقدار مشايخ الراوي وتلاميذه ، كما يعرف من هو مشاركه في نقل الحديث وكان في طبقته ، كما يعلم مشايخ كل واحد من هؤلاء الرّاوة وطرقهم إلى الامام.
الثاني : قام بتأليف كتاب باسم « طبقات الرجال » فقد جعل سلسلة الرواة من عصر النبي الاكرم 6 إلى زمان الشيخ الطوسي اثنتي عشرة طبقة ، فجعل الصحابة الطبقة الاولى ، ومن أخذ عنهم الحديث الطبقة الثانية ، وهكذا والعمل الثاني منتزع من العمل الاول أعني تجريد الاسانيد ، وهذا الاثر النفيس ، بل الآثار النفيسة بعد غير مطبوعة ، بل مخزونة في مكتبته الشخصية العامرة ، نسأل الله سبحانه أن يوفق أهل الجدّ والعلم للقيام بطبع هذه التركة النفيسة.
يقول الاستاذ « واعظ زاده » وهو يتحدّث عن الامام البروجردي في تلك الرسالة وأنه أحد من سلك هذا الطريق ، وان لم يكن مبتكراً في فتح هذا الباب :
« إنَّ الإشراف على جميع روايات الرّاوي يستدعي جمعها في كرّاس واحد ، وهذا ما عمله قديماً علماء الحديث من الجمهور ، وسمَّوا هذا النوع من الكتب « المسند » ، وكان الغرض الأهم لهم من هذا العمل ، التلاقي مع الرواة في أحاديثهم. أما الشيعة الامامية فلم يهتمّوا بالمسانيد وكان الامام البروجردي ، يحبِّذ هذا العمل ويرغب طلاب العلم بالاشتغال به ، ولا ريب أنه فراغ في حديثنا يجب أن يسدَّ.
والإمام البروجردي اكتفى من ذلك بجمع اسانيد كل راو إلى الامام فقط ، ورتَّبها في فهارس كاملة. هذا ما ابتكره الإمام ولم يسبقه فيه غيره. نعم ، استخبار طبقة الرواة وشيوخهم وتلاميذهم من سند الاحاديث لم يتغافل عنه السّابقون ، كيف وإنهم يستدلون بذلك في كتبهم ، وقد اكثر الشيخ محمد الاردبيلي في كتابه « جامع الرواة » منه. فإنه يلتقط في ترجمة الرجال ، جملة من الاسانيد من الكتب الاربعة وغيرها ، ويستدلّ بها على شيوخ الراوي وتلاميذهم وطبقته من دون استقصاء.
نعم ، إنّ البروجردي ليس أول من تفطن والتفت إلى مدى تأثير الاسانيد في معرفة الرواة وطبقاتهم ، وإنما الاستاذ أول من رتَّب الاسانيد واستقصاها في فهارس جامعة ، وبذلك وضع أمام المحقّقين ذريعة محكمة للاستشراف على شتّى الاسانيد للرواة والانتفاع بها.
إنّ الاُستاذ لما أحسَّ بضرورة استقصاء الاسانيد التي وقع فيها اسم الراوي ، وكانت الاسانيد مبعثرة مع أحاديثها في ثنايا الكتب ، بحيث يصعب او يستحيل الاحاطة بها عادة ، تفطَّن بأنه يجب أن يلتقطها من مواضعها فيرتّبها في قوائم وفهارس.
وابتدأ عمله هذا بأسانيد الكتب الاربعة وسمّاها « مرتَّب أسانيد الكافي » ، ثم « مرتَّب أسانيد التهذيب » وهكذا. ثمَّ انصرف إلى الكتب الاربعة الرجالية وكثير من غيرها من كتب الحديث مراعياً ترتيب الحروف.
وها نحن نعرض نموذجاً من عمل الإمام الأكبر حتى يعرف منه ما تحمله من المشاق في سدّ هذا الفراغ.
ومن لاحظ هذا الاُنموذج ، يعرف مدى ما لهذه الفهارس من الأثر في علم الرجال كما يقف على اُسلوبها ، ولتوضيح حال هذا الانموذج نقول :
إن الشيخ الطوسي مؤلف « التهذيب والاستبصار » أخذ جميع ما يرويه في
هذين الكتابين ، من كتب وجوامع ظهرت في القرن الثاني إلى القرن الرابع الهجري ، فيكتفي في نقل الحديث باسم صاحب الكتاب في اول السند ، ثم يذكر طريقه إلى أرباب الكتب في خاتمة الكتابين ، في باب اسماه المشيخة ، وقد سبقه إلى هذا العمل الشيخ الصدوق في « من لا يحضره الفقيه ».
وممَّن نقل في التهذيب عنه « الحسن بن محمد بن سماعة » فقد نقل من كتابه أحاديث كثيرة في مختلف الابواب.
فالإمام البروجردي ذكر طرق ابن سماعة إلى الأئمة على ترتيب الحروف ، فيبدأ باسم أحمد بن أبي بشير ، ثم أحمد بن الحسن الميثمي ، ثم اسحاق. فمن تأمل في هذا الاُنموذج يعلم مشايخ ابن سماعة في التهذيب ويعلم مشايخ هذه المشايخ وطرقهم إلى الامام ، فاذا ضمَّ ترتيب اسانيد الحسن بن محمد بن سماعة في التهذيب إلى سائر الكتب يعلم من المجموع مشايخه ومشايخ مشايخه وطبقاتهم ، كما يعرف من ملاحظة المتون مقدار تضلّعه في الحديث وضبطه وإتقانه إلى غير ذلك من الفوائد.
4 ـ معجم رجال الحديث
وأخيراً قام العلاّمة المحقّق الخوئي ـ دام ظلّه الوارف ـ بتأليف كتاب اسماه « معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة » ومن خصائص ومزايا هذا الكتاب هي أنه قد ذكر في ترجمة كل شخص جميع رواته ومن روى هو عنهم في الكتب الاربعة ، وقد يذكر ما في غيرها أيضاً ولا سيَّما رجال الكشي ، فقد ذكر أكثر ما فيه من الرواة والمرويّ عنهم ، وبذلك خدم علم الرجال خدمة كبيرة.
أوّلاً : يعرف بالمراجعة الى تفصيل طبقات الرّواة ـ أعني الَّذي ذيل به كل جزء من أجزاء كتابه البالغة 23 جزء ـ طبقات الرواة من حيث العصر والمشايخ والتلاميذ ، وبذلك يقف الانسان على كمال السَّند ونقصانه ، وربما
يعرف الحلقة المفقودة في أثنائه إذا كان حافظاً للمشايخ والتلاميذ.
ثانياً : يحصل التمييز الكامل بين المشتركات غالباً ، فان قسماً كبيراً من الرواة مشترك الاسم في الشخص والأب فلا يعرف الانسان أنه من هو ، ولكن بالوقوف على تفصيل طبقات الرواة يميز المشترك ويعين الراوي بشخصه ، والكتاب من حسنات الدَّهر.
رحم الله الماضين من علمائنا وحفظ الباقين منهم وجعلنا مقتفين لآثارهم إن شاء الله.
المراجع
مكتبة كوفان
التصانيف
الآداب كُتب السيرة والتاريخ