سالم بن كبينة
امضى سالم محمد بن كبينة الراشدي، سبع اعوام من عمره في مجاهل الصحراء المترامية الأطراف، قابل للأخطار، وبرع في اقتفاء الأثر، يسجل له التاريخ مشاركته في واحدة من أهم الرحلات في تاريخ الإمارات، وهي عبور الربع الخالي برفقة ويلفريد ثيسيجر الرحالة البريطاني المشهور بـ «مبارك بن لندن». ولدوره الوطني التاريخي، خصص له كتاب «ذاكرتهم تاريخنا»، الذي أصدر الأرشيف الوطني في أبوظبي، الطبعة الأولى منه عام 2018، عدداً من صفحاته ليروي للأجيال حكاياته ومغامراته في الصحراء. ويعتبر سالم بن كبينه الراشدي، من الرعيل الأول الذين رافقوا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آلِ نهيان، طيب الله ثراه، وعمل في بدايات شبابه في قصر الحصن، خلال الفترة من 1948 إلى 1952، كما انضم إلى قوة دفاع أبوظبي عام 1970، في الدفعات الأولى لنواة القوة التي تشكلت في ذلك الوقت، وبتوجيهات من القائد المؤسس، رافق هو سالم بن غبيشة الراشدي مبارك بن لندن في رحلاته الخطيرة في الربع الخالي، وأقاصي الجنوب للجزيرة العربية، والذي عبر صحراء الربع الخالي مرتين بين عامي 1945 و1950، والذي أهدى كتابه الشهير «الرمال العربية» إلى سالم بن كبينة، وسالم بن غبيشة عند إصداره.
حروب الرمال
كما ويشير الكتاب، إلى أن سالم محمد بن كبينة الراشدي، بدوي تدرب بحروب الرمال الناعمة المتحركة، لم يتعلم القراءة والكتابة، لكنه قرأ بقلبه الواعي تضاريس البادية وما تكتبه الرياح عليها، يمكن وصفه بالبدوي المستكشف من دون قصد، فقد وضعته الأقدار- ولم يزل فتى يافعاً - في رحلة بحث فارقة استمرت سبع سنوات، وسجلت الأيام على قلبه أحداثاً ومواقف وتجارب خصّته بها وحده. امتطى الجِمال في أسفار طويلة نحو مجاهل الصحراء المترامية الأطراف، حتى انحنى ظهره، فلم يكل أو يمل، تعرض للأخطار، فوظف فطنته وجرأته لردعها. برع في اقتفاء الأثر، فكانت إحدى أدواته الخاصة بلا منافس، وأوصاه الشيخ زايد - طيب الله ثراه - بحسن الرفقة والتقيد بأعراف البادية.
ويروي ابن كبينة في كتاب «ذاكرتهم تاريخنا»، الذي حفل بروايات موثقة مستمدة من ذاكرة شهود العصر والمخضرمين، تعكس واقع الإنسان الإماراتي وتجربته، وتأثير التغيرات السياسية والاقتصادية عليه: ولدت في البادية، وكانت الحياة فيها تعتمد بالدرجة الأولى على تربية الإبل ورعيها، وهي حياة متنقلة لا تبقى في مكان واحد فترة طويلة، لكننا كنا دائماً حول الشيوخ وبالقرب منهم. عملنا معهم ورافقناهم جيلاً بعد جيل، وقد عاصر والدي حُكْم عدد من الشيوخ، من عهد الشيخ سلطان، ثم ابنه الشيخ شخبوط، ثم الشيخ زايد، طيب الله ثراه.
ويضيف، والدي اسمه محمد، والدتي اسمها كبينة. ولم يتزوج والدي بغيرها، وله منها ثلاثة أولاد لا يزالون على قيد الحياة: أنا وأخي سعيد، وأختي ميّاحة، وهي أصغرنا. أما أخي من الأم، فهو محمد. نشأتي كانت مع أمي وأبي، حتى تُوفي والدي وأنا في حوالي الحادية عشرة من عمري، فعشنا نحن الأولاد الثلاثة الأشقّاء: أنا، وسعيد، وأختنا ميّاحة في كنف والدتنا كبينة، وكنا نتنقل في نواحي منطقة الختم، والظفرة، والكِدَنْ، والحباك حيث الرملة الجنوبية الخبة.
مبارك بن لندن
كما ويستعرض ابن كبينة حكاية إطلاقه على ويلفرد ثيسيجر لقبه الشهير، الذي عرف به في الجزيرة العربية «مبارك بن لندن»، قائلاً: كنت ذات مرة في البادية، فقال سهيل بن طاهي الراشدي: يا ابن كبينة، قلت: نعم، فقال: يا سالم
| فقلت له: نعم | فقال: ما رأيك لو أطلقنا على الرجل اسم مبارك بن مريم؟ فابن مريم من أنبياء الله. كان الإنجليزي يستنصحني ويُعدّني صديقاً له أكثر من أي منهم، فقلت: لم لا نختار له اسماً آخر. لم لا نسميه مبارك بن لندن؟ فقال الإنجليزي وكان يسمعنا: ابن لندن، ابن لندن، فلندن هي بلادي وأنا أعتز بتسميتها.
المراجع
alittihad.ae
التصانيف
مستكشفون عرب رفقا درب ويلفريد ثيسيجر عابرو ربع الخالي التاريخ
|